ختام امتحانات النقل للمرحلتين الابتدائية والإعدادية بمنطقة الإسماعيلية الأزهرية (صور)    سكرتير شعبة الذهب: تراجع أسعار الذهب والفضة    محافظ القليوبية: إزالة 3190 حالة تعد على الأراضي الزراعية وتحرير 1558 محضر مخالفة    18.4 مليار جنيه حصيلة جمع العملات من شركات الصرافة التابعة للبنوك الحكومية    غدا انطلاق معرض وتريكس للبنية التحتية ومعالجة المياه بمشاركة 400 شركة بالتجمع    مجرم في كهرباء الجيزة!    بايدن: لن يهدأ بالي حتى يعود جميع الرهائن عند حماس إلى أحبائهم    رئيسة «الخير» المعارضة لأردوغان تستقيل من منصبها    رئيس الوزراء الفرنسي: أقلية نشطة وراء حصار معهد العلوم السياسية في باريس    الجودو، منتخب مصر يتربع ملكا على عرش البطولة الأفريقية (صور)    أحمد حسام ميدو يكشف أسماء الداعمين للزمالك لحل أزمة إيقاف القيد    وزير الرياضة يشهد مراسم قرعة نهائيات دوري مراكز الشباب | النسخة العاشرة    مصر ترفع رصيدها إلى 6 ميداليات بالبطولة الإفريقية للجودو بنهاية اليوم الثالث    تسبب في حالة تسمم، إغلاق مطعم شهير بالسعودية    تجديد حبس المتهمين بسرقة السيارات في العجوزة    كواليس لقاء ياسمين عبد العزيز مع إسعاد يونس في صاحبة السعادة    السر وراء احتفال شم النسيم في مصر عام 2024: اعرف الآن    إنجازات الصحة| 402 مشروع قومي بالصعيد.. و8 مشروعات بشمال سيناء    «صباح الخير يا مصر» يعرض تقريرا عن مشروعات الإسكان في سيناء.. فيديو    رئيس جامعة جنوب الوادي: لا خسائر بالجامعة جراء سوء الأحوال الجوية    الشرطة الأمريكية تفض اعتصام للطلاب وتعتقل أكثر من 100 بجامعة «نورث إيسترن»    بالتعاون مع فرقة مشروع ميم.. جسور يعرض مسرحية ارتجالية بعنوان "نُص نَص"    بيريرا ينفي رفع قضية ضد محمود عاشور في المحكمة الرياضية    الرئيس التنفيذي للجونة: قدمنا بطولة عالمية تليق بمكانة مصر.. وحريصون على الاستمرار    خطة لحوكمة منظومة التصالح على مخالفات البناء لمنع التلاعب    فوز أحمد فاضل بمقعد نقيب أطباء الأسنان بكفر الشيخ    "اكسترا نيوز" تعرض نصائح للأسرة حول استخدام ابنائهم للانترنت    بايدن: لن أرتاح حتى تعيد حماس الرهائن لعائلاتهم    التحالف الوطني للعمل الأهلي.. جهود كبيرة لن ينساها التاريخ من أجل تدفق المساعدات إلى غزة    «تربيعة» سلوى محمد على ب«ماستر كلاس» في مهرجان الإسكندرية تُثير الجدل (تفاصيل)    تطوان ال29 لسينما البحر المتوسط يفتتح دورته بحضور إيليا سليمان    أصالة تحيي حفلا غنائيًا في أبو ظبي.. الليلة    "بيت الزكاة والصدقات" يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة عملاقة ل "أغيثوا غزة"    الإمارات تستقبل دفعة جديدة من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان.. صور    الكشف على 1670 حالة ضمن قافلة طبية لجامعة الزقازيق بقرية نبتيت    النقض: إعدام شخصين والمؤبد ل4 آخرين بقضية «اللجان النوعية في المنوفية»    حكم واجبية الحج للمسلمين القادرين ومسألة الحج للمتوفين    بالصور| "خليه يعفن".. غلق سوق أسماك بورفؤاد ببورسعيد بنسبة 100%    «تملي معاك» أفضل أغنية عربية في القرن ال21 بعد 24 عامًا من