مدرسة إسنا الثانوية الصناعية تحصد المركز الأول على الأقصر في التأسيس العسكري (صور)    رئيس «هيئة ضمان جودة التعليم»: ثقافة الجودة ليست موجودة ونحتاج آلية لتحديث المناهج    محافظ كفرالشيخ يشهد الاحتفالات بعيد القيامة المجيد بكنيسة مارمينا والبابا كيرلس    8 معلومات عن مركز البيانات الحوسبة السحابية الحكومية P1    خبراء عن ارتفاع البورصة اليوم: صعود قصير الأجل    صرف مرتبات شهر مايو 2024.. اعرف مرتبك بعد الزيادات الجديدة و جدول الحد الأدنى للأجور الجديد    تفخيخ المخلفات في المنازل، جريمة جديدة لجيش الاحتلال داخل غزة    أحمد ياسر ريان يقود هجوم سيراميكا كليوباترا أمام فاركو بالدوري المصري    رقم سلبي يثير مخاوف برشلونة قبل مواجهة فالنسيا في الدوري الإسباني    أنشيلوتي يفوز بجائزة مدرب شهر أبريل في الليجا    حملات مكبرة على أفران الخبز البلدي والسياحي بالجيزة (صور)    إخلاء سبيل المتهمين فى قضية تسرب مادة الكلور بنادى الترسانة    وكيل تعليم دمياط يتفقد سير امتحانات المستوى الرفيع بمدرسة اللغات الرسمية    السكة الحديد تعلن جدول تشغيل قطارات مطروح الصيفية بدءا من أول يونيو    «خنقتها لحد ما ماتت في إيدي».. المضيفة المتهمة بقتل ابنتها في التجمع تفجر مفاجأة    رئيس قضايا الدولة ينظم حفلا لتوزيع جوائز وقف الفنجري    ردود أفعال واسعة بعد فوزه بالبوكر العربية.. باسم خندقجي: حين تكسر الكتابة قيود الأسر    خالد جلال يشهد عرض «السمسمية» على المسرح العائم    جدول عروض اليوم الخامس من مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    تحت شعار «غذاء صحي وآمن لكل مواطن».. «الصحة» تفتتح المؤتمر السنوي الثالث لمعهد التغذية    الإصابة قد تظهر بعد سنوات.. طبيب يكشف علاقة كورونا بالقاتل الثاني على مستوى العالم (فيديو)    بدون بيض أو زبدة.. طريقة عمل بسكويت العجوة في الخلاط    الكشف على 1270 حالة في قافلة طبية لجامعة الزقازيق بمركز مشتول السوق    تحذير قبل قبض المرتب.. عمليات احتيال شائعة في أجهزة الصراف الآلي    مشجع محلاوي يدعم الفريق بالجيتار قبل مباراة لافيينا    كرة اليد، جدول مباريات منتخب مصر في أولمبياد باريس    بث مباشر مباراة غزل المحلة ولافيينا (1-1) بدوري المحرتفين "مرحلة الصعود" (لحظة بلحظة) | استراحة    برلماني: زيارة أمير الكويت للقاهرة غدا يعزز التعاون بين البلدين و يدعم أمن واستقرار المنطقة    الصين تشارك بتسعِة أجنحة في معرض أبوظبي الدولي للكتاب ال33    هنا الزاهد بصحبة هشام ماجد داخل الجيم.. وتعلق: "فاصل من التمارين العنيفة"    هل حبوب القمح يجب فيها الزكاة ومتى بلغ النصاب؟ الأزهر للفتوى يجيب    بيت الزكاة والصدقات يطلق 115 شاحنة ضمن القافلة السابعة لحملة أغيثوا غزة    مصرع 42 شخصا إثر انهيار سد في كينيا    برلماني: افتتاح السيسي مركز البيانات والحوسبة السحابية انطلاقة في التحول الرقمي    ب600 مليون جنيه، هيرميس تعلن إتمام الإصدار الخامس لطرح سندات قصيرة الأجل    رئيس جامعة أسيوط: استراتيجية 2024-2029 تركز على الابتكار وريادة الأعمال    تنظيم ندوة عن أحكام قانون العمل ب مطاحن الأصدقاء في أبنوب    صحتك تهمنا .. حملة توعية ب جامعة عين شمس    النشرة الدينية .. أفضل طريقة لعلاج الكسل عن الصلاة .. "خريجي الأزهر" و"مؤسسة أبو العينين" تكرمان الفائزين في المسابقة القرآنية للوافدين    أفضل طريقة لعلاج الكسل عن الصلاة.. سهلة وبسيطة    بعد أنباء عن ارتباطها ومصطفى شعبان.. ما لا تعرفه عن هدى الناظر    وزير المالية: نتطلع لقيام بنك ستاندرد تشارترد بجذب المزيد من الاستثمارات إلى مصر    علوم حلوان تناقش دور البحث العلمي في تلبية احتياجات المجتمع الصناعي    رئيس الوزراء الإسباني يعلن الاستمرار في منصبه    أمير الكويت يزور مصر غدًا.. والغانم: العلاقات بين البلدين نموذج يحتذي به    مقترح برلماني بدعم كليات الذكاء الاصطناعي بالجامعات الحكومية    تجليات الفرح والتراث: مظاهر الاحتفال بعيد شم النسيم 2024 في مصر    شروط التقديم في رياض الأطفال بالمدارس المصرية اليابانية والأوراق المطلوبة (السن شرط أساسي)    الصين فى طريقها لاستضافة السوبر السعودى    بشرى سارة لمرضى سرطان الكبد.. «الصحة» تعلن توافر علاجات جديدة الفترة المقبلة    السيسي عن دعوته لزيارة البوسنة والهرسك: سألبي الدعوة في أقرب وقت    إصابة 3 أطفال في حادث انقلاب تروسيكل بأسيوط    أسوشيتد برس: وفد إسرائيلي يصل إلى مصر قريبا لإجراء مفاوضات مع حماس    فضل الدعاء وأدعية مستحبة بعد صلاة الفجر    رئيس الوزراء: 2.5 مليون فلسطيني في قطاع غزة تدهورت حياتهم نتيجة الحرب    تراجع أسعار الذهب عالميا وسط تبدد أمال خفض الفائدة    حالة وفاة و16 مصاباً. أسماء ضحايا حادث تصادم سيارتين بصحراوي المنيا    شبانة: لهذه الأسباب.. الزمالك يحتاج للتتويج بالكونفدرالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عشرات القتلى ومئات الجرحى والمعتقلين فى احتجاجات مستمرة.. ما الذى يجرى فى إثيوبيا؟!
نشر في الأهرام العربي يوم 28 - 12 - 2015

