جامعة الفيوم تحتفل على شرف الطلاب المثاليين سفراء النوايا الحسنة    إيبارشية بني سويف تعلن ترتيبات الصلوات وحضور قداس عيد القيامه المجيد    بتكلفة 3.5 مليون جينه .. افتتاح مسجدين في الواسطى وسمسطا    حماة الوطن: تأسيس اتحاد القبائل العربية وتدشين مدينة السيسي خطوتان للأمام    رئيس الطائفة الإنجيلية يصلي الجمعة العظيمة بالقاهرة الجديدة    أخبار التوك شو.. مفاجأة في أسعار الذهب والدولار.. ورضا عبد العال: لن أخالف ضميري من أجل الأهلي    محافظ بني سويف: توفير الدعم العاجل لأهالينا الذين يتعرضون لمواقف حرجة وطارئة    بريطانيا تفرض عقوبات على مجموعتين وأفراد بإسرائيل    القاهرة الإخبارية: إسرائيل تعتقل 44 صحفيًا في السجن الإداري.. فيديو    مصر تقف أمام المخططات الإسرائيلية الهادفة لتهجير سكان غزة إلى سيناء    بيان عاجل من المصدرين الأتراك بشأن الخسارة الناجمة عن تعليق التجارة مع إسرائيل    ليفربول يصدم محمد صلاح بهذا القرار.. "تفاصيل"    ثمن الخيانة في الوراق.. العشيق هرب من غرفة النوم إلى سرير المستشفى    أخبار الفن.. أحمد رزق يخضع لعملية جراحية عاجلة.. السرب يقترب من 4 ملايين جنيه فى يومين    بالأسماء.. تعرف على الكتب الأكثر إقبالا بجناح مركز أبو ظبى للغة العربية    اقدر.. مباردة مجتمعية تستقبل زوار معرض أبو ظبي    التضامن تكرم كارولين عزمي بعد تألقها في «حق عرب»    خطبة الجمعة اليوم.. الدكتور محمد إبراهيم حامد يؤكد: الأنبياء والصالحين تخلقوا بالأمانة لعظم شرفها ومكانتها.. وهذه مظاهرها في المجتمع المسلم    المفتي: مشاركتنا لشركاء الوطن في أعيادهم على سبيل السلام والمحبة وحسن الجوار    دليل السلامة الغذائية.. كيف تحدد جودة الفسيخ والرنجة؟    بعد تصدرها التريند.. التصريحات الكاملة ل نهى عابدين ببرنامج مساء دي إم سي    إطلاق صواريخ من لبنان باتجاه مواقع إسرائيلية    ضبط 2000 لتر سولار قبل بيعها بالسوق السوداء في الغربية    أبرزها "توفير مصل التسمم".. "الصحة" تعلن خطة تأمين احتفالات عيد القيامة وشم النسيم    طوارئ في الجيزة استعدادا لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    المنتدى الاقتصادي يُروج لبرنامج «نُوَفّي» وجهود مصر في التحول للطاقة المتجددة    تعاون «مصري- يوناني» النسخة الجديدة مبادرة «إحياء الجذور – نوستوس»    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية المُوحدة خلال أبريل الماضي    مشيرة خطاب تشيد بقرار النائب العام بإنشاء مكتب لحماية المسنين    «التعليم» تحدد مواصفات امتحان اللغة العربية للثانوية العامة 2024.. تفاصيل    انخفاض أسعار الذهب الآن في سوق الصاغة والمحال    التعليم العالي: مشروع الجينوم يهدف إلى رسم خريطة جينية مرجعية للشعب المصري    الإسكان تطرح أراضى للتخصيص الفوري بالصعيد، تفاصيل    متسابقون من 13 دولة.. وزير الرياضة يطلق شارة بدء ماراثون دهب الرياضي للجري    وحدات سكنية وهمية.. ضبط سيدة استولت على أموال المواطنين ببني سويف    في الذكري السنوية.. قصة الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة    ب«تفعيل الطوارئ».. «الصحة» بالقليوبية: عيادات متنقلة بمحيط الكنائس خلال احتفالات عيد القيامة    إصابة 6 سيدات في حادث انقلاب "تروسيكل" بالطريق الزراعي ب بني سويف    دعاء الهداية للصلاة والثبات.. ردده الآن تهزم شيطانك ولن تتركها أبداً    الأهلي يهنئ الاتحاد بكأس السلة ويؤكد: "علاقتنا أكبر من أي بطولة"    سموتريتش: "حماس" تبحث عن اتفاق دفاعي مع أمريكا    وزير الصحة: تقديم 10.6 آلاف جلسة دعم نفسي ل927 مصابا فلسطينيا منذ بداية أحداث غزة    «الإفتاء» تحذر من التحدث في أمور الطب بغير علم: إفساد في الأرض    توريد 107 آلاف و849 طن قمح لصوامع وشون كفر الشيخ    علام يكشف الخطوة المقبلة في أزمة الشحات والشيبي.. موقف شرط فيتوريا الجزائي وهل يترشح للانتخابات مجددا؟    