طرحها (تفاصيل)    وزير التعليم ومحافظ الغربية يفتتحان معرضًا لمنتجات طلاب المدارس الفنية    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    علي الطيب يكشف تفاصيل دوره في مسلسل «مليحة»| فيديو    قائمة باريس سان جيرمان لمباراة لوهافر بالدوري الفرنسي    الصحة: فرق الحوكمة نفذت 346 مرور على مراكز الرعاية الأولية لمتابعة صرف الألبان وتفعيل الملف العائلي    سياحة أسوان: استقرار الملاحة النيلية وبرامج الزيارات بعد العاصفة الحمراء | خاص    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    خبيرة: يوم رائع لمواليد الأبراج النارية    حصيلة تجارة أثار وعُملة.. إحباط محاولة غسل 35 مليون جنيه    السيسي يتفقد الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية ويجري حوارًا مع الطلبة (صور)    مستشار الرئيس الفلسطيني: عواقب اجتياح رفح الفلسطينية ستكون كارثية    متصلة تشكو من زوجها بسبب الكتب الخارجية.. وداعية يرد    الدلتا للسكر تناشد المزارعين بعدم حصاد البنجر دون إخطارها    «السياحة»: زيادة رحلات الطيران الوافدة ومد برنامج التحفيز حتى 29 أكتوبر    أبو الغيط: الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا على أوضاع العمال هناك    هل يوجد تعارض بين تناول التطعيم وارتفاع حرارة الجسم للأطفال؟ هيئة الدواء تجيب    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجميع يتوافدون علي الكنائس اليوم للتهنئة

‏..‏ والمسلمون أيضا يحتفلون بميلاد المسيح توافد منذ صباح اليوم كبار علماء الازهر وأئمة ودعاة وزارة الأوقاف وآلاف المسلمين الي الكنائس لتقديم التهاني‏,‏ ومشاركة الاخوة المسيحيين احتفالاتهم وفرحتهم بعيد الميلاد‏, استجابة لنداء الدين الإسلامي الذي أوجب علينا حمايتهم ورعايتهم والتعايش معهم‏.‏
وإذا كان الشرع الإسلامي قد أوجب تلك الزيارات‏,‏ فإن علماء الدين يؤكدون أن اختلاف المعتقد لا يتعارض مع الاخوة في الوطن‏,‏ بل يتفق معها ويؤكدها‏.‏ وأن الاديان السماوية جاءت لإسعاد البشرية وتحقيق التعايش ونبذ الخلاف‏,‏ مطالبين المصريين جميعا بالاحتكام الي الفعل ونبذ الفتنة التي تهدد الوطن الواحد مؤكدين أن كل الأنبياء والرسل كانت رسالتهم واحدة تدعو للفضيلة والعفة ومكارم الأخلاق‏,‏ وتحترم الآخر وترعي الحقوق وتحترم العقائد‏,‏ ولعل احتفال المسلمين مع إخوانهم الأقباط بهذه المناسبة الدينية يعد من دعائم الأخوة التي طالب بها الإسلام‏,‏ فالأخوة الإنسانية والأخوة في الوطن تجعلنا نسمو فوق كل الصغائر‏,‏ وإذا كنا نحتفل بمثل هذه المناسبات الدينية التي تجمعنا وتوحدنا فإننا مطالبون بأن نبعد عن نقاط الاختلاف وننشد ما يقربنا ونبعد عن كل ما يؤدي لتوتر واحتقان بين أبناء الوطن الواحد‏.‏
في هذا التحقيق يستعرض علماء الدين نظرة الإسلام للديانات السماوية ومنهجه للتعامل مع أهل الكتاب‏,‏ وكيف أن الوطن الواحد عاش فوق ترابه أبناء العقائد المختلفة أخوة متحابين‏,‏ ولطالما تعايشت الأخوة الوطنية والإنسانية وعلت فوق جميع الفتن والأحقاد الداخلية والخارجية‏.‏
الرسالات السماوية هدفها واحد
