مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية الجزائرية المقررة في العاشر من مايو المقبل، وسط رهانات كبيرة لتشكيل برلمان التغيير كما بات يطلق عليه في الوسط الإعلامي الجزائري، لا تزال الجزائر تشهد موجة من الجدل السياسي تدرس سبل إنجاح المسعى لانتخابي المقبل، وفي هذا الشأن نظمت الجزائر ملتقى دولي بعنوان "مراقبة نزاهة الانتخابات والمقاييس الدولية والتجارب العربية"، تناول التجربة المصرية في مجال مراقبة الانتخابات التشريعية باعتبارها واحدة من أهم دول الربيع العربي التي اجتازت خطوة تشكيل برلمان ما بعد الثورة. حضر اللقاء قيادات من الأحزاب السياسية الجزائرية المشاركة في الانتخابات القادمة، ونخب من الخبراء والسياسيين والأكاديميين ومكونات المجتمع المدني الجزائري، الذين أكدوا على أهمية نموذج الانتخابات البرلمانية المصرية الأخيرة، كخيار كفيل بتحقيق أعلى مستوى لنزاهة الانتخابات، التي ستتم لأول مرة في الجزائر تحت رقابة المنظمات الدولية والأوروبية، وهو ما يجعل رجال الساسة الجزائرية منشغلين هذه الأيام بدراسة التجربة المصرية والتونسية التي حضرت فيها المنظمات الأوروبية كهيئة رقابية على الانتخابات، وإن كان الرهان الذي لا يزال يزعج النظام الجزائري هو مدى استجابة المواطنين لنداء الصندوق، وهو المخاوف التي سخرت لها ميكانيزامات وآليات تنظيمه تشبه التجربة المصرية الأخيرة التي سجلت إقبال كبير من المواطنين. وعن المشاركة المصرية وأهمية تسليط الملتقى الضوء على التجربة المصرية، قال نور الدين بن براهم رئيس منظمة رايتس للديمقراطية، الذي أشرف على تنظيم الملتقى "التجربة المصرية والتونسية توقف عند نقاط إيجابية متعددة، وهوما يجعلنا بحق بحاجة للاستفادة من التجربتين، فالمد والتجاذب في الخبرات العربية أمر مهم في تطويرات المهارات، لمعرفة أبرز مقاييس نزاهة الانتخابات ودور المراقبين الدوليين والآليات والتشريعات الدولية التي تنظم الانتخابات". من جانبه، قام الدكتور حازم محمد منير، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان ورئيس وحدة الانتخابات بالمجلس، وضيف شرف المتلقي بتسليط الضوء على دور العدالة والإعلام ورجال السياسية في ضمان نزاهة الانتخابات، وأوضح منير أن مصر استطاعت أن تجتاز اختبار الانتخابات البرلمانية بشكل آمن، دون وقوع ضحايا ومواجهات كما كان يحدث في الانتخابات السابقة في عهد الرئيس السابق مبارك. وأشار الدكتور حازم، الذي أكد أنه أشرف على جميع مراحل الانتخابات المصرية أن التحدي المصري كان كبير جدًا لدرجة أن كثير من الأطياف السياسية، كانت تدعو إلى عدم القيام بالانتخابات خشية وقوع "حمام دم" على حد وصفه. وأضاف: "الظروف التي تم إجراء الانتخابات المصرية فيها كنت صعبة جدا، لكنها نجحت في تحقيق السلامة وهذا أمر مهم جدا". ولم ينكر الدكتور حازم أن الانتخابات المصرية سجلت تجاوزات، لكنه أكد أن النتائج بشكل عام إيجابية برغم التجاوزات التي قال عنها " كان أعلى معدل من التجاوزات في مصر هو استخدام الشعارات الدينية وتجاوز المرشحين للمعدل القانوني للإنفاق"، وأوضح أن الخلل في هذا الصدد يعود إلى النصوص القانونية التي لم تكن مضبوطة بكيفية تحقق العقاب، مؤكدًا أن جميع المنظمات التي راقبت