نقيب المهندسين: الاحتلال الإسرائيلي يستهدف طمس الهوية والذاكرة الفلسطينية في    صحف إيطاليا تبرز قتل ذئاب روما على يد ليفركوزن    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    البنتاجون: نراقب الروس الموجودين في قاعدة يتواجد فيها الجيش الأمريكي في النيجر    "مضوني وسرقوا العربية".. تفاصيل اختطاف شاب في القاهرة    إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    برشلونة يستهدف التعاقد مع الجوهرة الإفريقية    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 3 مايو 2024.. مصادر دخل جديدة ل«الأسد» و«العقرب» ينتظر استرداد أمواله    عبد المنصف: "نجاح خالد بيبو جزء منه بسبب مباراة ال6-1"    رئيس اتحاد الكرة: عامر حسين «معذور»    الغدة الدرقية بين النشاط والخمول، ندوة تثقيفية في مكتبة مصر الجديدة غدا    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدد المرات.. اعرف التصرف الشرعي    الناس لا تجتمع على أحد.. أول تعليق من حسام موافي بعد واقعة تقبيل يد محمد أبو العينين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



احنا بتوع التحرير (8) ليل الثلاثاء 1/2/2011
نشر في القاهرة يوم 15 - 02 - 2011

توجهت من ميدان التحرير إلي منطقة السيدة زينب حيث كان ينتظرني بعض أصدقائي علي مقهي هناك، شاهدت حركة مريبة في الشوارع وتجمعات بالقرب من مديرية أمن القاهرة وبالتحديد أمام مقر الحزب الوطني المحترق، شاهدت بعض اللافتات المؤيدة للرئيس مبارك في يد شباب كانوا يسيرون خلف مرشح الحزب الوطني عن دائرة الدرب الأحمر أحمد شيحة أثناء الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وجوههم بالطبع معروفة جدًا، كانوا علي ما يبدو مستعدين للخروج في تظاهرة، مؤيدة للرئيس بعد خطابه الذي كنت أنتظره، وحينما وصلت إلي أحد المقاهي بالمنطقة كان الأمر طبيعيا جدًا وكنا نستمع لرواية رجل عن عملية سلب محل للخمور بالسيدة زينب وكيف أن البعض كان يخرج بصناديق البيرة والخمر وقرص الجبن الرومي. شاهدت خطاب الرئيس مبارك الذي بدأ مع اقتراب منتصف ليل الأربعاء في المقهي، ووشوشت صديقًا لي وقلت له إن المظاهرات ستجوب اليوم شوارع القاهرة أما غدًا فالأمر يبدو لي كارثيا، قلت له هذا ومبارك مازال يلقي خطابه، بدأت علامات الارتباك تزحف علي الوجوه، وجوه أصدقائي وبعض الذين كانوا يستمعون ويشاهدون الخطاب، ما أن انتهي مبارك من إلقاء خطابه والذي أعلن فيه نيته بعدم ترشيحه لولاية أخري وتعديل مادتي الدستور 76 و77 صفق البعض وهلل البعض الآخر وكان أغلبهم من كبار السن، أما الشباب فانقسموا لمؤيدين ومعارضين، كانت وجهة نظر المعارضين أن الرجل لم يأت بجديد وأن خطابه مجرد وعود، وأن تلك الوعود كنا نسمعها طوال الثلاثين عامًا الماضية، وأن النية تبدو مبيتة لتمثيلية جديدة يكون بطلها الرئيس مبارك وأبطالها الثانويون هم أعضاء الحزب الوطني الذين سيسيرون مسيرات التأييد والدعم لهذه الفترة وربما لفترات قادمة، أما وجهة نظر المؤيدين فكانت تؤكد أن الرجل وعد وعلي من يعتصمون في ميدان التحرير العودة مرة أخري لترك الرجل يعمل وأن يعودوا إلي أعمالهم وأن تعود الحياة إلي طبيعتها لأن الضرر كبير. أقل من خمس دقائق علي انتهاء خطاب الرئيس رأيت الحشود تسير وتخرج من كل مكان في منطقتي السيدة زينب والدرب الأحمر مع أن الساعة حوالي الثانية عشرة، أثرت العودة إلي منزلي وسط شكوك داخلية أن الأربعاء سيشهد كوارث حقيقية. (9) الأربعاء 2/2/2011 بالطبع حركة الناس غير عادية، مسيرات التأييد في كل مكان من الصباح مع الدعوة لمسيرة مؤيدة لمبارك أو بالأحري لاستقرار الأوضاع تنطلق من ميدان مصطفي محمود بالمهندسين، كانت التاسعة صباحًا تقريبًا عند دخولي لميدان