10 رمضان... براعة التخطيط(13) في سياق هذه الإطلالة الخاطفة علي ذكري يوم مجيد هو العاشر من رمضان الموافق السادس من أكتوبر عام1973 هناك كلمة لا بد منها وهي أننا مازلنا بحاجة إلي مزيد من القراءة ومزيد من الفهم ومزيد من التحليل لحرب رمضان المجيدة التي صنعت لنا جسرا متينا عبرت به مصر مع أمتها العربية من شاطيء اليأس والإحباط إلي شواطيء الأمل والرجاء. لم تكن حرب رمضان حربا خاطفة ولم يكن النصر ضربة حظ وإنما كانت هناك أسباب كثيرة حققت هذا المجد أهمها جدية الإعداد وعبقرية التخطيط وجسارة التنفيذ تحت مظلة من وحدة الفكر العسكري بين قادة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة الذين انصب جهدهم الرئيسي علي محاولة حل جميع المشكلات وتذليلها وفي سبيل ذلك كان قادة الجيوش وقادة الفرق وقادة الألوية وقادة الكتائب يسألون الجنود عن آرائهم في كل كبيرة وصغيرة تتعلق بعملية العبور المنتظرة. كان هناك إجماع بين القادة علي أننا إذا كنا- وذلك محتم- سوف نعبر بالمشاة وسوف يمضي وقت طويل قبل أن يتم تعزيزهم بالمدرعات, فلابد من أكبر قدر من الحماية لهؤلاء الأفراد وهكذا ولدت فكرة توفير العدد الكافي من الصواريخ المضادة للدبابات مع طلائع العبور من قوات المشاة. وكان علي المخطط المصري أن يبحث عن حل لإحدي المشكلات الرئيسية التي سوف تواجه فرد المشاة العابر في الموجات الأولي حيث إن أقصي ما يستطيع حمله من الذخائر لا يكفيه لأكثر من4 ساعات... واهتدي العقل المصري إلي حل قد يبدو بدائيا في فكرته لكنه كان عميقا في نتائجه فصدرت الأوامر بسرعة تصنيع عربات جر تعبأ بالذخائر وبدأ تدريب أفراد المشاة لحملها علي أكتافهم داخل القوارب المطاطية ثم صعود الساتر الترابي بها... وجاءت النتائج بحمد الله إيجابية ومذهلة. وكان لابد للمخطط المصري أن يبحث عن وسيلة مساعدة من الضفة الغربية للقناة لتأمين العبور في الضفة الشرقية وإبطال مفعول الساتر الترابي الذي يحجب عن قواتنا إمكان رؤية ما يجري خلف الساتر علي الجانب الشرقي من القناة... وعلي مدي أشهر كاملة سبقت يوم العاشر من رمضان نجحت قواتنا المسلحة في إنشاء مجموعة كبيرة من مصاطب الدبابات علي شكل قباب عالية جري انتخاب أماكنها بكل دقة خلف الساتر الترابي الذي أنشأناه علي الشاطيء الغربي للقناة. وأتذكر اليوم الدور الكبير لكل أفرع إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع وأخص بالذكر فرع المعلومات والتقديرات الذي شرفت بالعمل داخله لأكثر من6 سنوات وفرع الاستطلاع خصوصا المجموعة39 قتال التي كان يقودها الشهيد البطل إبراهيم الرفاعي لأن كلا الفرعين وفرا للمخطط المصري كما هائلا من المعلومات التي بنيت علي أساسها ركائز خطة العبور. وغدا نواصل الحديث.. خير الكلام: لا يكون القاضي عادلا إذا لم يتساوي عنده الوزير والخفير! المزيد من أعمدة مرسى عطا الله