تحقيق : محمود جلالة حلمى الشرقاوى - تباينت آراء الخبراء حول جدوى مبادرة «مشروعك» التى اطلقتها الحكومة عبر بنوك الاهلى ومصر والتنمية والائتمان الزراعى وناصر الاجتماعى لاقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال ضخ 3 مليارات جنيه وبدأت اولى ملامحها مع الاسبوع قبل الماضى فى محافظات الوجه القبلى والمحافظات الحدودية فى المرحلة الاولى، ومحافظات الوجه البحرى فى المرحلة الثانية التى بدأت الاسبوع الماضى.وقال خبراء: ان البنوك هى الاقدر على انجاح مثل هذه المبادرات بما تمتلكه من قواعد وانضباط وانتشار جغرافى يؤهلها للوصول للعملاء فى ابعد المحافظات الجغرافية.فى حين اعترض آخرون على ذلك، معتبرين الصندوق الاجتماعى والجمعيات الاهلية هى الانسب لهذا الغرض لانخفاض العائد على الاقراض لديها الذى لا يتجاوز ٪ 6 لدى الصندوق الاجتماعى الى جانب تميز الجمعيات الاهلية بثقافة الاقراض المتناهى الصغر الذى يبدأ من 1000 جنيه وهو ما لا يمكن ان تقوم به البنوك. دور البنوك فى التمويل يقول نبيل الحكيم المستشار السابق لبنك بيريوس إن البنوك بمقدورها إنجاح مبادرة إقراض المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر من خلال تيسير إجراءات الحصول على القروض، ووجود دراسات جدوى حقيقية من أجل ضمان نجاح المشروعات. موضحا أن التمويل سيكون عن طريق البنوك لا البنك المركزى الذى لا يستطيع أن يلزم البنوك بفائدة معينة فكل بنك يدرس محفظته ويحدد سعر الفائدة المناسب. كما أن إتاحة القروض عن طريق البنوك أفضل من الجمعيات الأهلية لما تتميز به البنوك من الانضباط. مشيرا إلى أنه لا يمكن إغفال الدور الذى يمكن أن يلعبه الصندوق الاجتماعى الذى يقوم بالفعل بتمويل المشروعات الصغيرة. ويطالب بضرورة تخفيض نسبة الفائدة التى تصل إلى 12 ٪ لتشجيع المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر. وتختلف معه بسنت فهمى الخبيرة المصرفية التى ترى أن سعر الفائدة 12 ٪ لا يمثل أى عائق أمام نجاح المبادرة حتى لو كانت الفائدة 20٪، معللة ذلك بأن المشروعات الصغيرة تحقق مكاسب كثيرة لأن تكلفتها قليلة. وتستدرك أن أى مبادرة لإقراض المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر لن يكتب لها النجاح بدون وجود بنك متخصص، وأن البنك المركزى لا يمكنه القيام بهذا الدور، مستشهدة بتصريح رئيس البنك المركزى بشأن عدم تمويل البنك المركزى للمشروعات الاستثمارية الأجنبية فى مصر وأن المستثمرين عليهم أن يحضروا التمويل معهم. مؤكدة أن الجمعيات الأهلية أكفأ فى هذا الموضوع من البنوك التجارية. ويوضح طارق حلمى العضو المنتدب للمصرف المتحد سابقا أنه توجد ثلاثة عناصر ضرورية لنجاح المشروعات أهمها انتشار البنوك جغرافيا، وأن أقدر بنك يقوم بذلك هو بنك التنمية والائتمان الزراعى لانتشاره الجغرافى بعدد فروع يبلغ 1200 فرع منتشرة فى المراكز والقرى والنجوع، مما يمكنه من الوصول إلى الجميع وأن يشمل دوره بجانب الإقراض القيام بمتابعة المشروعات لأن الصورة تكون واضحة أمامه. ويضيف أن العنصر الثانى هو وجود كوادر بشرية كافية حتى تصل إلى هذا العدد الكبير المستهدف الذى قد يصل إلى 10 آلاف مقترض، يحتاجون إلى كوادر بشرية تقوم بإجراءات الإقراض اللازمة. إدارة قانونية قوية والعنصر الأخير هو وجود إدارة قانونية قوية تتابع الإجراءات والعملاء، وهى عناصر يجب أن تكون متوافرة فى أى بنك يقدم القروض. مضيفا أنه كان يفضل بجانب البنوك أن يكون هناك دور للصندوق الاجتماعى لإقراض المشروعات الصغيرة، لأن هذا الدور هو دوره الأساسى، متعجبا من أن الصندوق يقرض البنوك بفائدة قد تصل إلى 6٪ ثم تعيد البنوك إقراض تلك المبالغ للعملاء مقابل رفع الفائدة، خاصة أن الصندوق الاجتماعى يرأسه رئيس مجلس الوزراء وأغلب أمواله معونات وقروضه ميسرة لذا فدخوله فى المبادرة يمكن أن يسهم فى تخفيض الفائدة إلى 3٪. والمهم هو تسويق القروض والاهتمام بالمقترضين وإعطاؤهم المشورة الاقتصادية والتسويقية. لافتا إلى أن نسبة الفائدة التى تبلغ 12 ٪ كبيرة وعقبة أمام المبادرة لذا كان من الممكن أن يقوم الصندوق الاجتماعى بهذا الدور بفائدة أقل. مشيرا إلى أن البنك المركزى ليس جهة إقراض، وأن الجمعيات التعاونية لديها القدرة على القيام بتقديم القروض ولكن بشرط إشراف البنوك عليها لأنه أحيانا تكون بها مجاملات. أخطاء سابقة ومن جانبه اكد علاء الدين فاروق الخبير المصرفى ان المشروع الجديد تلافى اخطاء سابقة تتمثل فى عدم وجود تسويق لمنتجات المشروعات الصغيرة والمتوسطة الى جانب النقص الواضح فى دراسات الجدوى الخاصة بهذه المشروعات. وتابع: الفائدة ليست مرتفعة فالتمويل ليس العقبة الاكبر فى طريق المشروعات الصغيرة والمتوسطة بقدر ما تواجه من صعوبات بالجملة فى النفاذ الى الاسواق والمتابعة. واشار الى ان «مشروعك» يعتمد على تمويل متدرج للمشروعات ولكن يجب على الحكومة ان تساهم فى حل باقى الأزمات الاخرى التى تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة بدءا من المحليات والتراخيص والبيروقراطية التى تعيقها مرورا بالمتابعة والتوجيه الذى تفتقد التجارب السابقة له. ومن جانبه اكد فؤاد ثابت رئيس اتحاد جمعيات التنمية الاقتصادية ان البنوك ليست الجهة المناسبة لاقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة وذلك نتيجة عدم وجود ثقافة التعامل مع صغار المقترضين لديها كذلك لارتفاع العائد على الاقراض. واشار الى ان الجمعيات الاهلية تستطيع ان تقوم بدور اكبر فى تمويل هذه المشروعات وذلك لانها تعتمد على طرق مبسطة فى منح الائتمان تبدأ من 500 او 1000 جنيه وهو الامر الذى لا يمكن ان يقوم به البنك. واشار الى ان قرب الجمعيات الاهلية من العملاء فى الاقاليم وتقارب الثقافة يجعل حصول العملاء على قرض من جمعية اهلية ايسر بكثير من اللجوء الى موظف بنك قد لا يستطيع التواصل او التفاهم مع المواطن او العميل الذى يطلب القرض.