جامعة سوهاج تحصد المركز الخامس في المسابقة القومية للبحوث الاجتماعية بحلوان    مرصد الأزهر :السوشيال ميديا سلاح الدواعش والتنظيمات المتطرفة    اللجنة العامة لمجلس النواب تختار سحر السنباطي رئيساً للمجلس القومي للطفولة والأمومة    بدء الجلسة العامة لمجلس النواب لاستكمال مناقشة الحساب الختامي    أسعار العملات العربية مقابل الجنيه بالبنك الأهلي اليوم الأربعاء    ‫الإسكان: إجراء قرعة علنية للمتقدمين لحجز شقق بمشروعات جنة والإسكان المتميز يوم 15 و 16 مايو    محافظ سوهاج يتفقد إجراءات التقدم بطلبات التصالح على مخالفات البناء    فيراري تطلق أيقونتها 12Cilindri الجديدة.. بقوة 830 حصان    ماليزيا: الهجوم على رفح يؤكد نوايا الاحتلال في مواصلة الإبادة الجماعية للفلسطينيين    سلطات الاحتلال تعيد فتح معبر كرم أبو سالم    كييف: روسيا تفقد 477 ألفا و430 جنديا في أوكرانيا منذ بدء الحرب    زعيم كوريا الشمالية يرسل رسالة تهنئة إلى بوتين    "فينيسيوس أمام كين".. التشكيل المتوقع لريال مدريد وبايرن قبل موقعة دوري الأبطال    "لابد من وقفة".. متحدث الزمالك يكشف مفاجأة كارثية بشأن إيقاف القيد    أتربة ورمال وتحذير للمواطنين.. الأرصاد: تقلبات جوية وارتفاع الحرارة لمدة 72 ساعة    طلاب أولى ثانوي بالقاهرة: لا أعطال بمنصة الامتحان على التابلت والأسئلة سهلة    بالأسماء.. إصابة 4 أشقاء في حادث غصن الزيتون بالشرقية    إسعاد يونس تحتفل بعيد ميلاد عادل إمام بعرض فيلم "زهايمر" بالسينمات    بعد بكائها في "صاحبة السعادة".. طارق الشناوي: "المكان الوحيد لحكاية ياسمين والعوضي مكتب المأذون"    الصحة: علاج 900 ألف مواطن بمستشفيات الأمراض الصدرية خلال 3 أشهر    صحة مطروح تطلق قافلة طبية مجانية بمنطقة وادى ماجد غرب مطروح اليوم    "تجميد اتفاقية السلام مع إسرائيل".. بين العدوان المباشر والتهديد الغير مباشر    مواد البناء: أكثر من 20 ألف جنيه تراجعًا بأسعار الحديد و200 جنيه للأسمنت    البورصة المصرية تستهل بارتفاع رأس المال السوقي 20 مليار جنيه    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    شوبير يوجه الشكر لوزير الشباب والرياضة لهذا السبب| تفاصيل    "لم يسبق التعامل بها".. بيان من نادي الكرخ بشأن عقوبة صالح جمعة    تعرف على قيمة المكافآة الخاصة للاعبي الزمالك من أجل التتويج بكأس الكونفدرالية (خاص)    معاك للتمويل متناهي الصغر تخاطب «الرقابة المالية» للحصول على رخصة مزاولة النشاط    يقظة.. ودقة.. وبحث علمى    أوقاف الغربية: حظر الدعوة لجمع تبرعات مالية على منابر المساجد    الإفتاء تعلن نتيجة استطلاع هلال شهر ذي القعدة لعام 1445 هجريا الليلة    مجدي شطة يهرب من على سلالم النيابة بعد ضبطه بمخدرات    بعد إخلاء سبيله.. مجدي شطة تتصدر التريند    خلال 24 ساعة.. تحرير 463 مخالفة لغير الملتزمين بارتداء الخوذة    صفحات غش تتداول أسئلة الامتحان الإلكتروني للصف الأول الثانوي    سها جندي: نحرص على تعزيز الانتماء في نفوس أبناء الوطن بالخارج    أسرار في حياة أحمد مظهر.. «دحيح» المدرسة من الفروسية إلى عرش السينما    «قلت لها متفقناش على كده».. حسن الرداد يكشف الارتباط بين مشهد وفاة «أم محارب» ووالدته (فيديو)    قصور الثقافة تحتفل بعيد العمال في الوادي الجديد    لبلبة و سلمي الشماع أبرز الحضور في ختام مهرجان بردية للسينما    اليوم العالمي للمتاحف، قطاع الفنون التشكيلة يعلن فتح أبواب متاحفه بالمجان    «الإفتاء» توضح الأعمال المستحبة في «ذي القعدة».. وفضل الأشهر الأحرم (فيديو)    «القاهرة الإخبارية»: إصابة شخصين في غارة إسرائيلية غرب رفح الفلسطينية    تقرير: مشرعون أمريكيون يعدون مشروع قانون لمعاقبة مسئولي المحكمة الجنائية الدولية    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    هيئة الدواء تقدم 12 نصيحة لمرضى الربو    تتخلص من ابنها في نهر مليء بالتماسيح.. اعرف التفاصيل    "المحظورات في الحج".. دليل لحجاج بيت الله الحرام في موسم الحج 2024    برج العذراء اليوم الأربعاء.. ماذا يخبئ شهر مايو لملك الأبراج الترابية 2024؟    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 900 ألف مواطن بمستشفيات الأمراض الصدرية    حكم حج للحامل والمرضع.. الإفتاء تجيب    للمقبلين على الزواج.. تعرف على سعر الذهب اليوم    "كفارة اليمين الغموس".. بين الكبيرة والتوبة الصادقة    عزت إبراهيم: تصفية الوجود الفلسطيني في الأراضي المحتلة عملية مخطط لها    «إنت مبقتش حاجة كبيرة».. رسالة نارية من مجدي طلبة ل محمد عبد المنعم    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    أختار أمي ولا زوجي؟.. أسامة الحديدي: المقارنات تفسد العلاقات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذكرى الحمامصى .. وحالتنا الإعلامية!