الانتخابات المصرية كانت راضية على النتائج. كما عرج الملتقى بالمقارنة والتحليل على التجربة الانتخابية التونسية، من خلال مشاركة الدكتور رضوان مصمودي رئيس مركز دراسات الإسلام والديمقراطية بتونس، الذي أكد أن نجاح التجربتين المصرية والتونسية يعود إلى حيادية الجيش والشرطة، كما قال "الجيش والشرطة كان لهما دور حماية العملية الانتخابية فقط"، وأضاف الدكتور التونسي أن القوانين التنظيمية الجديدة ونظام المراقبة الذين اعتمدته مصر وتونس أعطى مساحة كبيرة جدا من الشفافية لم تكن لتحقق، لولا إشراك جميع الكفاءات الوطنية والمراقبين المدنيين في العملية الانتخابية. وتعتقد الأحزاب الجزائرية التي يزيد عددها عن 35 حزب، منها الجديدة والقديمة بأهمية أن تأخذ الجزائر المقبلة على الانتخابات بالتجربة المصرية والتونسية، كما يؤكد غانمي سيدي علي المسئول بحركة الانفتاح الجزائرية " الجزائر اليوم بحاجة إلى ضرورة الاستفادة من التجربة الانتخابية المصرية والتونسية، فهي الأقرب إلى العقل والشخصية الجزائرية". وأضاف "التجربتين وبرغم أن فيهما سلبيات، إلا ما تتمتع به من إيجابية أكثر بكثير من السلبية، وهو ما يدفعنا نحن في حركة الانفتاح إلى التأكيد على ضرورة الأخذ بهما نموذج في الانتخابات الجزائرية القادمة". من جهته، لفت قاسي عيسى القيادي بحزب جبهة التحرير الجزائرية الى أن التجربتين التونسية والمصرية، فرصة لنقاش النوايا في الجزائر ودراسة الأسلوب الأكثر تلاؤم مع الشارع الجزائري، مشددًا على ضرورة أن تكون الانتخابات الجزائرية المقبلة فرصة لعودة سلطة القانون في الجزائر، ويمتد جدل نزاهة الانتخابات الجزائرية المقبلة بمستوى التجربة المصرية والتونسية الأحزاب الجزائريةالجديدة، قيد التأسيس كما هو شأن طواهرية يوسف زعيم حزب جبهة التغيير الجزائري، قيد التأسيس الذي شدد على ضرورة أن تسلك الجزائر فرصة التغيير السلمي من خلال الانتخابات القادمة، فمن وجهة نظره فالجزائر ليست في معزل عن الربيع العربي وعليها الأخذ بالتجربة المصرية والتونسية في الانتخابات حتى تحقيق برلمان حقيقي. ووسط حالة الريبة بخصوص نسبة المشاركة المتوقعة في الانتخابات الجزائرية القادمة، مع وجود توقعات بارتفاع مؤشرات عزوف الناخب الجزائرى عن التوجه لصناديق الاقتراع، رغم إنها تعد محطة مهمة في المسيرة السياسية الجزائرية، فقد حرصت السلطات الجزائرية على توفير جميع الضمانات الكفيلة بتحقيقه أعلى مستوى من الإقبال وكسر حاجز الخوف من تزوير الانتخابات، وإعادة سيناريو الجزائر 1990 الذي كان شرارة حرب أهلية جزائرية بسبب تزوير النتائج، حيث قدمت الجزائر أعلى مستوى من الضمانات من خلال تحديث نظام الرقابة على صناديق الاقتراع والسماح للمنظمات الدولية، من الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والإتحاد الأفريقي وحتى الولاياتالمتحدة من مراقبة الانتخابات لضمان الشفافية. كما أن عبد العزيز بوتفليقة الرئيس الجزائري، أعطى الضوء الأخضر لعدد كبير من الأحزاب السياسية الجديدة للمشاركة في الانتخابات المقبلة ضمن خطة الإصلاح السياسي الكبيرة التي أسالت لعاب جميع التيارات السياسية التي حظيت بفرصة تشكيل أحزاب رسمية معتمدة تمكنها من الدخول إلى سباق الانتخابات بشكل رسمي وتنظيمي.