المستندات المطلوبة للتصالح على مخالفات البناء في المدن الجديدة    قصواء الخلالي: تهجير الفلسطينيين كان ولا يزال خطا أحمر للدولة المصرية    تفاصيل مشادة علي معلول مع لاعب الزمالك المعار.. مشهد لم ترصده الكاميرات    بعد مصرع 4 أشخاص.. القبض على السائق المتسبب في وقوع حادث مروع على الدائري    «الصحفيين» ترفض قرار «الأوقاف» بمنع تصوير الجنازات.. وتؤكد: مخالف للدستور والقانون    تيسيرًا على الوافدين.. «الإسكندرية الأزهرية» تستحدث نظام الاستمارة الإلكترونية للطلاب    سر الأهلي.. هل ينهي الزمالك خطيئة جوميز مع جروس؟    وزير الشباب: إنشاء حمام سباحة وملعب كرة قدم بمدينة الألعاب الرياضية بجامعة سوهاج    واشنطن بوست: الولايات المتحدة تعرض على إسرائيل دعما استخباراتيا بديلا لاقتحام رفح الفلسطينية    الصور الأولى من حفل زفاف ابنة مصطفى كامل    رمضان عبد المعز: لن يهلك مع الدعاء أحد والله لا يتخلى عن عباده    الرقابة الإدارية تستقبل وفد مفتشية الحكومة الفيتنامية    وكيل صحة الشرقية يتفقد مستشفى العزازي للصحة النفسية    وكيل صحة الشرقية يتفقد مستشفى العزازي للصحة النفسية وعلاج الإدمان    خنقها برباط حذائه.. الإعدام لعامل بناء قتل ابنة شقيقه بسوهاج    وزير الرياضة يطمئن على لاعبة المشروع القومي بعد إجرائها عملية جراحية    سلوفينيا: ممتنون لمصر لمساعدة مواطنينا في غزة على العودة    فيلم السرب يواصل سيطرته على شباك تذاكر السينما.. وعالماشي يتذيل القائمة    هدى الأتربى تكشف تفاصيل مسلسلها القادم مع حنان مطاوع    بكلمات مؤثرة.. إيمي سمير غانم تواسي يسرا اللوزي في وفاة والدتها    كنيسة يسوع الملك الأسقفية بالرأس السوداء تحتفل بتخرج متدربين حرفيين جدد    في عيد النصر بوريسينكو: مصر عانت مثلنا من الحروب    شراكة بين بنك القاهرة وشركة متلايف لتقديم خدمات التأمين البنكي عبر 150 فرعا    «جوالة جامعة الزقازيق» تُنظم دورة تدريبية عن الإسعافات الأولية    اليوم العالمى للمتاحف.. متحف إيمحتب يُطلق الملتقي العلمي والثقافي "تجارب ملهمة"    إصابة 3 أشخاص في انقلاب سيارة محملة بطيخ بقنا    وزير الأوقاف يحظر تصوير الجنائز بالمساجد مراعاة لحرمة الموتى    عمرو الورداني للأزواج: "قول كلام حلو لزوجتك زى اللى بتقوله برة"    محافظ القليوبية يناقش تنفيذ عدد من المشروعات البيئة بأبي زعبل والعكرشة بالخانكة    إحالة أوراق طالب هتك عرض طفلة للمفتي    خالد عبدالغفار: وزارة الصحة وضعت خططا متكاملة لتطوير بيئة العمل في كافة المنشأت الصحية    رئيس"المهندسين" بالإسكندرية يشارك في افتتاح الملتقى الهندسي للأعمال والوظائف لعام 2024    «هشمت رأسه وألقته من أعلى السطح».. اعترافات المتهمة بقتل زوجها في قنا    سانت كاترين تستقبل 1300 سائح من مختلف جنسيات العالم    محافظ كفر الشيخ يعلن بدء التشغيل التجريبي لقسم الأطفال بمستشفى الأورام الجديد    أخبار الأهلي : طلبات مفاجئه للشيبي للتنازل عن قضية الشحات    نقيب الأطباء يشكر السيسي لرعايته حفل يوم الطبيب: وجه بتحسين أحوال الأطباء عدة مرات    مواصفات وأسعار سيات إبيزا 2024 بعد انخفاضها 100 ألف جنيه    إلغاء جميع قرارات تعيين مساعدين لرئيس حزب الوفد    آخرها هجوم على الاونروا بالقدس.. حرب الاحتلال على منظمات الإغاثة بفلسطين    نتائج منافسات الرجال في اليوم الثاني من بطولة العالم للإسكواش 2024    جيش الاحتلال الإسرائيلى: نحو 300 ألف شخص نزحوا من شرق رفح الفلسطينية    «الأرصاد» تكشف حقيقة وصول عاصفة