يحرص المسلم طوال شهر رمضان على صيام نهاره وقيام ليله أملًا فى التوبة والمغفرة، حيث تتزين المساجد لهذا العرس الإيمانى والروحانى الكبير، وتشهد إقبالًا لم تشهده فى أى شهر آخر من المصلين الذين يحرصون على أداء الصلوات الخمس بها، كما تمتلئ المساجد، بعيدًا عن جائحة كورونا، عن بكرة أبيها فى صلاة التراويح فى جو من النفحات الإيمانية التى تحسها القلوب وترتاح لها الأنفس. ومن المساجد العامرة بالروحانيات فى هذا الشهر الكريم، مسجد الأمير حسن الذى يقع على الجانب الشمالى لشارع الأمير حسن شرق مدينة أخميم بسوهاج، والذى يعد من أهم المساجد الأثرية بالمدينة، وأحد الآثار الإسلامية الرائعة فى محافظة سوهاج، حيث يجذب أنظار رواده بطرازه المعمارى الفريد وزخارفه الهندسية والكتابية الرائعة. أنشأه الأمير حسن ابن الأمير محمد سنة 1117 هجرية، وانتهى من إنشائه عام 1121 هجريًا، ودفن بالضريح الملحق بالمسجد سنه 1132 هجريًا. ويمتاز المسجد باستخدام أعمدة خشبية تحمل سقفه، وهو أمر لم يُرَ مثيلًا له فى مساجد الصعيد، وندر فى مساجد مصر بصفه عامة، كما أنه يشتمل على الكثير من العناصر المعمارية والزخرفية والهندسية والكتابية، فضلًا عن الأعمال الخشبية مما يكسبه أهمية أثرية خاصة، ويعد نموذجًا جيدًا للتراث المحلى فى العمارة الدينية العثمانية. تبلغ مساحته 648 مترًا وله أربع واجهات، يوجد بكل واجهة مدخلًا يؤدى إلى المسجد مباشرة، فيما عدا مدخل الواجهة الجنوبية الذى يوجد بالطرف الغربى منها ويؤدى إلى ساحة مكشوفة ربما كانت تشتمل على بعض ملحقات المسجد. ومن الداخل يأخذ المسجد الشكل المستطيل وهو عبارة عن صحن مكشوف مغطى ب «شخشيخة» مثمنة مصنوعة من الخشب، وتحيط به أربعة أروقة محمول سقفها على أعمدة خشبية بدون عقود تحمل أعتابًا خشبية يبلغ عددها 34 عمودًا، وهى عبارة عن قوائم خشبية زخرفت من أعلى وأسفل بألواح خشبية تأخذ شكلًا متدرجًا، حيث إن استخدام الأعمدة الخشبية فى المساجد يعتبر نادرًا ليس فى مساجد الصعيد فحسب بل فى مساجد مصر بصفة عامة. ويشتمل جدار القبلة على ثلاثة محاريب، الأوسط أكبرها وهو عبارة عن حنية نصف دائرية يكتنفها عمودان من الرخام ذات قواعد وتيجان ناقوسية، ويزخرف طاقية المحراب ست حطات من المقرنصات المدببة، ويعلو المحراب منطقة مستطيلة بها زخارف كتابية محفورة بالخط الكوفى، ويعلو المربع الذى يتقدم المحراب شخشيخة صغيرة من الخشب. أما المحرابان الجانبيان فهما متشابهان، فكل منهما عبارة عن حنية نصف دائرية خالية من الزخارف، ويزخرف جدار القبلة من أعلى نوافذ وشبابيك من الجص المفرغ والمعشق بالزجاج الملون، وللمسجد دكة مبلغ مصنوعة من خشب الخرط تقع بالمربع الأوسط من البلاطة المطلة على الصحن، أما الرواق الشمالى المقابل لرواق القبلة فيتكون من بلاطتين موازيتين لجدار القبلة، ويتوسط جدار هذا الرواق فتحة الباب الشمالى، كما يشتمل أيضًا على صفين من النوافذ. ويوجد بأقصى الطرف الغربى منه فتحة باب تؤدى إلى المئذنة، أما الرواقان الشرقى والغربى متشابهان ويتكون كل منهما من بلاطتين موازيتين لجدار القبلة بواسطه صف واحد من الأعمدة، وبالجداران الشرقى والغربى كل منهما فتحة باب ويشتملان على صفين من النوافذ. وللمسجد مئذنة تقع فى الركن الشمالى الغربى من المسجد، وهى منفصلة عنه ويتوصل إليها من خلال فتحة باب بالطرف الغربى من الجدار الشمالى للمسجد والتى تؤدى إلى سلم حلزونى يصعد منه إلى شرفات المئذنة التى تتكون من ثلاثة طوابق، الأول مربع المسقط ويتحول إلى مثمن عن طريق المثلثات الكروية فى الأركان وهو الطابق الثانى، ويحتوى هذا الطابق على ثمان حناية ومجموعة من الأعمدة المدمجة مزخرفة بزخارف حلزونية. أما الطابق الثالث فيرتد إلى الداخل وهو أسطوانى الشكل مسقطه مستدير يتوجه ثلاث حطات من المقرنصات البارزة، وتحمل الشرفة الثانية وهى مستديرة، أما قمة المئذنة فهى مثمنة، يوجد بنوافذها ثمان فتحات يتوجها حطتان من المقرنصات، يعلو ذلك قلة المئذنة وهى أسطوانية. ويقع الضريح فى الجهة الشرقية من المسجد وهو بناء مجدد حديثًا ولا يتصل بنائيًا بالمسجد، وقد تبقت بعض أجزاء من تركيبة القبر الرخامية تحمل اسم الأمير حسن وتاريخ وفاته.