من المعروف في ديننا الحنيف انه بني شرائعه علي الوسطية ولم يأت الاسلام ليشدد علي الناس وليصيبهم بالفزع والقنوط وإنما جاء لييسر لهم سبل الطاعة. يقول الدكتور محمد فؤاد شاكر استاذ الدراسات الاسلامية بجامعة عين شمس ان هناك اختلافات حول فروع لم تأخذ اتفاقا من علماء الامة. ومن هذه الامور التي حدث بها اختلاف اتخاذ القبور مساجد, وقد اعتمد الذين وقعوا فريسة الأخذ بظاهر النص عدم دراسة النص دراسة منصفة, وهذا فكر وافد ليس محسوبا علينا, وإنما ظهر بظهور التشدد والغلو والتنطع, فلم يقل أحد من الأئمة ببطلان الصلاة التي تقام في مسجد به ضريح ولو كان ذلك كما يزعمون لبطلت الصلاة في المسجد النبوي الشريف, والحديث الشريف الذي اعتمدوا عليه وهو( لعن الله اليهود والنصاري اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) لم يفهموا معناه وان هذا الحديث له سبب ورود فقد قالت السيدة أم سلمة رضي الله تعالي عنها لرسول الله صلي الله عليه وسلم حين كانت في بلاد الحبشة تقصد الهجرة إنها رأت أناسا يضعون صور صلحائهم وأنبيائهم ثم يصلون لها, عند إذن قال الرسول صلي الله عليه وسلم( لعن الله اليهود والنصاري اتخذوا قبور انبيائهم مساجد) ولو عدنا إلي اللفظ النبوي( اتخذوا) فسنجد ان الاتخاذ هو ان يدخل الانسان الي داخل القبر ثم يصلي فيه, وهذا لم يحدث علي مر التاريخ ان مسلما دخل ضريحا وصلي فيه. ويري الدكتور محمد فؤاد شاكر ان الذين يقومون بجريمة هدم الاضرحة يعانون من التخلف والجمود الفكري, وهم بالطبع ليسوا سلفيين والسلف الصالح بريء منهم ويجب علينا مواجهة تلك المعتقدات الخاطئة والافكار الهدامة التي من شأنها تعريض البلاد إلي مخاطر الفتنة بين المسلمين. ويؤكد أيضا الدكتور محمد عبدالصمد مهنا أستاذ القانون الدولي بجامعة الازهر ان المساجد التي بها اضرحة يجوز فيها الصلاة لأن الضريح يكون حوله مقصورة من خشب أو حديد وسميت مقصورة لأنها مقصورة علي ما بداخلها وان نية الانسان هي الاساس في كل اعماله وبالطبع لايوجد مسلم عاقل يقصد الصلاة لصاحب الضريح دون الله. ويقول الدكتور محمد مهنا ان الاسلام دين مرن يدعو الي احترام الرأي الآخر وعدم التسفيه به فعندما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:(لايصلين أحد العصر إلا في بني قريظة), فكان الرسول يقصد بقوله هذا الحث علي الإسراع وقد اختلفوا في فهم هذا المعني فأدرك بعضهم العصر في الطريق, فقال البعض: لانصلي حتي نأتيهم وقال البعض الآخر: بل نصلي فذكر ذلك للنبي صلي الله عليه وسلم فلم يعنف واحدا منهم. ويؤكد الدكتور محمد مهني اهمية الحوار مع الذين يدعون انهم سلفيون ويقومون بهدم الاضرحة ودعوتهم الي تحكيم العقل وعدم اثارة الفتنة يقول الله تعالي:(والفتنة أشد من القتل). مروة البشير