بورسعيد الرملية إلى سماء القاهرة    بعد ثبوت هلال ذي القعدة.. موعد بداية أطول إجازة للموظفين بمناسبة عيد الأضحى    قروض للشباب والموظفين وأصحاب المعاشات بدون فوائد.. اعرف التفاصيل    البابا تواضروس يدشن كنيسة "العذراء" بالرحاب    التنمية المحلية: استرداد 2.3 مليون متر مربع بعد إزالة 10.8 ألف مبنى مخالف خلال المراحل الثلاثة من الموجة ال22    إحالة العاملين بمركز طب الأسرة بقرية الروافع بسوهاج إلى التحقيق    منها المهددة بالانقراض.. تفاصيل اليوم العالمي للطيور المهاجرة للبيئة    المشاركة ضرورية.. النني يحلم بتجنب سيناريو صلاح مع تشيلسي للتتويج بالبريميرليج    مباشر مباراة المنصورة وسبورتنج لحسم الترقي إلى الدوري الممتاز    ما حكمُ من مات غنيًّا ولم يؤدِّ فريضةَ الحج؟ الإفتاء تُجيب    المفتي يحسم الجدل بشأن حكم إيداع الأموال في البنوك    آخرهم فرنسا.. دول تدعو الاحتلال لوقف عملياته داخل رفح    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 11-5-2024    حادثة عصام صاصا على الدائري: تفاصيل الحادث والتطورات القانونية وظهوره الأخير في حفل بدبي    مجلس الأمن يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل وفوري في المقابر الجماعية المكتشفة بغزة    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تقصف منزلًا في شارع القصاصيب بجباليا شمال قطاع غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في جولته الميدانية: *الاقتصادي يقتحم أكبر معاقل الزبالين ويراقب طريقة فرز وتدوير القمامة

*ويرصد التدوير المتكامل في أوسع مساحة في طريق القطامية الصحراوي
*20% فقط نسبة التدوير في مصر والطن يحقق6 آلاف جنيه و8 فرص عمل
*90 مليون جنيه عوائد تدوير قمامة القاهرة يوميا والخنازير ضحية ال50 فدانا
*غطاء بالوعات المجاري من القمامة يتكلف150 جنيها بقوة وتحمل الزهر الذي يتكلف500 جنيه
-------------------------------------
جاءت تقديرات المسئولين والباحثين لتؤكد أن القاهرة وحدها يصل حجم القمامة الي57 الف طن يوميا وانها كلها قابلة للتدوير وان65% من حجم القمامة يتكون من مخلفات الاطعمة او ما يعرف عند المختصين بالمواد العضوية, وان الورق فيها يمثل15% والنسبة الاقل من نصيب الزجاج والبلاستيك إذ يمثيل كل منهما3% ثم تأتي النسبة الضئيلة جدا للقماش والمعادن اللذين لا يزيد نصيب كل منهما علي1%, ثم تأتي نسبة المواد الاخري لتمثل9%.
اكد الباحثون ان الزبالة المصرية جميعها قابلة للتدوير فالمواد العضوية التي تمثل فيها65% يمكن ان تصبح سمادا عضويا غنيا بجميع العناصر الاساسية لتسميد التربة كما ان المواد الصلبة المتبقية تصلح جميعها للتدوير.. الا ان المفاجأة المذهلة التي اصابتنا في بلد يعاني الكثير من شبابه من البطالة ان التدوير في مصر لا يتم الا بنسبة20% وفق دراسات وزارة البيئة.
ثم تأتي دراسة علمية اجراها معهد بحوث الاراضي والمياه والبيئة لتؤكد ان القمامة المصرية من اغني انواع القمامة في العالم وان الطن الواحد منها يمكن ان يصل ثمنه اذا تم تدويره الي6 الاف جنيه ويمكن ان يوفر فرص عمل لثمانية افراد علي الاقل لمختلف النشاطات من جمع وفرز وتدوير ونقل.
وبحسبة بسيطة اذا ما طبقنا هذه الارقام علي القاهرة وحدها التي تنتج15 الف طن يوميا فان العائد من هذا الوزن الرهيب يبلغ حوالي90 مليون جنيه يوميا.. ويوفر20 الف فرصة عمل.. ويخلص العاصمة من اطنان القمامة التي يلقي الكثير منها في الطرقات بعد ان عجزت الحكومة بفكرها التقليدي عن التخلص منها.
