بين اضراب غزل المحلة في بداية العام الحالي واعتصام العاملين في الضرائب العقارية الذي انتهي نهاية سعيدة مؤقتا الاسبوع قبل الماضي شهد عام 2007 العديد من الاضرابات والاعتصامات والتي ككل معظمها بالنجاح حتي استحق العام الحالي لقب "عام الاضرابات والاعتصامات السلمية ولاسيما ان الحكومة استجابت لمعظم تلك "الاحتجاجات" ونفذت المطالب العادلة والمعقولة للمحتجين مما قد يجعل سلاح الاضرابات والاعتصامات هو الاقوي خلال العام الجديد 2008 وموجة اضرابات واعتصامات 2007 كانت غير مسبوقة .. ففي خلال السنوات الماضية اقتصرت الاحتجاجات العمالية البسيطة علي فئة "يسارية" من العمال ولكن في هذا العام اتسعت لتشمل فئات اجتماعية مختلفة مثل القضاة والموظفين واساتذة الجامعة والمدرسين والاطباء وكأن هذه الطريقة اصبحت الوسيلة الوحيدة للحصول علي الحقوق "المهدرة" واداة فعالة لتحقيق المطالب ولم تعد تقتصر علي يوم او اثنين بل اصبحت اعتصامات مفتوحة في بعض الاحيان مثلما حدث من موظفي الضرائب العقارية وذلك لحين الاستجابة لمطالب اصحابها مما يمثل تطورا غريبا وغير مسبوق في ظل الحراك السياسي والاقتصادي الذي تشهده مصر حاليا ولاسيما ان ارتفاع الاسعار هذا العام مع ثبات الاجور وتدني مستوي المعيشة واتباع سياسة الخصخصة التي اهدرت حقوق العمال في الكثير من الاحيان ادي الي زيادة الاحتجاجات وعمل اضرابات واعتصامات في العديد من القطاعات. أبرز الاحتجاجات وقد شهدت مصر خلال ال 9 أشهر الاولي من عام 2007 نحو 650 اعتصاما كان ابرزها وأكبر تلك الاضرابات والاعتصامات اضراب عمال شركة غزل المحلة والذي ضم 24 الف عامل واضراب موظفي الضرائب العقارية الذي شارك فيه اكثر من 55 الف موظف من مختلف المحافظات بالاضافة الي العديد من الاضرابات في قطاعات مختلفة مثل قطاع التعليم والذي شهد 11 اضرابا كانت اسبابها جميعا هي تطبيق الكادر الخاص للمدرسين و8 اضرابات بالصناعات الهندسية و8 بالصناعات المعدنية و7 بالبناء والتشييد و6 بالصناعات الغذائية. وكان قطاع الغزل والنسيج والذي كان الابرز خلال هذا العام حيث شهد 11 اعتصاما وكانت اقوي الاحتجاجات بسبب عدم صرف المستحقات المالية وعدم تثبيت العمالة او بسبب تعسف الادارة او فسخ العقود والحرمان من الحوافز والترقيات. مركز الارض رصد في تقرير له عن احداث النصف الاول من عام 2007 حوالي 283 احتجاجا بالقطاعات الثلاثة "الحكومي الخاص قطاع الاعمال" واحتل العاملون بقطاع الهيئات الحكومية اعلي نصاب حيث بلغت 122 احتجاجا يليه القطاع الخاص "96 احتجاجا بينما بلغت احتجاجات قطاع الاعمال "65" احتجاجا كما تنوعت اشكال هذه الاحتجاحات مابين "117" تجمهرا و85 اعتصاما و66 حالة اضراب عن العمل و15 حالة تظاهر. وقد شهد شهر يونية 2007 اعلي معدلات احتجاج بلغ "70" احتجاجا بينما اقل المعدلات كانت في شهر يناير حيث شهد "28" احتجاجا. وتعليقا علي تلك الارقام