نشر في بوابة الأهرام يوم 25 - 01 - 2021

تزدحم الدنيا من حولنا فى هذا الشهر (يناير) من كل عام، حيث تتخطفنا الأحداث، فلا نكاد نجد حدثا حتى يأخذنا ويشدنا إليه بكامل حواسنا ويمنعنا عن الآخر، سواء كان فى الداخل أو الخارج.
فجأة خطفنى ابن استاذى جلال الدين الحمامصى (كامل)، وهو يكتب مثل أبيه وجده، وهو مهندس مثلهما، تحت عنوان حديث الهمة، بحثنا، مثل الأستاذ جلال- رحمه الله- فى عموده دخان فى الهواء، لنعيش عصرنا، ونتقدم، وننفض غبار الماضى وراء ظهورنا، وكانت كلماته تُثير الدخان، وكان الحوار معه ممتعا، ويُغذى العقول، ويَحمى النفوس، ولم يكن ليضيع فى الهواء أبدا، ليذكرنا الحمامصى الابن أنه منذ 33 عاما بالضبط رحل عنا هذا الرائد جلال الدين الحمامصى (30 يونيو 1913-20 يناير 1988)، الذى ملأ حياته وشغلها بفنون الإعلام، والكتابة، والتدريس، والتدريب، إنه قصة مأثورة، وعملية، ومفيدة، ليس للأجيال التى عاصرها وحدها، بل لكل الأجيال السابقة، والحالية، والقادمة ، وهو مصادفة فريدة فى عالم الصحافة منذ بداياته، ومتعدد الجوانب، اختار منها جانبا يخصنا نحن الجيل، الذى تعلم منه ومعه، عندما اختار معهد الإعلام، فى ذلك الوقت، (كلية الإعلام الآن) بجامعة القاهرة، لكى يحتضن دفعتها الأولى (الصحافة)، التى دخلت فى بداية السبعينيات وخرجت للنور والعمل فى 1975 لتعمل فى كل مناحى الإعلام المصرى (صحافة، وإذاعة، وتليفزيون، وعلاقات عامة)، كان المعهد تجربة فريدة، اقتنع خلالها أساتذة الإعلام ومتخصصوه، فى ذلك الوقت، بأن الإعلام والصحافة يجب أن يمتزجا بالخبرة العملية المباشرة من أصحاب المفاتيح، وعمالقة المهنة، وأساتذتها، وأصحاب الأقلام، والأصوات، والوجوه الإعلامية المبدعة، وأن أقدر الناس على تعليمهم، أو تشريبهم مهنة الصحافة، من آمنوا برسالتها، وأتقنوها حتى أصبحت حياتهم فى عهدة الصحافة، واكتسبوا مهارات العمل، والتواصل بكل أشكاله، وجذب الناس إلى ما يقدمون، بأساليب تتطور كل يوم. لقد قدم الأستاذ جلال رؤية فريدة من نوعها، فمنذ اليوم الأول أصدر صحيفة لم تكن عادية فى ذلك الزمان (صوت الجامعة)، فكانت صوتا معبرا، عشنا معه ومعها سنوات الدراسة وحتى رحيله، فقد كان الاحتضان من الأستاذ ليس فى وقت الدراسة فقط، ولكن حتى وضعنا على أول سُلم وعتبات المهنة فى الصحف، والتليفزيون، 17 عاما مثمرة من عمرنا المهنى (1971-1988)، وحتى رحيله كان يتابع كل تلاميذه فردا فردا، وقدم جيلا للإعلام بكل مؤهلاته، هذا الصوت الطلابى كان يتحاور مع كل المسئولين فى مصر، فى ذلك الوقت، أتذكر أنه استضاف رئيس الجمهورية الراحل أنور السادات، رحمه الله، للحوار مع طلاب يبدأون حياتهم العملية، بل هم فى عامهم الجامعى الأول، يتكلمون مع الرئيس، ويحاورهم، وكل منهم مسئول عن أن ينشر الحوار وكأنه كان يحاور الرئيس وحده، ولم يكن الرئيس هو الهدف الوحيد، بل كان الحوار مع جميع المسئولين، ورجال أعمال ذلك الزمان، لم يكن الطلبة يجلسون فى قاعات المحاضرات، التى تحولت إلى صالة للتحرير، واستوديوهات للحديث، تجربة رائعة تعيش فى الذاكرة ولا تضيع، فقد حولت الطالب إلى صحفى ومذيع، فمنذ اليوم الأول للدراسة أدرك الطلاب أنه إذا تحاورت مع الرئيس تحاورت معك كل مصر.
