نتفاءل أم نتشاءم؟ سؤال يطرح نفسه بشدة فيما يتعلق بأحوالنا الاقتصادية التى تحاول الخروج من عنق الزجاجة من ناحية و التى يخرج علينا بشأنها الاقتصاديون بكل ما هو جديد من ناحية أخرى.. فقد دعا الاقتصاديون إلى الادخار وترشيد الإنفاق لتجاوز الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر، وحذروا من موجة عنيفة من تضخم الأسعار تفوق أى زيادة بالمرتبات إذا لم تدر عجلة الإنتاج في أسرع وقت ممكن..وقد فسروا ذلك بأن استمرار البنك المركزي في ضخ سيولة للسوق يقود إلى ارتفاع الطلب على السلع والخدمات دون زيادة في الإنتاج مما يؤدي إلى غلاء الأسعار وتقلص القوة الشرائية للنقود. ومن الجدير بالذكر أن البنك المركزى قام بطبع نحو 30 مليار جنيه خلال الستة أشهر الممتدة من فبراير2011 وحتى سبتمبر بعد أن كان يطبع فى المتوسط من 15 إلى 20 مليار جنيه سنويا للوفاء بمطالب المواطنين. كما رصد الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء زيادة قدرها 7.5 % فى التضخم السنوى فى مصر خلال أكتوبر 2011 نتيجة زيادة أسعار الطعام والمشروبات بنحو 8.8 %، ومقارنة بشهر سبتمبر 2011 زاد التضخم بنحو 0.1 % وتراجعت أسعار الطعام بنحو 0.5 %. ومن ناحية أخري، قال خبراء ماليون إن الحديث عن إفلاس مصر هراء ولن يحدث واعتبروا المطالب الفئوية فى الوقت الراهن خيانة للوطن لأنها تزج بالبلاد إلى أزمة حقيقية وهى ارتفاع الأسعار بما يلتهم أى زيادة بالأجور. فقد أوضحوا أن الوضع خطير بعد تراجع الاحتياطى الأجنبى لدى البنك المركزي، والأخطر أنه مؤهل لمزيد من التراجع، وهو ما يدخل الاقتصاد فى أزمة، حيث يدفع البنك المركزى إلى شراء الدولار بكميات كبيرة الأمر الذى يؤدى إلى تراجع سعر الجنيه مقابل العملة الأمريكية فضلا عن رفع تكلفة الواردات وبالتالى تزيد الأسعار محليا. وأن الاحتياطى الأجنبى الآمن لابد أن يغطى قرابة 6 أشهر من الواردات السلعية حيث تستورد مصر بنحو 50.7 مليار دولار سنويا وتصدر بما قيمته 27 ملياراً بما يعنى أن هناك عجزا سنويا بنحو 24 مليار دولار. علاوة على ذلك، لم يفاجئ قرار وكالة «ستاندرد آند بورز» تخفيض التصنيف الائتمانى لمصر كثيرا من الاقتصاديين نظرا للظروف السياسية والاقتصادية التى تمر بها مصر حاليا ولكنهم أكدوا أن عنق الزجاجة بالنسبة لمصر حاليا هو الانتخابات التشريعية وفى حال نجاح هذه الانتخابات ستتم إعادة النظر فى تصنيف الاقتصاد المصرى مجدداً لتبدأ مرحلة الاستقرار ثم الصعود. وكانت وكالة ستاندرد آند بورز قد قررت تخفيض التصنيف الائتمانى لمصر نظرا لتنامى المخاطر التى تهدد استقرار الاقتصاد الكلى فى ظل المرحلة الانتقالية الحالية، محذرة من خفض آخر محتمل إذا جاء التحول السياسى أقل سلاسة من المتوقع وهو ما قد يزيد صعوبة تمويل الاقتراض الحكومى أو تلبية الحاجات الخارجية للبلاد. وجاء الخفض للتصنيف طويل الأجل لديون مصر بالعملة الصعبة إلى BB من BB وخفضت تصنيفها طويل الأجل للديون بالعملة المحلية درجتين إلى BB- من BB زائد . وتضع الوكالة نظرة مستقبلية سلبية على كل تصنيفاتها لمصر. وتشير إحصائيات البنك المركزى الأخيرة إلى أن إجمالى الديون الخارجية المستحقة على مصر والبالغ نحو 34.9 % مليار دولار، تمثل نحو 15.5 % ، من إجمالى الناتج المحلى الإجمالي، وانخفض الاحتياطى الأجنبى لمصر بقيمة 12 مليار دولار، فى نهاية سبتمبر الماضي، ليستقر حالياً عند مستوى 24 مليار