التحرير، ارتسم القلق علي وجوه البعض أما البعض الآخر بدا أكثر إصرارًا علي الوجود في الميدان، قابلت صديقي الصحفي والكاتب خالد كساب الذي كان لتوه مستيقظًا من النوم، تجولنا في الميدان قليلاً كان يتحدث بلهجة تفاؤل عهدتها فيه كثيرًا، قلت له مخاوفي مما شاهدته خارج الميدان ومن توقعاتي بيوم دموي مما شاهدته في المساء والصباح فقال لي «لوعرفوا يجمعوا 250 نفر يبقوا شطار». تركني خالد ذاهبًا إلي بيته، وصلتني معلومات تفيد بأن المسيرات المؤيدة لمبارك تتجه إلي ميدان التحرير، وبعد ساعة من التجول والحديث مع البعض توجهت إلي مدخل الميدان بالقرب من كوبري قصر النيل، شاهدت مجموعة ترفع لافتات التأييد لمبارك ولكن قوات الجيش والشباب يمنعوهم من الدخول، ومن يدخل كان يلاقي بمنتهي الحزم، حذرت الكثير من شباب المعتصمين ألا ينجرفوا رواء مواجهات فهذا ما يريده هؤلاء، البعض كان يسمع والبعض الآخر لم يعبأ بكلامي. دخل أحد المؤيدين إلي الميدان ورفع لافتة مكتوب عليها «نعم لمبارك رئيسًا مدي الحياة» هرول إليه البعض وكنت منهم لأمنع الاحتكاكات ولكني لم أفلح، شعرت أن الأمر سيخرج عن السيطرة، فتوجهت إلي أحد ضباط الجيش وقلت له: - أنا: أبوس إيدك يا فندم هتحصل كارثة - ضابط الجيش: هم بيعبروا عن رأيهم زيكم بالضبط. - أنا: هتحصل مجزرة.. أبوس إيدك ماتدخلهمش. - ضابط الجيش: لو مدخلتهمش.. مش هدخل حد خالص بدا الضابط منفعلاً واتجه فعلاً إلي الحاجز ليغلقه، حينها رأيت الأستاذ محمد عبدالقدوس قادمًا صوبنا ودار حديث بينه وبين الضابط وسط انشغالي بمحاولات منع كوارث حقيقية. الساعة الحادية عشرة ولابد من الذهاب إلي الجريدة، خفت خوفًا حقيقيا توجهت إلي كل مداخل الميدان كي أخرج والمشاهد تقريبًا واحدة، محاولات للدخول من جانب المؤيدين للرئيس مبارك ومحاولات مستميتة من الشباب المعتصمين لمنع دخولهم، لكني في النهاية خرجت من مدخل شارع محمد محمود متوجهًا إلي الجريدة. لم أمكث في الجريدة كثيرًا ربما ساعتين أو ساعتين ونصف الساعة توجهت بعدها إلي ميدان التحرير، ربما في هذا الوقت تأكدت من أن الكارثة ستحدث، شاهدت المسيرات تجوب الشوارع وبالتحديد منطقة بولاق أبوالعلا وشاهدت سيارة نصف نقل هي بالطبع مأجورة وفي السيارة زجاجات فارغة لصنع قنابل «المولوتوف» الشهيرة والتي تصنع بمادة قابلة للاشتعال كالبنزين أو السولار وقطعة من القماش. دخلت الميدان بعد ساعة ونصف الساعة تقريبًا من مدخل شارع قصر النيل، رأيت المواجهات والصدامات بين المعتصمين في ميدان التحرير وبين البلطجية وأعتذر عن هذا التوصيف الذي يحمل وجهة نظري ولكن ما شاهدته هذا اليوم جعلني انقلب علي الجميع. تلقيت اتصالاً من صديقة تخبرني أنها ذاهبة إلي تظاهرة مصطفي محمود، لم أستطع تصديق ما تفعله خصوصًا أنها كانت من المؤيدين للمعتصمين في ميدان التحرير، لم أستطع النطق فيبدو أن خطاب الرئيس مبارك الأخير أحدث انقسامًا في صفوف المعتصمين أو المؤيدين لهم وهذا ما شعرت به يومها. اكتملت أركان الجريمة التي يرتكبها بعض أفراد النظام بدخول البغال والخيول والنوق إلي أرض ميدان التحرير الذي وللحق انقسم إلي قسمين، الأول يحاول الدفاع عن أرض التحرير ويقدروا بالمئات والقسم الأكبر عددًا وهو الذي مازال معتصمًا في قلب الميدان. وفي السادسة مساء سمعت دوي طلقات في محيط الميدان شعرت وقتها أن الأمر أصبح خطيرًا، وأن أخبار الإصابات في الوجه والرأس أصبحت كثيرة وأن القناصة منتشرون علي أسطح المنازل المحيطة، ولكن الاقتراب من مدخل عبدالمنعم رياض كان أشبه بمغامرة غير محسوبة العواقب لذلك قررت الخروج خوفًا علي حياتي. الغريب أن الأعداد كانت في تزايد كبير في الميدان، وحتي في طريقي للعودة إلي منزلي كانت جموع المنضمين إلي المعتصمين في ميدان التحرير غفيرة وهو ما كان يشعرني أن المواجهات ربما ستكون أعنف. كانت الحرب علي الإنترنت