في البداية يؤكد الدكتور مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر‏:‏ أن الرسالات السماوية كلها تهدف لمعني واحد وغاية واحدة‏,‏ فكل نبي جاء برسالة تخص قومه وتجمعت هذه الرسالات في منهج واحد يهدف لمكارم الأخلاق وتصحيح مسار الناس من الاعوجاج إلي الطريق القويم‏,‏ ويعالج كل هموم الناس ومشكلاتهم‏,‏ وفي ذلك يقول الرسول صلي الله عليه وسلم إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق فكل الرسالات كانت تهدف لإصلاح السلوك الذي ينبغي أن يكون عليه الإنسان في أفعاله‏,‏ والإيمان في الإسلام لايكتمل دون الإيمان بكل الأنبياء وبكل الرسالات السماوية السابقة علي الإسلام‏,‏ كما أن الأخوة بين جميع الرسل مبدأ مشترك‏,‏ فالأنبياء أخوة لعلات أبوهم واحد وأمهم شتي‏,‏ والأب هنا يتمثل في الدعوة التي تعد قاسما مشتركا بينهم‏,‏ والأم مختلفة لأنها تتمثل في الأقوام التي أرسل اليها الأنبياء‏,‏ فالدعوة واحدة وإن اختلف الزمان والمكان والأشخاص‏,‏ والنبي صلي الله عليه وسلم أكد إخوة الأنبياء عندما خرج من الطائف وجلس بجوار بستان وقدم له حارس البستان عنقودا من العنب سأله النبي صلي الله عليه وسلم من أي البلاد أنت؟ فرد الغلام من نينوي‏,‏ فقال له النبي‏:‏ بلد يونس بن متي‏,‏ قال نعم‏,‏ فسأله الغلام‏:‏ وهل تعرفه؟ فقال صلي اله عليه وسلم‏:‏ هو أخي أنا نبي وهو نبي‏.‏ كما أن النبي صلي الله عليه عندما كان يتعرض لأي أذي كان يقول‏:‏ رحم الله أخي موسي لقد ابتلي بأكثر من ذلك فصبر‏.‏ وخاطبه الله عز وجل في القرآن الكريم قائلا فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل وفي ليلة الاسراء والمعراج كان من دواعي سرور النبي صلي الله عليه وسلم أنه رأي سيدنا عيسي عليه السلام وابن خالته يحيي بن زكريا وأطلق عليهما ابني الخالة‏.‏ وقد وصف النبي صلي الله عليه وسلم شكل سيدنا عيسي عليه السلام لأصحابه‏,‏ وفي قصة سيدنا شعيب نجد أن الله أرسله إلي قومه ليعالج قضية نقص الكيل والميزان‏.‏ وهذا ورد في القرآن كما ورد في كل الديانات والرسالات السماوية‏,‏ وحث عليه جميع الرسل والأنبياء‏,‏ وقد كان الرسول صلي الله عليه وسلم دائما يوكد وحدة الرسالات ويبين أن هدفها واحد فقال صلي الله عليه وسلم في الحديث الشريف‏:‏ مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بني بنيانا فأحسنه واجمله إلا موضع لبنة من زواياه فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة فأنا هذه اللبنة وأنا خاتم النبيين‏..‏ وقد روي عن الإمام البخاري أن التبي صلي الله عليه وسلم كان يحب موافقة أهل الكتاب إلا إذا أنزل عليه جديد‏,‏ وقد صام رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم عاشوراء‏,‏ وأمر بصيامه لأن هذا اليوم نجي الله فيه سيدنا موسي من فرعون‏..‏ وهذا الموقف يؤكد ويرسخ مبدأ الإخاء الديني الذي تنادي به جميع الرسالات‏,‏ كما أن مواقف النبي صلي الله عليه وسلم عندما استقبل وفد نصاري نجران وإستضافهم وسمح لهم بالبقاء علي عقيدتهم تؤكد لنا هذه المعاني‏,‏ وكذلك عندما وضع الرسول عليه الصلاة والسلام وثيقة المدينة وأقام أول دولة مدنية في التاريخ وعاش فيها المسلمون وغير المسلمين تجمعهم وحدة الوطن بعيدا عن النظر لاختلاف الدين‏,‏ فعاش المسلمون وغير المسلمين تحكمهم نصوص هذه الوثيقة التي أعلت من شأن المواطنة وحرصت علي الحفاظ علي الحقوق‏.‏
