وزير الري يلتقى المدير الإقليمي لمكتب اليونسكو بالقاهرة    أسعار الذهب في مصر ترتفع استجابة لتحرك السعر العالمي    ضبط 1356 مخالفة تموينية في حملة مكبرة بدمياط    حملات مكبرة لإزالة المباني المخالفة والتعديات على الأراضي الزراعية بالشرقية    ضعف المهارات و القطاع غير الرسمي من اهم التحديات في سوق العمل    هشام آمنة: بدء تشكيل لجان محلية للمناطق الساحلية بالمحافظات    أعضاء ب«الشيوخ الأمريكي» يقترحون وقف تمويل الأمم المتحدة حال الاعتراف بفلسطين    مؤتمر كلوب: سأحاول عدم الحصول على إنذار لهذا السبب.. وإيمري من الأفضل في العالم    ضبط 16601 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    عبر 35 تطبيقًا.. الداخلية تكشف كواليس نشر أخبار كاذبة عن أسعار الذهب    قتلهم الدخان.. قرارات عاجلة فى مصرع شخص وابنته فى حريق شقة سكنية بمنشأة القناطر    جامعة المنيا تحصد 4 مراكز في منافسات مهرجان إبداع في موسمه ال12    الكشف الطبي بالمجان على 1282 مواطنًا في قافلة طبية بدمياط    الجيش الإسرائيلي و"حزب الله" يتبادلان القصف    أسعار الخضروات اليوم الجمعة 10-5-2024 في الدقهلية    انطلاق فعاليات القوافل التعليمية لطلاب الثانوية العامة بالشرقية    في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر    مواعيد قطارات القاهرة إسكندرية المكيفة 2024 بعد التعديل لموسم الصيف    الزمالك يحدد موعد مران الفريق اليوم استعدادًا لمواجهة نهضة بركان    دعاء الجمعة للمتوفي .. «اللهم أنزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين»    رئيس جامعة القاهرة يترأس لجنة اختيار المرشحين لعمادة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية    بروتوكول تعاون بين «تيودور بلهارس» و«طب الزقازيق» في مجالات التعليم والتدريب    قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف منطقة اللبونة في بلدة الناقورة جنوبي لبنان    حصاد جامعة حلوان الأسبوعى    "يا عزيز عيني" فانتازيا أسطورية تحكي عن إيزيس وأوزيريس بطنطا    الفنانة يسرا اللوزي تشيع جنازة والدتها عقب صلاة الجمعة    هنا الزاهد وشقيقتها فرح يرقصان في حفل زفاف لينا الطهطاوي (صور وفيديو)    رد فعل محمد عادل إمام بعد قرار إعادة عرض فيلم "زهايمر" بالسعودية    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد عبدالحليم محمود بالشرقية    الاستغفار والصدقة.. أفضل الأعمال المستحبة في الأشهر الحرم    "لديه ذبذبة".. مهاجم الزمالك السابق يتحدث عن فرص الزمالك للفوز بالكونفدرالية    رحلة مبابي في باريس تنهي بمكالمة الخليفي    ترفع الكوليسترول وتضر القلب.. 