سادت حالة من القلق والترقب في الوسط الفني بعد زيارة وفد من جماعة الاخوان المسلمين مقر نقابة المهن التمثيلية، وكانت الجماعة قد أوفدت وفدا منهم إلى النقابة، ضم كلاً من د. محمد النجار مسئول لجنة الدراما والسينما باللجنة الفنية لجماعة الإخوان، ود. محمد الزينى مسئول العلاقات العامة باللجنة الفنية، وسيد درويش مسئول اللجنة الفنية، والفنان وجدي العربي عضو اللجنة الفنية، في رسالة منهم لدعم الفن الهادف والتأكيد على أهمية دور الفن فى توعية الشعب المصرى. والتقى الوفد بعدد من الفنانين والمبدعين لبث الطمأنينة علي حال ومستقبل الفن في مصر خلال الفترة المقبلة عقب فوز التيارات الاسلامية في الانتخابات البرلمانية، وكذلك اتصالهم بعدد من النخب الفنية في مجال الغناء وعلي رأسهم هاني شنودة وعمار الشريعي، ولعب الفنان "وجدي العربي" دوراً كبيرًا في دور الوسيط بين الجماعة والوسط الفني، حيث أعلن العربي عودته الي الفن مرة أخرى بعد انقطاع دام طويلاً، لأن مفهوم الفنان سيختلف وسيتم وضع ضوابط للعمل الفني في ظل الحكم الإسلامي، وقد قام بشرح هذا المعني لعدد من زملائه الفنانين واستشهد بمقولة الشيخ الشعراوي التي كانت سبباً في ابعاده عن الوسط الفني والتي قال فيها عن الفن: "إن حلال الدنيا هو حلال التمثيل وحرامها حرام التمثيل". لذا يبدو ان هذه المقولة ستكون الفاصل في الأعمال الفنية التي ستقوم جماعة الاخوان المسلمين بإنتاجها، وقد اشار العربي الى ان الاعمال الفنية في الفترة المقبلة لابد ان تلتزم بالضوابط الشرعية.. مؤكداً ان ما حرم في حياة المسلمين كلمس النساء والنوم معهن في فراش حرام ايضا في التمثيل، وشبه العربي الممثل علي خشبة المسرح بخطيب المسجد الذي يعتلي المنبر ويقدم الحكم والمواعظ لذا فإن الأعمال الفنية لابد أن تكون هادفة يستفيد منها المجتمع مبتعدة في الوقت نفسه عن إثارة الغرائز. هذه الزيارة دفعت عددًا من الفنانين إلي التعبير عن رفضهم لها، وأن يكون العربي همزة الوصل بين الفنانين والجماعة، وأعلنوا انهم لن يقبلوا العمل الا في اعمال فنية مقتنعين بها مائة بالمائة، وأتى علي رأسهم المنتج محمد حسن رمزي والمخرج خالد يوسف وايناس الدغيدي الذين تثير اعمالهم دائما جدلاً كبيراً في المجتمع المصري،خاصة وان لهم فكرًا خاصًا ويرفضون تدخل اي رقيب في عمل الفنان. وأكد المخرج داوود عبد السيد أن التطوير لا يأتى بالزيارات والكلام المعسول، وإنما بإعطاء الحرية الكاملة للفن والإبداع، وعدم التقييد والتمييز بين الفن بقولهم هادف وغير هادف، مشيراً إلى أن هناك أنواعًا من الفن تتمثل فى الفن الجيد والفن السيئ رافضا تمييزه بهادف وغير هادف. ووصف عبد السيد زيارة وفد الإخوان للنقابة بغير المطمئنة على الإطلاق، نظرا لتعمدهم تقسيم الفن، مما يثير الكثير من علامات الاستفهام، وطالب عبد السيد الإخوان بأن يثبتوا حسن نيتهم بإظهار برنامج عملى واضح، يؤكد على حرية الإبداع والفكر للفنان المصرى، أما فى حالة تشبثهم بما يطلقون عليه الفن الهادف فلن نرضى بوضع أى قيود أوقرارات تلزمنا برؤية معينة. أما محمود ياسين فقد أشاد بالزيارة، ووصفها بالطيبة وشديدة النقاء، مؤكدًا أن جماعة الإخوان كان لديها نشاطات فنية وإبداعية فى مجال المسرح، وأنها خطوة هائلة لعودة الدراما التاريخية والدينية على الخريطة من جديد فى حالة خوض الإخوان مجال الإنتاج الدرامى بالفعل، موضحا أن الدراما المصرية ستشهد طفرة حقيقية وتحتل الريادة مرة أخرى، ومن الممكن أن ننتج أعمالا ضخمة كمسلسلات "عمر بن عبد العزيز" و"بعثة الشهداء" و"الطريق إلى القدس" وغيرها. بينما أكد المنتج محمد العدل أن تلك الخطوة لن تؤثر على عجلة الإنتاج سواء بالإيجاب أو بالسلب، مشيرا إلى أن جماعة الإخوان أرادت أن تطمئن الأغلبية بزيارتها لنقابة الممثلين، وأنه ليس من حقهم منع أى منتج فنى أو مصادرته أوتقييد حرية الإبداع، مستشهدا بالقول القائل: "من يملك حق المنح يملك حق المنع" وهم لا يملكون حق المنح لأى مبدع فى مجال الفن، مطالبا إياهم بعدم الخوض فى الفن من الأساس قائلاً: "يا نحلة لا تقرصينى ولا عايز منك عسل". فيما شدد السيناريست بشير الديك على أهمية تلك الخطوة ووصفها ببداية التقاء الفرقاء على أرض مشتركة، مؤكداً على أهمية المناقشة والحوار بين جماعة الإخوان والمبدعين بحيث يكون هناك تطور فى الفكر والرؤى، مطالباً الجميع بالتكاتف حول صناعة السينما والدراما التليفزيونية التى غابت فى التعبير عن نبض الشعب نظراً لديكتاتورية السلطة إبان النظام السابق. لكن الكاتب وحيد حامد مؤلف مسلسل الجماعة والذي تعتبره الجماعة لغطًا تاريخيًا، فقد رفض التعليق على المبادرة واكتفى بقوله "يعملوا اللى هما عايزينه". فيما اعتبرها الفنان عزت العلايلى خطوة عظيمة تحسب لجماعة الإخوان المسلمين، مشيرا إلى أنه كان فى انتظار تلك المبادرة التى توحى بأفق الجماعة الواسع وثقافتهم العالية، بجانب إدراكهم قيمة الفن الذى يمثل أهم أضلع النهضة والحضارة ورسالته السامية التى يوجهها للشعب من خلال الأعمال الدرامية والسينمائية التى تهدف إلى التوعية. وطالب العلايلي الجماعة بأن تنهض بالفن على طريقة الإمام حسن البنا، مؤسس الجماعة، الذى كون مجموعة من الفرق المسرحية التى عمل بها كبار الفنانين والنجوم على رأسهم الفنان القدير محمود المليجى، وعبد المنعم إبراهيم، وحمدى غيث، وحسن البارودى وغيرهم. وأكد العلايلى أن البنا كان حريصًا على انتشار ثقافة الفن عن طريق المسرح وكان مؤمنا بقيمة الفن والفنان إلى أبعد الحدود.