فقد حزب الله حوالى 850 قتيلا و2400 جريح ، فى كل من سورياوالعراقولبنان حسب مصادر مقربة من حزب الله ،فهل ينسحب الحزب من أرض المعارك السورية التى يشارك فيها إلى جانب قوات الرئيس بشار الأسد؟ رؤية الحزب فى هذا الأمر تختلف عن رؤية معارضى وجوده فى سوريا ،فالحزب يرى أن مشاركته فى سوريا جاءت لعدة أسباب أولها أنه ذهب ليحمى المراقد الشيعية فى المدن السورية ، ويحمى الشيعة فى القرى المتاخمة للحدود السورية اللبنانية ، وثانيها أن الحزب يرد الجميل لبشار الأسد بعد وقوفه إلى جانب الحزب فى حربه ضد إسرائيل فى يوليو 2006 حيث اعترف الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله صراحة بأن الصواريخ التى أطلقت على إسرائيل خلال الحرب كانت من إنتاج سورى ، وأن بشار الأسد أمد الحزب بكل مايحتاجه من سلاح فى ظل الحظر المفروض على إيران وفى وجود أمريكابالعراق ، وصعوبة نقل العتاد العسكرى من طهران لحزب الله عبر العراق ثم سوريا، وثالثا لأن الحزب يخشى من سقوط نظام الأسد فيفقد الممر الوحيد له لتدفق المال والسلاح من إيران عقب خروج أمريكا من العراق ، وإذا فقد الحزب هذا الممر بسقوط الأسد فسوف يختنق لبنانيا وفى مواجهة إسرائيل التى تتربص به ،مع شركاء معارضين فى الداخل اللبنانى يسعون جاهدين محليا ودوليا لنزع سلاح الحزب ليصبح حزبا سياسيا ينخرط فى العمل السياسى فقط ولايظل دويلة مسلحة داخل الدولة ، وليترك مهمة حماية الحدود والاحتفاظ بالسلاح للجيش اللبنانى وحده، حيث إن الحزب هو الفصيل اللبنانى الوحيد المحتفظ بسلاحه بعد اتفاق الطائف الذى أنهى الحرب الأهلية اللبنانية عام 1995، بحجة وجود المقاومة فى الجنوب نظرا لاحتلال إسرائيل بعض الأراضى اللبنانية وقتها . فى المقابل يرفض معارضو حزب الله داخليا وهم فريق 14 آذار- المستقبل بزعامة سعد الحريرى، والقوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع، والكتائب بزعامة أمين الجميل- دخول الحزب للمعترك السورى حيث إن ذلك جلب الويلات إلى داخل لبنان ، خاصة فى ظل عدم السيطرة على الحدود الشمالية مع سوريا حيث مدينة طرابلس كبرى المدن السنية فى الشمال ومعقل السلفية الجهادية التى فتحت الأبواب للمقاتلين السنة من الداخل والخارج لقتال نظام بشار الأسد العلوى الذى يضطهد السنة ، بمساعدة حزب الله ، والحرس الثورى الإيرانى منذ إندلاع الأحداث الدموية بين الأسد والمعارضة قبل 3 سنوات. ومع دخول حزب الله الحرب لصالح الأسد إزداد تدفق السلاح والمقاتلين لصالح المعارضة فى حماية السلفية الجهادية فى طرابلس، وكذلك بعض النواب السنة عن المدينة، وانضم أغلب القادمين من المقاتلين لجبهة النصرة وداعش فيما بعد. من جانبه طالب زعيم تيار المستقبل رئيس وزراء لبنان الأسبق سعد الحريرى بانسحاب حزب الله من سوريا واتهمه علانية بأنه سيجر على لبنان ويلات الحرب من داخل سوريا، ليرد عليه حزب الله قائلا «لولا وجود الحزب فى سوريا لكانت داعش فى بيروت»، وتأكيدا على موقف الحزب الثابت من القتال فى سوريا زار السيد حسن نصر الله منطقة البقاع منذ أيام لرفع الروح المعنوية لمقاتليه فى المناطق المتاخمة للحدود السورية، والتى قد تشهد تسللا من داعش أو النصرة داخل لبنان، بعد وقوع معركة عرسال بين الجيش اللبنانى وداعش والنصرة مطلع أغسطس الماضى، وانتهت بخطف 23 عسكريا لبنانيا لدى داعش والنصرة تم ذبح ثلاثة منهم، بعد فشل المفاوضات بين الحكومة