ما الذي جعل هذا الطفل الجميل يشترك في موقع الفيس بوك وتحديدا في صفحة كلنا خالد سعيد؟ وما الذي دفعه وهو التلميذ في الصف الثالث الاعدادي إلي الاندفاع ليلحق بأصدقائه من منطقة الشرابية إلي ميدان التحرير للاشتراك في المظاهرات؟ كان التلميذ الرائع الجميل احمد اشرف عطية في طريقة صباح29 يناير إلي الميدان.. عندما وجد المظاهرات تندلع في كل مكان فانضم إليها ليتحول إلي قطرة في بحر الثورة.. وظل لساعات طويلة يهتف بسقوط النظام قبل ان تدهسه سيارة شرطة تعمد سائقها إحداث أكبر قدر من الاصابات في صفوف الثائرين قبل ان يهرب. تقول السيدة رضا عسر والدة الشهيد احمد اشرف عطية كلما أحاول التحدث عن ابني أو اكتب شئ عنه ينتابني احساس غريب احس اني مش عاوزة اتكلم عنه عاوزاه في قلبي وروحي وحياتي فقط, كنت بالنسبة لابني امه وحبيبته وكل أصحابه ابني هو حياتي زي ماكان بيقول عني رضا هي أم احمد وبس وكان دائما يحلف بغلاوتي وكان لا يعرف ينطقها فكان يقول وحياة غلواتك عندي كان عقابي الوحيد له عندما يخطئ اني أقول له أنا زعلانه منك وكان بيتجنن عشان أصالحه وعندما كنت أتظاهر بالتصالح معه كان يقول بلاش الضحكة الصفرا دي ويستمر في الحديث الي ان أضحك من قلبي فيقول أيوه كده هو ده قلب الأم( تبكي ثم تواصل الحديث كان أحسن ابن وأطيب قلب كان نورعيني وقلبي وحياتي. توقفت أم الشهيد أحمد أشرف عن الحديث وأخذت تبكي علي فقدانها لفلذة الكبد. قلت لها: يا أم الشهيد أرجوك لا تبكي فقد قال الله عزوجل عن الشهداء انهم أحياء عند ربهم يرزقون انه الان مع الأنبياء والصديقين لقد شهدوا الدنيا وشهدوا الآخرة فقد قبل الله ابنك شهيدا الا يستحق هذا التكريم من الله عزوجل الفرحة قالت: معلش يا إبني أنا قلبي محروق فقد استعنت بالله ورغم انفصالي عن والده منذ سنوات إلا أنني ظللت أعمل طوال الوقت لتربيته هو وشاهندة أخته لقد اضطررت منذ سنتين الي ان أطلب من والده ان يأخذهم عنده لانني أعيش في بيت والدي الان واعيش في غرفة أنا وأختي وأولادها وطلبت من والدهم هذا الطلب حتي استلم الشقة التي تقدمت اليها ضمن شقق الشباب بوزارة الاسكان. زعلانه علي ابني ومقهورة فرغم ظروفي الا انني كنت أعمل في أكثر من مكان حتي أدخله مدرسة لغات وكان متفوقا ومحبوبا لدرجة ان زملاءه سيقيمون يوما له غدا الأحد لتكريمه. كان يوم29يناير الماضي وهو يوم فتح السجون وهروب الشرطة أسود يوم في حياتي ففي فجر ذلك اليوم استيقظت علي صوت ابني حيث كان ينام بجواري وهو يبكي ويحتضني ويقول والله بحبك يا أمي قلت له مالك انك لم تفعل ذلك من قبل قال مش عارف بس انا بحبك جدا وقال اطلبي من اي شئ في الدنيا قلت له عاوزاك تبقي شاطر وتشرفني وتعبي عليك ميرحش هدر ورأيته يفتح التليفزيون ويتابع النشرات الاخبارية وفجأة قال لي يا أمي نفسي أروح ميدان التحرير عشان أشارك في الثورة لقد اتصل بي شقيق احد أصدقائي المشاركين في المظاهرات وقال انه هيروح يشارك فقلت له عشان خاطري لا تذهب للمظاهرات انا خايفة عليك فقال لي كلمة غريبة علي وعلي سنه فقال ياأمي الناس دي بتعمل كده عشان يطهروا البلد من الفساد وعشان لما أتخرج أعرف أشتغل وأصرف عليكم وعشان لما أخطب واحدة أعرف أخرج معاها. وفي التاسعة من صباح يوم29 يناير وبعد ما تناولنا الافطار سويا قال أمي أستودعك الله استغربت الكلمة ولكن لم يطرأ بذهني أي شئ وطوال اليوم ومع تأخره عن العودة للبيت كنت قلقة جدا نظرا لأننا عرفنا ان المساجين خرجوا إلي الشارع والشرطة هربت وتركت السلاح انقبض قلبي وبعد قليل وجدت أصحابه يبكون بكاء هستيريا ورأيت الجيران يهرولون إلي منزلنا وعرفت بخبر الوفاة وفي هذه اللحظة لم أدري بما حدث لي الا في اليوم الثاني حيث جاءتني غيبوبة وعرفت من الناس ومن المستشفي التي مات بها وهي مستشفي سيد جلال أنه مات مقتولا من سيارة شرطة وهو في طريقه الي المظاهرات وأنا الان لا أريد أي شئ من هذه الحياة سوي ان توضع صورة ابني مع الشهداء في النصب التذكاري بميدان التحرير حتي أزوره يوميا ولكي تنطفئ النيران في قلبي لابد من محاسبة النظام الفاسد الذي أطلق البلطجية واستخدم الشرطة في قتل الشباب. وتقول شاهندة أخت الشهيد احمد أشرف أنا فخورة بأن أخي مات شهيدا وكان هو من معه من أسباب تحرير هذا البلد من الظلم والاستبعاد وتضيف: لا تعرف مدي حزني علي أخي ولكنني بنفس الدرجة سعيدة ان كل الناس الذين يمرون من أمام بيتنا يشيرون إلي بيتنا ويقولون هذا هو بيت الشهيد وايضا سأكون فخورة عندما اتزوج ويعرف زوجي وأبنائي ان اخي راح شهيدا للحرية والعدالة. وعن علاقتها بأخيها تقول أنا أكبر من احمد بثلاث سنوات وكان يحكي لي كل شئ ويقول لي كلاما زي الكبار دائما كان يقول لي ياشاهندة نفسي أسترك, وعندما كنت أسأله عن البنات الذين يتصلون به يقول والله كلهم أخواتي بعدين ياشاهندة هو ذنبي انني ولد وسيم ويضحك لفت نظري إنه كان لديه صفحة علي الفيس بوك وكان يشارك في كل المجموعات وخاصة صفحة خالد سعيد وكان دائما يطلب مني ألا أقول لوالدته انه يعطي مصروفه لأهل الله وكان يتأثر كثيرا عندما يري محتاجا أو مظلوما وكان أمله ان يلعب في أشبال نادي الزمالك. وعما تريده من الدولة قالت شاهندة اتمني مصر عظيمة وجديدة مفيهاش ظلم ولا فساد ولازم كل واحد يغلط يتحاسب وياريت يشيلوا من المنهج الكلام اللي بيشكر في مبارك وزوجته وأخيرا مثلما قالت أمي نريد ان توضع صورة احمد مع صور الشهداء في ميدان التحرير. [email protected]