افتتاح مؤتمر الواعظات بالأكاديمية الدولية    اللحوم «للخلف در»| تراجع الأسعار في الفيوم إلى 250 جنيهًا للكيلو    تعاون بين وزارة الاتصالات وشركة "إكسيد"    تقرير عبري يعترف بإطلاق 70 صاروخا على إسرائيل في يوم واحد    الجيش الروسي يعلن السيطرة على قرية أوشيريتين الأوكرانية بشكل كامل    انطلاق مباراة الزمالك أمام سموحة في الدوري    المعمل الجنائي يعاين حريقا أسفر عن إصابة عامل ونجلته بمنشأة القناطر    حورية فرغلي: «تقدر تغير شكلك بس صعب تغير قلبك وروحك» | فيديو    فسيخ ورنجة    وفاء الحكيم: وجود الفنانة سميحة أيوب في عرض مسرحية ودارت الأيام اختبار كبيرة (فيديو)    انطلاق منتدى تكوين الفكر العربي الأول تحت ظلال الأهرامات    صحة الإسكندرية: انتشار الفرق الطبية بمحيط كنائس المحافظة    العمل: «سلامتك تهمنا» لنشر ثقافة السلامة والصحة المهنية فى المنشآت الحكومية بالمنيا    44 سؤالًا.. تفاصيل ورقة امتحان اللغة العربية ل الثانوية العامة 2024    تكثيف أمني لكشف ملابسات العثور على جثة شاب في ظروف غامضة بقنا    «الصناعات الهندسية» تبحث تعميق صناعات الكراكات بمصر    مراسلة «القاهرة الإخبارية»: بن غفير يطالب نتنياهو باقتحام فوري لرفح الفلسطينية    الخارجية الفلسطينية تدين قيود الاحتلال على كنيسة القيامة والاعتداء على مسيحيي القدس    «معلومات الوزراء»: مصر تحرز تقدما كبيرا في السياحة العلاجية    أمينة الفتوى: الرسول كان يعبر عن حبه للسيدة خديجة بقوله «إني رزقت حبها»    انطلاق مباراة ليفربول وتوتنهام.. محمد صلاح يقود الريدز    "صحة المنوفية" تتابع انتظام العمل وانتشار الفرق الطبية لتأمين الكنائس    «حافظا على صحتك».. تحذيرات من شرب الشاي والقهوة بعد تناول الفسيخ والرنجة    الآن.. طريقة الاستعلام عن معاش تكافل وكرامة لشهر مايو 2024    انتشال أشلاء شهداء من تحت أنقاض منزل دمّره الاحتلال في دير الغصون بطولكرم    الأهلي يبحث عن فوز غائب ضد الهلال في الدوري السعودي    فى لفتة إنسانية.. الداخلية تستجيب لالتماس سيدة مسنة باستخراج بطاقة الرقم القومى الخاصة بها وتسليمها لها بمنزلها    وزير الرياضة يتفقد مبنى مجلس مدينة شرم الشيخ الجديد    التخطيط: 6.5 مليار جنيه استثمارات عامة بمحافظة الإسماعيلية خلال العام المالي الجاري    ندوتان لنشر ثقافة السلامة والصحة المهنية بمنشآت أسوان    تقرير: ميناء أكتوبر يسهل حركة الواردات والصادرات بين الموانئ البرية والبحرية في مصر    الحكومة الإسرائيلية تقرر وقف عمل شبكة قنوات الجزيرة    5 مستشفيات حكومية للشراكة مع القطاع الخاص.. لماذا الجدل؟    طوارئ بمستشفيات بنها الجامعية في عيد القيامة وشم النسيم    في إجازة شم النسيم.. مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة بالغربية    موعد استطلاع هلال ذي القعدة و إجازة عيد الأضحى 2024    بين القبيلة والدولة الوطنية    كنائس الإسكندرية تستقبل المهنئين بعيد القيامة المجيد    "خطة النواب": مصر استعادت ثقة مؤسسات التقييم الأجنبية بعد التحركات الأخيرة لدعم الاقتصاد    لاعب فاركو يجري جراحة الرباط الصليبي    بالتزامن مع ذكرى وفاته.. محطات في حياة الطبلاوي    جناح مصر بمعرض أبو ظبي يناقش مصير الصحافة في ظل