جاء انتصار الرئيس مبارك كعادته لعمال وموظفي مصر باصدار توجيهاته المباشرة للحكومة بزيادة العلاوة الاجتماعية الي10% بدلا من70% التي قررتها الحكومة ليضع كل مسئولي الحكومة في مأزق في ظل استمرار عشرات الاعتصامات التي يقوم بها مئات العمال والموظفين من شتي بقاع مصرو يفترشون شارعي قصر العيني ومجلس الشعب مطالبين بزيادة اجورهم وصرف مرتباتهم المتأخرة. وعلي الرغم من تحرك الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء الذي يراهم اثناء دخوله وخروجه من مقر مجلس الوزراء وعقده اجتماعا وزاريا لبحث أوضاع بعض الشركات المتعثرة وانعكاسات أوضاع تلك الشركات علي حقوق العاملين الا ان شيئا لم يتغير حتي وان الذي تغير هو تزايد الاعتصامات والاضرابات العمالية امام مقري مجلسي الشعب والوزراء مما دفع احد نواب الشوري الي المطالبة باعداد مكان بالقرب من مطار القاهرة لاعتصامات العمال والموظفين وغيرهم علي ان يتم تجهيز المكان الجديد بدلا من الشوارع وتعرضهم الي الاهانة. الدكتور مجدي راضي المتحدث باسم مجلس الوزراء قال ان الدكتور نظيف وجه بضرورة تدخل الوزارات المعنية مع إدارات الشركات لضمان حقوق العمال والمحافظة عليها, إلي جانب وضع كل الضمانات للتنسيق بين الوزارات المعنية والمحافظات لضمان المحافظة علي الأراضي والأصول المملوكة لتلك الشركات واستمرارها في النشاط الصناعي وعدم تحويلها إلي أنشطة خدمية أو عقارية أو غير صناعية. كما طالب رئيس الوزراء والكلام للدكتور راضي- بالإسراع في الانتهاء من التعديلات التشريعية الخاصة بالتصفية الاختيارية وقواعد التخارج من السوق للشركات المتعثرة بما يكفل الحفاظ علي حقوق العاملين والحقوق السيادية للدولة. يأتي ذلك في الوقت الذي يري فيه مراقبون عماليون أن المرحلة المقبلة سوف تشهد انفراجة في الأزمات العمالية, وذلك بسبب تقريب وجهات النظر بين اتحاد العمال والحكومة ممثلة في وزارة القوي العاملة واتفاقهم علي أسس علاج هذه الأزمات في المرحلة المقبلة لصالح العملية الانتاجية, وحماية حقوق ومكتسبات العمال المالية والاقتصادية, وتأكيدات الوزارة حرصها علي حل المشاكل العمالية, وضرورة إنهاء حالة الاحتقان العمالي في عدد من القطاعات. وكانت وزارة القوي العاملة قد أصدرت تقريرا اودعت منه نسخة بالامانة العامة لمجلس الوزراء يفيد بأن عدد حالات الاحتجاجات العمالية خلال الفترة من2010/1/1 حتي2010/3/31 بلغ20 حالة قام بها نحو9 آلاف عامل تركزت في خمس محافظات هي: القاهرة والشرقية والغربية والمنوفية والاسكندرية نتيجة وجود عدد كبير من المنشآت الكثيفة العمالة بها, وأنها شملت15 حالة في شركات القطاع الخاص وخمس حالات في منشآت قطاع الأعمال العام. وأوضح التقرير أن الوزارة تمكنت من حل أكثر من80% من تلك الاحتجاجات بالطرق الودية ومن خلال تفعيل الحوار وتطبيق آليات المفاوضة الجماعية بين ممثلي العمال وإدارات تلك الشركات والتوقيع علي اتفاقيات عمل جماعية تحت رعاية الوزارة. وحددت عائشة عبد الهادي وزيرة القوي العاملة والهجرة22 سببا مباشرا وغير مباشر لظاهرة الاعتصامات والاضرابات, من بينها تدني الأجور في معظم