في الوقت الذي تتصاعد فيه صرخات المواطنين من عدم اهتمام البائعين والمنتجين بالأسعار الاسترشادية التي تعلنها وزارة التموين فإن الأجهزة الرقابية وعلي رأسها جهاز حماية المستهلك غائبة تماما وليس له أي وجود في ضبط الأسعار في مواجهة العشوائية وحالة الفوضي التي يدفع ثمنها المستهلك في حياته اليومية، مما يحتم بإعادة هيكلة هذا الجهاز وضخ دماء جديدة في شريانه لعودة الروح إليه بعدما لسع الغلاء جيوب الغلابة وتركهم نهبا للتجار الجشعين. تؤكد الدكتورة أمنية حلمي مديرة المركز المصري للدراسات الاقتصادية أن الجمعيات الأهلية نادرا ما تجد من بينها من يعمل في مجال حماية المستهلك لأن الجمعيات لابد أن يتوافر لديها الآليات التي تمكنها من ممارسة هذا الدور حيث يتعرض العاملين في هذا المجال لأعمال بلطجة والأذي من قبل البائعين وأنصارهم مشيرة إلى أن انتشار الاحتكار والجشع وبلطجة البائعين نتيجة مباشرة للانفلات الأمني الذي يعاني منه المواطن في الشارع المصري لذا فإنها تقترح بأن تحرص وزارة التموين علي زيادة المنافذ التسويقية لبيع البضائع والسلع لضمان وصولها إلى المستهلك بأسعار مناسبة. لكن الدكتور على عبدالرحمن المستشار الاقتصادي الأسبق لوزير التموين، يؤكد أن فشل جمعيات حماية المستهلك سببها ندرة التمويل وضرورة توفير الحماية لأعضائها مشيرا إلى أن الدكتور احمد جويلي وزير التموين الاسبق هو أول من أدرك أهمية الدور الرقابي لهذه الجمعيات لذا فإنه كان حريصا علي تمويلها لكن هذه الاستدامة لم تتحقق واصبح جهاز حماية المستهلك الموجود حاليا خاضعا لوزارة التموين وليس له الاستقلالية في أداء عمله . ومن الجمعيات الأهلية تقول المهندسة عنان هلال رئيسة إحدي الجمعيات الأهلية بأن الجمعية تعتمد في تمويلها علي اشتراكات الأعضاء التي يتم تجميعها لسداد نفقات مقر الجمعية مثل الإيجار الشهري للمكتب ونفقات فاتورة التليفون الأرضي ومرتب موظفة واحدة فقط تعمل في الجمعية وليس هناك أي موارد أخري مشيرة إلي أن وزارة التموين منحت الضبطية القضائية لأعضاء حماية المستهلك ولن تمنحها للعاملين في الجمعيات الأهلية مما جعل هذه الجمعيات ليس لها أي دور أو سلطة في ضبط الأداء في السوق بل إن عدد هذه الجمعيات انخفض من 68 جمعية إلي 3 جمعيات فقط . يرد رئيس المجلس الأعلى لجمعيات حماية المستهلك اللواء احمد عبدالتواب قائلا إن حماية المستهلك تقع بالمسئولية الأولى علي المواطن الذي غابت عنه ثقافة حماية المستهلك لأن المستهلك أمامه فرصة كبيرة للاختيار عند الشراء بل وأمامه وسائل عديدة لشكاوي أبسطها إرسال الشكوي عن طريق البريد إلى مكاتب التموين ويلقي بالمسئولية على المستهلك الذي يشتري السلع "المضروبة" لأن التاجر بطبيعته يميل إلى الجشع وتحقيق مكاسب مرتفعة ولابد من مواجهة هذه الظواهر بالموقف الحاسم من المستهلك وإصراره على التعامل بجدية مع البائع بل أن المستهلك يجب ألا يتهاون في شراء السلع بدون فواتير ويصر علي ان يقوم البائع بالإعلان عن أسعار السلعة التي يقوم ببيعها.