عماد أنور بين نابولى مدينة الحب العتيق، وباليرمو، ملتقى التاريخ والثقافة، حققت مصر حلم المشاركة في كأس العالم لكرة القدم، ومن المفارقات أن تستضيف إيطاليا المونديال، فى المشاركتين الوحيدتين لمنتخب مصر، وكأن القدر كتب هذا الموعد لأحفاد الفراعنة على أرض الرومان.
فى عام 1934 شد رفاق مختار التتش، الرحال إلى إيطاليا، كأول منتخب عربى وإفريقى يشارك فى المونديال، وبعد نحو 56 عاما، وتحديدا فى عام 1990، لبى أبناء "الجنرال" محمود الجوهرى، النداء في ثانى مشاركة مونديالية. أعوام كثيرة مرت بين البطولتين، شهدت تطورا تكنولوجيا كبيرا، جعل بطولة 1990 هى الأقرب إلى قلوب المصريين، حيث تابعها الملايين عبر شاشات التليفزيون، وذلك على عكس البطولة الأولى التي انطلقت قبل دخول التليفزيون إلى مصر بنحو 22 عاما، وهذا ما ساعد أيضا على تخليد هدف مجدى عبد الغنى فى مرمى العملاق الهولندى فان بروكلين من ضربة جزاء. ولم يعرف الكثيرون أن عبد الرحمن فوزى سبقه إلى لقب "هداف المونديال"، بهدفين أحرزهما فى مرمى المنتخب المجرى، فى المباراة الوحيدة التى خاضها منتخب مصر فى الدور الأول للبطولة، إلا أن هدف مجدى عبد الغنى نال شهرة واسعة، سواء فى الحديث الدائر بين الجماهير، أم الإعلانات التليفزيونية، وزادت مواقع التواصل الاجتماعى من شهرة الهدف، لكن استمرار تغنى اللاعب نفسه برواية إحراز هذا الهدف، ما جعل البعض يحلم بالتأهل إلى كأس العالم، وتسجيل هدف جديد يخطف الأضواء من أسطورة مجدى عبد الغنى. فى صيف 1934، استقبلت نابولى، المدينة الإيطالية العاشقة، نجوم منتخب مصر، وجاءت مشاركة مصر فى مونديال إيطاليا ضمن 16 منتخبا، وكانت قرعة التصفيات أوقعت منتخبنا مع منتخبي فلسطينوتركيا، وأدى اعتذار تركيا إلى إقامة مباراتين بين مصر وفلسطين بنظام الذهاب والإياب، وأمطر المنتخب المصرى شباك شقيقه الفلسطينى بسبعة أهداف، مقابل هدف وحيد، فى لقاء الذهاب الذى أقيم على ملعب الأهلى بالجزيرة، وأحرز أهداف مصر كل من: مصطفى كامل طه (هدفين) ومختار التتش (3 أهداف ) ومحمد لطيف (هدفين). واستقبلت مدينة القدس لقاء العودة، الذى انتهى لصالح مصر أيضا بأربعة أهداف مقابل هدف، أحرزها، مختار التتش (هدفين) ومحمد لطيف وعبد الرحمن فوزى، هدف لكل منهما. وصعدت مصر إلى المونديال، وأوقعتها القرعة فى مواجهة منتخب المجر فى مايو 1934، ووضع العلم المصرى القديم (أيام الملكية)، بلونه الأخضر يتوسطه الهلال والنجمات الثلاث)، أمام العلم المجرى فى استاد اسكاريلى بنابولى. أما النجوم الذين نالوا شرف المشاركة فى هذه المباراة، وفقا لموقع اتحاد كرة القدم هم: الحارس، مصطفى كامل منصور، واللاعبون على السيد، حميدو، حسن الفار، حسن رجب، إسماعيل رأفت، محمد لطيف، عبد الرحمن فوزى، مختار التتش، مصطفى كامل طه، محمد حسن. وكان لقاء المجر، الوحيد الذى خاضه المنتخب المصرى فى هذه البطولة، بعد خسارته أمام المنتخب المجرى بنتيجة (4/2)، وكان يطبق فى تلك البطولة نظام خروج المغلوب، فخرجت مصر من دور الستة عشر. بعد أكثر من خمسة عقود تجدد الحلم، وكأن المصريين لا يحجون إلى المونديال، إلا على الأراضى الإيطالية، غير أن تلك البطولة كانت مختلفة تماما بالنسبة للشعب المصرى، الذى عرف وقتها الكثير عن إيطاليا كدولة أوروبية، وصنعت ندرة وجود منتخب مصر فى المونديال، كأحد أقوى منتخبات القارة السمراء، لقب "جيل 90"، الذى أطلق على لاعبى المنتخب الذين شاركوا فى البطولة. كان التأهل نتاج جهد كبير بذله لاعبو المنتخب، تحت قيادة مصرية للكابتن محمود الجوهرى الذى غير مفاهيم كرة القدم، بتطبيق نظام الاحتراف، جعل اللاعبين على قدر