كل هذه المعلومات والارقام استفزتني وشحذت همتي لأقترب اكثر من عالم جامعي القمامة حيث المعقل الاكبر المغلق المعروف بمنشية ناصر بالمقطم.. دخلنا هناك وجدنا بيوتا متواضعة تصطف علي الجانبين لا يزيد ارتفاع اكثرها رفاهية علي اربعة ادوار.. روائح كريهة تزكم الأنوف تستقبلك وانت في بداية رحلتك الي هذا العالم الغريب, العمالة غالبيتها من الاطفال والنساء الذين يشاركون كبير العائلة العمل.. الاجواء العامة غير صحية.. قذارة الفرز رغم ما قيل عنه انه اكفأ الطرق في تصنيف مستخرجات القمامة فإنه يبدو عملية غير آمنة صحيا وبيئيا.. فكما عرفت من احدهم ان المخاطرة قائمة حتي ان افراد العائلة مروا بمواقف عصيبة من جراء حوادث تعرضوا لها اثناء الفرز فهذا الولد تعرض ذات مرة لدخول اجسام صلبة في يده وهذه الفتاة كم اصيبت في اسفل قدمها بجروحات خطيرة نتيجة تعرضها لرشق الزجاج.. والعلاج معروف حقنة تيتانوس ومضادات حيوية مع تطهير الجروح ثم يعاودون العمل في اليوم التالي.
رأيت بعيني من يجلس بين القمامة وكأنه في مزرعة يجني حصاد محصوله.. رأيت الفصل بين مخلفات المنازل والاطعمة التي قالوا لي ان طريقها الي مصانع تدوير السماد وتنتظرها السيارات نصف النقل لنقلها يوميا اليها, ثم الزجاج في جهة اخري ثم البلاستيك بأنواعه الذي تقوم عليه معظم نشاطات منشية ناصر حيث تنتظره محلات كئيبة دخلت الي أحدها لا تزيد مساحته علي3 امتار مضروبة في مثلها طولا وعرضا يدور نشاطه في تكسير علب الزبادي والكنز مخلفا وراءه أتربة رهيبة.
أظن ان من يعمل بها اصيب بجميع امراض الصدر المعروفة وغير المعروفة.. لا كمامات, لا تنظيف للمنتج.
وفي مقابل ذلك المحل وجدتهم يأخذون الاقمشة التي نتجت من عملية الفرز, سألته عما يفعلون بها قالوا نعيد تعبئتها لنذهب بها الي مصانع تدوير الاقمشة التي يصنعون منها بعد خلطها مع الورق كروتا يفرح بها السائحون او تغزل جميعها ويعاد فرمها لتصبح قطنا ملونا يباع للفقراء في احياء مصر بأسعار زهيدة او يصنع منها سجاد مغزول يدويا في البيوت بعد تصنيف هذه الاقمشة حسب ألوانها.
مشيت بسيارتنا ومعي زميلي المصور لنسأل عن مكان رئيس جمعية ناقلي القمامة اسحاق ميخائيل, وصلت حيث مقره بمنشية ناصر.. وجدت مبني متواضعا وبعض العربات النقل المتهالكة, الارض بها شرايين من المجاري تسري في أوصالها.. علي اليمين تقع ماكينة غسيل البلاستيك التي يوضع بها ناتج التكسير الذي ينقل بعد غسله الي ماكينة التجفيف ثم ما يلبث أن ينتقل الي ماكينة التسييح التي تخرج حبائل ساخنة من البلاستيك المنصهر الذي يغوص في الماء للتبريد ليصل الي ماكينة التحبيب التي تقوم بتحويل هذه الحبائل الي حبيبات صغيرة من البلاستيك فتعبأ في شكائر ولتسلك طريقها الي التصنيع.
قال لي رئيس جمعية ناقلي القمامة اسحاق ميخائيل ان اي شيء يعاد تدويره لا يستعمل في العبوات الدوائية ولا الغذائية انما تصنع منه مواسير الكهرباء وعلب البويات وخراطيم الري والباليتات وعوازل الترع وكل مكونات هذه الاشياء كانت تشتريها الدولة من الخارج وتنفق فيها عملات صعبة الآن بالتدوير اصبحنا في غني عنها.