قطاعات الإنتاج, الأمر الذي يؤدي إلي سهولة إثارة العاملين, فضلا عن المنافسة غير العادلة بقطاع الغزل والنسيج مع الغزول والأقمشة والملابس المستوردة من الخارج نتيجة تخفيض' البنود الجمركية', وازدياد ظاهرة التهريب داخل الأسواق, وعدم توفير الرعاية الصحية والاجتماعية الملائمة للعاملين في القطاعات المختلفة, الأمر الذي أدي إلي انخفاض الكفاءة الإنتاجية للعامل وانخفاض مستواه المعيشي, وعدم كفاية وسائل الأمن الصناعي من ملابس وأجهزة ومعدات. وعزت الوزارة أسباب عودة الاعتصامات وتناميها إلي عدم رضا العمال عن أداء إدارة شركاتهم, وتحميلها مسئولية كل المشاكل القائمة, وتراخي إدارة الشركات في دراسة الأسباب الحقيقية للاعتصام ومحاولة تلافيها, خاصة بعد تدخل الدولة لحل مشكلة المديونيات وعلاج بعض السلبيات التي ظهرت علي سطح الأحداث مما أدي إلي تفاقم الأزمة. تسييس المظاهرات ولم يخل التقرير من محاولتها تسييس المظاهرات والاعتصامات العمالية, متهمة جماعات وأحزابا خارجية بإثارة وإطلاق شائعات مغرضة بين العمال وطبع وتوزيع منشورات تتضمن هجوما علي الحكومة من ارتفاع الأسعار والأحوال الاقتصادية ولا تتضمن مطالب عمالية. وأرجعت الوزارة أسباب الظاهرة أيضا إلي نشاط بعض الأحزاب والجماعات' المحظورة' والمراكز المتخصصة غير المرخص لها, وتدخل بعض الصحف والقنوات الفضائية غير المسئولة بمساعدة بعض القوي والتيارات السياسية المغرضة, وتسلل عناصر غريبة عن العمال خلال فترة الاعتصام كانت سببا في التلاعب بمشاعرهم, وتحريضهم علي مواصلة الاعتصام حتي وصل الأمر إلي حد إرغام هؤلاء العمال وترهيبهم من العودة إلي ممارسة عملهم. وسجل التقرير أن هناك بعض أصحاب الأعمال لا يوافقون علي تحقيق مطالب العمال حتي المشروعة منها, بعد الإضراب أو الاعتصام لاعتقادهم أن تنفيذ هذا المطلب سيضعف موقفهم أمام العمال, وهو في رأيه أحد العوامل المفجرة للأزمات. كما أن عدم تحديث وتطوير الآلات والمعدات اللازمة للإنتاج بما يتماشي مع احتياجات السوق, إضافة إلي انتشار مصانع بئر السلم التي تقوم بإنتاج الكثير من المنتجات بأسعار زهيدة الأمر الذي يؤثر علي تسويق منتجات الشركات العاملة في ذات المجال, بين أسباب الأزمة. وافاد التقرير بأنه تم خلال شهر أغسطس الماضي رصد تسع حالات إضراب عن العمل بلغ عدد العمال المشاركين فيها نحو1739 عاملا, وبلغت ساعات العمل الضائعة نتيجة هذه الإضرابات نحو5042 ساعة عمل فائضة, وتم إنهاؤها جميعا بعد الاستجابة لمطالب العمال المشروعة. كما تم رصد خمس حالات اعتصام بمقر العمل بلغ عدد العمال المشاركين فيه نحو870 عاملا ولا توجد ساعات عمل فائضة, حيث كانت تتم الاعتصامات بعد ساعات العمل الرسمية وتم إنهاؤها جميعا بعد الاستجابة لمطالب العمال المشروعة, حسب قولها. مؤكدا ان ممارسة العمال لحق الإضراب هو وسيلة للدفاع عن المصالح المهنية لهم, وقال إن الإضراب ليس جديدا علي المجتمع العمالي في مصر بل ظهر في العصور الفرعونية والإغريقية والرومانية. واعترف التقرير بأن معظم حالات الإضراب التي ظهرت في الآونة الأخيرة كان يشهدها قطاع الغزل والنسيج نتيجة ما يواجهه