أخوة الوطن لاتتعارض مع اختلاف العقيدة
ومن جانبه يقول المفكر الإسلامي الدكتور طارق البشري‏:‏ إننا نشأنا علي المقولة التي وحدت الشعب المصري وهي‏(‏ الدين لله والوطن للجميع‏)‏ وأن الجماعة الوطنية في عمومها وبكل مكوناتها من ذوي الإنتماءات الدينية المختلفة وذوي الطبقات والحرف المختلفة والمذاهب المتنوعة عليها أن تراعي المصالح المختلفة وتحفظ الأمن والأمان في الوطن الذي نعيش فيه‏,‏ وعليها أن تحافظ علي العلاقة المتوازنة بين عناصرها بعضها وبعض‏,‏ وأن تراعي واجبات الانتماء الوطني‏,‏ وأول هذه الواجبات بالنسبة لذوي الأديان والمذاهب المتعددة أن يقروا فيما بينهم باحترام عقائدهم والنزول علي مقتضيات المساواة الكاملة والمشاركة في كل الحظوظ والإمكانيات التي يوفرها الوطن لأبنائه جميعا علي اختلاف أديانهم وعقائدهم‏,‏ وأقصد بالحظوظ أن تكون المساواة كاملة في الفرص المتعلقة بالتعليم والعمل والمناصب الحكومية وغيرها‏,‏ وهذه المسألة حسمتها الجماعة الوطنية المصرية من بدايات القرن العشرين وقامت بحلها علي المستوي السياسي والفكري والعقدي الإسلامي والمسيحي أيضا‏,‏ فالوحدة المصرية في مصر صف واحد علي مر التاريخ يتصدون للعدو الأجنبي‏,‏ فواجهوا معا التتار‏,‏ والحملة الفرنسية والاستعمار البريطاني والاحتلال الاسرائيلي‏,‏ وبداية الوحدة الوطنية تزامنت مع بداية فتح مصر فلا يأتي الفتح الإسلامي قسرا أو غزوا‏,‏ بل صلحا ينعقد في معاهدة كشفت عن أصالة البعد الديني المصري سواء بين المصريين الذين يعانون من اضطهاد الرومان لعقيدتهم المسيحية‏,‏ أو المسلمين الذين يلتزمون بعقيدتهم الإسلامية بأنه لا إكراه في الدين‏,‏ وقد شرفت مصر بالوصية النبوية المشرفة فيما حدث به عبد الله بن وهب أن رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو علي فراش المرض سئل فقال‏:(‏ قبط مصر فإنهم أخوال وأصهار وهم أعوانكم علي عدوكم‏,‏ وأعوانكم علي دينكم‏),‏ وهذا هو أول دستور يحكم مصر منذ بداية الفتح الإسلامي أقباطا أخوالا ومسلمين أعماما في أسرة واحدة متعاونين في أمور الدنيا متساندين في شئون الدين‏,‏ تكريسا لحكم الدين الحنيف بأن الدين واحد والشرائع شتي‏,‏ وإيمانا بجميع الرسالات السماوية وستظل مصر تدعم العدالة والسلام‏,‏ والاحترام المتبادل بين المسلمين والمسيحيين ودعم روح الاخاء والتضامن والمعرفة وتبادل المعلومات‏,‏ وتتصدي للتطرف الديني بوصفه تعبيرا عن النبذ ومصدرا للكره والعنف والارهاب‏,‏ فمصر دائما أرض الحضارات وملتقي الرسالات ومسار الرسل والأنبياء‏.‏
للإسلام منهج في التعامل مع الآخر