أمريكا تعرب عن قلقها للمرة الأولى وبريطانيا تحذر مواطنيها من السفر إلى مناطق العنف

- صمت إفريقى وعربى وإسلامى رسمى عن إدانة «العنف الإثيوبى»

أصبح من المؤكد أن مناطق عدة فى إثيوبيا شهدت على مدار الأسابيع القليلة الماضية اضطرابات سقط على إثرها العشرات من عرقية الأورومو فى إثيوبيا ما بين قتيل وجريح، فيما تم اعتقال المئات تحت ادعاءات حكومية بممارسة العنف والإرهاب، وما بين الإدانات القوية من منظمات حقوقية دولية، و»الإعراب عن القلق»، وتحذيرات السفر إلى مناطق الاحتجاجات من جهة، والصمت أو الإحجام عن الإدانة مصريا وعربيا وإفريقيا، تسعى «الأهرام العربى» إلى إلقاء مزيد الضوء على ما يحدث فى إثيوبيا عبر السطور التالية..

لسبب غير واضح حتى الآن بدأ الاهتمام الإعلامى بما يجرى فى إثيوبيا على نطاق واسع، عربيا -على الأقل- خلال الأسبوع الماضي، رغم أن بداية الاهتمام اقتصرت على نقل ما أوردته وسائل إعلام ووكالات أنباء أجنبية، ففى مطلع الأسبوع الماضى نقلت وكالة رويترز عن تليفزيون محلى إثيوبى أن «خطة للحكومة الإثيوبية تستهدف تخصيص أراض زراعية قريبة من العاصمة الإثيوبية لاستثمارات جديدة، وضمها إلى العاصمة أديس أبابا أثارت احتجاجات على مدار أسابيع، ما زالت فى تصاعد، ووصفت بأنها أسوأ أعمال عنف تقع منذ عشر سنوات فى دولة تسعى للتحول من اقتصاد زراعى إلى قوة صناعية إقليمية.
ونقلت الوكالة عن سياسى معارض لم تورد اسمه، أن نحو 35 شخصا قتلوا فى اشتباكات مع الشرطة. فيما أشار سكان محليون إلى سقوط عشرات القتلى، ومئات المصابين.
من جهتها قالت الحكومة الإثيوبية إن هذه الأرقام مبالغ فيها وأنحت باللائمة على من أسمتهم «عصابات مسلحة» ومعارضين فى تأجيج حالة الغضب ضد الخطط التى لم يتم وضع اللمسات الأخيرة لها.
وتسلط هذه الاضطرابات الدموية الضوء على التحدى الذى يواجه إثيوبيا فى الوقت الذى تسعى فيه لإحداث التغيير وبناء صناعة جديدة فى البلاد التى لا يزال يعتمد معظم سكانها البالغ عددهم 90 مليون نسمة على مزارع صغيرة فى كسب قوتهم.
وبحسب مراقبين فإن ضحايا العنف فى إثيوبيا من عرق الأرورومو الذين ينظر إليهم باعتبارهم أكبر إثنية فى إثيوبيا، ويشكلون أكثر من 40 % من سكان البلاد، ويعتبرون من أقدم العرقيات التى استوطنت منطقة القرن الإفريقي.

75 قتيلا على يد الأمن الإثيوبي:
وقد أعلنت منظمة هيومنرايتسووتش المدافعة عن حقوق الإنسان السبت الماضى أن قوات الأمن الإثيوبية قتلت 75 شخصا فى التظاهرات التى اندلعت فى البلاد فى شهر نوفمبر الماضى احتجاجا على خطط لمصادرة أراض فى منطقة أوروميا.
وقالت المنظمة فى بيان لها إن «الشرطة وقوات الأمن أطلقوا النار على المتظاهرين وقتلوا 75 منهم على الأقل وجرحوا آخرين».
ولم تعلق الحكومة رسميا على البيان بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الفرنسية، لكنها ذكرت أن الحصيلة الرسمية لضحايا هذه التظاهرات هى 5 قتلى فقط.
وقال الناطق باسم الحكومة إن «التظاهرات السلمية» التى بدأت فى نوفمبر الماضى تحولت إلى أعمال عنف، متهما المحتجين «بترهيب الناس».
وكانت هذه التظاهرات قد بدأت عندما تصدى طلاب لخطط للحكومة تتضمن مصادرة أراض فى عدة مدن فى منطقة أوروميا، ما أثار مخاوف من أن تستهدف الحكومة أراض يسكنها تقليديا أفراد من الأوروميا، وجرت التظاهرات فى بلدات هارامايا وجارسوو وإليسو وروبى وغيرها.
وقالت هيومان رايتس ووتش إنها «تلقت تقارير موثوقة تفيد أن قوات الأمن أطلقت النار على عشرات المتظاهرين فى قطاعى شيوا ووليغا» غرب أديس أبابا.
ونقلت المنظمة أن «عددا من الأشخاص قالوا إنهم رأوا قوات الأمن فى بلدة واليسو التى تبعد 100 كيلومتر جنوب غرب العاصمة الإثيوبية، تطلق النار على محتجين، وتترك الجثث فى الشوارع».
وأوروميا التى يبلغ عدد سكانها 27 مليون نسمة هى المنطقة الأكثر اكتظاظا بالسكان فى إثيوبيا. ويتكلم سكانها الأورومو لغة مختلفة عن اللغة الأمهرية السائدة فى إثيوبيا.

واشنطن تدين.. ولندن تحذر:
من جهتها دعت سامنثا باور، سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية فى الأمم المتحدة، الحكومة الإثيوبية الجمعة إلى «ضبط النفس»، وقالت إن «الولايات المتحدة تشعر بقلق عميق جراء أعمال العنف الأخيرة فى منطقة أوروميا والتى يعتقد أنها أدت إلى مقتل عدد من المحتجين».
كما أوردت وزارة الخارجية البريطانية فى اليوم نفسه بيانا عن «تظاهرات واسعة فى منطقة أوروميا خلال الأسابيع الماضية بعضها تطور إلى أعمال عنف وأسفر عن ضحايا» محذرة المواطنين البريطانيين من السفر إلى غرب وجنوب غرب هذه المنطقة.

