أحمد إسماعيل - محمد بيومى التصعيدات الأخيرة التى يقوم بها عدد من الحركات والأحزاب السياسية، ومشاركتهم فى الإضراب عن الطعام ضمن حملة "الأمعاء الخاوية" الداعية لإطلاق سراح معتقلى الرأى والمحبوسين على ذمة قانون التظاهر، والمطالبة بضرورة تعديل قانون التظاهر لإخلاله بالحقوق الأساسية الواردة فى الدستور، تثير عدة تساؤلات مهمة: لماذا اختيار هذا التوقيت؟! وما الهدف الخفى وراء ذلك؟! وهل ستتصاعد تلك الحملة بعد قرار الإفراج عن علاء عبدالفتاح يوم الأحد الماضى؟ فقد دعت 7 أحزاب سياسية أعضاءها على مستوى الجمهورية إلى فتح مقراتها للمشاركة فى الإضراب عن الطعام ضمن حملة "الأمعاء الخاوية" الداعية لإطلاق سراح معتقلى الرأى والمحبوسين على ذمة قانون التظاهر. وطالبت هذه الأحزاب وهى: الدستور، والمصرى الديمقراطى الاجتماعى، والكرامة، والتيار الشعبى، والتحالف الشعبى الاشتراكى، ومصر الحرية، والعيش والحرية «تحت التأسيس»، فى بيان أصدروه بضرورة تعديل قانون التظاهر لإخلاله بالحقوق الأساسية الواردة بالدستور، وأوضحت هذه الأحزاب أن حملتها التصعيدية خطوة تستهدف التأكيد على عدالة مطالب قوى الثورة بعد تجاهلها من قبل السلطات المعنية . كما أعلن بعض الصحفيين اعتصامهم فى مقر نقابتهم والإضراب عن الطعام مشاركة منهم فى معركة الأمعاء الخاوية تضامنا مع النشطاء المحبوسين.. والذين تحدثت معهم «الأهرام العربى». بداية قالت هند نافع – إحدى الصحفيات المضربات- دخلت فى إضراب عن الطعام منذ 9 أيام، للمطالبة بإسقاط قانون التظاهر والإفراج عن جميع المعتقلين سواء المحبوسين احتياطيا أم من صدرت ضدهم أحكام قضائية، وفتح نقاش مجتمعى للوصول لمشروع قانون عادل لتنظيم حق التظاهر بمصر. وتضيف هند: قمنا بثورة فى 25 يناير من أجل أهداف معينة لم تتحقق حتى الآن، وهذا التظاهر هو الذى أكسب الرؤساء الذين تولوا السلطة بعدها شرعيتهم، لذا لا يصلح أن يأتى رئيس بعد الثورة ويسلب منا هذا الحق، فلا يوجد أى بلد ديمقراطى فى العالم يمنع مواطنيه من التظاهر للمطالبة بحقوقهم، فنحن نعيش الآن قمة الديكتاتورية. وأكدت هند أن موجة الإضراب بدأت تتسع داخل السجون ببدء عدد من المسجونين إضرابهم عن الطعام، وانضمام العديد من الشباب لهم فى الخارج، فقد وصل عددنا إلى 280 مضربا عن الطعام سواء داخل أم خارج السجون، كثير منهم حالتهم الصحية متدهورة، مثل محمد سلطان والذى قامت السلطات الأمنية بإعادته إلى حبسه الانفرادى فى ليمان طرة مرة أخرى برغم تدهور حالته، والتى استدعت نقله من محبسه إلى وحدة العناية المركزة فى مستشفى السجن، بعد إضراب 230 يوماً، فماذا تنتظر الدولة؟! هل تنتظر وفاته؟ بالإضافة إلى سوء معاملة العديد من المعتقلين، لذلك قررنا أن نكون صوتهم فى الخارج، لتوصيل رسالة للنظام: "لقد سلبتم منا كل أساليب المقاومة لكن نحن سنظل نقاوم حتى لو قدمنا أرواحنا فداء لمطالبنا". وأوضحت هند أن هناك تخاذلا كبيرا من نقابة الصحفيين، مشيرة إلى أن خالد البلشى، عضو مجلس نقابة الصحفيين هو الوحيد المتضامن معهم. وطالب محمد الجارحى - أحد الصحفيين المضربين- الدولة بإعادة النظر فى قانون التظاهر والإفراج الفورى عن جميع المعتقلين، قائلا: من دخل الإضراب 10صحفيين نقابيين و5 غير نقابين، ولم نأخذ أوامر من البرادعى بالإضراب كما يقال، لأن مواقفنا تجاهه معروفة، وعن توقيت إضرابنا مع زيارة كيرى لمصر، فهو جاء لكى ينسق ضرب العراق ليس من أجلنا، فأمريكا تحكمها مصالحها، وهكذا السلطة فى مصر، لكن نحن نريد مصلحة الشعب لا أمريكا أو النظام الحالى. مضيفا: لا يستوى أن سلطة جاءت بالتظاهر أن تمنعه، فلولا المظاهرات ما كان الرئيس عبد الفتاح السيسى وصل إلى حكم مصر، فهذا أيضا ما فعله الإخوان عندما تولوا السلطة فقد قاموا بضرب وقمع المتظاهرين عند مجلس الشعب بحجة حماية الشرعية، فمع الأسف الكلام قبل السلطة شيء وبعدها شيء آخر. وأضاف: أتمنى من السلطة أن يتعلموا من دروس ما قبلهم، ويتعظوا من مصير محمد مرسى وحسنى مبارك، لأن الحلول الأمنية لن تنفعهم، لأن تحقيق العدالة لن يأتى إلا بالممارسات، ليس بإرهاب للشعب، وطالما أن النظام لا يسمع إلا صوتا واحدا ولا يريد معارضة أو تظاهرا، فلم يتحقق أى شىء. وطالب الجارحى مجلس نقابة الصحفيين بالانضمام للإضراب لكى يدافع عن حرية الرأى والتعبير، لأن الصحفيين هم أكثر فئة أصابها الضرر، فضلا عن الانتهاكات التى تحدث كل يوم. ففى عصر حسنى مبارك كان سلم نقابة الصحفيين هو الملجأ لكل المتظاهرين من جميع الفئات. وقالت منى سليم –إحدى الصحفيات المضربات- إن كل قضية أو جلسة ستنعقد على خلفية قانون التظاهر ستكون محطة جديدة لمقاومة هذا القانون، فقد قررنا الاعتصام والإضراب عن الطعام انطلاقا من عدة قناعات، أولاها أن الجماعة الصحفية فى مصر هى أول المدافعين عن الحريات، ونقابة الصحفيين هى المنوط بها القيام بهذا الدور، والذى تأخر جدا وكنا نتمنى أن تكون نقابة الصحفيين أول من يعلن بشكل رسمى باسم الجماعة الصحفية رفضها لقانون التظاهر، وهذا لم يحدث، فنحن ندعو جميع الصحفيين للمشاركة فى هذا الاعتصام، والقيام بالمنتظر منهم، بداية من الانضمام لصفوف المتضررين والمعتصمين ضد القانون، وإصدار بيان رسمى يطالب بتغيير القانون وطرح البدائل التى تحمى الحق فى الحياة والتعبير السلمى عن الرأي. فالصحفيون فى أوائل صفوف المتضررين من ذلك القانون أثناء تغطيتهم للمظاهرات والمسيرات، وقد دفعوا الثمن غاليًا ولا يزالون من قتل وتعذيب وسجن وتشريد وميادة أشرف ليست الأولى أو الأخيرة. وأضافت منى: 25 يناير ثورة أطاحت برئيس، وجاءت برئيسين، فلا يحق وغير مسموح لأى رئيس جمهورية أن يمنعه، فتنظيم التظاهر ليس هو قانون التظاهر الحالى الذى يمنع "التظاهر"، فالقانون الجنائى المصرى يستطيع أن يقاوم الخارجين عن