إن قبول العذر من كل فرد إلى الفرد الآخر أو من طائفة إلى الطائفة الأخرى أو من مذهب إلى المذهب الآخر مهما كانت الأعذار يوحد الأمة الإسلامية ويرص صفوفها ويرفع عنها البغضاء والحقد والضعف. إن أكثر المشاكل بين المذاهب الإسلامية وتكفير البعض للبعض الآخر هو عدم قبول عذر من يعتذر للطرف الآخر ويبقى الاتهام وسوء الظن هو سيد الموقف. إن قبول العذر من المعتذر يكشف عن روح إيمانية صادقة ومسئولة لمن يقبل العذر إن الأشخاص الذين يقبلون الأعذار من الآخرين هم فى الحقيقة رجال الإصلاح ورجال الوحدة الإسلامية ومن لم يقبل العذر فقد ينطوى على مساوئ الخلاف ويستحق الذم. فإن الأشخاص الذين لا يقبلون العثرات ولا يقبلون المعاذير هم فى الواقع أدوات الفتن وأساس التفرقة فى المجتمع فيصبحون شرار الرجال بين الناس الذين يحملون فى قلوبهم الحقد والحسد والضغائن فى المجتمع وهم أساس التخلف والظلم والعدوان. لوكان خطأً غير متعمد فى اختيار الكلمة المعبرة ووضح صاحب العذر بعدم قصده مما فهموا من كلامه فلا يليق بأى انسان وخصوصاً إذا كان ممن يعتبرونه رجل دين ويغار على الله أن يعلق على خطأ يعتذر عنه فإذا لم يقبل عذره فهو يدعى الغيرة على الله لماذا؟ لأنه يعلم تماما قصة انفعال صاحب الراحلة الذى أفاق ووجدها فوق رأسه بعد أن فقدها وأيس من وجودها وقال من شدة فرحته اللهم أنت عبدى وأنا ربك ولم يؤاخذه الملك سبحانه وتعالى على هذه الكلمة رغم فداحتها عند العمد من قولها. من أجل ذلك نرى أن هذا الكلام المعتذر عنه ليس بخطأ بل رجوع إلى الحق فلا يليق بالشيخ حسان أو أمثاله الذين يدعون الغيرة على الله أن يتمادوا فى إثبات قول غير مقصود كان اللائق بهم أن يعتذروا عن هذا الأمر فى حق الدكتور يحيى الجمل الذى لم يقصد شيئا مما علق عليه. وبعد أن شاهدت منذ أيام قليله بقناة الرحمة هجوماً موجهاً من الشيخ حسان على الدكتور يحيى الجمل وقال بأنه يسىء الأدب مع الحق جل جلاله وعدم اختياره للألفاظ والتهكم وغيرها من الكلمات الخطيرة. وبعد حديث دار بين الدكتورالجمل وبين الأستاذ (خيرى رمضان) فى برنامج مصر النهارده والحوار حول الإنتخابات القادمة والكلمه التى أزعجت الشيخ حسان الأستاذ خيرى رمضان يسأله عن الاستفتاء بنعم أو لا. فيرد الدكتور يحيى الجمل ويقول إيه ربنا لو اطرح فى استفتاء وخد سبعين فى المية يحمد ربنا وكذلك قال فى نفس الحوار ومافيش أسوأ من الدولة البوليسية.. غير الدولة الدينية فقامت الدنيا عليه ولم تقعد بسبب هذه الكلمات. الحقيقة ترددت كثيرا فى الأيام الماضية لتوضيح وجه النظر من كلام الدكتور حتى لا تكون فتنه بعد هذا الهجوم الشرس عليه. فوجئت بخروج الدكتور الجمل فى قناة النيل للأخبار وقال بالنص الناس فهمت كلامى غلط وأعلن الدكتور عن حقيقة نواياه ولم يقصد ما فهموه. توقعت بعدها خروج الشيخ حسان بصفته رجلاً يتحدث بالدين ويعتبرونه مصلح ليعتذر للدكتور عما صدر منه وأكيد الشيخ حسان تدارك تسرعه، وأخذت أراقب الجرائد يوميا عن كثب وتوقعت أن أقرأ فى أى لحظة اعتذارا من الشيخ حسان عما قاله هو أو غيره. فوجئت فى جريدة الجمهوريه العدد الصادر يوم الاثنين الموافق 21/3/2011 فى الصفحة الأولى مقالة