منذ أن بدأت الدراما التليفزيونية وجميع الأعمال يشارك بها العنصر النسائى، فإنه أخيرا صرحت إحدى القنوات المحسوبة على التيار الدينى «الحافظ» التحضير لمسلسل يذاع فى رمضان المقبل، سيكون جميع أبطاله من الرجال فقط ويخرجه الممثل المعتزل وجدى العربى، هذه النقطة أثارت العديد من التساؤلات داخل الوسط الفنى، خصوصا كتاب الدراما ومخرجيها الذين استطلعنا رأيهم فى التحقيق التالى. الكاتب والسيناريست بشير الديك، يرى أن الأفكار الدرامية لها ما يبررها بشرط أن تتم على مستوى من الكفاءة، ويقول إن وجود المرأة فى النسيج الدرامى له ما يبرره وهناك بعض الروايات من الممكن أن تلقى على عاتق الرجال فقط لكنها تحتاج لفريق عمل ممتاز لأنها تعتمد بالأساس على وحدة المكان، وهو ما قدمته السينما العالمية فى فيلم «اثنى عشر رجلاً غاضباً» الذى يصور فى قاعة للمحاكمة حيث يجلس مجموعة من المحلفين لمناقشة إحدى القضايا ولا يخرجون من القاعة مهما حصل إلى أن وصلوا للحكم النهائى، وهنا نحن أما تحد واضح لصناع هذا الفيلم الذين صنعوا تحفة فنية، وقد كنت بصدد مشروع فنى مع النجم نور الشريف بعنوان " ذئب فى قرص الشمس" يحكى قصة بعض الجنود على الجبهة وكيف يحكون ما يحدث لهم أثناء الإجازات، لكن المشروع توقف. ويضيف : مثل هذه الأعمال تصلح فى السينما وليس فى الدراما التليفزيونية، أما المسلسل الذى أعلنت عنه قناة الحافظ فأعتقد أنه نوع من التحايل الدرامى الذى لا يستطيعون تنفيذه بشكل مقبول على الأقل لعدة أسباب، أولها أن مخرج المسلسل فى الأصل هو ممثل واعتزل العمل الفنى منذ سنوات فكيف سيقدم عملاً يحتاج إلى مخرج على مستوى عالى من الكفاءة؟ ثانياً هو قال إن الميزانية قليله للغاية حسب روايته وسيستعين بممثلين من خارج الوسط الفنى يعنى أنهم هواة، ثالثاً كاتب السيناريو، غير معروف فماذا ننتظر من هذا الفريق؟ فى رأيى أن هذا العمل عبارة عن فرقعة إعلامية تصنع تحت بئر السلم ليس لها طعم أو رائحة، لكن وجودها مطلوب حتى يقول التيار الإسلامى إننا لسنا ضد الفنون وهذا هو مستواهم الحقيقي رغم هجومهم الشرس على الفن والفنانين. بدأ الناقد طارق الشناوى تعليقه على هذا الموضوع بكلمة الفن «حلاله حلال وحرامه حرام»، هذه المقولة التى قالها الشيخ الشعراوى رحمه الله، تصر بعض التيارات الإسلامية على تفسيرها بالشكل الذى يتماشى مع هواهم لأنها عبارة فضفاضة تحتمل الكثير، لذلك هم يحرمون الفن بالنسبه للمرأة ولا يريدون لها الظهور على الشاشة فى المقابل يفكرون فى عمل منتج فنى يعتمد على البطولة الرجالى فقط، وهذا ضد منطق الأشياء إلا فيما ندر كما حدث فى بعض أفلام "هيتشكوك" على سبيل المثال، لكن ما أسمعه عن هذا المسلسل عبارة عن بعض المقولات التى تحكى مواقف بين أشخاص معدودة يجلسون على مقهى فى وسط البلد وهذا لا يكفى لعمل درامى فما بالك عندما يقاس بمقياس الحلال والحرام، فى نفس الوقت أتذكر أن المخرجة الراحلة "نادية حمزة " قدمت شريطاً سينمائياً بعنوان "الستات" ولم يظهر فيه رجل واحد، ومع ذلك فشل العمل برغم أن كل الذين شاركوا فيه من المحترفين وليسوا هواة، كما أعلنت القناة المنتجة للمسلسل إن جاز لنا أن نطلق عليه هذا الاسم، وهناك أيضاً بعض الأعمال الدرامية التى تكتب خصيصاً للفنانات المحجبات ولم تلق أى نجاح لذلك أنا متشوق لمشاهدة ماذا سيقدم تيار الإسلامى السياسى فى مجال الدراما. أما المخرج عمر عبدالعزيز وكيل نقابة المهن السينمائية، فقال الفن وجهة نظر وكل إنسان حر فيما يقدم وعلى الجمهور أن يحكم فى النهاية، لكن ما يهمنى فى هذا الموضوع هو المخرج، لأن وجدى العربي فنان وصديق لكنه لم يمارس مهنة الإخراج من قبل، والطبيعى أن يتقدم بطلب استخراج تصريح من نقابة المهن السينمائية وبعدها تشكل لجنة وتنظر فى أمره وهل عمل مساعد مخرج من قبل أم لا؟ وما الأعمال التى اشترك فيها؟ لأن عضويته لنقابة المهن التمثيلية لا تعطيه الحق فى ممارسة الإخراج لأن هذه نقابة وهذه نقابة أخرى، لذلك أقول إنه حتى الآن لم يصل إلينا أى شىء عن هذا الموضوع . وبابتسامة ساخرة جاء صوت المخرجة إيناس الدغيدى عبر الهاتف من بيروت، قائلة: الفن وجهة نظر، ولا نستطيع أن نمنع أى إنسان من ممارسة هوايته سواء اتفقت مع منطق الكون أم اختلفت معه، وبعيداً عن الحديث فى البديهيات الدرامية أو المستوى الفنى المتدنى أو وجود المرأة من عدمه، الفيصل هنا هو الجمهور وهل يتقبل هذه الأشياء الغريبة أم لا واختتمت حديثها بكلمة "ربنا يهنى سعيد بسعيدة ". أما المخرج الكبير محمد فاضل فاعتذر بأدب عن الحديث فى هذا الموضوع موضحاً أن مجرد فتح النقاش يعطى أهمية لأشياء غير مهمة من الأساس. وفى كلمات مقتضبه بسبب انشغاله بوضع اللمسات النهائية للعمل قال الفنان وجدى العربي إن المسلسل الذى اخترنا له اسم "كافيه شو" يناقش بعض القضايا الاجتماعية وبداخله عدة مواقف كوميدية محترمة بعيدة عن الإسفاف، ولا توجد به أية إسقاطات سياسية على شخصيات من الواقع. وأضاف العربى عدم وجود عنصر نسائى فى المسلسل كان ضرورة درامية بسبب الفكرة التى يقوم عليها المسلسل الذي تدور أحداثه داخل مقهى شعبى، وبالتالى لا تجلس عليه النساء بطبيعة الحال وهذا يفسر أن وجود العنصر النسائى ليس من باب الحلال والحرام كما يتحدث البعض، وإنما بسبب السيناريو ومكان الأحداث، وأحب أن أقول للذين يتحدثون عن الإنتاج، إن العمل لا يوجد به نجوم لامعون بسبب قلة الميزانية المخصصة للمسلسل الذى تأجل أكثر من مرة لمشاكل مادية لدرجة أننا حتى الآن لم نأخذ قراراً بأن تكون عدد الحلقات 15 أم تصل إلى 30، وذلك بسبب ضغط عنصر الوقت لأن شهر رمضان الكريم على الأبواب.