ثروة مصر البشرية! لن يكون بمقدورنا أن نحقق ما نصبو إليه وأن نترجم الرايات والشعارات السياسية المنتشرة بكثافة في ربوع مصر هذه الأيام كأحد إفرازات ثورة 25 يناير ما لم تدرك الحكومة أن ثروة مصر الحقيقية في قوتها البشرية. ومن ثم فإن التحدي الحقيقي يتمثل في كيفية الاستفادة من هذه الثروة البشرية كقوة مضافة وليست كعبء معوق يمكن حله في إطار احتواء مشكلة البطالة فقط! أتحدث عن مفهوم سياسي جديد للحكومة يمكنها من سرعة تحويل الرايات والشعارات والطموحات المشروعة إلي خطط وبرامج واقعية قابلة للتنفيذ علي أرض الواقع, وهو أمر يتطلب جدية الاقتداء بالمؤسسة العسكرية التي ترتكز إلي آليات إدارية واضحة وشفافة تتعزز بكل أدوات الضبط والربط والدقة والنظام والانتظام والحسم والحزم من خلال معايير متكافئة تضمن تطبيق منهج الثواب والعقاب بقوة لا تمتد إلي حدود التعسف, وبمرونة تخلو من شبهة التراخي والإهمال! بوضوح شديد أقول: إن أكبر إنجاز يمكن أن يحسب لأي حكومة مصرية يرتبط بمدي قدرتها علي انتقاء قيادات إدارية عليا لإدارة المواقع الإنتاجية والخدمية بروح الثقة في القدرة علي شطب كلمة المستحيل من أجندتها عندما يكون قهر المستحيل ممكنا, وفي نفس الوقت امتلاك حاسة الحذر من التورط في الإعلان عن قرارات ومشروعات يستحيل تنفيذها. وليس صعبا أن تكلف الحكومة عددا من الخبراء المشهود لهم لوضع مدونة سلوك للقيادات الإدارية تتضمن أسس ومباديء العمل الناجح والمحصن ضد المخاطر بفكر اجتماعي وسياسي واقتصادي رشيد. وهذا الذي أتحدث عنه ينطلق من استشعار صادق بحجم وعمق التحدي الاقتصادي والاجتماعي الراهن والذي يتطلب مبادرات وحلولا غير تقليدية تعيد الاطمئنان لرجال الأعمال والمستثمرين المصريين من ناحية, وتوفر القدرة علي جذب أكبر قدر من الاستثمارات العربية والأجنبية من ناحية أخري. ومع تسليمي بأننا أمام تحديات صعبة تحتاج إلي رؤي شجاعة وجسورة إلا أنني علي يقين بأن العبور الاقتصادي والاجتماعي المرتقب ليس أصعب من العبور العسكري فوق جسور حرب أكتوبر عام.1973 خير الكلام: يظل الجواد أصيلا ولو لسعته بالكرابيج والعصي! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله