خلال شهر رمضان، طاردت المشاهدين إعلانات التبرعات التي تقوم بها المؤسسات والجمعيات الخيرية والمنظمات ومستشفيات خاصة وحكومية، فلم تخل أي قناة فضائية مصرية، من إعلان للتبرّع إليها من خلال أرقام حسابات في البنوك المصرية، حتى بلغت هذه الإعلانات أكثر من 50 % من إعلانات الفضائيات. وبعد شهر رمضان، أعلن هشام عكاشة، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري، أن إجمالي التبرعات لدى البنك خلال شهر رمضان بلغ 417 مليون جنيه، من عملاء البنك والمواطنين، وإذا أضفنا له المبالغ التي أودعت في البنوك الأخرى، ولم يتم الإعلان عنها، فلا أقل من أن يكون هذا الرقم هو ربع ما تم التبرع به خلال الشهر الكريم. ولأن الأرقام عندنا غائبة، والشفافية مفقودة، فقد قدر البعض قيمة إعلانات التبرعات التي طاردت المشاهد خلال الشهر الكريم، بنحو 55 مليون جنيه، في حين بالغ البعض بأنها قد تصل إلى 250 مليون جنيه، فهل تملك تلك الجهات من الشجاعة والشفافية الإعلان عن حجم ما أنفقته على الإعلانات، فقد نجد أن جهة ما قد أنفقت على الإعلانات ما يوازي ما جمعته من تبرعات، وكأن المواطن تبرع بأمواله للقنوات الفضائية لا للمستشفيات وأوجه الخير الأخرى. ومن المعروف أن الإعلانات في وسائل الإعلام ذات تكلفة مرتفعة، وتكرارها مرات في اليوم الواحد يكلفها الملايين من الجنيهات، فلو أنفقت هذه الجمعيات ميزانية الحملات الإعلانية على الفقراء والمرضى، فربما يكون ذلك أفضل بكثير. الشىء الثانى إن من حق كل متبرع، سواء بزكاة ماله أو صدقات، أن يعرف أين تذهب هذه الأموال، فهل تعلن هذه الجهات عن حجم التبرعات التي حصلت عليها خلال شهر رمضان؟ وأين ستذهب أموال هذه التبرعات، وما هي أوجه إنفاقها؟ هل في إنشاءات جديدة، أم لشراء أجهزة طبية، أم أدوية، أم ستضاف إلى ميزانية المستشفى مثلًا؛ خاصة في المستشفيات الحكومية؟ وهل هناك قانون للرقابة على هذه الأموال؟ لقد عقد بنك الطعام المصري مؤتمرًا صحفيًا، عبر عن شكره للمساهمين في إنجاح حملة إطعام الفقراء والمحتاجين خلال شهر رمضان؛ من خلال توزيع صناديق الخير في مختلف محافظات الجمهورية، بعد التعاون مع العديد من المؤسسات الخيرية؛ حيث قام بتوزيع نحو 15 مليون وجبة شهرية، وبرغم أنه لم يجب عن السؤالين المطروحين: حجم الإنفاق الإعلاني، وحجم التبرعات التي تلقاها، فإنه مشكور لأن المسئولين عنه فكروا في طرح حجم ما قدمه من وجبات للفقراء، والتي نتمنى أن تستمر في رمضان وغير رمضان. ومازلنا ننتظر من بقية الجهات الأخرى: مستشفيات ومؤسسات خيرية، أن تتحلى بالشفافية، وتعلن حجم الأموال التي أنفقتها وما جمعتها، وما هي أوجه إنفاقها.