تلك هى تجربة الأستاذ الحمامصى، وبؤرتها تحويل الإنسان إلى طاقة كبرى للعمل والتطور، جيل خرج لا يعرف المستحيل، مثله تماما، يتطلع لأن يكون معبرا وممثلا لمصر كلها، فى كل مكان يعمل فيه، تجربة لا تُنسى ومذهلة، بكل تفاصيلها، وتطوراتها، وقد تذكرتها وذهبت للحوار معه، مختبرا كل ما يقوله، وعاكسه على عالمنا، وإعلامنا اليوم، أستاذ جلال: إعلامنا، وصحافتنا، يمران بأزمة دقيقة وصعبة. الأستاذ يرد: الإعلام ملك الناس، ويجب أن يعود للناس، مهنة لا يمكن أن تضيع، أو تُهمش، ومن يُهمشها يُهمش نفسه، ومجتمعه، بل يُضّيع تاريخه، وحاضره، لا يمكن أن تنظر للإعلام بحالته الراهنة فقط، ولكن يجب أن تتجاوز أزمته، فما يعيشونه ليس أزمة إعلام فقط، بل أزمة مشاهد (القارئ والمتلقى معا)، لأن المشهد الراهن، إذا نظرت له بعمق وتحليل فستجده معقدا للغاية، فالذى يقرأ الصحف، ويستمع إلى وسائل الإعلام (راديو وتليفزيون) يمر حاليا بحالة من انعدام الوزن، نتيجة الظرف الطارئ، الذى مرت به مصر، والمنطقة العربية، فى العقد الأخير، من التوتر، والشد العصبى، الذى وجد المجتمع نفسه فيه (الثورات، والانهيارات، وسقوط البلدان، والتهجير القسرى، والضحايا، من كل فج، ولون، ومن سقطوا بالإرهاب، والدواعش، والصراعات الطائفية)، أجيال متعاقبة عاشت وقودها الإعلامى اليومى قتلى، وانهيارات، وحرائق، وذلك لم يؤثر على المنطقة فقط، بل أثر على الإنسان، ‏وقتل حواسه، وأربك حياته اليومية، وغذّاها بالمخاوف على حاضره، ومستقبله، فأصبح لا يسمع إلا الصوت الزاعق، والرسالة المخيفة، والصراخ اليومى، والمفاجآت المدهشة، مما أوجد شخصية متوترة، خائفة على حاضرها، ومستقبلها، وتعودت على كل ما هو غير مألوف ومقلق، هو زادها اليومى، وأصبح التفكير المتأنى، والقراءة، والرسالة الهادفة عملة نادرة يصعب أن يجدها الإنسان، وإذا وجدها لا يصدقها، لأن حياته اليومية هى وقوده الذى يتغذى عليه، فماذا تنتظر من إنسان خائف على ابنه، وأسرته؟.. هل يقرأ رسالتك؟.. وهل يفكر فى الإعلام؟.. الجهاز العصبى للإنسان تعطل، هل يعود بالريموت كنترول؟.. إنها عملية معقدة، تحتاج إلى تغيير الرسالة، ومضمونها، ومحتواها، وأساليب جديدة للعمل، وجذب المشاهد للصحيفة، والشاشة، والراديو من جديد، هذه الحواس الخمس يجب أن تعود إلى طبيعتها، وهى تحتاج إلى وقت لتُشفى، وتتخلص من التوترات، والمعاناة التى عاشها الإنسان فى تلك الفترة، وإذا كان الإعلام فى أزمة، فإن المتلقى فى أزمة أكبر، وكلا الاثنين يحتاجان إلى مرحلة من الهدوء، ‏والتبصر حتى يعودا إلى حالتهما الطبيعية، وبالإضافة إلى ذلك المتغيرات الحادة فى عالم الإعلام ككل، بعد دخول السوشيال ميديا، حيث أصبح كل مواطن إعلاميا، له رأى، ومشاركا، ودخلت الأسواق صحف من لون جديد، لم تكتسب خبرات، وليس لها تقاليد مهنية، وليس لديها تاريخ فى عالم الإعلام، يتعلمون فى المتلقى، ساحة واسعة للإعلام مختلفة عما كانت قبلها تماما، فالصورة فى عالم الإعلام تحتاج إلى عقول جديدة، أو دراسات أكثر تعمقا لحالة الأسواق فى مجتمعنا، حيث لم تعد الدراسات والوصفات الجاهزة القادمة من الخارج تصلح لتقييم وإعادة دراسة حالتنا الإعلامية الصحفية الراهنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.