5 أطعمة احذر تناولها على الإفطار    تجنب 4 أطعمة لتقليل خطر الإصابة بالسرطان    مصرع وإصابة 4 أشخاص في اصطدام سيارة بكوبري في الغربية    463 ألف جنيه إيرادات فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة في يوم واحد بدور العرض    فريدة سيف النصر ضيفة عمرو الليثي في «واحد من الناس».. الإثنين    مصرع ضابط شرطة إثر اصطدام «ملاكي» ب«جمل» على الطريق ببني سويف    سعر متر التصالح في مخالفات البناء بالمدن والقرى (صور)    فضل يوم الجمعة وأفضل الأعمال المستحبة فيه.. «الإفتاء» توضح    10 علامات ابحث عنها.. نصائح قبل شراء خروف العيد    حماس: الكرة الآن في ملعب الاحتلال للتوصل لهدنة بغزة    القسام تعلن مقتل وإصابة جنود إسرائيليين في هجوم شرق رفح الفلسطينية    «التنمر وأثره المدمر للفرد والمجتمع».. موضوع خطبة الجمعة اليوم بالمساجد    شخص يطلق النار على شرطيين اثنين بقسم شرطة في فرنسا    تاو يتوج بجائزة أفضل لاعب من اتحاد دول جنوب إفريقيا    نشوب حريق بمصفاة نفط روسية بعد هجوم أوكراني بالمسيرات    حماس: لن نترك الأسرى الفلسطينيين ضحية للاحتلال الإسرائيلي    أول مشاركة للفلاحين بندوة اتحاد القبائل الإثنين المقبل    لمواليد 10 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    الناس بتضحك علينا.. تعليق قوي من شوبير علي أزمة الشيبي وحسين الشحات    3 فيروسات خطيرة تهدد العالم.. «الصحة العالمية» تحذر    هل قول زمزم بعد الوضوء بدعة.. الإفتاء تجيب    عبد الرحمن مجدي: أطمح في الاحتراف.. وأطالب جماهير الإسماعيلي بهذا الأمر    مايا مرسي تشارك في اجتماع لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب لمناقشة الموازنة    ما حكم كفارة اليمين الكذب.. الإفتاء تجيب    اللواء هشام الحلبي يكشف تأثير الحروب على المجتمعات وحياة المواطنين    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قبلات رنا التونسي
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 01 - 2011

الفتاة الصغيرة الدقيقة الملامح‏,‏ الذائبة حياء وخجلا‏,‏ التي صافحتني كلماتها الأولي وهي لما تزل بعد طالبة بقاعة الدرس في الجامعة الأمريكية كبرت وشبت عن الطوق‏,‏ وأخذ شعرها الجميل‏, المتوهج بصدقها وبراءتها ودهشتها‏,‏ ينثال مجموعة بعد مجموعة‏,‏ حتي إذا ما التقيت بها حيث هي الآن في الدوحة عاصمة قطر‏,‏ وفي مناسبة الدوحة عاصمة للثقافة العربية لعام 0102,‏ أسعدتني بصدور مجموعتها الجديدة قبلات
الصغيرة التي كبرت وشبت عن الطوق‏,‏ وتقدمت بخطي ثابتة في درب العذابات الشعرية‏,‏ وأفق معاناة الإبداع هي الشاعرة رنا التونسي‏,‏ التي تخرجت في الجامعة الأمريكية بالقاهرة‏,‏ وحين انتقل أبوها الأديب والأستاذ الجامعي عباس التونسي إلي الدوحة‏,‏ صحبته مع الأسرة‏,‏ لمواصلة دراساتها العليا‏,‏ والالتحام بتجربة حياتية جديدة‏,‏ وفضاء ثقافي وشعري مغاير‏.‏
تقول رنا التونسي في مستهل مجموعتها الجديدة‏:‏
إذا مت عاليا في الهواء
وارتطمت جمجمتي بألف نجمة
إذا انكسرت أفكاري
ولم تعد هناك تذكرة الإياب والعودة
أرجوكم لا تمصوا دمي
لاتكتبوا القصائد عني هناك
اتركوني معلقة
العابرون فقط
الذين قابلتهم للتو
