يبدو أن الدورة الثانية والأربعين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب التي انتهت منذ أيام كانت فرصة استثمرها المثقفون لعقد لقاء مصارحة بينهم وبين وزير الثقافة فاروق حسني حول بعض القضايا المهمة. خاصة التي أثارت جدلا واسعا علي الساحتين الثقافية والسياسية أخيرا, ورؤية الوزير والمثقفين بشأنها بكل الصراحة والوضوح وصولا للحلول المناسبة لها بما يحقق في النهاية طموحات المثقفين ويسهم في تحقيق قوة دفع جديدة للحركة الثقافية في مصر, بالإضافة إلي بعض القضايا الأخري الأكثر جماهيرية وتهم قطاعات كبيرة من شباب المثقفين وبالذات في الأقاليم, وذلك من خلال الحوار المفتوح الذي استمر لأكثر من ساعتين وأداره الإعلامي عبداللطيف المناوي رئيس قطاع الأخبار باتحاد الإذاعة والتليفزيون بحضور د.صابر عرب رئيس هيئة الكتاب ونخبة من كبار المثقفين والنقاد حيث جرت مناقشة القضايا المطروحة في جو ديمقراطي يسوده الود والشفافية والرغبة في تحقيق نهضة ثقافية شاملة يقوم فيها المثقفون بدور أكبر باعتبارهم صناع الثقافة الحقيقيين بإبداعاتهم ورؤاهم الخلاقة علي أن تتولي أجهزة الثقافة تنفيذ وتحقيق طموحاتهم علي أرض الواقع وهو ما أكد عليه الوزير أكثر من مرة في هذا اللقاء ولقيت آراؤه استحسانا كبيرا لدي رموز الثقافة وكبار المبدعين ولم يترك المناوي في الحقيقة سؤالا واحدا لمثقف دون أن يطرحه علي وزير الثقافة للإجابة عليه قبل أن ينفض اللقاء حتي لا يخرج مثقف قاهري أو آخر قادم من بلده في أقصي الصعيد دون أن يجد إجابة علي سؤاله من الوزير المختص واستطيع أن أعرض لبعض هذه التساؤلات والإجابة عليها مع بعض ملاحظاتنا علي هذا اللقاء الثقافي الهام وكيفية استثماره لصالح ثقافتنا في المرحلة المقبلة وذلك علي النحو التالي: أحداث نجع حمادي: آثار أحد المثقفين من أبناء نجع حمادي اهتمام الحاضرين بتأكيده أن حادث نجع حمادي الذي راح ضحيته سبعة قتلي. وجرح آخرين ليس حادثا دينيا ولا طائفيا علي الإطلاق وأن المسلمين والأقباط في مدينته أشقاء وأحباب وشركاء في حياتهم اليومية وأن غياب التنوير الثقافي والحركة الثقافية وعدم الاهتمام بالشباب ثقافيا كان وراء هذا الحادث موضحا أن مسرح قصر ثقافة نجع حمادي مغلق منذ فترة طويلة ولم يتم تجديده وتجهيزه الأمر الذي جعل وزير الثقافة يطلب من د.أحمد مجاهد رئيس هيئة قصور الثقافة حل مشكلة هذا القصر فورا وفتح أبوابه أمام الشباب بما يتضمنه من مسابقات وندوات وأمسيات ثقافية وشعرية وفنية يشارك فيها أبناء المدينة مسلمين وأقباط بحيث يصبح هذا القصر منارة ثقافية جاذبة لجميع شباب المبدعين في أقرب وقت ممكن. حريق مسرح بني سويف: تعاطف وزير الثقافة مع أحد المثقفين من أسر ضحايا حريق مسرح بني سويف عندما تحدث عن تعثر بعض مطالبهم الضروريه والمهمة قاطعه الوزير قائلا إن هذا الحادث أدمي قلوب كل المثقفين وأنا أولهم وأن بابي مفتوح لبحث أي مشكلة تخص أسر شهداء هذا الحادث الأليم مؤكدا أن أي طلب يصله منهم في أي وقت سيكون موضع اهتمامه بصفة شخصية وأن أجهزة الوزارة ومسئوليها في القاهرة أو بني سويف لديها تعليمات واضحة بالاهتمام بأسر هؤلاء الضحايا والاستجابة لمطالبهم العادلة فورا تقديرا لهؤلاء الشهداء من المثقفين, وهنا دوت القاعة بالتصفيق لوزير الثقافة. ثقافة الأقاليم: وأخذت قضية الثقافة في الأقاليم خاصة في المناطق النائية البعيدة عن الأضواء اهتماما كبيرا من جانب الحاضرين وقولهم إن هذه المناطق عانت كثيرا من الحرمان الثقافي في سنوات ماضية وأنها لاتزال تحتاج إلي اهتمام مضاعف يعوضها عن هذا الحرمان وأنها زاخرة بالمواهب المتعددة وتحتاج إلي الكشف, عنها بصفة دورية وأثني الوزير علي هذه التساؤلات مؤكدا أن الأقاليم لا تغيب عن اهتمام الدولة وأنها ستشهد انطلاقة أوسع في المرحلة المقبلة مؤكدا كواحد من أبناء الأقاليم أنها قدمت لمصر رموزا في الثقافة والفن لن ننساها مثل طه حسين والعقاد وزكي نجيب محمود وأم كلثوم وغيرهم ممن أثروا حياتنا الثقافية والأدبية والفنية بإبداعاتهم المتنوعة وقوله إن خطة الوزارة تسعي لتحقيق نقلة حضارية لقصور الثقافة وتطويرها وتحديثها وأننا ننشئ نحو15 مكتبة ثقافية كل عام تقريبا تفتح أبوابها للشباب في مناطق نائية لم يكن أحد يعرفها من قبل. علاج المثقفين: أثار البعض قضية علاج المنتفعين علي نفقة الدولة خاصة كبار السن ممن افنوا أعمارهم في خدمة الثقافة والأدب والفن, وقول الوزير إن الدولة تولي كل تقدير واهتمام برموزها وأنه دائم الاتصال بوزير الصحة لتذليل أي عقبات وبقدر الإمكان أمام سفر أي من هؤلاء الرموز الذين تحتاج ظروفهم الصحية والمادية للعلاج في الخارج. قضية الترجمة: شهدت هذه القضية التي أثارها أكثر من مثقف اهتماما خاصا من كبار المثقفين والوزير في وقت واحد وأهمية أن ننفتح علي ثقافات العالم ونطلع هذا العالم علي ثقافتنا المصرية وتحقيقا لهذا الغرض تم انشاء المركز القومي للترجمة واسندت مهامه للدكتور جابر عصفور الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة سابقا, وقد انجزنا حتي الآن ما يقرب من ألفي كتاب مترجم ونواصل دورنا في هذه القضية المهمة. ملحوظة: أشاد المثقفون القاهريون باختيار موعد اللقاء في ختام المعرض بعد أن تفقدوا أجنحته وشاركوا في فعالياته ثم استعدوا لهذا اللقاء, وضرب مثقفو الأقاليم عصفورين بحجر واحد كما قال لي بعضهم عندما جاءوا من بلادهم في اليوم الأخير للمعرض وتفقدوا أجنحته واقتنوا احتياجتهم من الكتب نهارا وشاركوا في لقاء المثقفين مع وزير الثقافة ليلا.