صمت إفريقي:
يأتى هذا فيما لم يصدر أى بيان حتى لحظة كتابة هذه السطور من الاتحاد الإفريقى الذى يقع مقره فى العاصمة الإثيوبية، رغم مرور أسابيع على اندلاع أحداث العنف وارتفاع عدد ضحاياها، ولايزال الوضع غامضا.


الاحتجاجات الحالية ليست الأولى.. أزمة الأورومو فى إثيوبيا.. قديمة متجددة

احتجاجات 2014 شهدت سقوط العشرات من القتلى والجرحى

مزارعو الأورومو أصبحوا «عمالا باليومية» فى أراضيهم التى صادرتها الحكومة

ما الدور الأمريكى الخفى فى دعم الحكومة.. ولماذا أبدت واشنطن «قلقها أخيرا»

كتب الباحث «أوولأولوو»، المتخصص فى حقوق الإنسان، والحاصل على «الزمالة» من كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، أن ما لا يقل عن 50 متظاهرا قد لاقوا حتفهم، وسقط مئات الجرحى، فيما تم اعتقال آلاف آخرين فى الاحتجاجات التى امتدت لأكثر من شهر فى جميع أنحاء المنطقة.
وأضاف «أولوو» فى مقال نشره موقع «أروميان إكنوميست» الأحد الماضي، أن التوترات تصاعدت بشكل حاد هذا الأسبوع بعد أن اتهمت السلطات المتظاهرين بالإرهاب، وأكدت نشر قوات عسكرية فى المنطقة، حيث تستمر الحكومة فى اتخاذ موقف متشدد من الاحتجاجات السلمية، ففى 17 ديسمبر الجارى وصف وزير الاتصالات الإثيوبى غيتاتشيو رضا، المحتجين بأنهم «إرهابيون» و»شياطين». وهدد رئيس الوزراء هايلا مريم ديسالي جنهب باتخاذ «إجراءات لا ترحم القوة على زعزعة الاستقرار فى المنطقة»، مرددا تصريحات تؤكد أن «القوة مهمة فى مكافحة الإرهاب فى البلاد» التى وعدت باستخدام التدابير «القانونية والمناسبة».
ويرى «أولوو» أن هذا «هو التكتيك القديم فى إثيوبيا، حيث يتم تجريم الاحتجاجات، وترفض أديس أبابا فى كثير من الأحيان «التظلمات المحلية الحقيقية» للسكان المحليين، وتصر على وصم معارضيها بالمناهضين للتنمية. وعلى مدى العقد الماضي، يضيف «أولوو»، استخدمت الحكومة فى أديس أبابا شعار «الحرب على الإرهاب»، وخطاب التنمية لإسكات الأصوات المستقلة، والحد من النقاش الديمقراطي. وتكميم أفواه الصحافة بشكل فاعل، وتواجه المنظمات المدنية والسياسية المستقلة مجموعة من التكتيكات الحكومية، بما فى ذلك التلاعب والاستقطاب والقمع العنيف.

سبب الأزمة
يرجع الباحث السبب المباشر للأزمة إلى»خطة التنمية الإقليمية المتكاملة» لأديس أبابا وأوروميا والمنطقة المحيطة بها، والمعروفة باسم محليا «الخطة الرئيسية» أو «The Master Plan»، التى تهدف إلى توسيع حدود العاصمة الإثيوبية لتشمل مناطق من أوروميا. إلا أن الحركة الاحتجاجية الحالية هى انعكاس لتراكمات الأوضاع المتأججة منذ فترة طويلة، نتيجة مباشرة للتوترات العرقية والمظالم التاريخية العميقة. حيث يرى «أولوو» أن الأورومو، الذين يشكلون ما يقرب من نصف سكان إثيوبيا البالغ تعدادهم نحو 100 مليون شخص (تشير الإحصاءات المتداولة أن عدد سكان إثيوبيا يبلغ 90 مليون نسمة، يشكل الأورومو نحو 40 % منهم)، يعانون منذ فترة طويلة من مظالم اقتصادية واجتماعية وسياسية فى إثيوبيا. وأن الغضب والتحدى اللذين ثارا على مدى الأسابيع القليلة الماضية هما استجابة عفوية لعقود من التهميش المنهجى والهيكلى للأورومو.
ويضيف أنه على العكس من ادعاءات الحكومة الإثيوبية، فالاحتجاجات السلمية إلى حد كبير لا تشكل أى تهديد لمصالح الأمن الاقتصادى أو الوطنى لإثيوبيا. ومع ذلك، فإن حملة القمع التى شنتها الحكومة بعنف ضد المتظاهرين تمثل خطرا واضحا وقائما من أوروميا.

