جددت المساعدات القطرية والليبية الجديدة لمصر المخاوف من انفلات الدين الخارجي الذي ارتفع بنسبة 12.9% خلال الأشهر الستة المنتهية بنهاية ديسمبر الماضي، إلا أن الخبراء الاقتصاديين أكدوا حاجة مصر لتلك المساعدات في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية، مشددين على أن الدين الخارجي لايزال في الحدود الآمنة. ووفقًا لأحدث تقارير البنك المركزي، الصادرة اليوم الخميس، ارتفع رصيد الدين الخارجي بنحو 4.4 مليار دولار، ليبلغ 38.8 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2012، مقارنة بنحو 34.4 مليار دولار في يونيو 2012، مٌرجعًا ذلك إلى زيادة أسعار صرف معظم العملات المقترض بها مقابل الدولار، بما يعادل نحو 240.2 مليون دولار، وتحقيق صافي استخدام من القروض والتسهيلات والودائع، بما يعادل 240 مليون دولار. وكان التقرير المالي لوزارة المالية عن شهر مارس قد أكد ارتفاع الدين الخارجي في نهاية ديسمبر 2012 ليبلغ نحو 38.8 مليار دولار مقارنة ب 33.7 مليار في ديسمبر 2011، بنسبة ارتفاع تبلغ 15.2%، وهو ما يعتبر أعلى معدل نمو برصيد الدين الخارجي منذ مارس 2008، مرجعًا ذلك لوضع قطر 4 مليارات دولار بالبنك المركزي المصري، خلال الربع الثاني من العام المالي 2012/2013 كجزء من برنامج المساعدات المالية لمصر. وبإضافة القرض الليبي والوديعة القطرية، اللذين يبلغ إجمالي قيمتهما 5 مليارات دولار، يقفز الدين الخارجي لمصر إلى 43.8 مليار دولار، ليقترب من معدل الديون الخارجية الذي سجلته مصر عام 1990 الذي يبلغ بنحو 47.6 مليار دولار، وتم تخفيضها إلى 24 مليار دولار في 1994، أي إلى النصف تقريبًا بعد مشاركة مصر في حرب الخليج. كان الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء القطرى، قد أعلن أن بلاده قررت تقديم دعم إضافي لمصر قدره 3 مليارات دولار في صورة سندات أو وديعة من الحكومة القطرية إلى الحكومة المصرية، كما وقعت مصر اتفاقًا مع الحكومة الليبية للحصول على قرض قيمته 2 مليار دولار، معفى من أي فوائد. ومما يزيد المخاوف أيضًا، وفقًا للخبراء الاقتصاديين، استمرار الدين المحلي في الارتفاع، حيث قفز بنسبة 13.9% خلال 6 أشهر مسجلًا في نهاية ديسمبر 2012 نحو 1.38 تريليون جنيه، مقارنة ب1.1 تريليون جنيه خلال يونيو 2012، منه 81.6% مستحق على الحكومة، و5% على الهيئات العامة الاقتصادية، و13.4% على بنك الاستثمار القومي. وحقق الدين المحلي ارتفاعًا مطردًا، حيث وصل في يونيو 2008 إلى 599.6 مليار جنيه، وفي يونيو 2009 نحو 699.6 مليار، وفي يونيو 2010 نحو 808.3 مليار، وفي يونيو 2011 نحو 967.29 مليار، وفي ديسمبر 2011 نحو 1.058 تريليون، ومارس 2012 نحو 1.089 تريليون، وفي يونيو 2012 نحو 1.15 تريليون جنيه، وسبتمبر 2012 نحو 1.238 تريليون جنيه. وقال طارق حلمي، الخبير المصرفي، إن الاقتراض ليس عيبًا في ظل عجز الموازنة العامة للدولة، إلا أنه يتطلب أيضًا وجود خطتين خمسية وعشرية توضحان كيفية السداد، فضلاً عن توجيه تلك القروض إلى أغراضٍ إنتاجية وليس استهلاكية. وارتفعت خدمة الدين الخارجي بمقدار 83 مليون دولار لتصل إلى 1.6 مليار دولار خلال الفترة يوليو - ديسمبر من العام المالي 2012/2013، مقابل 1.5 مليار دولار خلال الفترة يوليو - ديسمبر من العام المالي السابق. وأضاف حلمي أن مصر تمر بفترة عصيبة لا تستطيع أن تواجهها الدولة بمواردها الذاتية، حيث يوجد نقص بالوقود، ومتطلبات لتمويل احتياجات السلع الغذائية، إلا أن تلك الأمور ستتغير حال تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني، الذي سيؤدي لعودة السياحة لمعدلاتها الطبيعية، وارتفاع تحويلات العالمين بالخارج، بجانب تحسن الصادرات مما ينعكس على موارد مصر من العملات الدولارية. وأوضح الدكتور يحيي أبوطالب، أستاذ المالية العامة، أن معدلات الديون الخارجية لم تتجاوز الحدود الآمنة، كما أن مصر لم تتخلف عن سداد أي من القروض المفروضة عليها، أو أي من أقساطها، ولايمكن تشبيهها باليونان أو قبرص اللتين يوجد عندهما خلل بالجهاز المصرفي على عكس مصر التي تمتلك قطاعًا مصرفيًا قوًيا. وأكد أن الاقتراض إذا تم استخدامه لجوانب تنموية فلن يمثل عبئًا على الأجيال المقبلة، موضحًا أن ارتفاع الديون الخارجية رغم عيوبه يتضمن مزايا، حيث يعتبر مؤشر ثقة على قوة الاقتصاد المصري، لافتًا إلى أن مصر تتنتظر انطلاقة اقتصادية بعد توقيع القرض مع صندوق النقد الدولي؛ لأنه يعطي ثقة على قوة الاقتصاد وسيزيد الاستثمارات الأجنبية إلا أن ذلك مرهون بالاستقرار السياسي. وقال فاروق العشري، مدير عام لجنة الإدارة العليا بالبنك المركزى سابقًا،: إن الديون الخارجية لمصر تتضمن 36.5 مليار دولار مجدولة على أقساط سنوية، بواقع قسطين كل عام بمعدلات فائدة تصل إلى 25% عن طريق دول نادي باريس، بتكلفة تبلغ 3 مليارات دولار سنويًا تمثل أصل الدين بجانب الفائدة. وأضاف أن الديون تمثل عبئًا على مصر، لكن الأوضاع الاقتصادية الحالية صعبة، حيث وصل الاحتياطي النقدي إلى 13.5 مليار دولار لاتكفي لاحتياجات مصر من العملة الصعبة، والوفاء بأقساط الديون، الأمر الذي يتطلب المزيد من الإيداعات لدعم الاحتياطي، لافتًا إلى أن قطر الدولة الوحيدة التي منحت مصر مليار دولار.