تحت عنوان (الشيخ محمد حسان يدعو الجمل للتوبة عن الإساءة فى حق الله). تعجبت كثيرا من الحديث الذى قرأته وإصرارالشيخ حسان على عدم الاعتذار.. وأنا لى بعض التعليقات على كلام الشيخ حسان. كنت فى غاية الانفعال من خطابك لدرجة البكاء. وهذا أول مأخذ عليك فالداعى الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والبصيرة كان من الواجب أن يتروى فى حكمه. (وقلت) ليس من حق أى أحد أن يتكلم بما يريد فى الوقت الذى يريد ويمضى بعد ذلك امنا مطمئناً. هل هذا القول من باب التهديد أم من باب الترهيب. وقلت أيضا إنه لا يليق أبدا فى عصر الحرية المسئولة أن ننفلت وأن تكون كلماتنا منفلتة من الضوابط الشرعية. اسمح لى أن أسرد لك لتعلم أن حديثك غير منضبط شرعيا. قصة سيدنا موسى وفرعون الضوابط الشرعية هى التى أمر الله بها سيدنا موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام حينما أرسله ربه هو وأخوه هارون الى فرعون الكافر. الذى قال:(يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيرى) والذى قال أيضا (أنا ربكم الأعلى) فبماذا أمر الله سيدنا موسى وهارون حين أرسلهما الى فرعون؟ أمرهما سبحانه وتعالى (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى). الأمر من الله الخطاب باللين فى مخاطبة الطاغيه الكافر. فكيف يكون خطابك بالزجر لمسلم موحد مثلك. فكلامك غير منضبط شرعيا كما أمرنا الله بلين الخطاب. الضوابط العقلية أنا خجلان من التعليق: أيحق لمن وضعته فى منزلة الأب أن تقول له كلامك غير منضبط عقليا (لا تعليق). فإذا لم تعلم قيمة الدكتور الجمل العلمية والقانونية والفكرية والأدبية فارجع إلى سيرته الذاتية. ولا أتحدث إليك لا سمح الله معلماً لكننى أتحدث إليك مذكراً (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ). عتاب لم أقل لك يافضيلة الشيخ حسان كان المفروض قبل أن تصعد على قناة الرحمة وتعلن على الملأ بما قلت والعالم يشاهدك أن تسأل صاحب الشأن ماذا تقصد بكلماتك حتى لا تكون فتنة وأنت تحارب الفتنة. ولم أقل لك كان من الأولى أن تذهب إلى الأزهر وتسأل أساتذتك من السادة العلماء الأجلاء وتعرف رأيهم عما قاله الدكتور الجمل حتى ينصحوك بعدم التسرع ولا تعرض نفسك للخطأ والندم. ولعلك تدرى لماذا لم يعقب الأزهر على كلام الدكتور الجمل وخصوصا أننا لسنا فى زمن تكميم الأفواه؟ هل من المعقول يا شيخ حسان أن تكون أغير على الدين من كل علماء الأزهر الشريف الذى لم يصدر عنهم أى اعتراض أو تعليق أو تصريح واحد عما قاله الدكتورالجمل؟ الجواب أنك أخذت بظاهر الحديث ولم تفهم حقيقته وهم أخذوه بمقصوده الحقيقى بحكمة الدين الوسطى ولم يأخذوه بظاهره بل فقهوا كل جوانبه وأخذوه بمحمل حسن ولم يتهموا نواياه أسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم وخصوصا أن الدكتور صرح بحديث وأفصح بعدها عن حقيقة نيته. علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرنا بعدم اتهام النوايا ولنا فى هذه القصة أسوه وعبرة وأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدم اتهام النوايا. فلنراجع معا أدب الخلاف وأصول الحوار والمناقشة، وعدم اتهام النوايا، فى قصة «أسامة بن زيد» الذى قتل المشرك بعد أن أعلن إسلامه، وقال: لا إله إلا الله، فعنفه رسول الله على فعلته، وقال له مستنكرًا: «أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله؟!» فأجاب أسامة: قالها يا رسول الله خوفًا من حسامى، فقال عليه الصلاة والسلام: «أشققت عن صدره؟!»