المسئولية، وخاض المنتخب الوطنى التصفيات بنظام دورى من دورين ضمن المجموعة الثالثة مع منتخبات ليبيريا ومالاوى وكينيا. بعد تخطى هذه العقبة أوقعت القرعة مصر، لتلعب مع الجزائر مباراتين فاصلتين ذهابا وإيابا، ويصل الفائز فى مجموع المبارتين إلى مونديال إيطاليا، وانتهى اللقاء الأول الذى أقيم على ملعب قسنطينة، بالتعادل السلبى، وفى القاهرة كان لقاء العودة الفاصل الذى فازت فيه مصر بهدف حسام حسن. حزم أبناء الجوهرى الحقائب متوجهين إلى إيطاليا، وقبل البطولة، لم يتوقع أكثر المتفائلين، خسارة المنتخب المصرى فى مباراته الأولى أمام منتخب الطاحونة الهولندية، بأقل من خمسة أهداف، حتى إن الإحصائيات التي أجريت على المنتخبات المشاركة قبل انطلاق البطولة، أشارت إلى هزيمة المنتخب المصرى بتسعة أهداف. وعلى عكس المتوقع، اقتنص الفراعنة تعادلا ثمينا أمام المنتخب الهولندى، الذى ضم فى ذلك الوقت عمالقة أوروبا، أمثال: ماركو فان باستن، ورود خوليت، و كومان، وما أن احتسب حكم المباراة ركلة جزاء لصالح منتخب مصر، عقب عرقلة حسام حسن داخل منطقة جزاء هولندا، تعالى صراخ المعلق محمود بكر قائلا: "عدالة السماء تهبط على استاد باليرمو"، وهى الكلمة التى لم تفارق أذهان المصريين إلى الآن، غير أنها جعلت شهرة باليرمو بالنسبة لهم تضاهى شهرة القاهرة. وضمت قائمة المنتخب الوطنى فى المونديال، كلا من، الحارس العملاق أحمد شوبير، واللاعبين، هانى رمزى، هشام يكن، ربيع ياسين، أحمد رمزى، إبراهيم حسن، إسماعيل يوسف، مجدى عبد الغنى، أحمد الكاس، جمال عبد الحميد، حسام حسن. ثلاث مباريات، خاضها المنتخب المصرى، تعادل فى الأولى أمام هولندا بنتيجة (1/1)، ثم تعادل بدون أهداف فى المباراة الثانية أمام أيرلندا فى مدينة نابولى، وخسر فى المباراة الثالثة أمام منتخب إنجلترا، فى المباراة التى أقيمت فى مدينة كاليارى، وودع الفراعنة المونديال من الدور الأول.
تفوق إيطالى.. وحمص يدخل التاريخ
تكشف سجلات تاريخ مواجهات منتخبي مصر وإيطاليا فى كرة القدم عن تفوق إيطالي، حيث التقى المنتخبان 6 مرات رسمية، انتهت 5 منها لصالح إيطاليا، مقابل واحدة للمنتخب المصرى. وشهدت دورة الألعاب الأوليمبية 1920 ببلجيكا، أول مواجهة للمنتخبين، وفازت إيطاليا على مصر 2-1 وسجل هدف منتخب مصر زكي عثمان، كما سجل المنتخب الإيطالى أكبر عدد من الأهداف في تاريخه في مباراة واحدة، على حساب مصر حين فاز بنتيجة 11-3 فى أولمبياد عام 1928 التي استضافتها العاصمة الهولندية أمستردام عاصمة هولندا، وسجل أهداف مصر علي رياض (هدفين) ويونس حسن. والتقى الفريقان في تصفيات كأس العالم 1954، عندما كانت تصفيات قارتي أوروبا وإفريقيا غير منفصلة فأقيم لقاء الذهاب في مصر عام 1953 وفاز الإيطاليون بهدفين مقابل هدف واحد أحرزه الديبة، وأقيم لقاء العودة في روما مطلع عام 1954 وخسرت مصر بنتيجة 5-1 وسجل هدف الفراعنة علاء الحامولي، وفي أوليمبياد لوس أنجلوس عام 1984 فازت إيطاليا على مصر بهدفين. أما المواجهة الرسمية السادسة، كانت ضمن منافسات كأس القارات 2009 بجنوب أفريقيا، وهى المباراة التى شهدت فوز منتخب مصر بهدف أحرزه اللاعب محمد حمص، الذى دخل التاريخ بهذا الهدف. والتقى الطرفان ايضا في عدة مباريات ودية، ضمن منافسات دورات البحر المتوسط، وكان الفريق الإيطالي يشارك بلاعبى الصف الثاني ففازت مصر مرتين عامي 1951 بنتيجة (3-0) وعام 1957 بنتيجة (1 - 0) وخسرت أربع مواجهات أخرى.، كما لعبت مصر ضد إيطاليا بصفها الثاني في إيران عام 2001 فى بطولة كأس الحضارات وانتهت المباراة بالتعادل 1-1 ، وسجل حسام حسن هدف المنتخب وفاز الإيطاليون بركلات الترجيح.