ظاهرة الاحتجاجات العمالية في مصر أصبحت لا تتوقف عند الإضراب عن العمل, وإنما اتسعت لتتحول إلي اعتصامات تخدش حياء الشارع, باعتباره المرآة التي يري الفقر نفسه في جنباتها. فهل الاحتجاجات صارت الوسيلة الوحيدة لاستعادة الحقوق؟ وعلي من تقع المسئولية الجسيمة التي يترتب عليها استنزاف القروش الزهيدة من عرق العمال ؟. من هنا انصب حوارنا حول الظاهرة الخطيرة مع الوزيرة المسئولة عن شئون وأحوال25 مليون عامل مصري. * قلت لوزيرة القوي العاملة والهجرة عائشة عبد الهادي: هل هي فعلا ظاهرة ؟ أم أنها مجرد مجموعات من الشركات تتناثر هنا وهناك ؟. * أجابت الوزيرة بصدق قائله: نعم هي ظاهرة لكننا نرصدها خاصة خلال الشهور الثلاثة الأخيرة التي تفصل بين العام الماضي ومطلع العام الجديد, فقد تبين أن هناك18 منشأة حدث بها إضراب عن العمل أو الاعتصام بمقر العمل, منها14 منشأة احتج فيها3060 عاملا من9426 عاملا وهذه المنشآت من إجمالي2 مليون و346 ألفا و620 منشأة بالقطاع الخاص, بنسبة001 ر0% وقد تم فضها وتسوية موضوعها وديا, وكانت منها7 حالات اعتصام بمقر العمل بعد انتهاء مواعيد العمل الرسمية, ومثلها حالات امتناع عن العمل لا ترقي إلي مستوي الإضراب المنظم وفقا للقانون. أما بالنسبة لمنشآت قطاع الأعمال فقد بلغ عدد العمال الذين قاموا بالاحتجاج1311 عاملا من25 ألفا و86 عاملا في4 منشآت نصفها حالات امتناع عن العمل لا ترقي لمستوي الإضراب, و البعض الآخر اعتصام بمقر العمل وبعد انتهاء مواعيد العمل الرسمية, وذلك من إجمالي22 ألفا و502 منشأة قطاع أعمال بنسبة0001 ر0%. ظاهرة غريبة * قلت للوزيرة: في رأيك ما هي الأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة ؟ * قالت الوزيرة لابد أولا أن نعترف بأن هذه الظاهرة غريبة علي مجتمعنا, ولكننا نتفق علي أن أهم أسبابها في الغالب الأعم هو غياب الحوار بين أصحاب الأعمال والعمال, وعدم تعاون الإدارة المسئولة في المنشآت لحل مشاكل العمال قبل تفاقمها, وعدم إدراك مغبة إطالة أمد هذه المشاكل, والنتائج السلبية المترتبة علي عدم الحل الجذري لها. وأضافت الوزيرة: بجانب هذا وذاك هروب بعض أصحاب الأعمال وترك منشآتهم دون تفويض من ينوب عنهم لإدارتها, وسوء إدارة بعض الشركات بما قد يؤدي إلي تراكم المديونيات علي المنشأة, ومن ثم إعاقة استمرارها أو استقرار العامل بها بعد تعذر الاستمرار في صرف الأجور, وعدم موافقة بعض أصحاب الأعمال علي تحقيق مطالب العمال حتي المشروعة منها بعد الإضراب أو الاعتصام, لاعتقادهم أن تنفيذ هذه المطالب سيعتبر ضعفا منهم وتخوفهم من تكرار ذلك عند كل مطلب لهم0 ومن أسباب ظهور هذه الظاهرة عدم توافر السيولة المالية لبعض المنشآت وتزايد الإنتاج الراكد لديها لوجود الكثير من المنتجات الأجنبية التي تباع في السوق المصرية بأسعار تقل كثيرا عن مثيلتها المصرية مما يؤثر علي حركة البيع أو تحملها لأعباء مالية للجهات السيادية كالتأمينات أو الضرائب وخلافه, فضلا عن المنافسة غير العادلة خاصة في ظل معاناة بعض المنشآت من تأثير هذه المنافسة علي البضائع الحيوية أو الوحيدة لديها مما يؤدي إلي انخفاض إنتاجيتها ومن ثم التأثير علي أجور العمال واستقرار علاقات العمل. وقالت الوزيرة أن الأزمة المالية العالمية وآثارها السلبية علي بعض المنشآت كانت سببا لهذه الاحتجاجات, بالإضافة إلي الامتناع عن صرف الأجور أو انتقاصها أو عدم الانتظام في صرفها خاصة مع تخوف العمال علي مستقبلهم وأسرهم بعد انتهاء خدمتهم أو في حالة الإصابة أو الوفاة, أيضا تدخل بعض الجهات غير المسئولة ومحاولة استغلال مطالب العمال لتحقيق مكاسب شخصية. تعبير عن الرفض * هل تم تحديد حجم الخسائر الناجمة عن الاحتجاجات في مصر ؟ * قالت الوزيرة: ليكن معلوما أن قانون العمل جاء خاليا من الإشارة إلي الاعتصامات, وهذا ليس في مصر فقط, إلا أنه من خلال الممارسة العملية لمتابعة هذا الموضوع يمكن القول أن الاعتصام لا يعد إضرابا عن العمل إذ أنه يبدأ بعد انتهاء مواعيد العمل الرسمية ومن ثم فإنه لا يعدو كونه صورة من صور التعبير عن الرفض لسياسة صاحب العمل تجاه قضية أو أكثر تهم العمال وتمس مصالحهم واحتياجاتهم المهنية. * قلت للوزيرة: ما هي الجهود التي بذلتها الوزارة في مواجهة حالات الاحتجاج العمالي ؟. * أجابت الوزيرة أن الوزارة قامت بحصر المنشآت المتعثرة التي تعاني مشاكل علي مستوي المحافظات, وتدخلت لدي الوزراء المعنيين بالمشاكل التي تخرج عن نطاق اختصاص عمل الوزارة, وكذلك السيد المستشار النائب العام في الحالات التي يتضح منها وجود مخالفات لأصحاب الأعمال أثرت علي التشغيل أو حقوق العمال. وبالإضافة إلي ذلك تقوم الوزارة بتوعية العمال بحقوقهم والقنوات الشرعية الواجب اتباعها عند المطالبة بتلك الحقوق من خلال إقامة ندوات توعية بالمنشآت كثيفة العمالة أو التي تعاني من مشكلات بكافة المديريات علي مستوي الجمهورية لتوعية أصحاب الأعمال والعمال بآلية المفاوضة الجماعية ودورها في احتواء أية نزاعات قد تثور بين الطرفين أو لتحقيق شروط ومزايا أفضل. وفي سبيل مواجهة هذه الحالات قامت الوزارة أيضا بصرف إعانات للعاملين بالمنشآت المتعثرة من صندوق مواجهة حالات التوقف الطارئ لبعض المنشآت أو صندوق إعانات الطوارئ للعمال, وفي بعض الحالات الاستثنائية يتم استمرار الصرف لبعض المنشآت لأكثر من مرة أو الصرف علي الرغم من عدم توافر شروط الصرف وذلك مساهمة من الوزارة في حل المشكلة. شكاوي جماعية * قلت للوزيرة: هل هناك حصر بعدد الشكاوي الجماعية والفردية التي يتضرر العاملون فيها من مخالفة أصحاب الأعمال لأحكام القانون ؟. * قالت الوزيرة: لقد تلقت الوزارة1246 شكوي جماعية خلال الفترة من أول يوليو حتي31 ديسمبر من العام الماضي, وتمت تسوية1121 شكوي منها وديا بنسبة تسوية بلغت90%, وقد تم اتخاذ الإجراءات القانوني اللازمة بشان الباقي منها حفاظا علي حقوق العمال بالإضافة إلي توعية طرفي علاقة العمل بأحكام قانون العمل المنظمة لهذه العلاقة, وقد استفاد من هذه التسوية39 ألفا و524 عاملا. أما الشكاوي الفردية فقد بلغت9451 شكوي واردة من الأفراد أو جهات أخري مثل المجلس القومي لحقوق الإنسان ومجلس الوزراء ووزارة الاستثمار أو الخط الساخن للوزارة وتدور حول الفصل من العمل وعدم صرف العلاوات والترقية وتسوية الحالة الوظيفية, وقد استفاد من هذه التسوية8033 عاملا بنسبة تسوية بلغت حوالي85% منها وديا وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بشأن الباقي منها حفاظا علي حقوق العمال. وتشير الوزيرة إلي أنه تفعيلا لآليات الحوار الاجتماعي قامت الوزارة بالتوفيق بين طرفي العملية الإنتاجية في المنازعات التي تلقتها خلال الفترة المشار إليها والتي بلغت38 نزاعا جماعيا, تم تسوية27 منها وديا, بنسبة تسوية بلغت76% وقد استفاد من هذه التسوية نحو12 ألفا و350 عاملا ومازالت هناك9 نزاعات تحت البحث كما تمت إحالة حالتين إلي مرحلة الوساطة بعد فشل الوساطة في تسويتها وديا. تعويض العاملين * هل تم حصر حالات إغلاق المنشآت لضرورة اقتصادية ؟ * تقول الوزيرة: أن هناك منشأة واحدة تم إغلاقها بما يمس حجم العمالة وبلغ عدد العمال المطلوب الاستغناء عنهم بهذه المنشأة141 عاملا,, وقد عرضت الحالة علي لجان البت في طلبات الإغلاق وقررت اللجنة قيام إدارة الشركة بتعويض العاملين بواقع شهرين عن كل سنة خدمة علي المرتب الشامل بالإضافة إلي تعويض إضافي قدره4 أشهر, مع صرف كافة مستحقات العاملين الأخري وهو ما يزيد عما أوجبه قانون العمل في حالة الموافقة علي الإغلاق, وقد تم اعتماد القرار من محافظ القليوبية في15 أكتوبر.2010 أما حالات الإغلاق بما لا يمس حجم العمالة فقد تم إغلاق218 منشأة فردية لا تستخدم عمالا بالدقهلية ويرجع الإغلاق إلي الخسارة المالية أو الوفاة أو الحالة الصحية أو كبر السن أو تغيير النشاط أو السفر للخارج أو هدم العين أو نقل النشاط.