شهدت الأحداث الأخيرة علي الساحة المصرية ظهور نوعية جديدة من الجرائم تلك التي يقوم فيها بعض المجرمين والمسجلين جنائيا بإرتكاب جرائم ذات طابع سياسي أو ديني. وكان أبرزها ما قام به ثلاثة من المسجلين جنائيا والبلطجية بإطلاق الأعيرة النارية بشكل عشوائي مستهدفين الأخوة الأقباط بنجع حمادي عشية الاحتفال بعيد الميلاد المجيد, كما كان آخرها ما قام به مدمن للمخدرات سبق إعتقاله من قبل بإحدي الدول المجاورة بتهمة الاتجار بالمخدرات بإلقاء عبوة ناسفة بدائية الصنع أمام المعبد اليهودي بوسط القاهرة وإدعي قيامه بذلك لمشاعره الغاضبة تجاه ما يعانيه الفلسطينيون علي أيدي الإسرائيليين. وحتي لا يتحول الأمر لظاهرة نحاول إيجاد تفسير لدوافع هذه الوقائع الخطيرة والتي يتحول خلالها المجرم الجنائي الي مجرم سياسي حيث أكد عدد من أساتذة القانون والخبراء الأمنيين وكذلك الأطباء النفسيون أن ذلك التحول يتم من خلال المسجل الجنائي لمحاولته الظهور علي الساحة كبطل قومي, أو أن يكون قد تم استئجاره واستغلاله من قبل بعض الجهات أو الجماعات المتطرفة لتنفيذ تلك العمليات ذات الطابع الديني, نظرا لأنه سيتم استبعاد ذلك المجرم الجنائي عن أية شبهات. في البداية يقول اللواء دكتور سيد محمدين استاذ القانون والبحث الجنائي بأكاديمية الشرطة أن المجرم الجنائي توافرت فيه السمات الأجرامية التخصصية سواء من حيث إرتكابه جرائم اعتداء علي النفس أو جرائم اعتداء علي المال, ومن تتوافر فيه هذه الخصائص يصبح مؤهلا لأرتكاب جميع الأنواع الأخري من الجرائم من بينها الجرائم السياسية وقدرته علي تنفيذها. وأكد أن المجرم السياسي يرتكب الجريمة بهدف أو بدافع عقائدي أو من منطلق الاعتقاد وإعتناق أفكار أو سياسات معينة علي خلاف المجرم الجنائي الذي قد يكون الباعث لديه أو الهدف الأساسي له هو الحصول علي الأموال ولذلك نجد سهولة في إلقاء القبض علي المتهم السياسي بعكس المجرم الجنائي الذي يصعب دائما ضبطه حيث يتخفي ويتنقل من مكان الي آخر, وعادة ما يفتخر المجرم السياسي بإرتكابه أي عمل يقوم به, وخاصة أنه يؤمن بما يقوم بتنفيذه ومن هنا يتم إستغلال محترفي الإجرام الجنائي من قبيل مخططي الجرائم السياسية في تنفيذ أي عمل تخريبي بمقابل مادي. ويوضح د.سيد محمدين أن السبب الأساسي في تحول معظم المجرمين الي ارتكاب حوادث إرهابية هو الحصول علي عوائد مادية, وإن هناك بعض المجرمين الجنائيين يتم برمجة عقولهم بمعاداة الدولة والنظام من خلال بث أفكار مزيفة وكاذبة استغلالا لضعف ثقافاتهم وجهلهم. وأشار الي أنه لابد من إعادة تأهيل ذوي الإجرام الجنائي وتثقيفهم وتعليمهم داخل السجون أثناء قضاء العقوبة ومتابعتهم بعد الإفراج عنهم وتوفير فرص عمل شريفة لهم حتي لا يقعوا فريسة سهلة في براثن محترفي الإجرام السياسي. وقال اللواء مجدي البسيوني مساعد أول وزير الداخلية لأمن أسيوط الأسبق إن الحوادث الإرهابية تأتي عن عقيدة مثلما يحدث في العديد من بلدان العالم, وقال إنه أثناء عمله مديرا لأمن أسيوط كان المتهم السياسي يعترف ويفتخر بما قام به.. وكان هدفه هو زعزعة الأمن ولكن حادث الكموني هو حادث فردي إنتقامي وتحوله من بلطجي الي إحداث فتنة وقتل الأبرياء بسبب إثبات الذات وقناعته النفسية والغيرة الكاذبة حولته الي مجرم سياسي حاول إشعال الفتنة فقام بقتل الأبرياء الذين لا ذنب لهم بواقعة الفتاة التي تم الاعتداء عليها فهذا حادث انتقامي وليس ناحية عقائدية. وأضاف البسيوني قائلا إن المجرمين والمسجلين غالبيتهم حاقدون علي النظام ورموز الحكم فيحاول البعض منهم بث الفتنة. وأضاف اللواء مجدي البسيوني أن حادث المعبد اليهودي لا يعتبر حادثا سياسيا بالمفهوم الواسع بمعني أن مرتكبه عنصر جنائي, ومسجل جنائي في تجارة وتعاطي المخدرات ومن المؤكد أن أجهزة البحث والمعلومات سوف تكشف الدافع الحقيقي وليس ما يدعيه وراء هذا الحادث. وأكد أن مثل هذا المتهم ليست له عقيدة ولا ينتمي الي تنظيم حتي يكون حادثا سياسيا, خاصة أن الاداة التي استخدمت فيه بدائية جدا, وأسلوب إرتكابه لم يكن بالأسلوب المخطط له مسبقا بدليل أنه تم اكتشاف امره خلال48 ساعة فقط. أن العمل الشرطي في المرحلة الحالية قائم علي التخطيط الجيد ودراسة الظواهر الإجرامية بمختلف صورها ويتم رفع هذه المناطق علي الطبيعة لتحديد حجم ونوعية الجريمة فتلاحظ ظهور بعض الحالات الفردية التي قد تقوم بعمل شبه إنتحاري بهدف الحصول علي المال.. أو إثبات الذات بأي صورة من الصور فتحدث مثل هذه الجرائم وهي تحول المجرم الجنائي الي مجرم في شكل سياسي رغم أنه من خلال الفحص والدراسات تبين أنه لا يوجد وراءه تنظيم مثل حادث الكموني وحادث المعبد اليهودي. ويقول الدكتور ناصر لوزة أمين عام الصحة النفسية بوزارة الصحة إن الإضطرابات النفسية لدي متعاطي المخدرات تتأثر بثقافة المجتمع المحيط به ومما لا شك فيه أن العشرين سنة الماضية شهدت تغيرا في الفكر يتمثل في ظاهرة التطرف. ولو تمت مقارنة المريض النفسي اليوم بمثيله منذ20 عاما مضت نجد بروز الأفكار ذات الطابع المتطرف, وان ما حدث في الجرائم الأخيرة يدل علي تغير فكري في المجتمع وللأسف فإن المتطرفين والمجرمين في كل الأديان والأوطان أصواتهم عالية فلابد من تعاون جميع أفراد المجتمع لمنع الجريمة قبل وقوعها حتي لا يدفع الأبرياء أرواحهم بسبب الجهل أو التعصب, ونادي بتكاتف جميع فئات المجتمع والعاملين بمجال الصحة النفسية لمواجهة ظاهرة التطرف والعنف في المجتمع.