في عالم السياسة لا يوجد صديق دائم ولا عدو دائم؛ بل هي المصالح الدائمة التي تحكم العلاقات المرتبطة بهذا المجال، ولكن للأسف الشديد فإنه مع التدهور الشديد في " الأخلاق " أصبح هذا المفهوم ينطبق أيضًا على العلاقات الإنسانية وتعاملات الناس ببعضهم البعض، فأصدقاء الأمس يصبحون وبقدرة قادر أعداء اليوم. والبركة طبعًا في منصات التواصل الاجتماعي التي تحولت وبشكل مخيف إلى ساحة لنشر الأكاذيب والضحك على الذقون، بل تحولت في غفلة من القيم إلى وسيلة "مفضوحة" لقلب الحقائق فنجد بعض الشخصيات التافهة قد تحولت في غفلة من العقل والمنطق إلى أبطال في نظر الآخرين.. وعلي الرغم من أنهم مجرد أبطال من ورق إلا أن بعضهم يكذبون "الكذبة" ويصدقونها ويطالبون الآخرين بتصديقها أيضًا. هذه "الأكاذيب" التي لا يكون لها وجود على أرض الواقع ولم تتكشف حقيقتها إلا بالصدفة تذكرني بقصة رجلين كانا يبيعان زيتًا يحملانه على حمار ويتجولان به من مكان إلى آخر، وعندما مات الحمار حزن صاحباه حزنًا شديدًا خوفًا من الخسارة الكبيرة التي ستترتب على فقدانه! ولكن فجأة صاح أحدهما لصاحبه وطلب منه أن يكف عن البكاء حيث تفتق ذهنه عن فكرة ربما يجنيان من ورائها مكسبًا كبيرًا، وهي أن يقوما بدفن الحمار ويبنيا عليه قبة ويقولا للناس إنه مزار أحد الصالحين، وينسجا حوله قصصًا وأخبارًا ملفقة تجسد فضائله وكراماته، فيأتي إليهما الناس ويتباركون بالمقام فتنهال عليهما النذور والهدايا. وبالفعل لم تمض بضع ساعات حتى كانت جثة الحمار تحت "القبة"، وبقدرة قادر أصبح بائعا الزيت من وجهاء البلدة من كثرة النذور التي تلقياها من السذج والأغبياء الذين يصدقون كل شيء وأي شيء. وذات يوم أخفى أحدهما عن الآخر مبلغًا من حصيلة تلك النذور مما جعله يشك في ذمته وأخذ يعاتبه على ما فعله، فما كان من الخائن إلا الإنكار وقال لصديقه وهو يشير للقبة "أقسم بكرامة هذا الطاهر" فقاطعه صاحبه ونظر إليه نظرة تهكم وأخذ يوبخه متسائلًا عن أي كرامة وأي طاهر يتحدث، وصرخ في وجهه قائلًا "ماحنا دفنينه سوا".. ومنذ ذلك اليوم صارت القصة مثلًا يردده الناس للسخرية والاستهزاء بمن يكذب الكذبة ويصدقها.