اللبنانية، وداعش والنصرة اللتين تطالبان بإطلاق موقوفين متشددين من السجون اللبنانية للإفراج عن بقية العسكريين المخطوفين بواقع عشرة مساجين مقابل كل جندى مخطوف. ومع رفض حزب الله مبدأ المقايضة مع الإرهابيين وإصراره على البقاء فى سوريا بجانب الأسد، انقسم الشارع السياسى اللبنانى بين مؤيد ومعارض لدرجة إصابة حكومة تمام سلام بالشلل فى ملف العسكريين المخطوفين. ونظرا لقيام بعض النازحين السوريين بعمليات انتحارية خلال الشهور الماضية داخل بيروت، والضاحية الجنوبية معقل الشيعة، وحزب الله، بدأت محاصرة أماكن وجود النازحين بواسطة القوى الأمنية والقبض على بعض المشبوهين منهم، كما أعلنت الحكومة اللبنانية وقف استقبال النازحين بعدما اقترب عددهم من مليونى نازح على الأراضى اللبنانية، مما أدى لزيادة الأسعار وارتفاع إيجار المساكن للضعف، وحسب وزير الاقتصاد فإن النازحين السوريين كلفوا الاقتصاد اللبنانى حوالى 12 مليار دولار، وأن الوضع يتفاقم فى ظل قلة الدعم العالمى لإعالة النازحين مما يزيد نسبة البطالة بين اللبنانيين الذين يعانون أصلا من البطالة. وفى ظل المتغيرات بالمنطقة وسيطرة داعش على أجزاء كبيرة من العراق بالإضافة إلى مناطق شاسعة من سوريا وكذلك جبهة النصرة، يشارك حزب الله فى العراق لمواجهة داعش، وهوالأمر الذى زاد من وقوع ضحايا أكثر للحزب مع توسع رقعة المواجهة، الأمر الذى يهدد بإجهاد حزب الله واستنزافه، وهو ماتريده النصرة وداعش باعتبار أن تدخل الحزب فى سوريا قد أفقد النصرة وداعش مدينتى القصير والقلمون السوريتين، وأطال أمد سقوط بشار الأسد، لدرجة أن التنظيمين الإرهابيين - داعش والنصرة – أعلنتا أن حربها الآن مع حزب الله، بل إن خطف الجنود اللبنانيين كان الغرض منه الضغط على الحزب والحكومة اللبنانية لينسحب الحزب من سوريا، وهو مايرفضه حزب الله حتى الآن. ومن جانبه قال الزعيم الدرزى وليد جنبلاط إن حزب الله لايمكن أن ينسحب من سوريا إلا من خلال تسوية خليجية إيرانية تركية، نظرا لدعم قطر للمقاتلين ودعم إيران لبشار الأسد، ليصبح تدخل حزب الله فى سوريا ليس فقط لحماية المراقد الشيعية، ولكن لتقوية موقف الأسد وإيران، خاصة ان إيران تماطل فى مباحثات ملفها النووى مع الدول الغربية. ومع استمرار الحزب فى سوريا يزداد عدد القتلى والمصابين بين عناصره ،ويظل الخطر المحدق بلبنان من عناصر داعش والنصرة التى تبحث عن منفذ داخل الحدود اللبنانية فى الشمال أو البقاع لإعلان إمارة داعش فى لبنان، ويظل الموقف الرسمى مشلولا فى ظل مماطلة فرنسا فى تسليم صفقة السلاح التى تدفع السعودية ثمنها للجيش اللبنانى وتبلغ قيمتها 3 مليارات دولار، وكذلك عدم قبول الهبة العسكرية من إيران بعد تهديد أمريكاللبنان وتحذيرها من قبول الهبة الإيرانية. وحتى لو أراد حزب الله الإنسحاب من سوريا فإنه يجتهد حالياً لإيجاد مخرج يَقيه شرّ التورّط فى حرب الاستنزاف الدموى من دون أى أفق وأى هدف، حتى لا تضيع الانتصارات التكتيكيّة والإستراتيجية التى حقّقها فى أرض المعركة فى السابق، وذلك بفعل ضغط النزف البشرى العالى الذى يتعرّض له حالياً. ويظل بقاء حزب الله فى سوريا وعلى الحدود اللبنانية السورية وبعلبك حيث المتشددين السنة، وكذلك فى الجنوب حيث إسرائيل ومزارع شبعا المحتلة، مرهونا بالتفاهمات الإيرانيةالقطرية التركية، مضافا إليه الموقف الأمريكى الفرنسى من ناحية، والروسى الصينى من ناحية ثانية.