هم أفضل من يسكن القصائد والغياب‏!‏
وتقول رنا‏:‏
أحيانا يتفتح علي الجنون من كافة الجهات
فلا أعرف كيف أغلقه
ما الذي آخذه معي؟
وما الذي أتركه هناك ؟
لو كانت ليدي قوة الباب ومصراعيه
لكنت فتحت العالم عن آخره
اللغة كما ترون منسابة في صحة وعافية‏,‏ وقدرة ناصعة علي التعبير والتصوير‏,‏ لا اصطناع فيها لغرابة‏,‏ أو تقافز في الهواء كما يفعل الحواة بحثا عن الدهشة والإغراب‏,‏ وكما يفعل كثير ممن يمارسون دون موهبة هذا اللون من الكتابة‏,‏ المغسول بماء الشعر‏,‏ والمكتفي بذاته‏,‏ لأنه يقع في مساحة بين النثر والشعر‏,‏ وفيه من جلوة الفنين معا‏,‏ ومن نسجهما بأصالة واقتدار في جدلية هذا العزف الجميل‏:‏
كيف تصف العراء
وأنت ساكن فيه
ممرات من الضوء مربوطة بأجنحة بعضها ببعض
تربط أختي الضفيرات
واحدة فوق أخري
بنات صغيرات يعبرن الظل ممسكات بعضهن بأيدي بعض
كم أود أن أخرج ذلك الخوف من صدري يا أمي
أخرجه شحاذا في ملابس رثة‏,‏ نائما علي رصيف مسروق
أجذبه من شعره الطويل اللانهائي
أرميه لصا سرق حواديت عمر
أتمني أن أقتله
أن أمرغ رأسه في التراب
أتركه يبكي كعصفور
نواحا صغيرا وهادئا
ربما يجبرني أن أسامحه
نسيان بدأ يطفو
وأنا لم أعد صغيرة
لأركض إلي البيت
فعلا‏,‏ لم تعد رنا التونسي صغيرة‏.‏ إنها الآن ناضجة ومكتنزة بالخبرات والتجارب والرؤي‏,‏ والتأمل الطويل في الحياة والكائنات‏,‏ في ملامح الوجوه‏,‏ في البشر الذين لم يعودوا بشرا‏,‏ وفي الحياة التي تضيق بالرغم من اتساع الصحراوات والفضاءات‏.‏ لكنها حريصة علي الا تفارق طفولتها‏,‏ فهي خزانها الأول وملجؤها الأثير‏,‏ وحقيبة ذكرياتها وأوراقها الممتلئة بالعطر والدموع وهي حصنها كما تقول في ثنايا بوحها وهي تكتب ببراءة طفلة‏,‏ لكن عينيها الثاقبتين النفاذتين تلتمعان بوعي العصر‏,‏ حكمة جيلها الذي شب فجأة فرأي عناقيد الحكمة ونقيع الفكر بين يديه‏,‏ فكبر سريعا قبل الأوان والذي يعصم رنا من التشتت والوقوع في براثن الوحدة‏,‏ هو شعرها الذي تبدعه‏,‏ وشعر الدنيا الذي تتلقفه وتتمثله‏,‏ ومن شعرها إلي شعر الآخرين‏,‏ تقفز كالعصفورة المزقزقة‏,‏ تلتقط وتغتذي‏,‏ وتهضم وتتمثل‏,‏ وتصغي لأصوات الكون في داخلها الرحب‏:‏
كانت السلة التي تتحرك وحدها تشبهني‏/‏ الدرجات التي سقطت مع الأسنان تشبه البكاء‏/‏ الطفولة هي الحصن‏/‏ قرأت آلاف الروايات عن الوحدة‏/‏ وكل الأشياء التي لم أحرم منها‏,‏ بل فاضت عن الكأس‏/‏ كان هناك رعب حقيقي يجتاحني‏/‏ رعب لايمكن وصفه‏/‏ كان الجميع يخاف من الظلمة‏/‏ بينما كنت أخاف أنا من الوقت‏/‏ أخذني من يدي ليوصلني إلي الضوء‏/‏ عبرت أنهارا وسنينا ضوئية‏/‏ كلها تختبيء في أذرع من الشعر‏/‏ في مئة كلمة وكلمة‏/‏ وعندما استيقظت كانت شفتي ترتجف من الخوف‏/‏ وآثار الحبر الذي بدأ يسيل منها‏,‏ ترقص علي الجدران والبيت‏!‏
وأهلا برنا التونسي وقبلاتها الحميمية‏!‏

المزيد من مقالات فاروق شوشة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.