تحديات العالم الرقمي    الليلة.. أمسية " زيارة إلى قاهرة نجيب محفوظ.. بين الروائي والتسجيلي" بمركز الإبداع    ميسي وسواريز يكتبان التاريخ مع إنتر ميامي بفوز كاسح    الإفتاء: كثرة الحلف في البيع والشراء منهي عنها شرعًا    دعاء تثبيت الحمل وحفظ الجنين .. لكل حامل ردديه يجبر الله بخاطرك    «شباب المصريين بالخارج» مهنئًا الأقباط: سنظل نسيجًا واحدًا صامدًا في وجه أعداء الوطن    استشهاد ثلاثة مدنيين وإصابة آخرين في غارة إسرائيلية على بلدة ميس الجبل جنوب لبنان    الصحة الفلسطينية: الاحتلال ارتكب 3 مج.ازر في غزة راح ضحيتها 29 شهيدا    البابا تواضروس: فيلم السرب يسجل صفحة مهمة في تاريخ مصر    تكريم المتميزين من فريق التمريض بصحة قنا    اليوم.. انطلاق مؤتمر الواعظات بأكاديمية الأوقاف    السيطرة على حريق شقة سكنية في منطقة أوسيم    مختار مختار يطالب بإراحة نجوم الأهلي قبل مواجهة الترجي    اليوم.. أحمد سعد يُحيي آخر جولاته الغنائية في أمريكا.. تفاصيل    مختار مختار: عودة متولي تمثل إضافة قوية للأهلي    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدرس الفرنسى
نشر في الأهرام الاقتصادي يوم 30 - 04 - 2017

جمعية رجال الأعمال الفرنسية «الباتروناه» واحدة من أهم جماعات الضغط فى العالم وتضم فى عضويتها ممثلى 40 شركة عملاقة تقدم نحو 90% من الناتج المحلى الفرنسى، هذه الجمعية أعلنت مبكرا دعمها للمرشح اليسارى فى الانتخابات الرئاسية إيمانويل ماكرون، وفى الوقت نفسه يقف أعضاء «الباتروناه» بصلابة ضد مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان ذات النزعة القومية.
تأييد مجتمع الأعمال الفرنسى يوفر دعما حاسما لماكرون الذى تلتف حوله الآن غالبية القوى السياسية التقليدية فى فرنسا فضلا عن ملايين الفرنسيين من أصول أجنبية ليصبح مرجحا إلى حد بعيد انتصاره فى الجولة الثانية من الانتخابات المقرر إجراؤها الأحد المقبل.
فوز إيمانويل برئاسة فرنسا له أبعاد كثيرة داخل البلاد وخارجها وهو يثبت ضمن ما يثبت أن أوروبا ليست أمريكا، ولكن ما يهمنا هنا هو علاقة هذه النتيجة بالصراع الدائر بين مؤيدى العولمة ومناهضيها وهو الصراع الذى تتصارع وتيرته بصورة مزعجة ولا سيما فى الغرب، كما أن فوز ماكرون يدشن لمرحلة اليسار الجديد التى تجتاح أوروبا وأمريكا جنبا إلى جنب مع صعود التيارات القومية.
ماكرون حرص طول الوقت على التأكيد أنه ليس يساريا وهو كذلك ليس يمينى النزعة، غير أن عمله مستشارا للرئيس الاشتراكى فرانسوا أولاند ووزيرا فى حكومته يكشف توجهاته السياسية، فمن غير المنطقى أن يعهد الاشتراكيون لمسئول يخالفهم فى التوجه بحقيبة الاقتصاد.
ومع ذلك فإن الرجل لا يزال صادقا فى شعاره، فهو لا يمكن أن يحسب على اليسار التقليدى بأفكاره المعروفة فى الاقتصاد التى تعتمد على زيادة الضرائب على الدخل وأرباح الشركات والسماح بقدر أكبر فى عجز الموازنة العامة لتمويل المزايا الاجتماعية وتوظيف المواطنين فى الحكومة، والتضييق على الشركات العاملة فى مفاوضاتها على حقوق العمال، وغير ذلك من بنود الأجندة المعروفة للأحزاب ذات النزعة الاشتراكية فى الدول الغربية التى أدت ضمن أمور أخرى لأزمة تفاقم الدين العام التى تعانى منها معظم الدول الغربية حاليا.
