إذا كان الكاتب مجنونا فالقارئ عاقل من يتابع ما يحدث في ليبيا والبحرين يوقن عظمة الجيش المصري, ومن يري تدخل امريكا والغرب في ليبيا دون البحرين واليمن يتأكد نجاح عدم الرهان علي امريكا والغرب, ومن يري إلحاح أوروبا وأمريكا علي صدور قرار مصري بتجميد ثروات الرئيس السابق لديها, يتأكد أن هناك حاجة غريبة يتعذر علينا فهمها, ومن يتابع جرأة قيادات الحزب الوطني في تصريحاتهم الصحفية والتليفزيونية, يظن أنهم لا يزالون الحزب الحاكم, بل وينوون عدم التفريط في ذلك. شهران بالتمام والكمال علي انطلاق الثورة فماذا حققت حتي الآن؟.. تنحية رئيس الجمهورية السابق, تعيين حكومة موالية لها, حل جهاز أمن الدولة, الإفراج عن العدد الأكبر من المعتقلين, وارتفاع العلاوة الاجتماعية السنوية إلي15% وصرفها بدءا من إبريل بدلا من يوليو.. ومع كل ذلك هل من الممكن أن يحصل الحزب الوطني علي الأغلبية البرلمانية؟.. وهل يتجه للإبقاء علي رئيسه؟.. وهل من الممكن أن يرشح أحد اعضائه لرئاسة الجمهورية ويفوز؟.. وهل هناك من يشعره بالأمان والمضي قدما في كل هذه الخطوات؟.. وهل يملك الأدوات التي تحقق له كل ذلك؟.. الإجابة.. نعم. نتيجة الاستفتاء أكدت أنه إذا كان الكاتب مجنونا فإن القارئ لا يزال عاقلا, وإذا كان المذيع يظن أنه ذكيا, فإن المشاهد لديه قدرة فطرية علي حسن الفرز في مواجهة وسائل الإعلام, وإذا كان أصحاب نعم قد كسبوا الجولة الأولي في مباراة الديمقراطية, فإن مصر هي الفائز الأكبر بخروج هذه الملايين وكلها عزم وإصرار علي التمسك بحقها في الإدلاء بأصواتها رغم كل المعاناة التي واجهتها من طول الطوابير وحرارة الشمس ورزالات البعض, والآن الاستفتاء تم, والنتيجة بنعم قد أعلنت, ولا وقت للعودة إلي الحديث عن مزايا لا, فأمامنا الأهم لنبدأ أولي خطوات الطريق الذي اختاره الشعب, وإذا كانت هناك من سلبيات, فلا أهمية لها إلا بمحاولة تلافيها في الاستحقاقات المقبلة, فلا يعقل أن نعتمد الرقم القومي مسوغا للتصويت ونتجاهل العداد الإلكتروني في الفرز, ولا يعقل أن تمتد الطوابير بالكيلو متر تحت أشعة شمس الظهر, بل لا يعقل أن تقام الاستفتاءات والانتخابات في يوم واحد في أكثر من50 ألف لجنة تحت إشراف قضائي, وعدد القضاة لا يتجاوز العشرين ألفا, إلا إذا أردنا تطفيش الناس. بالمناسبة.. إذا كان في الموضوع إعلان دستوري, وإذا كان الرئيس القادم ليس من حقه إعادة دستور71 من التعطيل, كان' لازمته إيه' التعديلات والاستفتاء وخناقة المصلين في الجوامع علي مدار جمعتين؟!. من كتاب الحجاب للصحفي الأمريكي بوب وود وار: بعد أن خسر جيمي كارتر معركة الرئاسة الأمريكية أرسل الرئيس الراحل أنور السادات نائبه حسني مبارك لأمريكا مرتين لوداع كارتر ومحاولة لقاء الرئيس المنتظر رونالد ريجان, إلا أن مبارك استغل هذه الجولات في إجراء عمليات بيزنس خاصة به مع رجل الأعمال حسين سالم, وكاد السادات يعزل مبارك بعدما علم بهذه الوقائع و تعيين الوزير منصور حسن بدلا منه, إلا أن كون مبارك كان عسكريا أبقي عليه في منصبه.. وقالت صحيفة' الدار' الكويتية أنها علمت من مصادر قضائية مصرية أن ملاحقة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك وأفراد عائلته ستكون' مستحيلة' رغم تورطهم الموثق في الفساد, وذلك بسبب ضغوط كبيرة تمارسها عدد من الدول العربية, منها الإمارات والسعودية, بسحب الاستثمارات الخليجية من مصر وترحيل العمالة المصرية من الخليج إذا تم المساس بمبارك وعائلته, وأضافت ان إحدي هذه الدول عرضت منح الرئيس السابق جنسيتها واستضافته لحمايته من أي ملاحقة قضائية مصرية. المزيد من أعمدة أسامة إسماعيل