، مع أن كل الظواهر تشير إلى أنه قالها فعلاً خوفًا من القتل، ولكن رسول الله عليه الصلاة والسلام لم يسمح لنا باتهام النوايا. ورد الدكتور الجمل فى أدب جم وقال الناس فهمت كلامى خطأ نشكر له أدبه وسعة صدره ولم يعلق على ما قالوه ولو بكلمة إهانة واحدة فهذه هى أخلاق المسلم الصادق ذى الحكمة. عندما قال الدكتور الجمل مافيش أسوء من الدولة البوليسية غير الدولة الدينية فهو صادق.. ياشيخ حسان الدكتور قصده وكلامه واضحين لأنك أخذت الكلام على ظاهرمعناه للمرة الثانية كعادتك فى الاتهام الأول وكما عهدناه منك مرات ومرات عندما قمت بسب الدكتور عمرو خالد وقلت له يا فاشل وكررتها كثيرا لا يصح أن يكون الداعية لا اللعان ولا الفاحش ولا البذىء إذا كان صادقا فى اتباعه لرسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول صلى الله عليه وسلم:(إنى لم أبعث لعانا وإنما بعثت رحمة). رواه مسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه - كتاب البر والصلة والآداب برقم 4704 (صحيح) انظر حديث رقم: 2502 فى صحيح الجامع. ويقول صلى الله عليه وسلم (ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذىء) رواه الترمذى عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه - كتاب البر والصلة برقم 1900 (صحيح) انظر حديث رقم: 5381 فى صحيح الجامع. الدكتور الجمل يقصد الدولة المتطرفة فى الدين وأنت تعلم علم اليقين أن كل طائفة دينية كالصوفية والسلفية بل وفى كل الديانات فيها المتشدد والمعتدل فالطائفة المتشددة من الوهابية التى كفرت الشيخ الإمام الشعراوى رحمة الله عليه والدكتور العلامة على جمعة والحبيب الجافرى وغيرهم هؤلاء المتشددون كفروهم أيضا وهذا موجود على الشبكة العنكبوتية ويستطيع أن يرى أى واحد على النت حقيقة ما أقول وأنا أعلم أنك لا ترضى بتكفيرهم وفى تسجيلاتك ما تشيد به من مديح فى فضيلة الشيخ الشعراوى. فالمتطرفون فى الدين الذين يقومون بالإرهاب ويستبيحون أموال أهل الذمة ويقتلون النفس بغير حق ليسوا من الإسلام فى شىء فهذه الأفعال ليست من الدين فى شىء وهم أسوأ بالفعل من الدولة البوليسية والرأى المخالف لذلك يكون إرهابياً. عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه» متفق عليه. وأتعجب من كلامك كيف تبادر إلى ذهنك أنه يسب الدولة الدينية وهو يعيش فى دولة الأزهر الشريف الدولة التى تتدين بالدين الوسطى ويشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. فيجب أن نتروى ونوضح للناس الحقيقة حتى لا نقع فى فتنة أكبر من فتنة أطفيح التى كنت ممن يقيمون فيها بدور الإصلاح. الدكتور يبدى رأيه فى أصحاب مذهب متطرف وليس فى أصحاب الدين المعتدل. وهذا ليس رأيه فحسب فوصف الشيخ الشعراوى المتطرفة من الوهابية بالغباء فى مسألة القبور وارجع لتسجيلات الشيخ الشعراوى