عزيزي أوباما.. جارنا نتانياهو.. بعد السلام والتحية.. لا أعرف من أين أبدأ.. أأبدأ من خطابك المعسول أوباما أم من خطابك المتعجرف المليء بعبارات اللامبالاة يا نتانياهو.. أم من الرسائل التي بين سطور خطابكما!!! طبعا كعادتك أوباما لبقا ومتحدثا جيدا،واتسمت بالغموض الذي يكتنف خطبك وأحاديثك،إلا أنه بالرغم من أن خطابك أعد بحنكة وذكاء .. لكن الناس أصبحت تفهم خطبك وما بين طيات كلامك! في الحقيقة أوباما أنت لم تكن منصفاً في حديثك عن السلام، كما كان خطابك الأخير محبط بما جاء فيه.. فالقضية الفلسطينية كان مكانها في أخر خطابك، علما بأنها حجر الزاوية في المشهد السياسي في منطقة الشرق الأوسط. رفضت الجهود الفلسطينية الرامية إلى نزع الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة من الأممالمتحدة. أكدت أن حدود إسرائيل وفلسطين يجب أن تقوم على حدود 1967 مع مبادلات للأراضي يتفق عليها الطرفان. و أنهيت كلمتك محذرا من التأخير في عملية السلام، لأن من شأن ذلك زعزعة أمن إسرائيل على المدى الطويل لا سيما في ظل التغيرات التي تحدث في منطقة الشرق الأوسط، فيما أكدت التزام بلادك بالحفاظ على أمن إسرائيل" عزيزي أوباما.. خطابك يعد تراجعا تاما عن خطابك في القاهرة.. كما أعطيت لناتنياهو كل ما أراد قبل أن يلقي خطابه في واشنطن، حيث تحدثت عن شروط قبول إسرائيل للدولة الفلسطينية وأكدت على 4 مواقف تعتبر دعما لإسرائيل وهي: (إعتبار الدولة الفلسطينية دولة منزوعة السلاح، والإعتراف بإسرائيل دولة يهودية.. والإحتفاظ بالمستوطنات.. وعودة اللاجئين المشروطة).. وهو عكس ما قلته تماما في جامعة القاهرة عندما وصفت المستوطنات بأنها غير شرعية. بعد ذلك جاء خطابك يا بنيامين نتنياهو، أمام الكونجرس في واشنطن وللأسف لم تأت بجديد، بل أعدت التأكيد على المواقف الإسرائيلية السابقة التي نعرفها جميعا وهي المواقف التي رفضها الفلسطينيون من قبل.. بل أكدت أن إسرائيل لن تنسحب إلى حدود عام 1967 ولن تقبل بتقسيم القدس التي ستبقى عاصمة أبدية لإسرائيل ، ودعوت الرئيس الفلسطيني إلى تمزيق الإتفاق الذي وقعه مع حماس.. أما مشكلة اللاجئين فقلت يجب أن تحل خارج دولة إسرائيل لكنك لم توضح كيف سيكون هذا الحل خارج دولة إسرائيل.. أما الدولة الفلسطينية التي ستوافق على قيامها فهي دولة يجب أن تكون منزوعة السلاح كما يجب أن يكون هناك وجود عسكري إسرائيلي على حدود نهر الأردن . لقد قدمت من خلال خطابك الشروط الإسرائيلية للتفاوض مع الفلسطينيين ووضعت السلطة الفلسطينية أمام خيارين لا ثالث لهما إذا كانت تريد السلام مع إسرائيل.. فيجب أن تعترف فلسطين بيهودية إسرائيل (وهو ما رفضته السلطة الفلسطينية من قبل رفضا قاطعا) وطالبت بإلغاء الإتفاق الذي وقعته مع حماس (وهذا أيضا تدخل سافر في الشأن الفلسطيني الداخلي ودعوة إلى تمزيق الصف الفلسطيني) . جارنا نتانياهو.. تستطيع أن تنتشي بالتصفيق الحاد الذي كان يقوم به أعضاء الكونجرس الأميركي وزوجتك أثناء إلقاء خطابك أكثر من عشرين مرة، تستطيع أن تضع الشروط التي تريد من أجل التفاوض مع الفلسطينيين والموافقة على قيام الدولة الفلسطينية المستقلة.. لكنني في ختام رسالتي أقول لك نتانياهو.. أنك لن تستطيع إجبار الفلسطينيين على القبول بهذه الشروط وبالتالي فإن إسرائيل لن تحصل على السلام المنشود وستظل دولة معتدية ومحتلة في نظر الفلسطينيين وفي نظر العرب ونظر العالم.. إذن، فمن حق الفلسطينيين الدفاع عن أراضيهم المحتلة وتحريرها مثلهم مثل بقية شعوب العالم الذين تعرضوا للاحتلال.. والشعوب المقهورة قد تبقى كذلك لفترة معينة لكنها في النهاية ستثور وستكون ثورتها عارمة ومدمرة والذي سيدفع الثمن هو المحتل الذي لم يحسب حسابا لهذا اليوم القادم قريبا بإذن الله . وفي نهاية رسالتي لك أوباما لا يسعني إلا أن أقول إن المدخل الحقيقي لعلاقات جديدة تعزز التواصل بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والعالم العربي والإسلامي يأتي من خلال الوفاء بالوعد الأمريكي بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس في حدود عام 1967 وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي جثم على صدر الشعب الفلسطيني وصدر المنطقة عقودا طويلة. [email protected] المزيد من مقالات ريهام مازن