د. خالد سعيد منذ إعلان إيران عن تدشينها لبرنامج نووي في العام 2005، والكيان الصهيوني يتربص به ويستفيد منه، بصور مختلفة، مادية وعسكرية، وما زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو للعاصمة الأمريكية، واشنطن، في الخامس عشر من الشهر الجاري، ولقاءه بالرئيس دونالد ترامب إلا استفادة أخرى لهذا البرنامج، الذي بات " بقرة حلوب " للكيان! قبيل زيارة نتانياهو لواشنطن ووسائل الإعلام الصهيونية، المنشورة باللغة العبرية، تتحدث عن كون إيران هي محور محادثات " بيبي " مع ترامب، فقد جعلتها تلك الوسائل أولى الملفات وما سواها هوامش التي سيناقشها رئيس الوزراء الإسرائيلي في واشنطن، بدعوى أن طهران تمثل الخطورة الكبرى على الأمن القومي الإسرائيلي، وكثيرًا ما تحدث مكتب نتانياهو مع إدارة ترامب الجديدة، حتى قبيل دخولها البيت الأبيض في العشرين من الشهر الماضي، عن ما تمثله طهران من خطر على منطقة الشرق الأوسط، وعلى ميزان القوى في المنطقة والعالم، كونها تمثل حلقة وصل مهمة مع قوى الإرهاب في الشرق الأوسط، بحسب مصادر إسرائيلية! لم يناقش نتانياهو القضية الفلسطينية مع ترامب بقدر ما بحث المشكلة الإيرانية في واشنطن، فقد هيأ نفسه لاستغلال اندفاع الإدارة الأمريكية الجديدة نحو منطقة الشرق الأوسط، وحماس ترامب التحريضي ضد طهران في استغلال الفرصة وتوجيه السهام نحو ما يمثله البرنامج النووي الإيراني من خطورة على الأمن القومي الإسرائيلي، وضرورة الحنث بالاتفاق النووي الإيراني الذي تم توقيعه في الخامس عشر من يوليو من العام 2015، بين طهران ومجموعة ( 5+1)، وهو الاتفاق الذي اعتبرته تل أبيب بمثابة توغل جديد لإيران في الشرق الأوسط، فقد أطلق يدها للتعمق في كثير من دول المنطقة، كالعراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا، وبالتالي فقد طالب نتانياهو، مرارًا الإدارتين الأمريكيتين، السابقة لباراك أوباما، والحالية لدونالد ترامب، بإلغاء هذا الاتفاق التاريخي، الذي غيَّر من وجه المنطقة، واعتبر طهران قوة إقليمية، وشهد بداية مهمة وتاريخية لأفول نجم الولاياتالمتحدةالأمريكية التي سلمَّت بالأمر. وبعيد لقاء نتانياهو بترامب قبل عدة أيام، وتحديدًا في الخامس عشر من الشهر الجاري، فإن إيران كانت الملف الرئيسي على طاولة الطرفين، واتفقا على وجود تحالف عربي إسرائيلي ضد إيران، والاتفاق على إدارة الملف الطهراني بكل سرية ممكنة، وحث الدول العربية " المعتدلة " على مواجهة إيران بالتنسيق مع تل أبيب، حتى أن نتانياهو ردد أكثر من مرة بأن إيران ك " النمر المفترس "، الذي يجب وقف تسليحه قبل أن يفترس " إسرائيل "، حيث قال رئيس الوزراء الصهيوني قبل ساعات مع شبكة فوكس نيوز الأمريكية، " إن إيران نظام " إسلامي " متطرف بحوزته أسلحة دمار شامل، وهو ما كان سببًا للخلاف العميق بيننا وإدارة أوباما السابقة ". الغريب أن الإدارة الأمريكية السابق لباراك أوباما قد وقعت مع الكيان الصهيوني اتفاقًا يقضي بمدها بثلاثين مليار دولار وفي بعض وسائل الإعلام ما يزيد عن 34 مليار دولار على مدى العشر سنوات القادمة، يعني بزيادة 4 مليار دولار عن أي اتفاقات أمريكية سابقة لتل أبيب، وهو ما ساهم في توتيد أركان نتانياهو في العدو الإسرائيلي حتى الآن وثبت من أركانه! ناهيك عن مد إسرائيل بأحدث الأسلحة الأمريكية. الثابت في الأمر أن إدارة ترامب تتفهم مدى قلق وتوتر الكيان الصهيوني مما يعتبره بمثابة " تهديد إيراني "، بدعوى أنه ليس لمنطقة الشرق الأوسط فحسب، ولكن للعالم بأسره، وهو ما نقلته قولا وفعلا لنتانياهو، وكذلك ما صرح به جيمس ماتيس وزير الدفاع الأمريكي، حينما التقى نظيره وزير الحرب الصهيوني، أفيجدور ليبرمان في ألمانيا أمس الجمعة، حيث أكد له أن إيران تمثل تهديدًا كبيرًا على المنطقة، ما دفع ليبرمان إلى القول بأن " إيران ثم إيران ثم إيران " هي ثلاثة تهديدات تمثل مشكلة مؤرقة لكل من الطرفين، الصهيوني والأمريكي! تصريح ليبرمان جاء في إطار لقاءه بنظيره الأمريكي على هامش مؤتمر ميونخ للأمن، وهو المؤتمر الذي جمعه بدول أخرى، فكما سبق ونقلت الوسائل الإعلامية الصهيونية، المنشورة باللغة العبرية، تصريحات ولقاءات نتانياهو بالعاصمة الأمريكية، فقد تابعت تلك الوسائل تصريحات وزير الحرب الصهيوني من أن التهديد الحقيقي للكيان الصهيوني يكمن في " إيران.. ثم إيران.. ثم إيران "،في وقت اتفق الجانبين، الأمريكي والصهيوني، على تشكيل ائتلاف حقيقي لمواجهة الإرهاب. الواضح أن " إيران " كانت وما تزال وستظل " فزاعه " إسرائيلية نجح العدو الصهيوني في استغلالها أفضل استغلال، وربما يتفق ترامب مع نتانياهو في الأمر نفسه، ومن الممكن أن نشهد تغييرات في منطقة الشرق الأوسط، بعد ما حرضت تل أبيب واشنطن على مواجهة طهران، ولو اقتصاديًا، مؤقتًا، ما يعني أنه من الممكن أن نشهد مواجهات عسكرية، ولو في سوريا، على الأقل، باعتبارها ساحة مفتوحة للجميع، وذلك انتقامًا مع إيران، ولكن في صورة سورية مقيتة ودموية، لن يكون ضحيتها سوى الشعب السوري وحده!