وخصوصًا علي موقع الفيس بوك عنيفة جدًا، رسائل من أصدقاء أعرفهم وآخرين لا أعرفهم منهم من يؤيد ومنهم من يعارض بعنف وسب وآخرين كانوا يرسلون رسائل تهديد ووعيد، عرفت أن الأمر لا يختص بي وحدي فكثير من الصحفيين والنشطاء والمثقفين المشاركين أو المؤيدين لثورة الشباب وصلت إليهم نفس الرسائل تقريبًا، ومنهم الإعلامية بثينة كامل. وصلتني أخبار من الميدان متضاربة، فأحدهم قال لي إن الأمر هادئ إلا من بعض المواجهات هنا وهناك، في حين قال لي آخر إن الأمر كارثي بكل ما تحمله الكلمة من معاني وأقسم لي صديقي أنه رأي بعينه رجال فوق أسطح منزل مكون من ثلاثة أو أربعة أدوار يحملون أسلحة نارية، وقال لي أيضًا إن بعض أفراد جماعة الإخوان المسلمين هم من يشكلوا خط الدفاع الأمامي للمحتجين وأن أفراد القوات المسلحة الموجودين في ميدان عبدالمنعم رياض لا يستطيعوا فعل شيء فالمواجهات مشتعلة، ظل هذا الحال تقريبًا لساعات الفجر الأولي، أجلس أمام القنوات الفضائية العربية وأمام شاشة الكمبيوتر أتابع ما يحدث من حرب تبدو أهلية ولا نظام موجود في مصر. (10) الخميس 3/2/2011 لم أستطع النوم إلا ساعات قليلة، استيقظت في الثامنة صباحًا علي لقاء خارجي مع المستشار مرتضي منصور وهو يسير في جموع المتظاهرين بميدان مصطفي محمود ويقول بكل هدوء وتواضع وثقة يحسد عليها «بقول للولاد اللي في التحرير روحوا بيوتكم علشان مخليش دول يروحوكوا» وأشار إلي جمع حوله، وقتها شعرت أن الرئيس مبارك لا وجود له ولا وجود لأي شخص يحكم، شعرت أن مصر تدار ببركة دعاء الوالدين، شعرت أنها مباراة ملاكمة ستنتهي بالضربة القاضية أو بالنقاط إذا استمر العناد بين الجانبين. أخذت طريقي إلي ميدان رمسيس، وأمام قسم شرطة عابدين أوقفتني لجنة شعبية لكنها لم تكن كذلك فكانت لجنة بلطجية ودار الحديث التالي بيني وبين شاب لم يتعد العشرين أو ربما أكثر قليلاً يحمل سيفًا كبيرًا: - البلطجي: بطاقتك - أنا: اتفضل أعطيت له بطاقة هويتي نظر إليها نظرة بلهاء تنم علي أنه لا يعرف القراءة والكتابة واكتفي بأنه نظر إلي الصورة - البلطجي: رايح فين - أنا: رمسيس - البلطجي: ليه؟ - أنا: شغلي هناك - البلطجي: بتشتغل إيه؟ - أنا: صحفي - البلطجي: آآآه قالها وكأنه وجد غنيمة، طرق بسيفه مقدمة التاكسي البلطجي: طب انزل لي ووريني الكارت بتاع الصحافة قطعًا هو يقصد «الكارنيه» لكنه نطقها «كارت»، أخرجت له «كارنيه» اشتراكي في ساقية الصاوي الذي لا يحمل أي مهنة، قصدت إخراج هذا «الكارنيه» لشيء في نفسي، نظر البلطجي نفس النظرة البلهاء وقال - البلطجي: م الآخر رايح التحرير؟ - أنا: يا راجل تحرير إيه.. أنا صحفي فن وماليش دعوة ببتوع التحرير ال (........) دول خالص - البلطجي: كده أنت أصلي وكفاءة واحترام نعم مارست «التقية» خوفًا علي حياتي، كما أنني أثبتت لنفسي أن هؤلاء البلطجية لن يمنعوا أحدًا من التواجد في ميدان التحرير لأنهم بالتأكيد جهلاء. في الثالثة عصرًا مررت من ميدان عبدالمنعم رياض رأيت البلطجية يتمترسون فوق كوبري أكتوبر ويقذفون بالحجارة وقنابل المولوتوف وكان البعض الآخر يقف أعلي أسطح المنازل المجاورة للميدان، وأصبح الحال عبارة عن عمليات كر وفر بين الجانبين. سرت كثيرًا علي قدمي في منطقة «وسط البلد» والكل في حالة دهشة لما يحدث في ميدان التحرير الذي توجهت إليه في حوالي السابعة مساء وبقي الأمر كما هو عليه. (11) الجمعة 4/2/2011 كان يومًا غير عادي، بدأت الصحف القومية والبرامج التليفزيونية علي التليفزيون المصري تؤكد أن البلطجية الذين قتلوا وهاجموا المتظاهرين في ميدان التحرير هم من المأجورين، وأن التحقيقات سيتم فتحها لمعرفة من وراءهم، بالفعل قلّ عدد البلطجية في الشوارع صباح هذا اليوم، واخترقت الجموع كل الحواجز الأمنية في طريقها إلي ميدان التحرير لأداء صلاة الجمعة هناك. وقف الشيخ جمال قطب وخطب في الناس