الدكتور حذيفة المسير مدرس العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين جامعة الأزهر يقول‏:‏ حين أراد الإسلام أن يبني المجتمع المتماسك جمع مقاصده في حفظ مايعرف ب الضرورات الخمس وهي‏:‏ حفظ الدين فلا يكره أحد علي أن يترك دينه بأي شكل من أشكال الإكراه‏,‏ وحفظ النفس وحفظ العرض لطهارة المجتمع وسلامته‏,‏ وحفظ العقل لأنه مناط التكريم والتكليف‏,‏ وحفظ المال فلا يؤخذ منه إلا بحق‏..‏ وحفظ هذه الضرورات واجب علي المسلم تجاه غيره من الناس بغض النظر عن مذهب أو عقيدة‏..‏ فالإسلام لايسمح لأحد بأن يجعل مجرد الخلاف في المذهب أو العقيدة سببا لترويع الآمنين أو حرمانهم من حقوقهم في العدل الكامل‏,‏ وقد أمر الإسلام بالبر والود وحسن الصلة والعشرة مع جميع الناس‏,‏ فقال تعالي لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين‏.‏ كما أن النبي صلي الله عليه وسلم أول شيء فعله عندما هاجر من مكة إلي المدينة المنورة أقام عهدا مع اليهود يحدد فيه الحقوق والواجبات‏,‏ وبالرغم من كثرة المخالفات التي حدثت في عهده صلي الله عليه وسلم مع المخالفين إلا أنه ماكان ليؤثر يوما علي حسن المعاملة واحترام الآخرين‏..‏ كما أن الإسلام حريص علي تحقيق العدالة في كل وقت وعدم مجاوزته لأي سبب من الأسباب وفي أي ظرف من الظروف وفي هذا يقول الله تعالي ولايجرمنكم شنئان قوم علي ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوي‏,‏ كما يحرص الإسلام علي عدم تعميم الأحكام وألا يؤخذ أحد بجريرة غيره‏,‏ ولنتأمل عندما نقضت بعض قبائل اليهود في المدينة العهد مع الرسول صلي الله عليه وسلم لم يحاسب غيرها من القبائل علي مافعلت‏,‏ ولم يحارب المعتدي لكونه من اليهود لكن لكونه نقض العهد معه‏..‏ فلم يتعد بالعقوبة إلي غير مستحقها‏,‏ والإسلام يوصي بضرورة التفرقة بين أصول الشرع وثوابت الدين وبين مايمكن الحوار حوله والتسامح فيه والتجاوز عن بعضه مع حفظ حقوق كل من الطرفين كاملة غير منقوصة‏,‏ كما أن الإسلام يوصي عند التعامل مع الآخر بالإبتعاد عن التسرع في إصدار الأحكام حتي يستبين الحق ويظهر الصواب فقال تعالي ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا علي مافعلتم نادمين‏,‏ وكذلك يأمر الإسلام عند التعامل مع الآخر بضرورة الإبتعاد عن الأحكام المسبقة والإستماع لجميع الآراء والأطراف بعمق وفهم‏,‏ وأيضا ينصح الإسلام بحسن الكلمة وهدوء الطبع وعدم الطعن والتجريح فقال تعالي ولاتجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم‏,‏ كما قال تعالي ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن‏.‏
كيف نحتوي الفتن؟
وبرغم كل التعاليم السمحة التي جاء بها الإسلام‏,‏ ونادت بها أيضا جميع الديانات السماوية‏,‏ إلا أن الأمر لايخلو أحيانا من إثارة بعض الفتن من قبل بعض المتطرفين والمتشددين من الجانب المسلم أو المسيحي‏..‏ فكيف نتعامل مع تلك الفتن وماموقف الإسلام منها؟
الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية جامعة الأزهر يقول‏:‏ من المقرر شرعا أن الفتنة محرمة ومجرمة وفي ذلك يقول الحق سبحانه وتعالي والفتنة أشد من القتل وقال أيضا الفتنة أكبر من القتل‏,‏ ومن المأثور أن الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها‏,‏ كما أن السلام هو الأصل في الإسلام‏,‏ فقال تعالي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف‏,‏ والإسلام يؤمن الناس علي السواء‏,‏ فيحفظ الأموال والأعراض‏,‏ والرسول صلي الله عليه وسلم قال‏:‏ إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام‏,‏ والقرآن الكريم يوصي بالتعايش مع الآخر فقال