علاء عزت جاء بكاء البرازيل كلها وصدم شعبها بأسره، بعد إصابة نجمها نيمار، وحديث العالم بكل لغات العالم، أن فرصة بلاده السامبا فى الفوز بالكأس العالمية للمرة السادسة، باتت ضعيفة، لتعيد إلى الأذهان الحديث عن قصة «النجم الأوحد»، ذلك النجم الذى يمكنه وحده أن يقود منتخب بلاده للتربع على عرش الكرة العالمية، وهى النظرية التى انتهت مع أسطورة النجم الأرجنتينى مارادونا فى مونديال 1986 بالمكسيك.. وبرغم أن هناك نجوما لعبوا نفس الدور فيما بعد مثل الأسطورة الفرنسية زين الدين زيدان عام 1998، ومن بعده الأسطورة البرازيلى رونالدو «الظاهرة» فى مونديال 2002، فإن النسخ السابقة لبطولة كأس العالم حطمت تلك النظرية، قبل أن تعود وتفرض نفسها بقوة على المونديال الحالي، وهى النظرية التى حطمتها إيطاليا بالخطة الدفاعية فى مونديال 2006 فى ألمانيا، وأسبانيا بخطة «التيكى تاك» فى مونديال 2010 فى جنوب إفريقيا، خصوصاً أن المنتخبات الأربعة التى تأهلت للمربع الذهبى فى المونديال الحالى مدانة بالفضل الأول فى اقترابها من حلم التتويج الأكبر، لنجمها الأوحد: نيمار فى البرازيل، وروبن فى هولندا، وميسى فى الأرجنتين، ومولر فى ألمانيا، وفوز أى من تلك المنتخبات باللقب سيكون معلقا فى أقدام هؤلاء النجوم، وإن كان نيمار قد خرج من السباق بعد الضربة القاضية التى تلقاها ومعه كل شعب بلاده بإصابته الخطيرة التى تعرض لها فى مباراة كولومبيا فى ربع النهائي.. وبقى أن نشير إلى نقطة مهمة وهى أن كل نجم من هؤلاء وغيرهم حطموا أرقاما قياسية مونديالية مثل الألمانى مولر، والكولومبى ردوريجيز.. وهناك من سجل لأول مرة فى المونديال مثل ميسي. والحقيقة أن تلك النظرية عادت لترسخ فى عقول الملايين من جماهير وعشاق الساحرة المستديرة، مع ارتباط نجاح عدد من المنتخبات بتألق لافت للنظر لنجومها، أمثال لويس سواريز فى الاوروجواى والتى ودعت البطولة بعد إيقاف نجمها الأول على خلفية " العضة " الشهيرة،وجيمس رودريجيز الذى صنع ملحمة أسطورية مع منتخب بلاده كولومبيا. نظرية النجم الأوحد فيما مضى من زمن الكرة الجميل، كان النجاح فى المواعيد الكروية الكبرى مرهونا أولا وأخيرا، على وجود لاعب فذ ونجم كبير بمقدوره قلب كل المعطيات بمفرده ويمنح منتخب بلاده أو فريقه شرف التألق والحصول على الألقاب ودخول التاريخ. فى زمن الأجيال السابقة عرفت نسخ بطولات كأس العالم ظهورا لافتا للنظر للاعب " استثنائي" يقلب كل المعطيات رأسا على عقب ويقود منتخب بلاده إلى تحقيق أفضل الإنجازات، فمن منا لا يتذكر أو لم يقرأ عما فعله " الأسطورة" دييجو مارادونا فى مونديال المسكيك 1986، عندما كسر حاجز المستحيل وحمل على عاتقه مهمة قيادة المنتخب الأرجنتينى إلى رفع الكأس العالمية الثانية بعد تألق لافت للنظر وخرافى جعل منه أحد أفضل النجوم على مر التاريخ، وكرّس وقتها مفهوم " النجم الأوحد" فى المنتخب. الأمثلة عديدة فى المجال فقد سبقه فى ذلك عدد من النجوم الذين مازالت الذاكرة تحتفظ بإنجازاتهم وفى مقدمتهم البرازيلى بيليه صاحب التاريخ الحافل بالإنجازات والتتويجات وخصوصاً فى بطولات العالم على غرار دورة 1970 التى كان خلالها " برقا " خطف كل الأنظار وأصبح بطلا قوميا لم ينافسه فى ذلك أى لاعب باستثناء مارادونا، وهو ما يفسر لنا حيرة العالم بشأن من الأعظم فيهما. وتألق أيضا بعض اللاعبين الآخرين على امتداد سنوات طويلة قادوا خلالها منتخبات بلدانهم إلى الظفر باللقب العالمى مثل الأسطورة الإنجليزى بوبى شارلتون الذى هز العرش العالمى فى دورة 1966، ومنح المنتخب الأسود الثلاثة اللقب المونديالى الأوحد فى تاريخ بريطانيا العظمي، وسار على طريقه الألمانى فرانز بيكنباور أو «القيصر» الذى شيد إمبراطورية ألمانية فى مونديال 1974 وقاده منتخب بلاده إلى اللقب قبل أن يعود بعد 16 سنة ليرفع كأس العالم مجددا لكن هذه المرة مدربا للمنتخب الألماني. نظرية "النجم الأوحد" ظلت صامدة وقوية إلى غاية دورة سنة 1998 التى شهدت بروزا لافتا للنظر للاعب الفرنسى زين الدين زيدان، حيث فرض هذا الأخير نفسه بطلا دون منازع للمباراة النهائية وقهر المنتخب البرازيلى بعد أن سجل هدفين رائعين، لكن بدأت هذه النظرية تتراجع ويقل تأثيرها بما أن أغلب المنتخبات بدأت تعتمد أسلوبا جديدا قوامه اللعب الجماعى, ولا مجال فى ذلك لأى إنجاز فردى خارق، قبل أن تظهر أسطورة برازيلية جديدة اسمها "رونالدو" الذى سجل بمفرده ثمانية أهداف كاملة لكن لم يصنعها بمفرده فحسب بل أسهم فى صنعها بقية زملائه المتألقين على غرار رونالدينهو وريفالدو.. ولكن البطولة لم تعرف باسمه، كما عرف مونديال 1970 باسم بيليه، و1986 باسم مارادونا. لكن فى الدورة الموالية أى فى مونديال ألمانيا 2006، لم يعد مفهوم النجم البارز أو الواحد معتمدا، بدليل أن المنتخب الإيطالى ظفر باللقب بفضل أسلوبه اللعب الدفاعى المتقن وتألق مدافعه كانافارو الذى توج فيما بعد بجائزة أفضل لاعب فى العالم، ما يمثل اعترافا بأن الكرة الجماعية التى تعول على توازن المجموعة وصلابة الدفاع باتت هى المهيمنة.. هذا الأمر تكرس أيضا فى مونديال جنوب إفريقيا حيث ظفرت أسبانيا بلقبها العالمى الأول دون وجود نجم واحد، فالنظرية الجديدة ارتكزت على أن المنتخب هو " النجم" وكلّ اللاعبين فى خدمته.