لم يعد هناك شك في أن الغش في الامتحانات يقع في جميع سنوات الدراسة بنسب متفاوتة, وإن كانت وقائعه في امتحانات الثانوية العامة تشكل نسبة كبيرة تحظي باهتمام إعلامي وشعبي كبير. وأنه دائما ما يأخذ أشكالا مبتكرة, علي نحو يشبه بالجريمة المنظمة التي يشارك في ارتكابها في أحيان كثيرة أطراف عديدة أهمها: الطلبة أنفسهم, ومن هنا صح القول إن الغش في الامتحان فساد مبكر. وقد شهدت السنوات الأخيرة أساليب مبتكرة متعددة للغش, الذي لم يعد يعتمد علي النقل من الكتاب أو ما يسمي البرشام, بل امتد الأمر حتي سنوات قريبة إلي الغش من خلال أداء الامتحان أمام اللجان الخاصة التي كانت تعقد للطلبة المرضي فعلا, وليس ادعاء حيث كانت تتم اتفاقات مشبوهة بين بعض الطلبة الفاسدين, وبعض رجال التعليم المنحرفين علي السماح للطلبة بالامتحان أمام هذه اللجان بادعاء أنهم مرضي ليتم فيها الغش علي المكشوف, وقد تبين في إحدي هذه الوقائع أن معظم طلبة هذه اللجان من أبناء كبار المسئولين بإحدي المحافظات, كما تم ضبط قضية غش أخري بنفس الأسلوب بمحافظة أخري عام 2005 عرفت بقضية الغش بنظام تسليم المفتاح, حيث كان الملاحظون المنحرفون يرسلون أوراق الأسئلة بناء علي اتفاق سابق إلي عدد من المعلمين المجتمعين في شقة مفروشة قريبة من اللجنة ليجيبوا عنها إجابات نموذجية توزع صورها علي طلبة اللجنة مع التنبيه عليهم بعدم التقيد بأسلوب واحد في كتابة الإجابة. وخلال امتحانات هذا العام رصدت المتابعة بالزقازيق عددا من الأشخاص يختبئون داخل العمارات المجاورة لإحدي المدارس, وبحوزتهم صور من ورق الأسئلة, يقومون بمخاطبة الطلاب داخل اللجنة علي الموبايل واملائهم الحل, بينما عمد بعضهم إلي إرسال الإجابات إلي الطلبة خلال رسائل SMS. وإذا كنا قد قلنا أن ممارسة الغش في الطفولة والصبا والشباب هو فساد مبكر, فلأنه أشبه بالبذرة التي يتم زرعها, ليكون حصادها بعد سنوات, ذلك الفساد الذي كشفته التحقيقات الأخيرة لبعض كبار المسئولين الذين من المؤكد أنهم كانوا من أباطرة الغش خلال فترة دراستهم لأن من شب علي شئ شاب عليه.. وخلاصة القول إن التصدي بجدية وحسم للغش في مرحلة التعليم يعد اللبنة الأولي لخلق رجال يتميزون بالفضيلة والأمانة, ويعد كذلك حائط الصد لمواجهة الفساد واستئصاله. فؤاد جاد المدير العام بوزارة الداخلية سابقا