لم يكن فوز إيمانويل ماكرون، مرشح حركة «إلى الأمام» المحسوبة على الوسط رئيسا لفرنسا، مفاجأة للفرنسيين أو للعالم، فكل التقديرات السياسية رجحت، فى البداية، أن تصعد منافسته مارين لوبان مرشحة اليمين المتطرف، إلى الجولة الثانية على أن ينتهى طموحها عند حدود هذه الجولة، وأن يفوز منافسها أيا كان توجهه السياسي. وشاء القدر أن يكون ماكرون هو النجم الصاعد فى الجولة الثانية، ليحقق المفاجأة للجميع لأسباب عدة، على رأسها حداثة عهده بعالم السياسة فى دولة عاشت طوال تاريخها السياسى محصورة بين اليمين واليسار، الى أن انضم الفرنسيون الى بقية الشعوب المحبة للتغيير ليأتوا برئيس شاب تحكمه أفكار جديدة تماما عما سبقه فى قصر الإليزيه. قبل الحملة الانتخابية الرئاسية فى فرنسا، لم يكن إيمانويل ماكرون مرشحا معروفا بتوجه سياسى تقليدى مثل معظم منافسيه من الأحزاب العريقة، التى تحصد فى الغالب معظم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، فكان نموذجا جديدا لرجل السياسة غير المصنف فى أى اتجاه، وحديث العهد بالأحاديث الصحفية ومخاطبة الجماهير مباشرة رغم توليه وزارة الاقتصاد لمدة عامين قبل استقالته ليتفرغ لحملته الانتخابية. لقد اختار الفرنسيون ماكرون على أساس برنامجه الانتخابى الذى أعلن فيه بوضوح تمسكه بدور فرنسا المحورى فى الاتحاد الأوروبي، وكأهم عضو فاعل به ربما لما كان لبلاده دور فاعل فى تأسيس الإتحاد مع المانياالغربية آنذاك. وتمسك الفرنسيون بالمرشح الذى رفض تكريس مبدأ «الانعزالية» الذى أعلنته مرشحة اليمين المتطرف التى استلهمت أفكارا رفضها الفرنسيون عن بكرة أبيهم مثل «فرنسا أولا» و»فرنسا للفرنسيين»، وكذلك رفض الفرنسيون الحملة اليمينية ضد الإسلام وهو ما فشلت فيه مارين لوبان حيث أكد الفرنسيون أنهم مع كل الأديان، وأن الإرهاب لا يرتبط بدين بقدر ما يرتبط ببعض المتعصبين المنتمين الى هذا الدين أيا كان. لقد أعلن ماكرون وقت ترشيحه تمسكه بالشباب، حيث استقطب الألاف منهم بمجرد إعلان حركة «الى الأمام» وكانوا له سندا قويا فى حملته وهم الذين شجعوه على الاستمرار فى الترشح كمستقل رافضا الترشح تحت مظلة الحزب الاشتراكي. لمزيد من مقالات رأى الاهرام;