طفل وهو ابن خمس سنين، أعطاه والده بوصلة، حينها فكر: ما هي القوة التي تجعل هذه البوصلة تتجه للشمال فقط؟.. ولو ركب شعاع ضوء ماذا سيحصل؟.. إنه أحد أعظم علماء الفيزياء في التاريخ، ألبرت أينشتاين.. فالهاتف الذي بين يديك الآن، هل تتخيل أن سبب وجوده بالأصل هي نظرية "الكم" التي منح عليها أينشتاين جائزة نوبل، ونظريته عن النسبية غيرت مجرى التاريخ.. وقيل لو أن أينشتاين قد عاد للحياة لن يصدق أن بسببها اكتُشفت كل هذه الاختراعات المذهلة! وهذه طفلة توفي والداها، وبقيت هي وأختها، واتفقتا على أن واحدة منهما تعمل والأخرى تسافر للدراسة في السوربون.. وبالفعل سافرت أختها، وعملت هي في أحد البيوت، وأحبت أحد أبناء العائلة التي تعمل لديهم، وبادلها هو حبًا بحب ووعدها بالزواج، فكلما ترسل لها أختها لتدرس معها، ترفض وتقول لها إنها ستتزوج وستستقر هناك.. حتى عرض الشاب زواجه من هذه الفتاة على أهله، فرفضوا بشدة وطردوها من العمل، وتخلى هو عنها.. فانكسرت في قصة حب تعلقت بها، وأصابها يأس شديد، لكنها لم تستسلم، بل سافرت واستكملت دراستها.. وأصبحت ماري كوري.. عالمة الفيزياء والكيمياء، التي نالت جائزتي نوبل واحدة في الفيزياء وأخرى في الكيمياء، وهي أول امرأة حصلت على جائزة نوبل، بل هي الشخص الوحيد في العالم الذي حصل على جائزتي نوبل في مجالين مختلفين من العلوم! وهذه جوان فاينمان، عالمة الفيزياء الفلكية، وُلدت عام 1927م أخبرتها أمها أن عقول النساء غير قادرة على فَهم العلوم !! والغريب أنها نفس الأم التي قالت لابنها ريتشارد عندما علمت بأن إحدى المجلات وصفته بأذكى رجل في العالم، قالت: "ريتشي، ابني.. أذكى رجل في العالم". حاول الناس فى كل مكان إبعادها عن الفيزياء كمهنة؛ لأنها ليست الوظيفة المثالية للنساء.. لكنها قاومت واستمرت حتى أصبحت رائدة في علم الفيزياء الفلكية خصوصًا في الفيزياء الشمسية، حيث ركزت دراساتها على البقع الشمسية وظاهرة الشفق القطبي، وأثبتت لأمها والمجتمع أنهم كانوا مخطئين، وفى 2002 أصبحت جوان واحدة من كبار علماء النخبة في مختبر الدفع النفاث.. وهذا توماس أديسون صاحب الألف اختراع، كان أستاذه في الفصل يصفه ب"بلادة العقل" بسبب شروده الدائم، ويرجع الفضل لأمه التي قامت بالتدريس له في المنزل، لم يكن ينام بالليل من كثرة شغفه بالقراءة العلمية والاختراعات.. لكننا نتوقف كثيرًا عند هذا الفتى، الذي ابتكر في سن 12 عامًا لعبة فيديو جيم وباعها ب500 دولار لإحدى مجلات الكمبيوتر الشهيرة، بعدما علم نفسه البرمجة في سن 10 سنين! كان شغوفًا بالقراءة بالذات في مجال التكنولوجيا، لدرجة أنه كان يقرأ كتابين أسبوعيًا؛ ولأن أحلامه كانت تفوق عقل أقرانه، تعرض للتنمر، لكن ذلك لم يُعطل أحلامه، التي وجد أنها لن تتحقق إلا في أمريكا، حيث ولد في جنوب إفريقيا، فلما فشل في دخولها لجأ إلى كندا؛ لأن أمه كندية.. تخرج في الجامعة عام 1997 وعمره 26 عامًا، وهو يحمل درجتي البكالوريوس، واحدة في الفيزياء، والثانية في الاقتصاد؛ لأنه دائمًا ما يربط الاختراع بالبيزنس.. قرر أن يتابع شغفه في البيزنس بتأسيس شركة على الإنترنت، لم تكن لديه إمكانية لأن يوفر سكنًا ومكتبًا، فاكتفى بالمكتب وعاش فيه، وكانت شركته عبارة عن "دليل للإنترنت" في البلد الذي يعيش فيه.. الفكرة نجحت وتعاقدت معه كبرى الجرائد والمجلات، وكسب في سن التلاتين 22 مليون دولار!! ومن شركة إلى أخرى، واصل نجاحه، حتى أصبح اليوم أغنى شخص في العالم، وبلغت ثروته 185 مليار دولار.. إنه إيلون ماسك، والذى يخطط لأن ينقل الإنسان إلى المريخ قريبا، وسيغرق الفضاء ب1200 قمر اصطناعي، لكي يصل الإنترنت بسعر رخيص لكل أهل الأرض.. جميل جدًا أن أغنى شخص في العالم يبقى عبقريًا عنده شغف بالعلم والاختراعات، بنى نفسه باجتهاده وسعيه وراء "شغفه".. ولو تأملنا أسماء أغنى رجال الأعمال في الغرب سنجد أغلبهم عصاميون وشغوفون ب"بيزنس التكنولوجيا"، مثل إيلون ماسك، وجيف بيزوس "أمازون"، بيل جيتس "مايكروسوفت"، مارك زوكربيرج "فيسبوك".. وغيرهم!! وللأسف لم نجد في عالمنا العربي واحدًا مثلهم من بعد تجربة "صخر"، أو حتى داعمًا لمبادرة علمية أو منفقًا بسخاء أو حتى بتقطير على صغار المبتكرين، مثل إنفاقه على كرة القدم أو مهرجانات الفنانين.. لكن بكل أسف كيف يتأتى لنا ذلك، ونحن أمة كما وصفها الكاتب الساخر جلال عامر "تبذل الدم في حوادث المرور، والعرق في الملاعب، والدموع في الامتحانات".. فنحن الشعب الوحيد في العالم الذي يبكي قبل ورقة الفيزياء، وأثناء ورقة الرياضيات، وبعد ورقة الإنجليزى!! ثم من أين يأتينا شغف العلم، وامتحانات التيرم "ورقة واحدة لكل المنهج في ساعة واحدة"!!