لماذا يحتج الأورومو؟
ويشير الباحث إلى أن احتجاجات الأرومو الأخيرة ليست الأولى، ففى إبريل ومايو 2014، اندلعت احتجاجات مماثلة عندما كشفت الحكومة عن «الخطة الرئيسية» المثيرة للجدل. لقي على إثرها عشرات الأشخاص مصرعهم، وأصيب آخرون بجروح. فيما تصر السلطات على أن مشروع الخطة سيتيح مناخا أفضل للأنشطة الإنمائية، وسيسهل تقديم الخدمات العامة فى المناطق النائية. فيما يقول المحتجون إنه مخطط لضم مساحات واسعة من أراضيهم للسلطة الإدارية للعاصمة، وأن ذلك سيستدعى تهجير الملايين من المزارعين الأورومو، وهو ما لم تنفه الحكومة الإثيوبية.
ويصف الباحث العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بأنها واحدة من أسرع المدن نموا فى العالم، وأنها تواجه انفجارا سكانيا، وقد امتدت رقعة المدينة تدريجيا لتستقطع مساحات من الأراضى الزراعية والغابات فى القرى المجاورة التى يقطنها الأورومو.
وخلال السنوات ال 10 الماضية، تم طرد أكثر من 150 ألفا من المزارعين الأورومو من أراضى أجدادهم دون تعويض مناسب، أو إعادة توطينهم فى مناطق بديلة مناسبة، وتحول المزارعون النازحون إلى عمال ب»اليومية» فى الأراضى التى انتزعت منهم، كما يقول «أولوو».
ويخشى العديد من السياسيين المعارضين لحكومة أديس أبابا من أن تؤدي»الخطة الرئيسية» إلى انتزاع مساحات جديدة، وغير محددة من أراضى أروميا، ما يمكن أن يحدث تغييرا جذريا فى التركيبة السكانية فى المنطقة، وإرثها الثقافي. فيما يقول المحتجون إن هذا التوسع هو عملية «تطهير عرقي»ضد السكان والثقافة الأورومية فى المنطقة، ويريد المتظاهرون الأوروميون تنمية محورها الإنسان، ما يتيح لكل فرد أن يحصل على حصة عادلة من عوائد التنمية.

مخالفة دستورية
تقع العاصمة أديس أبابا فى قلب مناطق أوروميا. ويعترف الدستور الإثيوبى بمنح «اهتمام خاص» من الدولة للمدينة، ويكلف البرلمان بسن القوانين التى من شأنها تنظيم «توفير الخدمات الاجتماعية أو استخدام الموارد الطبيعية» بين أوروميا وأديس أبابا. ومع ذلك، وبعد عقدين من إقرار الدستور، لم يتم سن مثل هذه القوانين. وفى الوقت نفسه، يجرى التوسع فى مساحة أديس أبابا على حساب البلدات المحيطة بها فى أوروميا بلا هوادة. وهذا التوسع الذيي غذيه الطلب على الأراضى عن طريق الاستثمار الأجنبى والخاص، كانت له آثار اقتصادية وبيئية خطيرة للمنطقة.

مطلب عادل.. تنمية محورها الإنسان
وقد لجأت الحكومة إلى التذرع بالأهداف التنموية لإسكات مثل هذه المخاوف، لكن نهجها فى التنمية ضيق - بحسب الباحث - الذى يرى أن إثيوبيا تتبع نموذجا تنمويا للدولة التى لا تضمن المشاركة الديمقراطية والإجراءات التمثيلية اللازمة لفحص شرعية، والسلامة والتناسب فى المشاريع التى تنفذها الدولة.
ويتم تمويل هذه المشاريع وخطة التحول أساسا عن طريق المساعدات الخارجية، وعلى رأسها تلك القادمة من الولايات المتحدة. وتضم الخطة نقل السكان من الأراضى المخصصة لبناء البنية التحتية والمجمعات الصناعية والتنمية الزراعية على نطاق واسع. وغالبا ما تنفذ هذه البرامج من خلال الترهيب والعنف والأساليب القمعية الأخرى.

