أثار التعديل الجديد للنظام الأساسي للبنك المركزي الصادر بالقرار الجمهوري رقم 64 لسنة 2004، الذي أقره مجلس الوزراء في اجتماعه الأخير ورفعه للدكتور محمد مرسي، رئيس الجمهورية، لإصدار قرار جمهوري به خلال أيام، استغراب العديد من الخبراء المصرفيين، حيث إن فحوى التعديل تم تطبيقه بالفعل في عام 2011 الماضي، كما صدر مرسوم من المجلس العسكري حينها يتضمن الغالبية العظمى لتلك الشروط. كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد أصدر، في أكتوبر 2011 "حين إدارته شئون البلاد"، مرسومًا بقانون رقم 125 لسنة 2011 بشأن تعديل بعض أحكام قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003، تضمن "تخفيض عدد أعضاء مجلس إدارة البنك المركزي من 15 إلى 9 أعضاء فقط، هم: المحافظ ونائباه، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، ممثل لوزير المالية، أربعة أعضاء ذوى خبرة تتوافر فيهم شروط عدم تعارض المصالح"، ونوه أنه فى حالة غياب محافظ البنك المركزي أو وجود مانع لديه يحل محله أقدم النائبين فإذا غاب حل محله النائب الآخر. وقال المرسوم العسكري حينها: إنه "لا يجوز أن يكون لأي من أعضاء المجلس أية مصالح تتعارض مع واجباتهم أو مقتضيات الحيدة والاستقلال أو الحفاظ على سرية المعلومات التى يصلون إليها بحكم عضويتهم لمجلس إدارة البنك المركزي المصري، وألا يكونوا من رؤساء أو أعضاء مجالس إدارة البنوك التجارية أو شركات التمويل أو العاملين بها أو ممن يقدمون لها خدمات مهنية أو استشارية". أما المادة الأولى للقرار الجديد، الذي يصدره مرسي خلال أيام، فتنص على استبدال نصي المادتين (18) و(19) من النظام الأساسي للبنك المركزي الصادر بالقرار، لتنص المادة 18 على: "تشكيل مجلس إدارة البنك برئاسة المحافظ وعضوية كل من: نائبي المحافظ، ورئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، وممثل لوزير المالية يرشحه الوزير، وأربعة أعضاء من ذوي الخبرة في المسائل النقدية أو المالية أو المصرفية أو القانونية أو الاقتصادية، يختارهم رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد، ويجوز أن يكون من بينهم أعضاء متفرغين لعضوية المجلس واللجان المنبثقة عنه، وفي حالة غياب المحافظ أو وجود مانع لديه يحل محله أقدم النائبين، فإذا غاب حل محله النائب الآخر. ويصدر بتشكيل المجلس وتحديد مكافآت أعضائه غير التنفيذيين وبدلات حضور جلساته قرار من رئيس الجمهورية بناء علي اقتراح المحافظ. كانت المادة (18) في القرار الجمهوري رقم 64 لسنة 2004 تقضي بتشكيل مجلس إدارة البنك برئاسة المحافظ وعضوية كل من: نائبى المحافظ ورئيس الهيئة العامة لسوق المال، وثلاثة أعضاء يمثلون وزارات المالية والتخطيط والتجارة الخارجية يختارهم رئيس مجلس الوزراء بناء على ترشيح الوزراء المختصين، وثمانية من ذوى الخبرة المتخصصين فى المسائل النقدية والمالية والمصرفية والقانونية والاقتصادية، يختارهم رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد، وفى حالة غياب المحافظ أو وجود مانع لديه يحل محله فى رئاسة جلسات المجلس أقدم النائبين، فإذا غاب حل محله النائب الآخر، ويصدر بتحديد مكافآت أعضاء مجلس الإدارة، وبدل حضور جلساته قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح المحافظ . أما المادة 19 في القرار الجديد "فتشترط في كل من المحافظ ونائبيه وعضو مجلس إدارة البنك ما يأتي: أن يكون مصريًا من أبوين