القانون والقائمين بأعمال العنف، لكن التظاهر السلمى يحتاج قانونا آخر، فقد طرحت عدة مشروعات قانونية بديلة لقانون التظاهر الحالى، ولم يتم الالتفات إليها من قبل النظام الحالى الذى لم يسمع من يتحدث إليه، وبالتالى لم يبق لنا غير أن نقول إننا ظمأى للحرية، ومضربون عن الطعام حتى تعيد الدولة النظر فى هذا القانون وسنظل فى مقاومتنا. وقالت منى إننا أمام تكوين كرة ثلج حقيقية، فالإضراب يتسع فى الأحزاب والنقابات والسجون، فنحن نتخذ خطوات تصعيدية ضد القانون بالإضرابات والاعتصامات وحملات التوقيعات والتظاهرات والوقفات الاحتجاجية، فقد كانت هناك حركة تضامنية عالمية لعدد كبير من النشطاء العالميين مضربين عن الطعام تضامنا مع الرافضين لقانون التظاهر فى مصر، فنحن مستمرون ومن عليه أن يفكر ويراجع نفسه هو النظام المصرى الحالى.. وقال مصطفى بسيونى، أحد المضربين عن الطعام بنقابة الصحفيين، إن إضرابنا هو جزء من إضراب أكبر ينضم إليه عدد من السجناء والمتضامنين معهم خارج السجون لاستعادة الدور الحقيقى لنقابة الصحفيين، وهو حماية حرية الرأى والديمقراطية والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين وإلغاء قانون التظاهر، الذى يحاكم على خلفيته الآلاف من المعارضين والبدء فى نقاش مجتمعى حقيقى حوله للوصول لمشروع قانون عادل يقر فيه حق التظاهر بمصر ويحمى حرية التعبير عن الرأى. وفى هذا السياق كلف النائب العام المستشار هشام بركات، مكتبه الفني، برئاسة النائب العام المساعد "المؤقت"، بالتحقيق وفحص الإخطار الرسمى الذى تقدم به نقيب الصحفيين ضياء رشوان، للنائب العام، لإخطاره بدخول 10 صحفيين مقيدين بالجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، فى إضراب عن الطعام، والاعتصام بمقر النقابة بدءا من الثانية عشرة ظهر أمس السبت، اعتراضا منهم على قانون التظاهر، وتضامنا مع المحبوسين بموجبه. وطالب "رشوان" فى إخطاره الذى تقدم به أمس السبت، من "بركات"، بانتقال أحد وكلاء النيابة لسماع أقوال المضربين، وإثبات ذلك فى محضر رسمي، ليتحملوا بذلك مسئولية المضربين، ودخولهم فى معركة "الأمعاء الخاوية"، ضمن الحملة التى أطلقها نشطاء وحملت اسم "جِبنا آخرنا وعلى الجانب الآخر طالبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالإسقاط الفورى لقانون التظاهر باعتباره قانونا غير دستورى ودعت فى ورقة العمل التى أصدرتها كل المحاكم للامتناع عن تنفيذ أحكامه فى تقرير بعنوان " قانون كاتم الصوت " تعليقا على انعدام دستورية هذا القانون. كما استقبل عدد من الأحزاب عشرات المضربين عن الطعام تضامنا مع المحتجزين فى السجون بموجب قانون التظاهر أو فى قضايا رأى، وذلك فى إطار حملة الإضراب الرمزى التى تشارك فيها الأحزاب والحركات . ومن جهة أخرى تلقت المحكمة الدستورية العليا أول طعن على دستورية قانون التظاهر الذى أصدره الرئيس المؤقت