إيمانويل ماكرون يمكن أن يكون إذن ناتج مخاض صراعات فكرية تدور فى الغرب وفى فرنسا بصفة خاصة تتمحور حول ما يسمى بمحنة اليسار أو البحث عن يسار جديد يلائم العصر وتطوراته بعد أن أصبحت نظرية كارل ماركس والمجددين اليساريين فى السبعينيات بالية وغير قادرة على التعامل مع متغيرات العصر المتسارعة، وبالتالى انصراف الناس عنها إلى الحد الذى منى فيه المرشح الرسمى للحزب الاشتراكى بهزيمة مهينة حيث تذيل قائمة مرشحى الرئاسة بنسبة لا تتجاوز 6.5 % من أصوات الناخبين.
برنى ساندرز منافس هيلارى كلينتون فى الانتخابات التمهيدية الأمريكية وجيرمى كوربنز زعيم حزب العمال البريطانى، وألكسيس تسيبراس رئيس حزب سيريزا اليسارى ورئيس وزراء اليونان، ورجال حزب بودوميوس قادرون فى أسبانيا ، إضافة إلى ماكرون بالطبع يمثلون ميلاد اليسار الجديد فى الغرب، وهى قضية كبيرة ومعقدة يمكن اختزالها فى مساع من اليساريين الجدد لإقناع الرأى العام فى قدرتهم على إدارة اقتصاد السوق والنظام الرأسمالى الليبرالى بكفاءة وتوظيفه فى الوقت نفسه لخدمة الشرائح العريضة من الوطن ورعاية مصالح الفئات الأكثر فقرا.
اليسار الجديد لا يرفض العولمة بل يدعمها وهو كذلك يدعم الإبقاء على الاتحاد الأوروبى مع تبنى إصلاحات جوهرية تقضى أو تحد من شكاوى الشعوب الأوروبية من أثر الاندماج الاقتصادى فى حياتهم، وهم فى هذا التوجه يختلفون جذريا عن توجهات اليمين القومى الذى يعد أن العولمة تحقق مصالح الشركات على حساب الاقتصادات الوطنية وأن الاتحاد الأوروبى يدار لصالح الاقتصاد الألمانى على حساب الشعوب، وأن الوظائف تذهب لفقراء الأوروبيين وكذلك للقادمين من وراء البحار، وهو بالطبع مناهض للأجانب ومتعصب للأوروبيين البيض.
وقوف الباتروناه خلف ماكرون هو تأكيد جديد على رفض عالم الأعمال للتيارات القومية المتطرفة تماما، كما وقف مجتمع الشركات الأمريكى بقضه وقضيضه وراء المرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون ضد الرئيس القومى الحالى دونالد ترامب فى انتخابات نوفمبر الماضى، رغم أنه منهم.
القضية الآن أصبحت فى منتهى الوضوح كما هى فى غاية التعقيد أيضا، فالشركات حول العالم ترفض المساس بالمكتسبات التى حققتها مقررات العولمة لأعمالها خلال العقود الثلاثة الأخيرة، وهى فى سعيها للإبقاء على مزايا الاندماج الاقتصادى سوف تتحالف حتى مع القوى اليسارية الجديدة بعد أن يئست من قدرة أحزاب يمين الوسط المفضل لديها دائما فى الفوز بثقة الناخبين، وهى فى كل الأحوال سوف تقاتل حتى لا يصل اليمين القومى للحكم، ففى وصوله ضياع لكثير من المكاسب وبوار كثير من الأصول التى أنفقت عليها الشركات الغربية تريليونات الدولارات حول العالم، بينما يراهن اليمين المتعصب على متاعب الشعوب مع تكاليف الحياة والذعر من انتشار المهاجرين، وهذه هى اللعبة التى سنعيشها ربما لسنوات عديدة قادمة .. لكن الانتخابات الفرنسية تمثل درسا نافعا للجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.