تعالي‏:‏ قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلي إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وماأوتي موسي وعيسي وماأوتي النبيون من ربهم لانفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون‏,‏ وقد وضح القرآن الكريم أن الأقباط هم أقرب الناس إلي المسلمين فقال تعالي ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصاري‏,‏ كما أن الرسول صلي الله عليه وسلم وصي بحسن التعامل مع أصحاب الديانات الأخري فقال صلي الله عليه وسلم في الحديث الشريف من آذي ذميا فأنا حجيجه يوم القيامة‏,‏ كما أنه صلي الله عليه وسلم أوصي وصاية خاصة بأقباط مصر فقال ستفتح لكم مصر من بعدي فاستوصوا بأهلها خيرا‏,‏ ومن كل هذا يتضح لنا أن حسن معاملة أصحاب الديانات الأخري من الواجبات الشرعية في الإسلام‏.‏
ويضيف د‏.‏ أحمد كريمة‏:‏ وحتي نتغلب علي أصوات الفتنة التي تظهر بين الحين والآخر علينا جميعا مسلمين وأقباطا أن نحكم صوت العقل لأن كل الأديان تحض علي السلام والرحمة والبر‏,‏ وأشار إلي أن احتفال المسلمين بصوم يوم عاشورا الذي مرت مناسبته قبل ايام طاعة لله عز وجل‏,‏ واحتفالا واحتفاء بنجاة سيدنا موسي عليه السلام من عدوه‏,‏ وكذا مشاركتهم اليوم في الاحتفال بميلاد عيسي عليه السلام‏,‏ يؤكد منهج الإسلام الذي يأمر بألا نفرق بين الرسل والانبياء‏,‏ وإذا كنا نحتفل بمثل هذه المناسبات الدينية التي تجمعنا وتوحدنا فإننا مطالبون بأن نبعد عن نقاط الإختلاف وننشد مايقربنا ونبعد عن كل مايؤدي لتوتر وفتنة بين أبناء الوطن الواحد‏.‏
مسئولية علماء الدين
ويشدد الدكتور حذيقة المسير علي أهمية دور علماء الدين في وأد الفتنة وحسم الخلافات‏,‏ فالعلماء هم أقدر الناس علي فهم الصواب والاحتكام إلي أسس الشرع وقواعده‏,‏ كما أنهم الأقدر علي معرفة وقت الحوار وموطنه وكيفيته وأهدافه‏,‏ وآدابه‏,‏ وهم الذين يستطيعون أن يربطوا بين الناس ودينهم‏,‏ وبالتالي القدرة علي تذكيرهم بقواعد الدين وأصوله وليس هناك ماهو أقوي من الدين سلطانا علي النفوس والصدور والعقول‏,‏ ويؤكد أن الأمر ليس مقصورا علي علماء الدين الإسلامي فحسب‏,‏ بل وعلي رجال الدين المسيحي أيضا للقيام بدورهم القوي في التقريب بين الناس وتوضيح صحيح الدين ومنهج التعامل مع الآخر‏,‏ وخصوصا وقت الخلاف والأزمات‏.‏
وأوضح أن دور رجال الدين يتمثل في تقريب وجهات النظر وحسم الخلافات بما يحفظ الحقوق ويزيل سوء الفهم واللغط الذي ينتشر وقت هذه الأزمات التي تظهر لأسباب بسيطة يمكن بالعقل والتفاهم والحكمة أن نبتعد عنها‏,‏ فالكثير من القواسم المشتركة تجمع أبناء الوطن الواحد بغض النظر عن اختلاف الدين أو العقيدة‏,‏ وكل هذه المعاني لابد أن تكون في ذهن الناس من خلال رجال الدين ومن خلال نشر قيم المودة والبر والتعاون والمحبة ونرسخ هذه المفاهيم بالتعامل اليومي في شتي المواقع والأحداث‏,‏ فعندما تغرس هذه القيم لدي الأجيال الجديدة ويكتسبونها من خلال دور العبادة والأسرة والمدرسة فإننا نحفظ أنفسنا لنعيش إخوة متحابين‏.‏ تحقيق‏:‏ تحقيق‏:‏ راوية الصاوي
نادر أبو الفتوح
مروة البشير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.