إيهاب الطهطاوي تزامنا مع تصريح رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل بأنه لا نية لدى الحكومة لتعويم الجنيه، طرح البنك المركزي آلية جديدة لبيع وشراء الدولار من خلال مزاد، أي بيع الدولار للبنوك من خلال مزاد، وهو ما يعتبر تعويما فعليا للعملة المصرية، وقد تعلمنا في طفولتنا أن أول شروط السباحة هو لبس المايوه لتفادي موجات البحر، فهل أحضر الدكتور هشام قنديل والدكتور فاروق العقدة مايوها للجنيه حتى يقوما بتعويمه؟ والمايوه الذي يحتاجه الجنيه يتمثل في الإجراءات اللازمة لمواجهة موجات الطلب والعرض على العملات الأجنبية. يكفي صدور مثل هذا التصريح لنتأكد من أن الجنيه سوف يتم تعويمه، فهذه هي عادة الحكومات المتتابعة معنا، أزمة ثقة مستمرة يلازمها تخبط في اتخاذ القرارات، وإن كنت أرى أن الجنيه لن يتم تعويمه، بل سيغرق نتيجة للسياسات الاقتصادية المتخبطة وغياب الرؤية الاقتصادية لهذه الحكومة، ويكون الضحية في النهاية جميع المصريين. كانت الحكومة قديما تحدد عدد الوحدات النقدية اللازمة (الجنيه) لصرف عملة أجنبية واحدة (دولار)، وهو ما يسمى في الاقتصاد بسعر صرف العملة، ويكون تدخل الحكومة بهدف الحفاظ على كرامة الجنيه بين باقي العملات، وكذلك استقرار الاقتصاد. وتقوم الحكومة بصرف الدولارات عن طريق البنوك، ولأن السعر في البنك يكون قليلا لأنه سعر الحكومة، تكون الكمية التي يعرضها البنك أيضا قليلة حتى لا يخسر الكثير، وهو ما يؤدي إلى ظهور السوق السوادء، وهي ليست سوقا بالمعنى الدارج. فإذا أردت شراء دولارات ومش لاقي في البنك ووجدت حد عايز يغيّر دولارات لجنيهات مصري، يقوم بالاتفاق معك على سعر الدولار، يعني كام جنيه لازم لشراء دولار واحد، وطبعا بيكون أغلى من سعر البنك لأن فيه أزمة في المعروض من الدولار، وطبعا لما يكون واحد بيبيع الدولار بسعر عالي تجد الجميع باع بسعر أعلى عشان المكسب يبقى أكبر، ونصل في النهاية لوجود سعرين في السوق، السعر الأول خاص بالحكومة وهو ما يمثل سعر الصرف الرسمي أو الاسمي، والثاني الذي يحدده سعر السوق السوداء ويمثل سعر الصرف الحقيقي. ومن المعروف أنه كلما كان الاقتصاد قويا كان سعر صرف العملة كبيرا، لزيادة الطلب عليها، بمعنى لو أراد مستورد استيراد سلع من دول الاتحاد الأوروبي لازم يكون معاك يورو، ولأن الطلب على اليورو كبير نجد أن سعر صرف اليورو مقابل الجنيه أيضا كبير، ولكن الاقتصاد الضعيف كالاقتصاد المصري تسعى الحكومة فيه إلى تثبيت سعر صرف العملة للحفاظ على مستوى الأسعار بالسوق المحلية. السؤال: ماذا يحدث إذا زاد سعر صرف الدولار مقابل الجنيه؟ النتيجة تكون تأثر الواردات بصورة ملحوظة جدا، يعني لو ارتفع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه قرش صاغ واحد، مع تاجر بيستورد بضاعة بملايين، القرش ده هيطلع في النهاية مبلغ كبير، وده هيدفع التاجر إنه يرفع سعر السلعة في السوق المحلية لأنه استوردها بسعر صرف عالي، ولما كانت الحكومة أيضا تستورد بعض المنتجات من الخارج وخصوصا المنتجات البترولية، فإن ذلك سوف يؤدي إلى زيادة العجز في الموازنة العامة للدولة، ويكون لهذا القرش الذي زاد في سعر صرف الدولار أثر يقدّر بالملايين في الميزان التجاري، أي نسبة الواردات إلى نسبة الصادرات. وهنا تلجأ الحكومة إلى ما يسمى بتعويم العملة، أي يتم ترك تحديد سعر صرف العملة بناء على العرض والطلب في السوق، فإذا كان الطلب على العملة كبيرا يزداد سعر صرفها، وإذا كان الطلب ضعيفا يقل سعر صرفها. ونلاحظ أن سعر صرف الدولار مقابل الجنيه وصل في الأيام الحالية إلى مستوى قياسي لم يصله منذ عشر سنوات، وفقد الجنيه الكثير من وزنه، وهو ما دفع البنك المركزي المصري إلى وضع آلية جديدة لبيع وشراء الدولار من خلال مزاد، فيما يعتبر تعويما غير رسمي للعملة، ونتيجة لضعف أداء الاقتصاد فإن تعويم الجنيه في ظل ضعف الطلب عليه سوف يؤدي إلى غرق وانهيار الجنيه أمام العملات الأخرى. ومن الملاحظ أن سياسات البنك المركزي الجديدة من شأنها أن تؤدي إلى نفس المصير الذي قادته حكومة الدكتور عاطف عبيد، حيث تجرّع الشعب المصري مرارة تعويم الجنيه لأول مرة عام 2003، إلا أنه ما زال أمامنا فرصة أخيرة لإنقاذ الاقتصاد من هذا المصير الذي أصبح محتوما، متمثلا في زيادة العملة الصعبة من خلال زيادة الصادرات وتنشيط السياحة وزيادة تحويلات المصريين من الخارج، وجذب تدفقات مالية خارجية واستثمارات أجنبية، وهذا لن يتحقق إلا من خلال الاستعادة السريعة للأمن والاستقرار السياسي.
جبت المايوه يا دكتور؟! الكاتب: إيهاب الطهطاوي تزامنا مع تصريح رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل بأنه لا نية لدى الحكومة لتعويم الجنيه، طرح البنك المركزي آلية جديدة لبيع وشراء الدولار من خلال مزاد، أي بيع الدولار للبنوك من خلال مزاد، وهو ما يعتبر تعويما فعليا للعملة المصرية، وقد تعلمنا في طفولتنا أن أول شروط السباحة هو لبس المايوه لتفادي موجات البحر، فهل أحضر الدكتور هشام قنديل والدكتور فاروق العقدة مايوها للجنيه حتى يقوما بتعويمه؟
والمايوه الذي يحتاجه الجنيه يتمثل في الإجراءات اللازمة لمواجهة موجات الطلب والعرض على العملات الأجنبية.
يكفي صدور مثل هذا التصريح لنتأكد من أن الجنيه سوف يتم تعويمه، فهذه هي عادة الحكومات المتتابعة معنا، أزمة ثقة مستمرة يلازمها تخبط في اتخاذ القرارات، وإن كنت أرى أن الجنيه لن يتم تعويمه، بل سيغرق نتيجة للسياسات الاقتصادية المتخبطة وغياب الرؤية الاقتصادية لهذه الحكومة، ويكون الضحية في النهاية جميع المصريين.
كانت الحكومة قديما تحدد عدد الوحدات النقدية اللازمة (الجنيه) لصرف عملة أجنبية واحدة (دولار)، وهو ما يسمى في الاقتصاد بسعر صرف العملة، ويكون تدخل الحكومة بهدف الحفاظ على كرامة الجنيه بين باقي العملات، وكذلك استقرار الاقتصاد.
وتقوم الحكومة بصرف الدولارات عن طريق البنوك، ولأن السعر في البنك يكون قليلا لأنه سعر الحكومة، تكون الكمية التي يعرضها البنك أيضا قليلة حتى لا يخسر الكثير، وهو ما يؤدي إلى ظهور السوق السوادء، وهي ليست سوقا بالمعنى الدارج.