مصريين، أن يكون متمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية، أن يكون حسن السمعة ولم يصدر ضده حكم نهائي في جناية أو في جريمة ماسة بالشرف أو الأمانة، أن لا تكون له مصالح تتعارض مع واجباته، أو يكون من شأنها أن تؤثر في حيدته في المداولات واتخاذ القرار، وأن يتمتع بخبرة واسعة في الشئون الاقتصادية والمصرفية، وفضلًا عن الشروط المتقدمة، يشترط في أعضاء مجلس الإدارة من ذوي الخبرة ألا تكون لهم أو للجهات التي يعملون بها أي مصالح تتعارض مع واجباتهم أو مع مقتضيات الحيدة والاستقلال أو الحفاظ علي سرية المعلومات التي يتصلون بها بحكم عضويتهم لمجلس إدارة البنوك التجارية أو شركات التمويل من العاملين بها، أو ممن يقدمون لها خدمات مهنية أو استشارية". كانت المادة (19) في القرار الجمهوري السابق تنص على أن يشترط فى كل من المحافظ ونائبيه وعضو مجلس إدارة البنك نفس الشروط السابقى باستثاء عبارة : "فضلًا عن الشروط المتقدمة، يشترط في أعضاء مجلس الإدارة من ذوي الخبرة ألا تكون لهم أو للجهات التي يعملون بها أي مصالح تتعارض مع واجباتهم أو مع مقتضيات الحيدة والاستقلال أو الحفاظ علي سرية المعلومات التي يتصلون بها بحكم عضويتهم لمجلس إدارة البنوك التجارية أو شركات التمويل من العاملين بها، أو ممن يقدمون لها خدمات مهنية أو استشارية". وقال طارق حلمي، العضو المنتدب للمصرف المتحد سابقًا، إن القرار الجديد تم تنفيذ أغلب نقاطه قبل صدوره وتحديدًا بعد ثورة 25 يناير بعدة شهور، حيث تم تعديل مجلس إدارة البنك المركزي وخرج منه رؤساء بعض البنوك، ومراقب الحسابات من عضويته. وأضاف أن محافظ البنك المركزي قال حينها: إن ذلك التعديل كان قد تم تقديمه قبل الثورة لمجلس الشعب إلا أنه لم يتم إقراره، إلا أن انتهاء مدة مجلس الإدارة البنك المركزي بعد الثورة أتيحت الفرصة لإعادة تشكيله بشكل جديد قضى على تعارض المصالح بخروج رؤساء البنوك الذين كان يتيح لهم عضويتهم معرفة بعض خطط البنوك الأخرى بما يقضى على مبدأ تكافؤ الفرص والمنافسة. وأيدت بسنت فهمي، مستشارة رئيس أحد البنوك الإسلامية الكبرى، التعديلات الجديدة مشيرة إلى أن البنك المركزي كان يتحكم فيه شخص واحد يقوم باختيار أعضاء مجالس الإدارت، إلا أن القرار الجديد يتيح للرئيس محمد مرسي اختيار أعضاء بمجلس الإدارة، وأوضحت أنه أن الأوان لإجراء تعديلات بالجهاز المصرفي، الذي يعتبر أخطر الأجهزة بمصر، في ظل الأوضاع التي يشهدها الاقتصاد المصري حاليًا لاسيما ارتفاع الدولار بسبب سوء السياسة النقدية. من جانبه قال محمد جودة، المتحدث باسم اللجنة الاقتصادية لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان المسلمين: إن القرار يتضمن بتعديل مادتين من النظام الأساسي للبنك المركزي، مشيرًا إلى أنهما تتماشيان مع رؤية مقترح بتعديل قانون البنوك كان قد قدمه الحزب للبرلمان السابق، إلا أن الحزب كان قد اقترح ضم 5 شخصيات من ذوي الخبرة بدلاً من 4 ، كما جاء بالتعديل الجديد. وأوضح أن التعديل الجديد يمنع تضارب المصالح ويعطي فرصا أوسع للمتخصصين في السياسية النقدية وذوي الكفاءة في مجلس الإدارة بدلاً من التشكيل السابق الذي كان يتضمن تمثيلاً للوزارات، وبالتالي يحدث تشابك بين الحكومة والبنك المركزي، موضحا أنه يعزز أيضًا من استقلالية البنك ويجعل عمله بمعزل عن الحكومة، حيث لايتضمن سوى ممثل وحيد لوزارة المالية لضمان التنسيق والتكامل بين السياسيات المالية والنقدية.