وما إن انتهي حتي صرخ الجميع «باطل.. باطل.. حسني مبارك.. باطل.. الحزب الوطني.. باطل.. السفاحين.. باطل.. المرتشين.. باطل.. حبيب العادلي.. باطل... إلخ، كان المشهد جللاً وصادقًا، وبعد صلاة الجمعة بوقت قليل تبادر إلي أسماعنا أن السيد عمرو موسي أمين عام جامعة الدول العربية يستعد لدخول ميدان التحرير، وتواردت أنباء في الداخل أنه كان يشد من أزر المعتصمين المتوجهين إلي الميدان وكان يشير لهم بعلامات النصر. كان يومًا صعبًا، هي المليونية الثانية، كان مجرد الانتقال من مكان إلي مكان داخل الميدان ضرب من الخيال، تقديري للعدد هو المليون فعلاً. منتصف النهار سمعنا البعض يهاجم الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لم أكن أدري لماذا هذا السخط والهجوم خصوصًا أن أجهزة المحمول لم تكن تعمل بكفاءة هذا اليوم لأجري أي اتصالات للتواصل مع ما يحدث خارج الميدان، واعتقد أن السبب في ذلك هو هذا العدد الكبير من الناس الذي ظل في التزايد حتي ساعات النهار الأخيرة، أعود لاكتشف أن سبب سخط بعض الناس علي إيران هو خطبة الجمعة التي ألقاها آية الله الأعلي للجمهورية الإسلامية علي خامئني باللغة العربية والتي ذكر فيها أن المصريين استلهموا مبادئ الثورة الإسلامية وأن كل الثورات الشعبية التي يقوم بها العرب في منطقة الشرق الأوسط هي صحوة إسلامية، كان هناك إصرار غريب عند الجموع أن الثورة هي ثورتهم دون استلهام أو تأثر، وأن الثورة لا ترفع أي شعارات دينية، لذلك صاح كثير من المتجمهرين في الميدان «مدنية.. سلمية». كانت السادسة مساء تقريبًا جاءني اتصال من الإسكندرية يؤكد أن المشهد هناك مهيب جدًا وخصوصًا عند مسجد القائد إبراهيم بمنطقة سيدي جابر، وأن أعداد المتظاهرين هناك تقترب من المليون، وأن ما يحدث بالإسكندرية يحدث في أماكن عدة في أنحاء جمهورية مصر العربية، كما وردتني أنباء أن حزب الوفد قبل الحوار مع نائب الرئيس
عمر سليمان وأن حزب التجمع متردد بينما الإخوان المسلمين يرفضون، حينها لم أستطع معرفة رأي محدد للجموع في التحرير ففي المكان الواحد تسمع أكثر من رأي كان البعض يري أنه لا تفاوض بعد رحيل النظام، بينما كان البعض الآخر يؤكد ضرورة الحوار كي نعرف ماذا ينوي النظام فعله الفترة القادمة مع دعوات البعض أن النظام يستجيب لبعض المطالب وأنه سيستجيب للبقية مع الضغط الحادث من ميدان التحرير. شاهدت في هذا اليوم مجموعة كبيرة من الفنانين والمشاهير منهم الملحن الكبير عمار الشريعي وعمرو واكد وخالد النبوي وعزة بلبع التي غنت أغاني الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم، شاهدت أيضًا لاعب الكرة السابق نادر السيد والمفكر محمد سليم العوا عضو إحدي لجان الحكماء التي سمعنا عنها والتي سمعنا أيضًا أن أعضاءها يجوبون الميدان هذا اليوم ومنهم رجل الأعمال نجيب ساويرس. في السابعة كان الميدان كله يهلل ويكبر بسبب خبر أذاعه شاب كان يمسك ميكروفونًا وهو القبض علي مجموعة من مساعدي وزير الداخلية السابق حبيب العادلي ونبأ عن التحقيق مع الوزير رشيد محمد رشيد وتجميد أرصدته ومنعه من السفر، وهي الأخبار التي نفتها وزارة الداخلية لاحقًا بينما صرح رشيد لقناة العربية أنه متواجد في الإمارات وأنه عرف بقرار التحقيق من الإعلام فقط. (12) السبت 5/2/2011 استيقظت صباحًا علي خبر أذاعته القنوات الإخبارية نقلاً عن التليفزيون المصري يفيد بأن عمر سليمان تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة قتل علي إثراها اثنان من حرسه الشخصي، إضافة إلي أنباء عن تفجير في الخط الذي يمد إسرائيل بالغاز الطبيعي، ثم سرعان ما تم تعديله أنه الخط الذي يمد الأردن، لم أفهم خصوصًا أن الوقت كان قصيرًا كي أجلس أمام التليفزيون. في طريقي لميدان التحرير وجدت زحامًا شديدًا أمام محافظة القاهرة وعندما سألت أحدهم قال لي إن المحافظة تعطي منازل بأسعار زهيدة جدًا، وعندما حاولت أن استفسر عن الشروط أو الاستمارة قال لي مفيش شروط، الاستمارة تباع في الشباك ده.. وأشار لي إلي مكان لم يبدو لي شباكًا من كثرة الناس أمامه. أدركت في الحال أنها حيلة لإخراج الناس من حالة الثورة لحالة الرحلة للحصول علي شقة، لم أكن أدري كيف تفكر الحكومة، هل مازالت تفكر في هذه الطرق التقليدية القديمة لإلهاء الناس؟