امرأة عمرها 31 عاما مطلقة وتعول ثلاثة أطفال بلا موارد تقريبا تشترى الملابس المستعملة وتعيش أغلب أيام الإسبوع على تناول الفاصوليا وسندويتشات الزبدة، كان هذا هو حال ماى هادلمان فى عام 1979. هذه المرأة نفسها أصبحت اليوم واحدة من أشهر عارضات الأزياء فى العالم ومازالت تظهر على أغلفة المجلات إلى اليوم رغم تجاوزها سن السبعين، والأهم أنها قامت بتربية ثلاثة أبناء أحدهم ملياردير واثنان من المليونيرات. ماى هادلمان هى والدة الملياردير الشهير ايلون ماسك عملاق الإنترنت والسيارات الكهربائية وصواريخ الفضاء والذى تقدر ثروته بنحو 60 مليار دولار والبالغ من العمر 48 عاما أما ابنها الثانى هو كامبل ماسك 47 عاما وهو صاحب سلسلة مطاعم عالمية ومزارع لإنتاج الخضراوات والفواكه وأنشطة تجارية أخرى تتركز فى مجال الاغذية. والابنة الثالثة هى توسكا مخرجة وصاحبة شركة لإنتاج الأفلام بالإضافة إلى عدة شركات اخرى فى مجال الترفيه وعمرها 46 عاما فى ديسمبر الماضى طرحت ماى هادلمان كتابا يروى سيرتها الذاتية بعنوان «امرأة تضع خطة» قدمت فيه بعض النصائح للأمهات الراغبات فى التعرف على طريقة التربية التى اتبعتها كى يصل أولادها الثلاثة إلى هذه المكانة والصعوبات التى واجهتها وكيف تغلبت عليها. قالت ماى إنها بعد زواج استمر تسع سنوات من والد أطفالها الثلاثة المهندس المشغول دائما قررت إنهاء الزواج وحصلت على الطلاق ووجدت نفسها تعيش فى شقة صغيرة فى مدينة جوهانسبرج بجنوب افريقيا والتى استقرت فيها مع عائلتها الكندية الأصل قبل زواجها بسنوات طويلة. فى تلك الشقة الصغيرة كانت ماى بلا عمل وبلا موارد فقد توقف نشاطها كعارضة أزياء مبتدئة بعد الزواج وعاشت هى وأبناؤها فترات صعبة حتى قررت العودة للعمل والدراسة من جديد، وتخصصت فى مجال التغذية وأصبحت متخصصة فى أنظمة الريجيم، وتقول فى كتابها لم يكن لدى مكان للعمل فحولت غرفة نومى لمكتب وكان أولادى الثلاثة يساعدوننى ويشعرون ويقدرون ما نواجهه كعائلة وتعلموا كيف يقدرون قيمة العمل والجهد الذى أبذله لأبقيهم على قيد الحياة ويبقى لديهم سقف فوق رءوسهم، ولم أشعر يوما بالذنب أو التقصير لأننى أعمل عدد ساعات طويلة، بالعكس عودت أبنائى أن يكونوا مستقلين معتمدين على أنفسهم، مراعين لمشاعر الآخرين ممتنين للنعم التى فى أيديهم مدركين لما أقوم به من أجلهم وجعلتهم يشعرون أن مشروعى هو مشروعهم وأنهم جزء من العمل ومسئولون عن نجاحه وتطويره فكان أبناؤها يشاركونها فى إعداد برامج الريجيم والتواصل مع العملاء وكتابة الأوراق المطلوبة. وتنصح كل أم قائلة: إن طفولة ابنك هى التى تحدد ما الذى يناسبه وعليك فقط أن تتركيه يلاحق شغفه فقد كنت أعمل من منزلى لفترة طويلة وكان ابنى الأكبر ايلون وعمره فى ذلك الوقت 11 عاما يأخذ كتابا ويقرأ، وأما كامبل فيطهو لنا الطعام وتتراقص توسكا من حولى وهو ما كبروا ليفعلوه. فعندما أصبح عمر ايلون 12 عاما حصل على أول جهاز كمبيوتر وكان وقتها شيئا جديدا على العالم ولكنه علم نفسه بنفسه وقام بكتابة برنامج إلكترونى فطلبت منه أن يرسله لإحدى المجلات التى قامت بنشره وأرسلت له 500 دولار وهنا أدرك قيمة ما لديه من موهبة وعرف كيف سيشق طريقه، أما كامبل فكان يرافقنى كلما ذهبت للتسوق ويختار الأطعمة بنفسه ويقرأ البيانات المدونة عليها وشيئا فشيئا أصبح يطهو كل طعامنا وأصبح هذا هو مجال عمله وتميزه، أما الصغيرة توسكا فقد لاحظت عشقها للأفلام الرومانسية فكنا نجلس على أريكة منزلنا كل مساء بعد العمل نشاهد فيلما ونتناقش حوله ونتناول الطعام الذى أعده كامبل وساعدتها على التعلم والتدريب منذ صغرها. وتستمر فى سرد رحلتها التى أخرجت ثلاثة من أثرياء العالم قائلة: قرر ايلون السفر إلى كندا لدراسة الفيزياء والاقتصاد وكانت أخته تريد أن تلحق به لدراسة السينما لكنى كنت أرى أنها لا تزال صغيرة فعمرها كان 15 سنة فقط ولما ذهبت لزيارة ابنى فى جامعته بكندا عدت بعد ثلاثة اسابيع لأجد أن توسكا الصغيرة باعت البيت والسيارة والأثاث ولم يتبق إلا أن اوقع الاوراق اللازمة لأنها لا تريد أن تتخلى عن حلمها فاستجبت لرغبة اولادى رغم عدم اقتناعى الكامل وبالفعل انتقلت العائلة الى كندا وبدأنا العمل من جديد ومن كندا انتقلت العائلة مرة اخرى إلى الولاياتالمتحدة عندما انتقل ايلون بعد تخرجه للعمل فى مجال البرمجيات فى «سيليكون فالى» ومن هناك بدأ الأبناء نجاحاتهم المالية وأصبح احدهم من اغنى أغنياء العالم واثنان ما زالت ثرواتهما تقدر بالملايين وليس المليارات مثله. فى هذه الاثناء كانت ماى تحقق نجاحا مشهودا فى مجال عروض الازياء لتصبح واحدة من أشهر العارضات وأيقونة جمال ورغم أن عمرها 71 سنة إلا أنها ما زالت تواصل تقديم العروض والظهور على أغلفة المجلات باعتبارها واحدة من أجمل وأكبر العارضات سنا فى العالم. نقلا عن صحيفة الأهرام