لمح المعلم اسحاق ما في عيني من تساؤلات عن بقاء هذا النشاط في هذا المكان غير الملائم. قال: مع بداية نشاط تربية الخنازير في عام1999 صدر قرار وزاري لجامعي القمامة في المناطق المحاطة بالسكان لينتقلوا الي50 فدانا خصصت لهم في العين السخنة علي طريق السويس ليقام نشاط التربية وفق اشتراطات صحية بعيدا عن الكتلة السكانية.. تسلمنا الارض ورفعناها مساحيا وبنينا عليها75 حظيرة وكلفتنا مصاريف باهظة علي امل التعويض في المستقبل.. الا ان الارض كانت بالقرب من محمية وادي دجلة وبدأت المشاكل والشكاوي حتي صدر قرار باخلاء المكان وبقائنا في امكاننا في وسط الكتل السكانية وخسارتنا لمصاريف البناء والانشاءات.. وتساءلنا وقتها هل هذا القرار كان عشوائيا وخرج لقيطا بدون دراسة؟ ولكن الاجابة لم تأت حتي الآن, ثم تساءلنا من يعوضنا عن خسائرنا؟ ولم يكن السؤال الاخير بأحسن حالا من سابقه, ثم خصصوا لنا ارضا اخري تبعد12 كيلو مترا عن الارض الاولي بنفس المساحة السابقة لنقيم فيها نشاطنا من التربية والتدوير.. ولكنهم ايضا سحبوها منا بحجة انها علي الطريق الدولي.. ثم صدر قرار بإعدام الخنازير الذي صدر بغير دراسة كافية ايضا وغفلوا عن ان الخنزير حيوان يوفر ما بين15 الي20% من الثروة الحيوانية.. وكان المصدر الرئيسي لامداد الفنادق بما تحتاجه من لحوم تقدم الي السائحين الاجانب, واري ان من الاعدام من الاسباب المهمة في ارتفاع اسعار اللحوم البلدية التي باتت البديل للحوم الخنازير وكذا غفل المسئولون عن ان الخنازير كانت تخلص البيئة من60% من قمامتها وهي نسبة المواد العضوية الموجودة فيها التي اصبحت في ظل تدني تدوير القمامة تملأ الشوارع حاليا.
اشرت الي مبني متهالك مقام في مساحة الجمعية عليه يافطة مكتوب عليها مدرسة اعادة التدوير, قال لي معلقا: اننا اغلقناها لان كل الناس عندنا تعلموا وبدأوا العمل في التدوير وليس عندنا بطالة بدأنا بتعليمهم في سن19 سنة نشاط جمع وفرز واعادة التدوير.
سألته عن اسباب انعدام الاشتراطات الصحية في الانشطة الاهلية في الفرز والتدوير وجهود الجمعية في ازالة ذلك..
قال لي: ان اشتراكنا الشهري للعضو15 جنيها سنويا وفرنا لهم مكتب شئون اجتماعية للمعاقين والمرضي واصحاب المعاشات.. ننقل لهم المياه النظيفة وكذا عندنا عربة لتخليص الشوارع التي لم يصلها الصرف الصحي.. وعندنا مركز رعاية صحية بمركز الجبرتي التابع لجمعية الرعاية المتكاملة التي كانت ترعاها سوزان مبارك.
تركته ومازالت علامات استفهام كبيرة حول ما قاله وما رأيته في الواقع لأنتقل الي اكبر الجمعيات الاهلية العاملة في مجال التدوير وهي جمعية حماية البيئة من التلوث, انتقلت اليها في مقرها في القطامية في طريق صحراوي يسيطر علي مداخله الجيش دفعنا رسم دخول لنجد الجمعية علي مقربة من البوابة تشغل مساحة25 فدانا بحق انتفاع من الدولة.. قابلنا رئيس حساباتها عيد عبده الذي قال لنا ان الجمعية لا تهدف الي الربح الشخصي لها رغم انها تحقق مكاسب لا بأس بها, تضمن لها الاستمرار فمن غير المعقول ان تعتمد في نشاطها علي استمرار المساعدات من رجال الاعمال, ونشاطها يدور علي محورين اساسيين الاول تدوير المخلفات الصلبة, والثاني تدوير المواد العضوية علاوة علي وجود وحدة لتصنيع المعدات لتصبح محلية الصنع.
وقال اننا نعمل في نشاط التدوير هذا بقوة300 عامل مستديمين براتب شهري يتراوح ما بين1200 الي1500 جنيه شهريا مع توفيرنا لوسيلة المواصلات المناسبة وكلها عمالة مؤمن عليها ومشتركة بالتأمين الصحي ونقوم بكشف دوري علي الموظفين وهذا منذ بدء نشاطنا في هذا المكان منذ عام1998.