، ربما أصبح الشعب أكثر وعيا بل ربما فقط هي النخب الأكثر وعيا. كان تواجد الشرطة مكثفًا نسبيا في الشوارع، رأيت بعيني حزنًا وخجلاً في وجوه بعض ضباط الشرطة المتواجدين، في هذه اللحظة توجهت بالحديث إلي أكثر من ضابط عما حدث في يوم الجمعة 28/1/2011، قال لي البعض إنه لم يتلق أوامر بالانسحاب من الشارع، بينما ذكر لي آخرون أن الأوامر جاءت صريحة بالانسحاب لأن كل الأقسام حرقها المتظاهرون، حتي أن بعضهم قال لي «أنا قلعت البدلة الميري ولبست مدني وروحت علي بيتنا». أما في ميدان التحرير فالأمر كما هو، مع دعوات كثيرة للمظاهرة المليونية الثالثة يوم الأحد. (13) الأحد 6/2/2011 اتجهت إلي ميدان التحرير في الرابعة والنصف تقريبًا في مدخل كوبري قصر النيل، وقفت في طابور طويل احترامًا للنظام الذي وجدته هذا اليوم، كان أحدهم يقول للذين يحاولون التحايل لعدم الوقوف في الطابور «يا أخواننا إحنا عازين نسقط النظام علشان يبقي فيه نظام»، الجميع بدا متعاونًا، من يفحص بطاقة الهوية يركز علي المهنة ومن يقوم بالتفتيش يبتسم ويعتذر. في الداخل كانت صور الشهداء والضحايا تملأ الميدان، اعتقد أن إصرار المعتصمين قد تضاعف مع وجود تلك الصور، أصبحت أشاهد أطفالاً تزين وجوهها بألوان علم مصر، أدركت أن الأمر أصبح كرنفالاً حقيقيا. تعالت الصيحات في السابعة تقريبًا مع أنباء إقالة جمال مبارك وصفوت الشريف من هيئة مكتب الحزب الوطني وتعيين حسام بدراوي مكانهما، ثم تعالت الصيحات أكثر وأكثر مع نبأ استقالة الرئيس حسني مبارك من منصبه كرئيس للحزب الوطني وهو الخبر الذي نفاه وزير الإعلام السابق أنس الفقي لاحقًا. شاهدت في هذا اليوم زحامًا شديدًا حول الإعلامي حمدي قنديل وزوجته النجمة نجلاء فتحي، أما اللاعب نادر السيد فكان يقود بعض التظاهرات بنفسه، وفي الليل كانت الأنباء عن قرب إطلاق سراح وائل غنيم صاحب صفحة «كلنا خالد سعيد» علي موقع الفيس بوك. (14) الاثنين 7/2/2011 توجهت في ظهيرة هذا اليوم إلي نقابة الصحفيين حيث الدعوات لتأبين شهيد الصحافة أحمد محمد محمود زميلنا في دار التعاون سابقًا والتي تم دمجها لمؤسسة الأهرام، بدا الأمر في البداية عاديا لكنه انقلب بعد أقل من ساعة إلي مظاهرة ضد نقيب الصحفيين مكرم محمد أحمد لموقفه من ثورة الشباب، حتي أن الرجل أراد المشاركة في التأبين منعه الصحفيون وبعض المؤيدين لهم، وتبادر إلي مسمعي أنباء عن اعتداء بالأيدي علي النقيب. قلت ساعات حظر التجوال ليبدأ من الساعة الثامنة مساء وينتهي في السادسة صباحًا، وميدان التحرير مازال علي حاله، كانت الصيحات تتعالي أحيانًا مع أنباء الإفراج عن وائل غنيم، كما كانت الاحتجاجات تتواصل مع الأنباء التي تواردت عن اكتشاف بعض الموجودين أمام محافظة القاهرة أن موضوع الشقق غير حقيقي وأن الاستمارات يتم تمزيقها داخل مبني المحافظة. حصلت في هذا اليوم علي الاستمارة التي كانت توزع أمام المحافظة مقابل خمسة جنيهات وكان نصها «السيد الوزير/محافظ القاهرة تحية طيبة، بعد الأحداث الأخيرة التي شملت جمهورية مصر العربية قام بعض أصحاب المنازل بطرد من يقومون باستئجار الشقق قانون جديد وأصبحوا لا مأوي لهم غير الله، ونرجو من سيادتكم الرعاية والعطف ولسيادتكم جزيل الشكر والتحية». الحرب علي الإنترنت خفت حدتها إلا من البعض الذين حاولوا إفساد صورة الشباب المعتصم في التحرير علي أن من بينهم ساقطي الأخلاق وشواذ وهو أسلوب اعتاده البعض لتشويه الصورة