دولار. يذكر أن خفض وكالة «ستاندر آند بورز» للتصنيف الائتمانى لمصر يأتى فى أعقاب خفض سابق لوكالة «موديز»، بسبب ارتفاع مستوى المخاطر السياسية فى أعقاب ثورة 25 يناير، مع نظرة مستقبلية «سلبية» فى المرحلة السياسية الانتقالية التى تمر بها مصر. وعللت ستاندرد آند بورز خفض التصنيف الائتمانى لمصر بتنامى المخاطر التى تهدد استقرار الاقتصاد الكلى فى ظل المرحلة الانتقالية الحالية. ومن بين المخاطر التى تتوقعها ستاندرد آند بورز استمرار الاحتجاجات حتى الانتخابات البرلمانية فى الأشهر القليلة المقبلة والاتفاق على دستور جديد بحلول أغسطس 2012 وانتخاب رئيس ربما فى أوائل 2013. وفى غضون ذلك من المرجح أن تقبل الحكومة بمستويات عجز عام مرتفعة لاسترضاء المواطنين ولاسيما عن طريق دعم أسعار المواد الغذائية والوقود. ومن المتوقع أيضا انخفاض الإيرادات الحكومية. من الجدير بالذكر أن الوكالة أشارت إلى أن صافى الاحتياطيات الدولية لمصر تراجع 12 مليار دولار إلى 24 مليار دولار منذ الانتفاضة وحتى سبتمبر وذلك نتيجة عجز ميزان المعاملات الجارية ونزوح رءوس الأموال. وفى ظل هذه الأجواء، أكدت الدكتورة كليوباترا دومبيا هنرى مدير إدارة معايير العمل الدولية بمنظمة العمل الدولية بجنيف أن رفع اسم مصر من لائحة قائمة الملاحظات أى القائمة السوداء تم بالفعل بعد ثورة 25 يناير . وبعد أن وجدت المنظمة الإجراءات التى اتخذتها بإقرار الحريات النقابية وبداية العمل على تغيير وإصلاح قانون العمل فى مصر. وأيضا بسبب إعجاب واحترام الدول الأعضاء فى المنظمة بالثورة المصرية والتغييرات الإيجابية التى حدثت فى قرارات الحكومة فى مصر على أن يتم إدراج اسمها مرة أخرى لو لم يتم إقرار قانون الحريات النقابية وتعديل وإصلاح قانون العمل الذى بموجبه تتدخل الحكومة فى العمل النقابى وتسيطر على النقابات ويقمع العمال وتهدر حقوقهم. وأشارت إلى أن الإضرابات أو الإضطرابات التى لحقت بالأنشطة الاقتصادية عقب ثورة 25 يناير أدت إلى زيادة معدلات البطالة فى مصر إلى ما يقرب من 12 % مقابل 9.8 % خلال نفس الفترة من العام الماضي. وطالبت هنرى بوضع عدد من المعايير لخفض نسبة البطالة لمعدل سنوى يبلغ متوسطه من 6 إلى 5.6 % خلال السنوات المقبلة عن طريق زيادة معدلات الاستثمار والذى يقدر حالياً بنحو 16 % ليصل إلى 23 % من إجمالى الناتج المحلى وزيادة جذب الاستثمارات الأجنبية. فى حين أكدت فايزة أبو النجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولى أن خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام 2010/2011 تتبنى هدف التنمية المزدوج والمتوازن من حيث مواصلة تصاعد معدل النمو الاقتصادى من خلال زيادة مستويات الاستثمار والتشغيل وتعظيم مشاركة المواطنين، واستفادتهم من ثمار النمو المرتفع من خلال تحسين مستويات المعيشة وتعميق المشاركة المجتمعية والانتقال من هدف مراعاة البعد الاجتماعى لتقليل الفقر إلى هدف التنمية البشرية والاجتماعية الشاملة والمستدامة . وقالت إن خطة العام المالى 2010/2011 تستهدف زيادة الناتج المحلى الإجمالى بسعر السوق وبالأسعار الجارية ليصل إلي1570 مليار جنيه مقابل 1373 مليار جنيه لعام 2010/2011 وبنسبة نمو 14 % لتحقيق معدل نمو اقتصادى حقيقى 3.2 %. .