كانت بداية النشاط لنقل أماكن تربية الخنازير الي هنا وتخليص المناطق السكنية منها وصاحب هذا النشاط نشاط الفرز الذي كان يفصل المكونات الي عنصرين اساسيين مكونات صلبة من البلاستيك والزجاج والحديد, والثاني مكونات عضوية وهي بواقي طعام البيوت والفنادق الذي كان يقدم طعاما للخنازير التي كنا نبيع لحومها ونستخدم مخلفاتها سمادا عضويا اثبت المركز القومي للبحوث الزراعية انه افضل انواع الاسمدة واكثرها فاعلية في الارض الصحراوية لجعلها صالحة للزراعة.
اصطحبني الي جولة داخل نطاق الجمعية.. ذهبت الي حيث يتم التدوير في مبني متكامل من مقاطع يفصلها حوائط طوبية يبدأ التدوير بعملية الغسيل ثم التجفيف للبلاستيك والتكسير ثم التسييح والتبريد والتخريز الذي يذهب الي ماكينات مخلتفة احداها لعمل رولات البلاستيك الذي يستخدم في فرش الصبات الخرسانية ويقطع الي امتار وتباع بالطن بسعر يتراوح ما بين5 الي8 آلاف جنيه للطن الواحد حسب جودته وهناك ماكينات اخري لتصنيع اكياس خضراء لوضعها في البيوت او الاماكن العامة ويباع الطن منها ب9 آلاف جنيه.. وهناك ماكينات اخري لعمل ما يعرف بالبسكوتة وهي عبارة عن حلقات بلاستيكية مستديرة الشكل تستخدمها الشركات الكبري الحاصلة علي الايزو في الابنية ليضعوها فواصل بين الاعمدة الخرسانية والاسقف وتباع بحجمين الاصغر ب25 قرشا والاكبر ب42 قرشا للوحدة.
ويلاصق ذلك مقطع من ماكينة عملاقة يصب بها الخرز ليخرج منه اكياس بلاستيك لجمع القمامة.
قال لي مرافقي ان الكيلو من هذه الاكياس يباع ب7 جنيهات من المصنع ويباع في السوق للمستهلكين ب9 جنيهات.
لاحظت ان قوة العمل في هذا المقطع تتكون من ولدين وفتاة وامرأة.
انتقلت الي مقطع آخر يأخذ فضلات تسييح البلاستيك ليوضع في ماكينة تتبعها حبات حديدية لصنع اغطية بالوعات الشوارع بديلا عن الاغطية الزهر التي تكثر سرقتها في الطرقات العامة ولاحظت ثقل وزنها حتي تكاد تقارب الاغطية الحديدية فقال لي الفني المختص انها عبارة عن بلاستيك مضغوط مخلوط.. وللعلم فان ثمنه يبلغ حوالي150 جنيها في حين ان ثمن الغطاء الزهر يتجاوز ال500 جنيه.
سألته: وهل صلابته تجعله يتحمل ضغط ثقل استخدام السيارات بمختلف انواعها؟
اجاب: لقد خضع هذا الغطاء لاختبارات المركز القومي للبحوث وثبتت صلاحيته لتحمل مختلف انواع الاثقال لتقنيته الفنية في التصنيع وهي ببساطة تبدأ ببلورة ثم تسييح البلاستيك ويوضع تحت ضغط مع الرمل في مكبس قدرته50 طنا.
سألته: وكيف تستقبلون هذه القمامة؟
اجاب: هناك قسم مفروز من الخارج وسعر الطن منه ما بين2200 الي2300 جنيه وهناك الخليط الذي نشتريه ب1500 جنيه للطن.
تركته متعجبا من تسليمنا القمامة في البيوت وندفع مقابلا لذلك ليتم رفعها في حين ان مثل هذه المشاريع تستقبلها بمثل هذا المقابل!
وتساءلت: ألا يمكن ان يشكل ذلك مشروعا فرعيا للشباب لينقلوا القمامة الي مثل هذه الاماكن بمساعدة الدولة عن طريق بنك ناصر او احدي جهات التمويل المختلفة.