التي ظهر عليها الشباب، وردد البعض في الميدان أن ساقطي الأخلاق والمنتفعين والمرتشين والفاسدين هم من يروجون تلك الشائعات. (15) الثلاثاء 8/2/2011 في طريقي إلي ميدان التحرير مكثت أكثر من ساعة أمام محافظة القاهرة لأشهد ثورة الآلاف علي مبني المحافظة ومحاولة الكثير اقتحام المبني الذي كان يحميه بعض أفراد الجيش، كانت الهتافات لاذعة للرئيس مبارك ولحكومته، أدركت أن ميدان التحرير سيشهد انضمام ثوار آخرين وهو ما حدث بالفعل، فاليوم كان يوم المليونية الرابعة واعتقد أن الأعداد ازدادت علي المليون، وكانت كل الطرق المؤدية لميدان التحرير مغلقة تمامًا بالمتظاهرين. شاهدت في الميدان الأراجوز الذي كنت أنتظره، لتكتمل أركان الفرجة الشعبية، شاهدت خيمة كتب عليها ساكنوها «فيللا الثورة»، شاهدت شبابًا يمسكون بعدة حلاقة الشعر، وتواردت أنباء عن اعتصامات في كل مكان خارج الميدان، الجميع يتظاهرون ليس لإسقاط النظام ولكن إحساس بأن الصوت الذي يسمعه سكان المحروسة من ميدان التحرير أصبح عاليا، ناهيك عن استجابة السلطة لبعض المطالب، الكل أيقن أن في مقدوره التغيير والتعديل. أتي وائل غنيم إلي ميدان التحرير، دخل الميدان كبطل شعبي محمول علي الأعناق، وقف علي خشبة المسرح التي صنعها الثوار في الميدان وتحدث بهدوء وشجن وصعدت إلي المسرح والدة المرحوم خالد سعيد فاحتضنت وائل في مشهد أبكي العديدين. بدأ الناشطون من الشباب يقيمون نصبًا تذكاريا لشهداء الثورة من الشباب، أحضروا صورًا لهم مع باقات من الورود والشموع والبخور، المشهد كان إنسانيا جللاً. في الليل بدأت الدعوات لإقامة اعتصام أمام مجلس الشعب وبالفعل بدأ الزحف إلي هناك وانضم إليهم مجموعة المعتصمين أمام دار روزاليوسف المطالبين برحيل كرم جبر رئيس مجلس إدارة المؤسسة وعبدالله كمال رئيس تحرير المجلة والجريدة. فشل تامر حسني في الدخول إلي الميدان وقام البعض بالتهجم عليه، وجاءتني أنباء عن فشل عمرو أديب وأيضًا أحمد السقا، ولم أشاهد هذا بعيني. (16) الأربعاء 9/2/2011 توجهت إلي ميدان التحرير في الصباح، قابلتني فتاة قالت إنها من إذاعة صوت الثورة، وتريد لقاء معي، رفضت مع رغبة مني أن أعرف ما هي طبيعة هذه الإذاعة، لكني شعرت أنه أمر سري. أنباء الاعتصامات كانت تأتيني من كل مكان، بدا الميدان أكثر هدوءًا واستقرارًا، شاهدت مجموعة من الشباب بدأوا في صنع دورة للمياه مع وجود مواسير وكابلات، شاهدت أيضًا مجموعة تدعو إلي إقامة معرض للكتاب يكون عوضًا عن المعرض الرسمي الذي تم تأجيله أكثر من مرة، شاهدت خيمة كتب عليها الشباب «صيدلية الثورة» وتحتوي علي عقاقير للجروح ولمرضي السكر. أتي النجم أحمد السقا إلي الميدان حوالي الرابعة عصرًا عاني كثيرًا كي يسمح له بالدخول، وكان يردد «أدخل اعتذر وأمشي علي طول»، ومعروف أن اعتذاره للشباب كان بسبب تصريحاته التي هاجم فيها المعتصمين بميدان التحرير، دخل السقا برفقة الممثل حمدي الوزير إلي أن وصل إلي إحدي الإذاعات الموجودة في منتصف الميدان ومسك الميكروفون معتذرًا عما بدر منه من تصريحات وهتف في الجموع «تحيا مصر». خرجت من الميدان حوالي السابعة والنصف، علمت بنبأ استقالة وزير الثقافة د.جابر عصفور وأنباء عن تولي أشرف زكي نقيب الممثلين حقيبة الوزارة، أكد لي الكثيرون من المثقفين استحالة تولي زكي وزارة الثقافة لأنه أصبح من الوجوه المكروهة في الشارع. ذهبت إلي المنزل ولكن سرعان ما عدت مرة أخري لميدان التحرير، فقد بدا لي الخروج من الميدان كأنه خروج من دنيا ارتضيت الحياة فيها، ولكن عودتي هذه المرة كانت برفقة أصدقاء لم يأتوا إلي الميدان من قبل، وكان الذهول هو ما ارتسم علي الوجوه. (17) الخميس 10/2/2011 كان الصباح عاديا في ميدان التحرير، لقد كانت إقامتي شبه دائمة هناك، توجهت في الحادية عشرة تقريبًا إلي الجريدة في الزمالك ثم ما لبثت أن ذهبت إلي وقفة