وبينت الوزيرة أن الخطة تستهدف تنمية الاستثمارات الوطنية والأجنبية وتنشيط الطلب السوقى وتيسير استدامة الأداء الجيد للقطاعات والأنشطة سريعة النمو وفى مقدمتها قطاعات الصناعات الاستخراجية والتحويلية والزراعية بنحو 104 مليارات جنيه بنسبة تقارب 56 % من إجمالى الزيادة وبنسبة نمو 8.4 % حيث من المتوقع أن يحقق قطاع الصناعة التحويلية معدل نمو2.9 % بنسبة مساهمة 17% من الناتج المحلى الإجمالى ثم الصناعة الاستخراجية 2.8% بنسبة 25.9 % و قطاع التشييد والبناء بمعدل نمو 5.6 % بنسبة 6.8 % ثم تجارة الجملة والتحزئة 2.4 % بنسبة 6.6 % ثم قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات 1.2 % بنسبة 2.3% والزراعة 2.7 % بنسبة 12.6 % ثم السياحة 2.9 % بنسبة 3.2 % ثم قطاع النقل وقناة السويس5.6 % بنسبة 5.3 % وقطاع المياه والصرف الصحى والكهرباء 6.2 % بنسبة 1.7 % ثم باقى القطاعات 5.3 % بنسبة22.5 % من الناتج المحلى الإجمالي..وأوضحت أبو النجا أن الخطة تستهدف ضخ استثمارات كلية قيمتها 233 مليار جنيه بنسبة زيادة 8 % عن الاستثمارات المتوقعة عام 2010/2011 وتقدر الاستثمارات العامة بخطة2010/2011 بنحو 104.4 مليار جنيه مقابل استثمارات متوقعة 93.5 مليار جنيه بخطة عام 2010/2011 ومن المتوقع أن ترتفع الاستثمارات الحكومية فى خطة 2010/2011 لتصل إلى 47 مليار جنيه بما يعدل خمس الاستثمارات الكلية وتشكل هذه الاستثمارات نحو 3% من الناتج المحلى الإجمالى كما تمثل نحو 9.6% من جملة المصروفات المتوقعة بالموازنة العامة. وبينت الوزيرة أن تنامى الاستثمارات المستهدفة أدى إلى تزايد الدور الحكومى فى دفع عجلة الاستثمار وتنشيط السوق بغرض تحفيز الإنتاج والطلب المحلى وذلك بعد فترة الركود التى شهدها الاقتصاد المصرى فى الشهور الأخيرة من عام 2010/2011 إثر اندلاع ثورة 25 يناير. وتقدر جملة الاستثمارات المستهدفة للقطاع الخاص بنحو 130.6 مليار جنيه بما يعادل 56 % من الاستثمارات الكلية وبنسبة زيادة 7 % عن المتوقع فى عام 2010/2011 كما تستهدف الخطة تشجيع الاستثمار الأجنبى المباشر بالإضافة إلى اجتذاب مزيد من تحويلات المصريين العاملين بالخارج لتوفير موارد مالية إضافية ومساندة الاستثمارات المحلية والتخفيف من عجز ميزان المدفوعات ومن تراجع الاحتياطيات الدولية من النقد الأجنبي..وفى مجال التشغيل قالت فايزة أبو النجا إن قضية التشغيل تعد من التحديات الرئيسية التى تواجه الاقتصاد المصرى إن لم تكن أهمها على الإطلاق، حيث يتطلب الأمر تضافر مجموعة من السياسات والبرامج تستهدف فى المقام الأول التصدى لهذه القضية وبشكل مباشر، حيث من المتوقع أن تتنامى الأعداد التى تنضم لسوق العمر لتصل لنحو 900 ألف فرد فى خطة العام الحالى ومن المتوقع أن تبلغ قوة العمل 15 سنة فأكثر نحو26.15 مليون فرد بنسبة نمو 3.5 % عن العام المالى الماضى فى الوقت نفسه من المتوقع أن يعاود معدل البطالة الارتفاع إلى 11.5 %. وشددت الوزيرة على أن خطورة مشكلة البطالة تكمن فى طبيعة الخصائص الديموجرافية والاجتماعية للمتعطلين من حيث التركيب النوعى والعمرى والمستوى التعليمى والتوزيع المكانى والتى من شأنها تعميق الآثار السلبية لاستشراء البطالة اجتماعيا واقتصاديا وعمرانيا. وقالت إن الخطة تستهدف توفير ما يقرب من 570 ألف فرصة عمل جديدة فى العام المالى الحالى ليستقر معدل البطالة عند معدل 11.5 % والتضخم عند 12 % وزيادة متوسط دخل الفرد الحقيقى بنحو 12 % لتصل قيمته إلى 19.8 ألف جنيه فى عام الخطة بالمقارنة بالقيمة المتوقعة فى عام 2010/2011 والمقدرة بنحو 17.7 ألف جينه.