السابق عدلى منصور، وتم تسجيل الطعن الذى قدمه المحامون خالد على وطارق العوضى ومحمد عادل سليمان برقم 160 لسنة 36 قضائية دستورية. وقد انصب الطعن على عدم دستورية المادتين 8 و10 من القانون لما فيهما من شبهة مخالفة لنصوص 13 مادة من دستور 2014 ودفع الطعن بعدم صلاحية المستشار عدلى منصور لنظره لأنه من أصدر هذا القانون كما دفع الطعن بعدم صلاحية جميع أعضاء المحكمة الدستورية لنظر الطعن لعلاقتهم برئيسهم مهنيا ووظيفيا وإنسانيا وشخصيا. وعلى الجانب الآخر اتهم عدد من رجال السياسة تلك التيارات والحركات بأنها مُمولة من الخارج وتحاول اللعب على وتر العاطفة لجذب المواطنين قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة، المعركة أيضًا ضمت أفكارًا تضم الإضراب عن الطعام وهو ما بدأ به عدد من النشطاء فى السجون وعلى رأسهم علاء عبد الفتاح قبل الإفراج عنه يوم الأحد الماضى، وقد قاموا بدعوة تحت مسمى "الأمعاء الخاوية"، وذلك من أجل جذب التعاطف الشعبى معهم. بداية يقول محمد أبو حامد، النائب البرلمانى السابق: إن تلك القوى المشبوهة لن تستطيع خداع الشعب المصرى، وإثارة تعاطفه معهم، حينما يقومون بالإضراب عن الطعام أو تنظيم أى مظاهرات أخرى، أو الدعوة لما يسمى "بمعركة الأمعاء الخاوية"، خصوصا أن الشعب المصرى أصبح عنده من الوعى، بحيث إنه يدرك ما يحاولون أن يوصلوه إليه فى الوقت الذى يتواصل الرئيس عبد الفتاح السيسي، فيه مع الشعب المصرى عبر وسائل الإعلام فى حالة وجود أى أمر يهم الجماهير لتوضيح الأمور. مضيفا أن استخدام إيحاء "معركة الأمعاء الخاوية" للإفراج عن المعتقلين يعطى دلالة للعالم أنه لا يوجد أى موارد تحمى الفقراء، فى الوقت الذى يحاول فيه الرئيس عبد الفتاح السيسى تحقيق العدالة الاجتماعية، مثل إنشاء صندوق تحيا مصر، ومشروع قناة السويس. فيما اتهم اللواء عادل القلا، رئيس حزب مصر العربى الاشتراكى والبرلمانى السابق، تلك القوى المعارضة لقانون التظاهر بأنها تتلقى تمويلات من تنظيم الإخوان لكى تقوم بما تقوم به من تصعيدات، مضيفا أن حركة شباب 6 إبريل لم يعد لها وجود فعلى وما يحركها الآن هم الإخوان. وقال محمد أبو العلا، رئيس الحزب الناصرى: إن تلك القوى والأحزاب تدعى أنها ثورية، وهم لا يختلفون فى الأساس عن التنظيمات الإرهابية، لأنهم لا يراعون الظروف التى تمر بها البلاد، متابعا أنه يجب اتخاذ جميع الإجراءات القانونية ضد تلك التنظيمات؛ لأن الأوضاع القائمة لا تسمح بوجود معارضة للنظام الحالى بعدما تم إسقاط نظامين سابقين. وقال المهندس أحمد بهاء الدين شعبان، رئيس الحزب الاشتراكى المصري: إن هناك انتهازية من قبل تلك الحركات، مؤكدا أنها تعتبر أداة من أدوات الإخوان التى تحرك بها نشاطها، امتدادا للتربص بالسلطة القائمة، مضيفًا أنه يجب الإفراج عن المحبوسين سياسيّا ممن لم يثبت تورطهم مع جماعة الإخوان الإرهابية .