احتجاجية لإخواننا في جريدة المسائية علي سلم نقابة الصحفيين، بعدها توجهت مع أخي إلي ميدان التحرير، برفقة عمي المخرج والسيناريست عصام الشماع الذي كان ينوي تصوير بعض اللقطات ليضمنها في فيلمه الأخير «الفاجومي»، كانت الرابعة عصرًا تناثرت الأقاويل حول أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة سيصدر بيانًا بعد اجتماعه المستمر، وبالفعل لم تمر نصف ساعة حتي جاء إلي الميدان قائد المنطقة المركزية حسن الرويني واعتلي أحد المسارح ليقول بالحرف الواحد «كل مطالبكم هتتحقق النهاردة» هتف الجميع وربما جميع من في الميدان «الشعب يريد إسقاط الرئيس» صمت الرجل ثم تحدث ثانية «أنا بقول كل مطالبكم هتتحقق ومش هكررها.. بس المهم نخاف علي البلد.. المهم ما تخربش في مصر ونحاول نبنيها» هلل الجميع مرة أخري «الجيش والشعب يد واحدة» بعدها أصر الرويني أن يغني مع الناس النشيد الوطني. أحس كل من في الميدان أن الأمنية قد اقتربت، البعض افتعل بعض السيناريوهات وكان أكثرها شيوعًا أن الجيش قام بانقلاب عسكري، لم تنقطع الاتصالات بيني وبين كل أصدقائي والجميع يؤكد أن الرئيس مبارك ربما يتنحي الليلة، ربما تكون الشائعات قد وصلت للجميع حتي المخابرات الأمريكية التي توقعت التنحي، إضافة إلي تصريح رئيس وزراء مصر أحمد شفيق «أن مبارك قد يتنحي الليلة» وتصريح حسام بدراوي الأمين العام للحزب الوطني «الأفضل أن يتنحي الرئيس» وغيرها من التصريحات التي كانت تؤكد علي شيء واحد هو أن اليوم الخميس هو يوم إسقاط النظام. في الخامسة تقريبًا صدر البيان العسكري الأول من المجلس الأعلي للقوات المسلحة يؤكد مشروعية مطالب الشعب وأن المجلس في حالة انعقاد دائم ومستمر. خرجت من الميدان قليلاً وجدت أجواء احتفالية حقيقية، السيارات بدأت تعلق الأعلام، سمعت زغاريد في كل مكان في وسط البلد، مررت أمام مقهي زهرة البستان وجدت الروائي مكاوي سعيد وقد أمسك بعلمه ولوح به إلي قائلاً «مبروك»، الجميع كان في حالة سعادة، ربما لم يتوقع أحد نتيجة إلا تنحي مبارك. في السابعة والنصف أعلن التليفزيون المصري أن الرئيس مبارك سيوجه كلمة للشعب، فازداد الحديث عن أنه ربما يكون الخطاب الأخير لمبارك، كنت في الميدان وقتها، كانت الأجواء الاحتفالية أيضًا كبيرة وعديدة، وقفت إلي جوار مجموعة يرقصون ويغنون علي أغنية الراحل محمد حمام «يابيوت السويس» وأغنية «غني يا سمسمية»، الأغاني الوطنية ملأت ميدان التحرير بداية من «وطني حبيبي الوطن الأكبر» حتي أغنية نانسي عجرم «لو سألتك أنت مصري». بدأ الخطاب في
العاشرة والنصف تقريبًا، شعرت في البداية أنه ليس خطابًا للتنحي، في منتصف الخطاب اعترض جميع من في الميدان علي لهجة الرئيس مبارك المتعالية المتكبرة، اعترضت مجموعة اعتراضًا غير لائق بالمرة ولكن الجميع كان يصرخ بأعلي صوته «ارحل.. ارحل»، حتي أنني لم أستطع سماع باقي الخطاب الذي ذكر فيه تفويض سلطاته لنائبه عمر سليمان. شاهدت بعيني شابًا يبكي بشدة ويقول «حرام.. والله حرام.. البلد هتخرب.. هو عايز يسيبها خربانة»، لم أستطع المكوث كثيرًا في الميدان. أثناء خروجي كانت الدعوات للذهاب إلي القصر الرئاسي بمصر الجديدة تتزايد وكانت الصيحات «يوم الجمعة العصر.. هنهد عليه القصر»، الكل كان يذكرنا أن الجمعة هو اليوم الأخير لهذا النظام. خرجت من الميدان توجهت إلي أحد مقاهي وسط البلد مع أصدقائي كي أشاهد خطبة عمر سليمان التي لم تختلف كثيرًا سوي في دعوته لجميع المحتجين أن يتركوا الميدان وأن يذهبوا إلي أعمالهم، لاحظت أن الأجواء الاحتفالية انقلبت وأصبحت أجواء حزينة مع غياب تام للشرطة. (18) الجمعة 11/2/2011 اكتمل الفصل الأخير وتنحي الرئيس مبارك في الساعة الخامسة تقريبًا تاركًا السلطة في يد القوات المسلحة، لتعم الفرحة بسقوط النظام. محمد الشماع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.