هذا القطاع من مشاكل وصعوبات تتمثل في مديونيات تاريخية بدأت بالفعل منذ بداية تحرير تجارة القطن عام1993 وبعد أن تم ضخ استثمارات خاطئة وغير مدروسة أدت إلي تراكم الخسائر والمديونيات, حتي ظهرت مشاكل غزل حلوان ثم كفر الدوار ثم شبين الكوم ثم باقي الشركات العاملة في هذا القطاع. أسباب الظاهرة وحدد أسباب اندلاع الأزمات والإضرابات والاعتصامات العمالية داخل تلك الشركات في ارتفاع فوائد القروض من البنوك, وتآكل رأس المال في العديد من الشركات, وعدم القدرة علي التشغيل الكامل, فضلا عن الاتجاه إلي زيادة الأجور سنويا مع ثبات وضع الشركات, وتراجع موقفها التنافسي في ظل افتقاد السوق, وفي ظل فتح باب الاستيراد بفواتير مخفضة, والتهرب بأساليبه المختلفة, والبيع بدون فواتير, الأمر الذي أدي في النهاية إلي الإضرار بالاقتصاد القومي, وإجبار الشركات علي تخفيض الأسعار والبيع بأجل, وبما له من انعكاسات سلبية علي خطورة التحصيل. الدكتورة وفاء عبد القادر استاذة علم الاجتماع بآداب بنها تقول: ان المعتصمين هم شريحة من الشعب تأثروا كما تأثر غيرهم في الشرائح الاجتماعية المختلفة بموجة غلاء فاحش في المعيشة صاحبها ضيق في سبل العيش واوضحت ان إضراب عمال غزل المحلة كبري الشركات المصرية في مجال صناعة الغزل والنسيج في الشرق الأوسط هو جزء من موجة إضرابات عمالية اجتاحت مصر منذ نهاية العام الماضي حتي الآن وان الإضرابات والاعتصامات جاءت في إطار تحركات عمالية للمطالبة بتحسين أوضاع العمال وزيادة الأجور وقال المهندس عبد الرءوف حمدي بشركة المحلة الكبري ان ماشهدته مؤسسات صناعية في القطاعين العام والخاص من إضرابات وتحركات عمالية مشابهة يعكس أزمة ثقة بين عمال مصر وإدارتهم من جهة ورئاسة اتحاد عمال مصر من جهة أخري. اضاف أن معظم حالات الإضراب التي ظهرت في الآونة الأخيرة كان يشهدها قطاع الغزل والنسيج نتيجة ما يواجهه هذا القطاع من مشاكل وصعوبات تتمثل في مديونيات تاريخية. تقليص المديونيات و أكدت وزيرة القوي العاملة عائشة عبد الهادي أنه بالتنسيق مع الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار تم احتواء تلك الأزمات والعمل علي عدم تفاقهما, من خلال أربعة محاور يأتي في مقدمتها تسوية مديونية شركات قطاع الأعمال مع البنوك, وتقليص مديونياتها من31.5 مليار جنيه في2004/6/30 إلي اقل من10 مليارات جنيه في الوقت الحالي, واشارت الوزيرة في تصريحات ل الاهرام المسائي إلي ان هذه التسويات أسهمت في هبوط مديونيات شركات الغزل والنسيج من10.5 مليار جنيه إلي2.5 مليار جنيه بعد سداد ثمانية مليارات جنيه ديون البنوك العامة. وقالت في الوقت ذاته إن هذه التسويات حققت وفرا يتراوح بين900 و800 مليون جنيه في شكل أعباء مديونية, وبدأت تظهر الآثار الإيجابية علي ميزانيات الشركات بعد أن أكد وزير الاستثمار بأنه خلال عام من تاريخه سوف يتم سداد باقي مديونية هذه الشركات, مع استمرار الهيكلة الحقيقية. و طالب حسين مجاور رئيس لجنة القوي العاملة بمجلس الشعب بتحسين أوضاع العاملين بالشركات الخاسرة وطالب بعودة هذه الشركات إلي عباءة الدولة كحل أمثل لهذه المشكلة