أياد أمريكية
ينظر إلى إثيوبيا باعتبارها حليفا رئيسيا للولايات المتحدة فى «الحرب على الإرهاب». حيث قدمت الولايات المتحدة فى عام 2006، الدعم التقنى والمالي للغزو الإثيوبى للصومال بذريعة استهداف مجموعة «الشباب» المسلحة الصومالية. ومنذ العام 2011، كانت الولايات المتحدة تستخدم قواعد فى إثيوبيا لإقلاع طائرات بدون طيار كجزء من مهمة مكافحة الإرهاب فى شرق أفريقيا.
وقد استمرت واشنطن لفترة طويلة (ناهزت عقدا من الزمان) فى إقرار التكتيكات الاستبدادية للحزب الحاكم فى أديس أبابا، وتجاهلت باستمرار بواعث القلق المتعلقة بحقوق الإنسان. حتى يوم الجمعة الماضي، حينما أعربت وزارة الخارجية الأمريكية عن قلقها بشأن تقارير عن سقوط قتلى، (فى إشارة إلى تقرير هيومان رايتس ووتش)، وحثت الحكومة الإثيوبية «للسماح بالاحتجاج السلمى والالتزام بإجراء حوار بناء».

تداعيات غير مسبوقة
بقى أن هذه الاحتجاجات الأخيرة لم يسبق لها مثيل فى مناطق كثيرة من البلاد، من حيث اتساع رقعتها، والأدوات والتكتيكات التى تستخدمها، التى تضمنت استخدام الحواجز، والاعتصامات، وقطع الطرق، ودعوات العصيان المدني.
فيما يرى مراقبون أن المقاومة السلمية - حتى الآن- والمتنامية بقوة نجحت فى تجاوز التصدعات السياسية العميقة، وبناء تضامن بين الأعراق، وبين اللاعبين السياسيين الرئيسيين فى البلاد على مدى الأسبوعين الماضيين، إذ أعرب العديد من منتسبى الأحزاب السياسية غير المحسوبة على الأورومو، عن تضامنهم مع حركات الاحتجاج، فيما أعربت منظمات مدنية كذلك عن تضامنها مع المحتجين. وهو ما ينظر إليه باعتباره إنجازا ملحوظا فى بلد منقسم بشدة على أسس عرقية. وبرغم أن هذه الاحتجاجات قد لا تنهى تبعية شعب الأورومو لحكومة أديس أبابا، أو حتى توقف تشريد المزارعين، فإنه ينظر إليها على نطاق واسع باعتبارها تمثل متنفسا لعقود من السخط والإحباط، وتعد مصدر إلهام لصراعات محتملة من أجل تحقيق المساواة والعدالة فى إثيوبيا.



من هم الأورومو؟

أكبر وأعرق إثنية فى إثيوبيا.. الأغلبية مسلمون وتربطهم علاقات وثيقة مع مصر القديمة

جبهة تحرير أورومو تناضل منذ السبعينيات لنيل حق تقرير المصير

أشهر شيوخهم من خريجى الأزهر.. ويتم تعميد قساوستهم فى الإسكندرية.. ويتطلعون لدور مصرى أكبر

يعد شعب الأورومو من أقدم الشعوب التى استوطنت منطقة القرن الإفريقي، إذ يقيمون فى أجزاء كبيرة من إثيوبيا التى يشكلون أكبر أعراقها، إضافة إلى أجزاء من الصومال وشمال كينيا، ورغم أنه لا يوجد حتى الآن تقدير تاريخى متفق عليه لاستيطانهم للمنطقة، فإن إشارات كثيرة توحى بأنهم يقطنون مواطنهم الحالية منذ ما يقارب 7000 عاما، وبحسب دراسات تاريخية كثيرة، ومنها ما أورده (بروتى وآخرون- 1981)، فمن المرجح أن يكون الأورومو هم العرق الأصلى الذى انحدرت منه معظم الشعوب الكوشية الجنوبية الشرقية، كالصوماليين والعفريين، والساهو فى إريتريا، والنوبيين فى مصر والسودان.
الأورومو وقدماء المصريين
يتحدث "الأورومو" لغة تحمل اسم "أوروميفا"، وتشير دراسات تاريخية إلى أنهم كانوا السكان الأصليين ل"بلاد بونت"، وهو الاسم القديم لمنطقة القرن الإفريقي، وهو ما يؤكد العلاقات التاريخية الوثيقة التى جمعتهم بقدماء المصريين، وأشهر دلائلها بطبيعة الحال الرحلات الشهيرة التى سجلتها الملكة المصرية القديمة حتشبسوت على الآثار الفرعونية التى خلدت ذكراها. إذ تورد الدراسات ذاتها أن الأورومو كانوا يستخدمون ميناءهم التاريخية"زيلع" أو "Zeyla"، فى استيراد وتصدير البضائع كالمواشى والحبوب، ومن أهمها القهوة التى يرجح أنهم وراء اكتشافها، ولا تزال القهوة الأورومية معروفة فى العالم العربى حتى اليوم.
وظل حكام أورومو يسيطرون على منطقة القرن الإفريقى ويحكمون أنفسهم بأنفسهم حتى بدأ التوغل الأوربى الاستعمارى فى المنطقة.
ويدين نحو 70% من الأورومو بالإسلام، ونحو 20% بالمسيحية، ولا يعرف عنهم تطرف أو وجود صراعات أو خلافات دينية.

