الاختلاف من طبيعة الحياة ولن يستطيع أحد في الأرض أن يزيله أوينكره.. قال تعالي:(( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين)) وإذا كان الاختلاف في الرأي دائما يؤدي إلي وقوع فتنة بين المختلفين لمحاولة كل منهم فرض رأيه والتقليل من معارضه في الرأي فإن الحل والعلاج كما يقول د. جمال عفيفي أستاذ ورئيس قسم العقيدة كلية أصول الدين جامعة الأزهر يتمثل في معرفة وفهم أدب الاختلاف, ولقد وضع الإسلام قواعد وضوابط يستطيع كل انسان من خلالها أن يعبر عن رأيه وبحرية كاملة فقد أكد الإسلام أن من حق كل انسان أن يعبر عن هذا الرأي, ولكن ليس من حقه أن يفرض رأيه علي الآخرين ولقد ضرب لنا أئمة الاسلام المثل الحسن الذي يدل علي مرونتهم وعقلانيتهم فكان الواحد منهم يقول إن رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب ومعني هذا أن كل واحد منهم يبدو له وفق ما لديه من أدلة أن رأيه صواب ولكن ليس متعصيا أو متمكسا بهذا الرأي إن ثبت له خطؤه أو أن غيره يملك دليلا أقوي منه. ولم يحاول أحد منهم أن يحمل الآخرين علي رأيه أو يتهمهم في علمهم أو دينهم من أجل مخالفتهم. ويضيف د. عفيفي فلا مانع من أن يكون انسان قد أخطأ فهذا ليس عيبا ولكن العيب أن يتمادي فيه ولهذا نري أن هؤلاء الأئمة صاروا أمثلة يحتذي بها المسلمون وغيرهم إذا أرادوا أن يصلو إلي الحق, فالحق ليس وملكا لأحد والإنسان معرض لأن يخطئ ويصيب لكن الذي يوفق إلي الصواب هو الله ومن هنا فإننا نتعلم من اسلامنا عدم التعصب للرأي ومحاولة فرضه علي الآخرين باعتباره هو الرأي الصواب وان كل الآراء مخطئة إذ أن التعصب هو الآفة التي تشعل الفتنة بين الناس وبين الدول وقد تؤدي إلي الحروب والدمار. ويشير د. عفيفي إلي أنه يجب أن ننتبه إلي أن الشيطان يوسوس إلي المتعصبين ويصور لهم أن ما يرونه هو الحق, ولكن الإنسان العاقل هو الذي يرجع إلي الحق ولا يتمادي في الباطل وإلا تحكمت فيه الأهواء والمنصف من جاهد هواه وأذعن للحق سواء كان عنده أو عند غيره. ويختتم كلامه بدعوة الجميع عند الحديث عن مسألة معينة بأن تتكامل الآراء بحيث يكمل كل منها الآخر لأنه قد يكون من الصعب علي الإنسان أن يحيط بكل جوانب المسألة, فهذا يري بمنظور, وذلك يري بمنظور آخر أو ينظر من زاوية أخري, لذا فاختلاف وجهات النظر يجب أن يكون ظاهرة صحة تغني العقل المسلم وتزيده فهما, وتطلعه علي عدد من وجهات النظر, ورؤية الأمور من أبعادها وزواياها كلها, واضافة عقول إلي عقل, ولنا في قصة موسي والخضر العبرة والعظة.