انتقلنا الي ارض فسيحة مجاورة بها جبال عالية سوداء تعمل بجوارها ماكينات عملاقة ولودر, بادرني مرافقي بقوله: هذه ماكينة طحن فضلات الطعام وغيرها من القمامة العضوية وهنا يتم البدء بغربلة الشوائب للحصول علي القمامة اللينة ويتم خلطها مع قش الارز ويتم رشها بماء لتكتمل منظومة التخمير لمدة شهرين ترتفع فيهما درجة الحرارة الي70 درجة مئوية تموت فيها البكتيريا الضارة وتنمو البكتيريا الصالحة بعدها يتم وضع هذا الخليط في هذه الماكينة العملاقة وتقوم بفرمه ليتحول الي سماد عضوي عالي الكفاءة ويباع الطن منه ب160 جنيها وهناك فرز للطن الاكثر جودة ليباع ب190 جنيها في حين ان طن المخلفات العضوية الداخلة في هذا السماد لا يتجاوز40 جنيها.
قادني مرافقي لما هو اعجب من هذا الي مبني كبير جدا دخلت اليه ومن الوهلة الاولي ظننته ورشة اصلاح للاجهزة المعطلة ولكن كانت المفاجأة الكبري لاكتشف انها ورشة لتصنيع الاجهزة التي تقوم بعملية التدوير.
رافقني احد المهندسين جورج فؤاد قال لي: هذه مرحلة متقدمة جدا في عملية التدوير حيث نقوم بتصنيع ماكينات التدوير المختلفة هنا في هذه الورشة للحد من التكلفة العالية لشراء الجاهز المستورد ولا نقصر التصنيع علي الماكينات التي نحتاجها هنا في التدوير بل نقوم ببيعها الي اماكن التدوير الاخري بأسعار قد تقل50% عن المستورد فمثلا ماكينة البلورة نبيعها ب40 الف جنيه في حين ان مثيلتها المستوردة لا تقل عن52 الفا وكذا ماكينة التحريز المستوردة كنا نشتريها ب380 الف جنيه في حين ان سعرها بعد تصنيعها هنا لا يزيد علي116 الف جنيه, وماكينة الاكياس الرول تباع عندنا هنا ب112 الف جنيه في حين يصل سعر المستورد منها الي250 الف جنيه, وماكينة الحقن ب85 الف جنيه في حين ان المستورد منها ب185 الف جنيه.
ويزهو قائلا: استطعنا في ورشتنا تصنيع ماكينات الكبس واستخدام اجهزة الهيدروليك بقدرة ضغط40 طنا بسعر90 الف جنيه في حين كنا نستوردها ب300 الف جنيه.
تركته وانا فخور بأن ذلك يحدث علي ارضنا ومتحسرا علي حال البلاد التي لم تجعل مثل هذا مشروعا قوميا, كانت مصر قادرة من خلاله علي بداية طريق الدول المتقدمة.. خاصة انه لا ينقصها شيء من وفرة العمالة الرخيصة والارض الشاسعة واخيرا ملايين الاطنان من القمامة التي تمثل عبئا كبيرا ننفق مئات الملايين للتخلص منها.
وصلنا الي قسم تم اعداده للاعمال اليدوية من اعادة تدوير الورق والقماش والسجاد بمختلف انواعه حيث اوصلني مرافقي الي المسئولة عن هذا القسم, مرحبة بي قالت: نحن هنا نأخذ بواقي المصانع ونقوم بجمع كثير من ربات البيوت غير المتعلمات ونخضعهن للتدريب طيلة3 اشهر كاملة داخل المقر حتي يصبحن قادرات علي الاعمال اليدوية من كروت معايدة وسجاجيد صغيرة ومفارش ويتم الاتفاق مع مراكز البيع المحلية والاجنبية ليأخذوا منتجاتنا جميعها بأسعار معقولة ليتحقق الربح والتنمية البشرية معا.
تركتها وانتقلت الي قسم الزجاج, قال مرافقي: هنا يتم جمع بقايا الزجاج من مصانع شبرا الخيمة بنسبة60%, اما ال40% فيتم جمعها من القمامة بعد فرزها.. وقد تلافينا العيوب البيئية في التصنيع بتطوير آليات الصنع.
قال لي مرافقي في نهاية الجولة: كنا ايام السماح بتربية الخنازير نمتلك قطيعا كبيرا يلتهم اكثر من50% من القمامة ويتم بيع لحومه للفنادق وغيرها وكنا نستخدم فضلاته كأفضل انواع السماد بعد خلطه بالسماد العضوي لاضافة الجانب البروتيني ونسعي حاليا لاستخدام الماعز بديلا عن هذه الخنازير لتعويض خسائر فقد الخنازير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.