يسترجع الناقد الدكتور صلاح فضل، رئيس مجمع اللغة العربية، سيرته ومسيرته في كتابه الأحدث "صدى الذاكرة" عن الهيئة العامة للكتاب، إذ يستعرض د. صلاح بعض رؤاه الفكرية حول الشعر وتحولاته وصراع الأنواع الشعرية، وكذلك يضم بابًا حول وثائق الأزهر وحوارات المثقفين مع رجال الأزهر حول الحريات المختلفة في إطار المساعي لدولة مدنية حديثة. يقول الدكتور صلاح فضل عن "صدى الذاكرة": "عندما يسترجع الكاتب المتأمل مشاهد وخواطر من سيرته، ينشق في يده القلم إلى شعيرات ثلاث؛ تمتد أولاها إلى النقطة المضيئة البعيدة في أغوار ذاكرته، تحاول الإمساك بها والقبض على ذبذباتها المتأرجحة المتفلتة من محو النسيان، أما الشعيرة الثانية فتنبثق في بؤرة وعيه الآني لحظة الكتابة، لتُشكل منظوره الراهن لذاته ورؤيته لماضيه، ورغبته في تجميله، عندئذ تلتف عليه الشعيرة الثالثة التي تربط بين الوعي واللاشعور، لتحاول التأليف بين العناصر المتفاوتة الدقيقة، وتمارس ألاعيب الذاكرة في "الحفظ والنسيان" في الحذف والتضخيم وربما الإضافة أيضًا". ويرى رئيس مجمع اللغة العربية أن هذه العملية الإبداعية تسمح للمتخيل أن يتوهم تمثيل الواقع الماضي، بينما هو يعيد إنتاجه ليضفي عليه دلالات ومعاني لم تكن له حينها، ويدرجه في نسق شعوري وفكري من صنع التأليف ومبتكرات الكتابة، فإذا ما كان الكاتب قد سبق له أن روى هذه الذكريات شفاهة من قبل، فإن نسبة تباعدها عن الواقعة الحقيقية تتفاقهم بشكل لافت، لأنه قد اخترع نصف الحقيقة في الرواية الشفهية، ولم يبق من معالم الذكرى الأصلية سوى الأصداء الخافتة الشاحبة التي أعيد تلوينها مرتين، وسواء أكان الكاتب مدركًا لذلك أم غيرمتفطن له، فإنه يكتسب من عذوبة السرد بقدر ما يجيد من كذب الرواية وحلاوة التأويل وبراعة اللإنتاج.