ورأيه فى مسألة وجود القبور فى الجوامع وهو رجل عصره بشهادة الأمة وأنت تشهد له بذلك ولم ينكرها عليه أحد الدكتور وصف مذهبا متطرفا ويتحدث عن دولة مذهبية متطرفة أرجو عدم التسرع فى الحكم على الأمور. الشيخ حسان يقول إنه لايجوز الحجر على رأى أهل الدين من قال هذا وأكبر دليل حزب الإخوان المسلمين لهم حق المشاركة ليس بالرأى فقط ولكن بتكوين حزب والكل يطالب ألا يكون التوجه فى الأحزاب دينياً لمنع الفتن ونحن نعيش مع مسيحيين فالدكتور الجمل والكل ينادى بالأحزاب السياسية بألا يكون لها توجه دينى لمنع الفتن وهذا كلامك أيضا واتهامك بالحجر على رأى أى مسلم فلم يحجر أحد على رأى أى مسلم ولا أدرى من أين أتيت بهذا الكلام لكنها آلام الماضى التى كنت تعانى منها فأزالها الواقع الجديد وآن لك الآن تتكلم فى عصر الديمقراطية وكلام الدكتور الجمل مسجل ولا توجد كلمة حجر واحدة فى كلامه. وتقول يسمح لمن لا يحسن الوضوء أن يتكلم فى دين الله تبارك وتعالى وأن يتكلم فى سياسة يا شيخ حسان هل علمت السرائر هذا سر بين العبد وربه. لقد قلت بما ليس لك به علم لأنك اتهمت السرائر ووضوء المسلم من إحسانه أو عدمه وهذا سر بين العبد وربه لا يعلمه إلا الله وهل رأيته حين يتوضأ حتى تحكم عليه أم هذا محض افتراء. واعتقد أنك لا تستطيع أن تبررها لأنك قلتها ولا تستطيع إنكارها، فإحسان الوضوء من عدمه الحكم فيه لله وحده سبحانه وتعالى. بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى (وإن تجهر بالقول فانه يعلم السر واخفى) «طه7». خلاصة القول ياشيخ حسان بعد ما علمت أنه لا يجب علينا اتهام النوايا أسوة برسول الله وبعد ماخرج الدكتور يحيى الجمل على قناة النيل للأخبار ووضح قصده وقال فهموا كلامى خطأ وبأخلاقه المؤمنة النبيلة قابل السيئة والإهانة بالأحسن أمام كل الناس على الهواء ولم يخطئ فيمن أخطأوا فيه ألم يكن الأجدر بك الآن بعد ما وضحت حسن النوايا من الدكتور أن تقابل هذا الإحسان من سيادته لا أقول بالأحسن ولكن على الأقل بالإحسان وخصوصا أنك رجل الدين الذى يدعوا دائما أن نقابل السيئة بالأحسن فقد حان الوقت أن تثبت لمن تعلمهم الدين أن تقول قولتك جاء دورك الآن حتى تثبت لمريديك.. سماحة الدين وتبادر بالاعتذار عما صدر منك وأنا أعلم أن هذه الاتهامات لا تكن منك أبدا عن عمد لتأكدى من صدق بداية خطابك وأنت تقول: وليسمح لابن من أبنائه أن يخاطبه بأدب جم وبحكمة بالغة فأرجو لما عهدناه منك من شجاعة أدبية أن تعتذر لهذا الأب كما قلت إنك ابن من أبنائه فلا يليق بك الآن أن تصر على موقف اتهامك بعد ما تبين لك من توضيح فالرجوع الى الحق فضيلة تنفى عن الإنسان الكبر. أسأل الله أن يعينك على نفسك وتعتذر عما قلته فى قناة الرحمة وفى الجريدة لتبرهن للناس أن الشيخ محمد حسان يعمل بما يقول وأخشى أن تقول خلاف ذلك أعانك الله على نفسك وأعاننا جميعا على جهاد أنفسنا ولست أدافع عن شخص بعينه ولكن أرجو من الله أن يكون هذا العمل خالصا لوجه الكريم فهو يعلم سرى وجهرى وهو إحقاقاً للحق وألا نُحمل الكلام مالا يحتمل وفقنى الله جل وعلى وإياك للعمل الصالح وصالح العمل وعاشت مصر حرة أبيه لا فتنة فيها ولا إرهاب.