فى عملية خاطفة ومباغتة خطف التنظيمان الإرهابيان داعش وجبهة النصرة 23جنديا لبنانيا مطلع أغسطس الماضى فى مدينة عرسال اللبنانية ذات الأغلبية السنية على الحدود السورية،لتشتعل المعارك بين الجيش اللبنانى وتنظيمى داعش والنصرة لعدة أيام ،ثم ينسحب مقاتلو التنظيمين بغنيمة الخطف ،بعد فشلهما فى السيطرة على المدينة لإعلان إمارة داعش فى لبنان. وحقق الجيش اللبنانى إنتصاره النوعى بالرغم من ضعف إمكانياته العسكرية،لتدخل الحكومة اللبنانية فى مشاورات دائمة للبحث فى كيفية الإفراج عن المخطوفين ،بينما كان ولايزال الشارع اللبنانى فى حالة غليان وقطع للطرقات واعتصامات أمام السراى الحكومي،للضغط على الحكومة لتسارع بإعادة المخطوفين،وبينما كانت تتوالى المباحثات التى قادها شيوخ من هيئة علماء المسلمين السنية مع الخاطفين من داعش والنصرة ،كانت الأصوات تتعالى من بعض السياسيين مطالبة بعدم التفاوض مع الإرهابيين. وبينما كانت مفاوضات شيوخ السنة تتعثر أفرجت جبهة النصرة عن خمسة مجندين من السنة لديها كبادرة حسن نية تجاه أهل السنة فى لبنان حسب بيان النصرة. ثم توقفت المفاوضات بين الشيوخ والنصرة وداعش نظرا للمبالغة فى المطالب من التنظيمين ،والتعنت فى الرفض من قبل الحكومة اللبنانية، حيث طالب داعش والنصرة بلإفراج عن عشرة موقوفين إسلاميين من السجون اللبنانية مقابل كل جندى لبنانى مخطوف،ولأن الموقوفين الإسلاميين فى السجون اللبنانية متهمون بقتال الجيش اللبنانى وعمليات إرهابية فى معركة نهر البارد وغيرها ،رفضت الحكومة شروط داعش والنصرة للإفراج عن المخطوفين. وكانت أولى مفاجآت داعش للحكومة اللبنانية بث مقطع فيديو يظهر فيه المختطفون وهم يطالبون الحكومة بسرعة الإفراج عنهم والإستجابة لمطالب داعش والنصرة وإلا سيكون مصيرهم الذبح،ولم يأخذ السياسيون والحكومة تهديدات داعش والنصرة على محمل الجد ،وبعد أيام بثت داعش مقطع فيديو لذبح الرقيب فى الجيش اللبنانى على السيد، وبينما كان الشارع اللبنانى مشتعلا بالتظاهرات وقطع الطرقات والإعتصامات إحتجاجا على ماحدث ،شكك الجيش اللبنانى والحكومة فى مقطع فيديو ذبح الرقيب على السيد ،وبعد تدخل وسطاء تسلم الجيش جثة الرقيب وبعد تحاليل DNA وجدوا الجثة للرقيب المذبوح فازداد الشارع اشتعالاولم تهدأ الإعتراضات من الأهالى الذين رفضوا مقابلة رئيس الوزراء تمام سلام،كما ألغى وزير الداخلية نهاد المشنوق زيارة لقطر تم الإعلان عنها مسبقا. وتقدم وفد قطرى للتفاوض مع الخاطفين ليعود بعد يومين بخفى حنين، حيث كان يتفاوض مع الخاطفين عبر وسطاء من عرسال، وقد فشلت المفاوضات بعد زيادة مطالب الخاطفين، وبالطبع رفضت الحكومة اللبنانية، لتعاود داعش كرة الذبح، وتذبح الجندى الثانى من المخطوفين وتبث صوره عبر الإنترنت، لتتعالى الأصوات المطالبة بالموافقة على مطالب النصرة وداعش قبل ذبح بقية المخطوفين، وتزداد وتيرة قطع الطرقات بإطارات السيارت المشتعلة وإغلاق الطرق الدولية بالشمال اللبنانى واعتصام أهالى المخطوفين امام رئاسة الوزراء . وبالرغم من قدوم رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريرى زعيم تيار المستقبل من منفاه الإختيارى بالسعودية بعد غياب ثلاث سنوات، عندما اشتعلت الأحداث فى عرسال ،حاملا معه وعدا بمليار دولار لتسليح الجيش اللبنانى لمواجهة التكفيريين، لم تفلح عودة الزعيم السنى المتهم من خصومه بأنه وراء دعم المسلحين فى طرابلس معقل السنة فى الشمال اللبنانى وممر المسلحين المتشددين من لبنان إلى الداخل السورى لمحاربة نظام بشار الأسد فى الإفراج عن المخطوفين أو تهدئة الوضع المشتعل فى الشمال . ونظرا لأن الحكومة اللبنانية ومجلس النواب مشكلان من كل الطوائف اللبنانية سنية وشيعية ومسيحية ودرزية فإن قرار المقايضة والإستجابة لمطالب الخاطفين مرهون بموافقة الجميع،ونظرا لأن الجميع غير متفقين، فإن الجنود المخطوفين مهددون بالذبح فى أية لحظة . ومع استمرار الحكومة فى التفاوض ثم التفاوض، ومع تعنت فرنسا فى تسليح الجيش اللبنانى بمنحة سعودية ثلاثة مليارات دولار وفشل الصفقة الأسبوع الماضى، ومع ذهاب المليار دولارإلى المجهول والتى قيل إن سعد الحريرى عاد بها إلى لبنان لتسليح الجيش، ومع الإمكانيات المتواضعة للجيش اللبنانى فى السلاح وعدم إمتلاكه لطيران حربى أو عتاد حديث قادر على مواجهة جحافل سلاح داعش والنصرة ،يظل المخطوفون عرضة للموت ، وتظل مناطق كثيرة من لبنان عرضة لإختراق من داعش والنصرة لإعلان إمارة لبنان الإسلامية وتهجير المسيحيين أو إجبارهم على الإسلام أو دفع الجزية أو الذبح كما فعلت داعش مع مسيحى شمال العراق بعد إحتلاله، والدخول فى حرب طائفية واسعة النظاق بين داعش والنصرة المحسوبين على السنة وبين حزب الله الشيعى، ولاسيما أن داعش والنصرة تشترطان إنسحاب حزب الله من الحرب داخل سوريا لصالح بشار الأسد،ويرفض حزب الله الإنسحاب أو التفاوض مع الإرهابيين.