وكأن العالم إستيقظ فجأة على طوفان داعش الذى يجرف فى طريقه كل من يخالفه المذهب والهوى، ولأن داعش والنصرة ينتسبان ظلما وبهتانا إلى المذهب السنى، حيث نشأ الأول من المتشددين السنة فى العراق لمواجهة الإحتلال الأمريكى بمسمى دولة الإسلام فى العراق والشام «داعش»، ونشأ تنظيم جبهة النصرة من المتشددين السنة لمواجهة جيش النظام السورى بعد تطور المعارك فى سوريا بين المعارضة المسلحة والجيش السورى، وبعد التطورات المتلاحقة والتقدم الجغرافى لداعش والنصرة على الجبهة السورية ثم الجبهة العراقية، وبعد محاولة داعش والنصرة احتلال مدينة عرسال اللبنانية ذات الأغلبية السنية مطلع أغسطس الماضى، والصدام الدموى الذى حصل بين الجيش اللبنانى ومسلحى داعش والنصرة وانتهى بخطف 23 عسكريا لبنانيا على أيدى المسلحين ،ولأن لبنان تسبح على بحر من السلاح كما يقولون، فإن الجميع غير السنة فى لبنان بدأوا يستعدون لمواجهة داعش آجلا أم عاجلا. فقد بدأت دعوات سرا وجهرا للتسليح بكل أنواعه لمواجهة خطر داعش الذى لايبقى على الأخضر واليابس والأرواح إذا دخل لبنان،ويكفى أن يقصد التنظيمان-داعش والنصرة – بث روح العداء تجاه غير السنة سواء ضد الشيعة أو ضد المسيحيين، ويكفى أن تطالب النصرة وداعش بخروج حزب الله من الحرب داخل سوريا حتى لاتذبح جنوده المخطوفين لديها، كما أن المسيحيين فى وجه العاصفة بصفتهم أهل ذمة ،وحسب داعش والنصرة مطلوب منهم الهجرة أو دفع الجزية أو القتل أو إشهار إسلامهم، كما أن فريقا من مسيحيى لبنان يؤيدون بشار الأسد وحلفاء لحزب الله فى الحكومة والسياسة وهم تيار التغيير والإصلاح بزعامة العماد ميشال عون ومعه تيار المردة بزعامة النائب سليمان فرنجية. وبعد التطورات العسكرية التى شهدتها جبهة عرسال وما أثارته من مخاوف لدى الأهالى فى منطقة البقاع الشمالى، قالت تقارير صحفية إن هناك حالات تسلح تحصل فى بعض هذه القرى والبلدات خصوصاً لدى مسيحيى «8 و14 آذار» على حدٍّ سواء، فى إطار خطوات دفاعية يجرى اتخاذها من مغبة حصول تصعيد أكبر على صعيد الجبهة الشرقية والشمالية، بما يشبه الأمن الذاتى، بالرغم من تعالى أصوات معارضة لذلك بالنظر إلى انعكاساتها السلبية على الأوضاع فى المنطقة وما يمكن أن تتركه على طبيعة العلاقات القائمة بين القرى البقاعية. قد تكون الأجهزة المعنية تغضّ النظر حاليًا عن توسع ظاهرة الأمن الذاتى والتى باتت تطال عددًا كبيرًا من البلدات والمناطق اللبنانية، بعد إعلان داعش دولتها فى جزء من الأراضى السورية والعراقية، لعلمها بأنّ ما هو مقبلٌ على لبنان قد يتخطى قدراتها وإمكانيات الجيش والقوى الأمنية. وتتركز الاستعدادات لصدّ أى هجوم مرتقب ل «داعش» فى المناطق المسيحيّة وكذلك الشيعيّة، وبما أنّ «حزب الله» مستعدّ ومنذ مدّة للمعركة بعدما طرق الإرهابيون أبواب مناطقه العام الماضى، يبدو المسيحيون أكثر المنهمكين بالاستعداد لما هو مقبل عليهم من خارج الحدود وحتى من بعض البؤر الأمنية فى الداخل، ما دفعهم لرفع مستوى جهوزية عناصرهم، ودعوة عدد من الشبان للالتحاق بدوريات ليلية لحراسة مناطقهم. وتتحدث مصادر واسعة الاطلاع عن تسلّح شعبى يتوسّع ويطال بشكل خاص المسيحيين، الذين أبلغوا بأنّه وفى حال انفلت الوضع الأمني، فمن لا يدافع عن نفسه قد لا يجد من يدافع عنه. وعلى مستوى الشيعة فى لبنان والذين ينتسبون جهرا أو سرا لحزب الله بزعامة السيد حسن نصر الله ،وحركة أمل بزعامة رئيس مجلس النواب نبيه برى ،تعيش المجتمعات الشيعية حاليًا فى أجواء الحرب، بعد محاولات عدة على مدى مايقرب من العامين لتفجير تجمعات شيعية فى الضاحية الجنوبية معقل الشيعة وحزب الله فى بيروت، فالكلّ متأهّب ويستعدّ لمواجهة الآلاف من عناصر داعش المتربّصين على الحدود.