فإذا أردت شراء دولارات ومش لاقي في البنك ووجدت حد عايز يغيّر دولارات لجنيهات مصري، يقوم بالاتفاق معك على سعر الدولار، يعني كام جنيه لازم لشراء دولار واحد، وطبعا بيكون أغلى من سعر البنك لأن فيه أزمة في المعروض من الدولار، وطبعا لما يكون واحد بيبيع الدولار بسعر عالي تجد الجميع باع بسعر أعلى عشان المكسب يبقى أكبر، ونصل في النهاية لوجود سعرين في السوق، السعر الأول خاص بالحكومة وهو ما يمثل سعر الصرف الرسمي أو الاسمي، والثاني الذي يحدده سعر السوق السوداء ويمثل سعر الصرف الحقيقي.
ومن المعروف أنه كلما كان الاقتصاد قويا كان سعر صرف العملة كبيرا، لزيادة الطلب عليها، بمعنى لو أراد مستورد استيراد سلع من دول الاتحاد الأوروبي لازم يكون معاك يورو، ولأن الطلب على اليورو كبير نجد أن سعر صرف اليورو مقابل الجنيه أيضا كبير، ولكن الاقتصاد الضعيف كالاقتصاد المصري تسعى الحكومة فيه إلى تثبيت سعر صرف العملة للحفاظ على مستوى الأسعار بالسوق المحلية.
السؤال: ماذا يحدث إذا زاد سعر صرف الدولار مقابل الجنيه؟ النتيجة تكون تأثر الواردات بصورة ملحوظة جدا، يعني لو ارتفع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه قرش صاغ واحد، مع تاجر بيستورد بضاعة بملايين، القرش ده هيطلع في النهاية مبلغ كبير، وده هيدفع التاجر إنه يرفع سعر السلعة في السوق المحلية لأنه استوردها بسعر صرف عالي، ولما كانت الحكومة أيضا تستورد بعض المنتجات من الخارج وخصوصا المنتجات البترولية، فإن ذلك سوف يؤدي إلى زيادة العجز في الموازنة العامة للدولة، ويكون لهذا القرش الذي زاد في سعر صرف الدولار أثر يقدّر بالملايين في الميزان التجاري، أي نسبة الواردات إلى نسبة الصادرات.
وهنا تلجأ الحكومة إلى ما يسمى بتعويم العملة، أي يتم ترك تحديد سعر صرف العملة بناء على العرض والطلب في السوق، فإذا كان الطلب على العملة كبيرا يزداد سعر صرفها، وإذا كان الطلب ضعيفا يقل سعر صرفها.
ونلاحظ أن سعر صرف الدولار مقابل الجنيه وصل في الأيام الحالية إلى مستوى قياسي لم يصله منذ عشر سنوات، وفقد الجنيه الكثير من وزنه، وهو ما دفع البنك المركزي المصري إلى وضع آلية جديدة لبيع وشراء الدولار من خلال مزاد، فيما يعتبر تعويما غير رسمي للعملة، ونتيجة لضعف أداء الاقتصاد فإن تعويم الجنيه في ظل ضعف الطلب عليه سوف يؤدي إلى غرق وانهيار الجنيه أمام العملات الأخرى.
ومن الملاحظ أن سياسات البنك المركزي الجديدة من شأنها أن تؤدي إلى نفس المصير الذي قادته حكومة الدكتور عاطف عبيد، حيث تجرّع الشعب المصري مرارة تعويم الجنيه لأول مرة عام 2003، إلا أنه ما زال أمامنا فرصة أخيرة لإنقاذ الاقتصاد من هذا المصير الذي أصبح محتوما، متمثلا في زيادة العملة الصعبة من خلال زيادة الصادرات وتنشيط السياحة وزيادة تحويلات المصريين من الخارج، وجذب تدفقات مالية خارجية واستثمارات أجنبية، وهذا لن يتحقق إلا من خلال الاستعادة السريعة للأمن والاستقرار السياسي.