تبدأ يوم الخميس المقبل فعاليات الدورة الجديدة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب, أكبر معارض الكتب بعد معرض فرانكفورت, وتأتي هذه الدورة في وقت تتزايد فيه الهجمة الشرسة للعولمة بتياراتها المختلفة التي لا تتناسب مع تقاليدنا وعاداتنا. ومحاولاتها المستمرة والدءوبة لطمس هويتنا الثقافية العربية التي نتميز بها عن سائر شعوب العالم, الأمر الذي يتطلب من المثقفين العرب الوقوف وقفة رجل واحد دفاعا عن هويتهم وحمايتها, والتصدي بكل امكاناتهم الفكرية لوقف زحف هذه الظاهرة حتي لا تقضي علي كل الأخضر واليابس من حضارتنا وتراثنا الثقافي العريق, وهو الهم الذي ينشغل به المثقفون العرب في الوقت الحاضر, كما تأتي هذه الدورة بعد ثلاثة أشهر من رحيل الكاتب والمفكر الكبير د. ناصر الأنصاري رئيس هيئة الكتاب السابق بعد أن كاد ينتهي من اللمسات والترتيبات الأخيرة للمعرض والاتفاق مع الدول ودور النشر المشاركة, الأمر الذي جعل وزير الثقافة فاروق حسني يصدر قراره يوم28 اكتوبر الماضي بتكليف د. محمد صابر عرب بالقيام بتسيير أعمال الهيئة المصرية للكتاب الي جانب عمله رئيسا لهيئة دار الكتب والوثائق القومية, ثقة منه لكونه المؤهل لهذه المهمة بعد نجاحه في عملية تجديد وتطوير وتحديث دار الكتب والوثائق بباب الخلق التي أصبحت واحدة من أهم هذه الدور المتخصصة في هذا الشأن في الشرق الأوسط, وهو ما أكده الذين توافدوا علي زيارتها من الخبراء المتخصصين والكتاب والمثقفين طوال هذه الفترة. * ولا ينكر أحد أن مكانة مصر الثقافية ودورها التنويري وما تملكه من رموز وكنوز الفكر والمعرفة يجعل كثيرا من الدول ودور النشر العربية والأجنبية تحرص علي المشاركة في هذا المعرض الكبير, وهو ما لمسه بحق د. صابر عرب كما قال لي خلال اتصالاته الدولية المكثفة لاستكمال المهمة المكلف بها, وتيقنه من تزايد الإقبال الدولي للمشاركة فيه, وحرصه علي تلبية رغبات الناشرين في هذه المشاركة, التي بلغت وفق آخر احصائية وردت إليه31 دولة بزيادة ثلاث دول عن العام الماضي, و800 ناشر عربي وأجنبي بزيادة35 ناشرا أيضا, موضحا أن هموم المثقف العربي وقضايا الثقافة العربية ستكون لها أهمية البحث في هذه الدورة, بالإضافة الي الأنشطة الثقافية المتعددة والمناقشات والحوارات التي تدور حولها والتي ستكون موضع اهتمام المثقفين العرب, ونعرض لبعضها مع مقترحاتنا لكيفية الاستفادة التامة من معطياتها, وذلك علي النحو التالي: * الحوار الثقافي الموسع: الذي يعقد بين وزير الثقافة فاروق حسني والمثقفين علي هامش المعرض سيكون له أهميته خاصة أن الوزير سيطرح خلاله علي المثقفين السياسة الثقافية المصرية في المرحلة المقبلة ليدور النقاش والجدل والحوار حولها, كما يطرح المثقفون علي الوزير بعض القضايا والمشكلات الثقافية التي تشغل اهتماماتهم, وينتظرون منه وضع الحلول العاجلة لها بحيث يخرج هذا الحوار البناء بنتائج طيبة تثري العمل الثقافي, وتحقق طموحات المثقفين في وقت واحد. * تكريم الرموز: يحسب لهذه الدورة توسعها في تكريم رموز الوطن ليس في مجالي الثقافة والفن وحدهما بل امتدت عملية التكريم لتشمل مجالات أخري مثل الاقتصاد والطب والحكم المحلي, ففي مجال الثقافة يبرز اسم المفكر الكبير د. جابر عصفور أحد رموز الثقافة المصرية ودوره الرائد في تأسيس ونجاح المركز القومي للترجمة, بالإضافة لدوره في دعم العمل الثقافي المصري عندما كان أمينا عاما للمجلس الأعلي للثقافة, واسم فاروق العقدة لدوره في دعم البنك المركزي كواحد من رموز الاقتصاد المصري, واسم الطيب شريف مختار ودوره في تطوير مركز العناية الحرجة, وساقية الصاوي كمؤسسة ثقافية فنية استطاعت خلال فترة وجيزة أن تصبح منارة للثقافة والفن ليأتي دور الموسيقار العربي الفنان نصير شمة أستاذ آلة العود ومشروعه بيت العود الذي أصبح مدرسة يتخرج فيها أجيال الشباب والأطفال من الجنسين بعد تدريبهم وتعليمهم أصول العزف علي هذه الآلة الشرقية الأصيلة. * ملف السد العالي: جاء اختيار روسيا ضيف شرف لمعرض مواكبا لاحتفالات مصر بمرور خمسين عاما علي إنشاء السد حيث بدأت ملحمة بنائه يوم9 يناير1960 واكتملت في9 يناير1971 وهو مايتضمنه الملف الكامل للسد بالصور والرسومات والوثائق والمواقف السياسية الروسية المساندة لمصر والتي يعرضها جناح روسيا أكبر دولة في اصدارات الكتب بعد الولاياتالمتحدة.. * نقطة أخيرة: نتمني أن تكون هناك مضبطة لمعرض الكتاب تسجل كل الحوارات والتساؤلات والردود التي تثار في أثناء هذه اللقاءات المهمة, حتي يعرف الناس أين يقف المثقفون العرب بالضبط من قضاياهم وهمومهم.