جبهة تحرير أورومو
فى العام 1973 تأسست منظمة سياسية تحت اسم جبهة تحرير أورومو، وقدمت نفسها باعتبارها تنظيما قوميا ممثلا للشعب الأورومي، وفى العام 1976 أعلنت الجبهة النضال المسلح من أجل تحرير الشعب الأورومي، وبدأت فى شن حرب عصابات، انطلاقا من منطقة شرق هررغى ضد الجيش الإثيوپي، وتعرضت الجبهة لعدد من الانشقاقات فى صفوفها، كما تعرض 11 من قادتها للاغتيال فى صحراء أوجادين التى شهدت فى السبعينات حربا بين الصومال وإثيوبيا، حيث تم اغتيال قادة الحركة، وهم متجهون إلى الصومال لشرح قضيتهم بمن فيهم رئيس الجبهة ونائبه.
بعدها اختارت الجبهة قيادة جديدة برئاسة قلاسا لبو، ونائبه لينجو لتا، اللذين قادا الجبهة من عام 1980 حتى 1994. وفى هذه الأثناء انتقلت الجبهة إلى السودان، وبقى الجناح العسكرى فى الداخل لشن هجمات مسلحة على الجيش الإثيوبى من السودان.
فى الثمانينيات، عقدت الجبهة تحالفات مع الجبهات المعارضة للنظام الإثيوبي، مثل جبهة تحرير إريتريا، وجبهة تحرير شعب تيكراي. وفى عام 1988 بثت الجبهة أول إذاعة ناطقة باسمها، وأطلقت عليها صوت تحرير شعب أورمو.
وقد عارضت الجبهة حكم منجستو هايلامريم الرئيس الإثيوبى السابق، وشاركت فى الإطاحة بنظامه مؤيدة القوات الموالية لميليس زيناوى عام 1991، وفى نفس العام شاركت الجبهة فى المؤتمر الذى عقد فى لندن بعد انهيار النظام الشيوعى فى إثيوبيا برئاسة منجستو، وتحالفت مع الجبهة الديمقراطية لشعوب إثيوبيا، بقيادة ميليس زيناوى لتأسيس حكومة انتقالية في أديس أبابا، ولكنها اختلفت على كيفية إجراء انتخابات حرة ونزيهة. فأعلن قادة الحركة انشقاقهم عن الجبهة الديمقراطية لشعوب إثيوبيا، ومعارضتهم لحكم زيناوي، وسعيهم لإقامة وطن خاص بهم، والحصول على حق تقرير المصير والاعتراف الدولي، عام 1992.
ويتزعم الجبهة حاليا داود أيانا، ويشير الموقع الإلكترونى للجبهة بأن لها مكتبين فى كل من العاصمة الأمريكية واشنطن، والعاصمة الألمانية برلين. وقد حظيت الجبهة بدعم دولى مع تصاعد احتجاجات الأورومو ضد خطة الحكومة الإثيوبية خصوصا بعد سقوط عدد كبير من الضحايا إثر احتجاجات الطلبة التى تحولت لاحتجاجات شعبية واسعة النطاق خلال الأسابيع الماضية.