والتي لم تشهدها مصر منذ وقت اضراب عمال صناعة السجائر عام 1899 وحي الان .. اكد خالد عمر المحامي والناشط في مركز هشام مبارك للقانون ان هذه الارقام تعني سقوط الشرائح العليا من الطبقة المتوسطة تحت خط الفقر حتي ان الكثير من الاطباء نادوا بمساواتهم بعمال النظافة. واكد ان هناك اختلالا في طبقات المجتمع المصري وان الارقام الاقتصادية التي نتغني بها يوميا التي تخص المجتمع وبعيدة عن الواقع الذي نعيش فيه وتنذر بعواقب لا احد يدري علي وجه الدقة مداها. واضاف ان انتزاع العمال حقهم في الاضراب دون القيود المفروضة في قانون العمل الجديد الذي ينظم ذلك يعد مكسبا سياسيا حيث انهم اجبروا الحكومة علي الجلوس علي مائدة التفاوض خارج التنظيم النقابي الرسمي والذي كانت لا تعترف إلا به. وأضاف أن أهم ما كشفته هذه الاضرابات هي اتجاه العمال إلي ما يعرف بالتنظيم الأكبر والعضوية "الأقل" واستطاع العمال تحقيق بعض مطالبهم مثلما حدث مع عمال غزل المحلة والسكك الحديدية. أما كمال عباس رئيس دار الخدمات العمالية وهي منظمة غير حكومية تم اغلاقها في بداية العام بدعوي أنها المحرك الرئيسي لبعض للاضرابات فقد أكد وجود انتهاك للحق في الحرية النقابية والتنظيم النقابي حيث يغيب دور الاتحاد العام لعمال مصر عن مساندة "العمال المضربين بالرغم من أنه لا يمثل سوي 4 ملايين عامل من إجمالي العاملين بالدولة والبالغ عددهم 18 مليون عامل. أشار عباس الي أن الادعاء بوجود مدرض علي هذه الاضرابات هو ادعاء باطل مشيرا إلي أن معظم الاضرابات حققت المطالب التي قامت من أجلها تقريبا مثل عمال غزل المحلة وموظفي الضرائب العقارية بالاضافة إلي أنها ارسلت رسالتين للحكومة بأن هناك وضعا مترديا يجب تغييره كما أكدت الاحتجاجات ضعف الاتحاد العام للعمال وانحيازه للحكومة مشيرا إلي أن من أهم الاشياء التي تدعو للتفاؤل هي أن الحكومة لا تتعامل بشكل أمني مع المتظاهرين ولكن بصورة أخري تتسم بالتفاوض. من جانبه أكد طلال شكر أمين العمال المساعد بحزب التجمع أن الاحتجاجات العمالية في مصر لم تتوقف منذ عام 2004 وتصاعدت أكثر وأكثر في عام 2007 نتيجة ظهور آثار سلبية بعد تطبيق سياسات الحكومة الاجتماعية والاقتصادية خاصة برنامج الخصخصة حسب وجهة نظره وتراجع المستوي المعيشي للعمال. وأضاف أن الحركة سوف تستمر في العام الجديد لأن الحكومة لم تطرح حتي الآن حلولا للقضاء علي أسباب هذه الاحتجاجات ولأن المشكلة تكمن في السياسات التي تطبقها الحكومة. من ناحية أخري أكدت أمينة شفيق أمين لجنة الاعلام بالمجلس القومي للمرأة أن مطالب المضربين مطالب فئوية والمحرك الاساسي لها وجود مشكلة فعلية مشيرة إلي أن التنظيم النقابي يجب أن يتعامل مع الاضرابات بشكل أكثر مرونة وأن يحتويها قبل أن تتفاقم ويخرج المحتجون إلي الشوارع. وتوقعت شفيق أن يشهد عام 2008 المزيد من تلك الاضرابات في ظل وجود تنظيم نقابي ضعيف.