مع بداية امتحانات نصف العام.. بدأت صيحات الإنذار تصدر من المسئولين تحذر من اللجوء إلي استخدام الغش في العملية الامتحانية. ويلجأ المسئولون إلي التنبيهات المتكررة بحظر استخدام التليفون المحمول ومنع اصطحاب الأدوات والأوراق والكتب والملخصات إلي داخل اللجان. لكن للأسف.. ورغم هذه التحذيرات والتنبيهات.. مازال الغشاشون يتساقطون سواء في لجان المدارس أو الجامعات. وفي المدارس حذر الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم التلاميذ من اللجوء إلي الغش والتدليس في أعمال الامتحانات مؤكدا في تعليمات صريحة وواضحة لمديري المديريات بالمحافظات المختلفة ضرورة تطبيق العقوبات علي هذه الظاهرة التي انتشرت في السنوات الأخيرة وتهدد الكيان التعليمي ككل. ويري التربويون ومنهم الدكتور سمير عبدالفتاح أستاذ علم النفس التربوي وعميد المعهد العالي للخدمة الإجتماعية ببنها أن الغش ليس وليد اللحظة أو الظروف التي يتعامل فيها التلميذ مع ورقة الامتحان بل إنها عادة ينشأ بها منذ صغره وعلي مدار سنوات دراسته عندما يطلب منه في المنزل اللجوء إلي الكذب أثناء الرد علي التليفونات أو فتح الباب وكذلك في الفصل عندما يطلب منه بحث في موضوع ما فيلجأ إلي نقله حرفيا سواء في المكتبة أو شبكة الإنترنت ثم يضع عليه اسمه ويقدمه لمدرسه فيمنحه الدرجة النهائية رغم علم الأخير أنه منقول. ويؤكد خبراء التربية أن العملية التعليمية وحدة مترابطة لايمكن فصلها أو تجزئتها إذ تعتمد علي أطراف ثلاثة هي المدرس والطالب والمنهج وأن القصور في أي منها يؤثر سلبا في الجانبين الآخرين وعندما لايثاب الطالب علي أمانته بأي صورة من الصور ويحصل الطالب الغشاش علي درجة أكبر فإننا نكون قد لقناه درسا عمليا في أهمية اللجوء إلي الغش. ويؤكدون أن الغش في الامتحانات سلوك انحرافي يهدم العملية التعليمية في جزء مهم وأساسي منها وهو عملية التقويم ويتسبب في ضعف فاعلية النظام التعليمي. ويؤكد الدكتور محمد عبد الظاهر الطيب أستاذ التربية بجامعة طنطا أن ممارسة الطالب للغش في الامتحانات لايعد مظهرا من مظاهر عدم الشعور بالمسئولية فحسب بل إفساد عملية القياس وتغيير ا لنتائج هذه الامتحانات يؤدي حتما إلي عدم تحقيق الهدف من التقويم وهو قياس مدي التحصيل الدراسي كما أن خطورة هذا السلوك لاتكمن في الجوانب المدرسية فقط بل تتعداها إلي جميع جوانب الحياة الاخري مشيرا إلي أن من يتعود علي الغش ويمارسه في حياته التعليمية سوف تكون لديه عادة الغش والتزييف في جميع الأعمال التي توكل إليه مستقبلا. ونظرة إلي طرق الغش وتطورها نجد أنها بدأت منذ سنوات طويلة ومع ادخال التكنولوجيا الحديثة وقد كان الغشاشون في البداية يلجأون إلي استعمال قصاصات الورق الصغيرة المكتوب عليها يدويا كل أجزاء المنهج بخط صغير ويضعونها داخل ورقة الإجابة بعيدا عن أنظار الملاحظين لينقلوا منها ما يشاءون. كما لجأ بعض قدامي الغشاشين إلي الكتابة علي الجدار الملاصق للمقعد أو المقعد نفسه أو وضع الكتاب بأكملة في درج المقعد الذي يجلسون إليه وكانت هذه الأساليب كلها تتم في الخفاء وبمرور الوقت بدأ الغشاشون يتبادلون أوراق الإجابة نفسها أو قصاصات الغش المعروفة باسم البرشام وبدأوا استعمال الاشارات باليد ثم الكتابة علي المساطر وجلد الكتب ومرت عملية الغش بأسلوب أكثر تقدما عندما بدأ يدخل فيها المدرسون أنفسهم الذين يتفقون مع تلاميذهم علي الدخول إلي لجانهم ومعهم الكتب أو القيام بتلقينهم الإجابة أو السماح لهم بدخول دورات المياه من وقت لآخر أثناء الامتحان للاطلاع علي نصوص الكتب التي تترك في دورات المياه لمن يطلع عليها. ووصل الأمر حاليا إلي استخدام الهاتف المحمول وسماعات البلوتوث للغش العلني بعد ماكان لجوء بعض الغشاشين إلي أسلوب إرسال التلغرافات الذي كان مرهقا للغشاش حيث كان عليه أن يحفظ دلالة عدد مرات الطرق علي التخته ومساواة بحرف معين من حروف الهجاء كل هذا كان عبارة عن غش فردي يلجأ إليه تلميذ هنا وهناك حتي ظهر مايعرف بظاهرة الغش الجماعي والذي بدأ بوقوف المدرس في وسط اللجنة يقرأ الإجابة لجميع الممتحنين من الكتاب سواء الخارجي أو المدرسي, وعندما بدأ المسئولون يواجهون هذه الطريقة بمعاقبة المدرس والتلميذ انتشرت ظاهرة الغش بالميكروفونات من خارج اللجان حيث يلقي الطالب أو المدرس بورقة الأسئلة مع بداية اللجنة الامتحانية ليتلقفها مدرس آخر خارج اللجنة ويجيب عنها إجابة نموذجية ثم يقف بمكبر صوت ليعلن الإجابة للجميع وهذا ماحدث بالفعل في امتحانات الثانوية العامة في بعض القري.