شعب الأرومو ومصر
فى كتابه الصادر عام 2014 باللغة العربية يشير الباحث الأرومى عبد السلام عبد الله إلى ما يصفه بمسئولية الشعب والقيادة المصرية عن إى إجراء تمارسه الحكومة الإثيوبية ضد مصر فيما يتعلق بمياه النيل يقول الباحث:" كان المصريون فى أيام جمال عبد الناصر يهتمون كثيرا بالدول الإفريقية عامة ودول منبع النيل خاصة منها إثيوبيا، حيث كنت أذكر فى صغرى أن المهندسين المصرين هم من بنو جامعة هرومايا الزراعية وكان باستطاعتك أن تراهم هناك معلمين ومهندسين مصريين فى كل الميادين، وكانت هناك بعثات طلابية إلى كل الجامعات المصرية عامة وجامعة الأزهر خاصة فى كل عام".
يضيف عبد الله: "وكان فى إثيوبيا "لوبي" مصرى من الطلاب الذين درسوا فى مصر وكانوا يدافعون عن مصالح مصر فى كل الميادين .ولكن المصريين تركوا إثيوبيا وشعب أورومو الكبير خلفهم، وتوجهوا بكل ثقلهم إلى دولة إسرائيل كأن مصالحهم مع إسرائيل، وليست مع الإفريقيين وباعوا الغاز المصرى لإسرائيل بأرخص الأثمان، وفوق هذا كله يشعر الإثيوبى أنه ليس مرغوبا فيه فى مصر بينما السودانى يعيش معززا مكرما".
ويدلل الكاتب على ما ذهب إليه بقوله:"ترى الإثيوبى يدفع رسوما مضاعفة إن فكر وزار المتحف المصرى حيث السودانى والصومالى يدفعون رسوما كالمواطنين المصريين، فيما يعامل الإثيوبيين معاملة الأجانب".
ويستطرد الكاتب: "أناشد الشعب المصرى باسمى وباسم الشعب الإثيوبى عامة وشعب الأورومو خاصة، أن يطوروا علاقاتهم مع الإثيوبيين بصفة عامة، والأوروميين بصفة خاصة. ليعود الاحترام الكبير لمصر والمصريين، لأن أرض مصر يوجد فيها الأزهر الشريف الذى تخرج فيه كبار علماء أورومو كأمثال الشيخ محمد رشاد عبد الله مفسر القران الكريم باللغة الأورومية، والشيخ عبد الرحمن مودنا، رئيس المجلس الأعلى الإسلامى السابق فى إثيوبيا رحمة الله عليه".
ويدعو الكاتب (المصريين) لأن "يبنوا المعاهد التعليمية المهنية فى كل مناطق إثيوبيا عامة ومناطق أوروميا خاصة". ويقول: "الذى لا يعرفه المصريون أو يتجاهلونه عمدا أن الشعب الإثيوبى بمسلميه ومسيحييه يحبون شعب مصر، ليس فقط لوجود الأزهر، بل كذلك لوجود الكنائس القبطية الشرقية بالنسبة للمسيحيين الذين يذهبون إلى الإسكندرية لتعميد قساوستهم هناك، - بحسب الكاتب .
ورغم إطلاق العديد من المبادرات الشعبية المصرية لتحسين العلاقات المصرية الإثيوبية أخيرا، ورغم تعثر المفاوضات التى لا تزال تجرى بخصوص سد النهضة الذى تواصل الحكومة الإثيوبية العمل فى بنائه فإن مصر الرسمية - إن صح التعبير- لازالت تنأى بنفسها عن أى مساندة لحق شعب الأورومو فى تقرير مصيره، أو حتى استنكار الإجراءات العنيفة للسلطات الإثيوبية التى أسفرت عن سقوط عشرات القتلى ومئات المصابين خلال الأيام القليلة الماضية بحسب منظمات حقوقية دولية، واكتفى المتحدث باسم الخارجية المصرية بالرد على سؤال لعدد من المحررين الدبلوماسيين الاثنين الماضى حول تعليق وزارة الخارجية على ما شهدته بعض المدن الإثيوبية من اضطربات خلال الأيام الأخيرة، بالقول إن هذا الأمر يعد شأناً داخلياً إثيوبيا، وأن مصر تتطلع إلى استمرار استقرار الأوضاع واستكمال برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة فى إثيوبيا بما يعود بالنفع والرخاء للشعب الإثيوبى الشقيق.
وأضاف المتحدث باسم وزارة الخارجية أن إثيوبيا دولة كبيرة مهمة فى القارة الإفريقية، وأن استقرارها وسلامتها يعززان من مصلحة القارة، بما فى ذلك المصلحة المصرية".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.