للحرب الأهلية فى اليمن مشاهد يطالعها المهتم يوميا عبر شاشات البرامج الإخبارية، ولكن أحد هذه المشاهد يتوارى بعيدا عن الشاشات، رغم ما تزخر به من آيات كفاح عشرات الآلاف من النازحين اليمنيين فى مصر منذ 6 أعوام. مجتمع جديد فى تكوينه ولكنه قديم فى العادات والطقوس الوافدة من اليمن، التى يتم ممارستها بين أحياء مصر. اللاجئون، أو كما يفضل أغلبهم تسمية «النازحين» ، أجبرهم القتال، وتردى الأوضاع على الترحال ليجدوا فى مصر ملاذا آمنا ووطنا مستقرا. ولمعرفة المزيد عن حياتهم فى مصر، يمكن الاطلاع على تقرير «الكفاح بعيدا عن الوطن»، الصادر عن مبادرة محلية يمنية تحمل مسمى «مجتمع وجود» لمساعدة اللاجئين اليمنيين فى مصر. المبادرة أطلقتها الشابة اليمنية، قبول العبسى، رئيسة مؤسسة فى مدينة «تعز» اليمنية، وتستهدف دعم دور الإعلام اليمنى والعمل على التنمية المستدامة. أوضح التقرير ما اوردته السفارة اليمنية بالقاهرة، من تقدير تعداد المقيمين اليمنيين فى مصر بما بين 500 700 ألف شخص، وذلك بالمقارنة مع نحو 70 ألفا فقط قبل اندلاع الحرب. توضح قبول العبسى ل«الأهرام»، أن التقرير سلط الضوء على الظروف الاقتصادية والمعيشية للاجئين اليمنيين فى مصر، ويستند إلى مقابلات مع بعضهم. وكشفت انحدارهم من اماكن متعددة مختلفة باليمن، وانتماءهم لطبقات اجتماعية وخلفيات ثقافية متعددة. وأشارت الى ان معظمهم يقطن فى محافظتى القاهرة والجيزة، و تعتبر أحياء فيصل، أرض اللواء، المهندسين، الدقى و مدينة 6 أكتوبر، اكثر الأماكن التى يفضلون العيش بها. وكشف التقرير الخدمات التى تقدمها الدولة المصرية للنازحين اليمنيين، من تصاريح عمل حتى يمكنهم مزاولة أشغال مختلفة، والحصول على خدمات المرافق الصحية، بجانب دراسة ابنائهم بالمدارس الحكومية، ومعاملتهم اسوة بالطلاب المصريين من حيث التكاليف، وأشارت إلى ان أول مدرسة يمنية تأسست فى مصر عام 2017، ليزيد عدد المدارس اليمنية التى تستضيفها القاهرة حاليا إلى ثلاث مدارس... وعن طبيعة المهن التى يعملون بها، جاءت المطاعم و المقاهى المملوكة لليمنيين، و يعمل بها شبابهم. تحكى قبول عن شهادة سوزان، وهى شابة من صنعاء تعيش مع والديها وأشقائها الثلاثة منذ خمسة أعوام فى حى فيصل بالجيزة، وتعمل فى بيع البهارات والحناء لإعالة أسرتها. وكيف أن هبوط جائحة « كورونا» على العالم أضر بوظيفة شقيقها بأحد محال الملابس. ومقابل معاناة سوزان، يرصد التقرير قصصا بدأت بالمعاناة وانتهت إلى النجاح ليمنيين خلقوا فرصا للعمل، وذلك كما فى حالة عشرات السيدات اليمنيات اللاتى عملن من داخل المنزل فى إعداد الأغذية وتقديمها للجالية اليمنية وكذلك محبو الطعام اليمنى من المصريين.. فتهانى، امراة مطلقة، جاءت إلى مصر عام 2018 وتعيش مع ابنتيها وشقيقتها. وقد برعت فى صنع المعجنات بالمنزل وبيعها، لتوفير دخل بسيط وصفته بأنه «يساعدها على الاستمرار»، إلى جانب منحة محدودة تحصل عليها من «المفوضية العليا لشئون اللاجئين».. وهناك نماذج نسائية أخرى تمتهن حرفا يدوية مختلفة مثل صياغة المجوهرات، وصنع السلال، والحقائب الصغيرة، وإعداد العطور والبخور. وفيما يتعلق بقطاع الصحة، منح التقرير ملمحا عن الارتباط التاريخى لليمنيين بخدمات الصحة المصرية، فأشار إلى أنه إثر ثورة 26 سبتمبر عام 1962، بدأ اليمنيون يتوجهون صوب مصر لتلقى الرعاية الطبية بوتيرة متزايدة. واستمر هذا التقليد خلال سنوات الحرب الأخيرة، بل زاد عمقا على عمقه. أشبال نادى الجالية اليمنية بالقاهرة اليمنيون فى مصر قبول العبسى