شهد الجنيه المصري في الآونة الأخيرة معدلات هبوط قياسية أمام العملات الأجنبية الرئيسية، حيث وصل سعره أمام الدولار إلي 5.775 جنيه للشراء و5.805 جنيه للبيع رغم أنه بدأ العام الحالي بسعر 47. 5 جنيه. كما تمكن اليورو والين والإسترليني خلال الشهور العشرة الماضية من تحقيق طفرات قياسية على حساب العملة المحلية. الأمر الذي فتح الباب أمام العديد من التساؤلات حول أسباب هذا الهبوط القياسي للجنيه؟. وهل يقف البنك المركزي وراء هذا التخفيض لتشجيع التصدير؟. في البداية، نفى الدكتور حسن عبيد، أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وجود أي علاقة بين التغير الحادث في سعر الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية والأزمة المالية العالمية، موضحًا أن سعر الجنيه يرتبط في المقام الأول بالعرض والطلب بسوق الصرف الأجنبية. مضيفًا: منذ أن اتبعت مصر نظام "التعويم" عام 2002 أصبحت سوق العملات بها حرة تمامًا وغير موجهة إلا في بعض الحالات، كتحديد سعر صرف داخلي للدولار لهيئة السلع التموينية حتى لا ترتفع أسعار وارداتها. وأشار عبيد إلى أن سعر الدولار أو الجنيه المصري بالدولار يرتبط أساسًا بعملية العرض والطلب، علاوة على أن معظم احتياطيات مصر "دولارية" وبالتالي أي انخفاض للدولار أمام العملات الأجنبية الأخرى، يؤدي لتراجع الجنيه المصري أمامها. وحول ما يتردد عن تدخل البنك المركزي لخفض سعر صرف الجنيه لتشجيع التصدير، قال: إن تخفيض أي دولة لعملتها يؤدي لزيادة الصادرات، لكن فى رأيه أن البنك المركزي لم يتدخل لخفض قيمة الجنيه لتحقيق هذا الغرض. أشار إلى أن الإجراء الحقيقي اللازم لاستقرار العملة المحلية يتمثل في زيادة الإنتاج وتنويعه وتخفيض أسعار الفائدة بما يؤدي لحدوث زيادة في الاستثمار المحلي، علاوًة على فرض مزيد من الرقابة، من جانب الحكومة ودور الدولة في توجيه الاستثمارات الأجنبية. ويوافقه فى الرأى الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادى الدولى والأستاذ بالأكاديمية العربية للعلوم المصرفية، حيث أوضح أن الدولار سلعة كأي سلعة أخرى يتحدد سعرها وفقًا لقوى العرض والطلب، فالطلب يزيد حاليا والمعروض كما هو، مما يجعل سعر العملة الأمريكية يرتفع أمام المحلية. نفى عبده وجود علاقة بين انخفاض قيمة الجنيه وما يدعي بحرب العملات، موضحا أن هذا الأمر حدث قبل الأزمة المشتعلة بين الصين والولايات المتحدة بوقت طويل. وفيما يتعلق باحتمالية وجود تدخلات للبنك المركزي لخفض قيمة الجنيه، قال عبده: لا أعتقد أن "المركزي" يتدخل في هذه القضية، وحتى لو تدخل فسيكون التأثير ضعيفا، فتخفيض عدة قروش معدودة لن يحدث نقلة حقيقة في حجم الصادرات، بعكس ما يحدث في أمريكا والصين. وأضاف: قانون "المركزي" ينص على أن العملات بمصر يتحدد سعرها، وفقًا لنظام سعر الصرف الحر، وارتضينا ذلك، وفي بعض الأحيان يرتفع الجنيه وأحيانًا أخرى ينخفض ، لكن هناك حالة أقرب للثبات. أما عمرو طنطاوي، مدير عام بنك "مصر إيران"، فأعرب عن عدم اعتقاده بتدخل البنك المركزي لتخفيض قيمة الجنيه، موضحًا أن "المركزي" ليست لديه أهداف للتدخل في تحديد سعر صرف العملة. أضاف، أن العنصر الذي يتحكم في ارتفاع قيمة العملة أو انخفاضها هو "العرض والطلب"، فالدولار ارتفع مثلاً ووصل إلى 5.78، و5.79 وبعدها انخفض مرة أخرى بسبب هذه الآلية. ونفى طنطاوي أن يكون تعويم الجنيه قد سبب أزمات لسعر الصرف بالسوق المحلية، مؤكدًا أنه ساعد على مواجهة أزمات طالما عانينا منها كالسوق السوداء والمضاربة، كما أوجد كل العملات الصعبة بالسوق المصرية وبأسعار صرف مستقرة، مشيرًا إلى أن الجنيه عندما أصبح عملة حرة ساعد على جذب الاستثمارات وزيادة نسبة التصدير.