بعد كل انتخابات برلمانية تلجأ المعارضة الي بدائل تحاول بها تعويض إخفاقها وتغطي بها النتائج الهزيلة التي حصلت عليها وتختلف أشكال هذه البدائل وتتنوع بين تحالفات ثنائية وتكوين جبهات أو إعلان عن حكومات ظل. إلا أن هذه البدائل عبر تاريخ المعارضة لم يكتب لها النجاح ولم تكتمل. فقد أعلن النواب الذين اخفقوا في الانتخابات البرلمانية الاخيرة من أمام مجلس الدولة الاثنين الماضي عن تكوين مجلس مواز, وذلك في تعبير منهم عن رفضهم لنتائج الانتخابات الاخيرة وحكمهم علي المجلس بالبطلان. وقبل إجراء الانتخابات أعلن الوفد عن حكومة الظل محاولين من جانبهم كحزب تطبيق مايدور في خلدهم لمواجهة الحزب الوطني. وإذا ما تتبعنا تجارب أحزاب المعارضة فإننا نجد سلسلة من التحالفات بين الاحزاب والقوي السياسية التي بدأت من عام1977 بتأسيس لجنة الدفاع عن الحريات, مرورا باللجنة القومية للدفاع عن الديمقراطية التي تأسست عام1983, ولجنة التنسيق بين الاحزاب والقوي السياسية التي تأسست عام1995, والجبهة الوطنية للإصلاح والتغيير التي تأسست عام2005, وأخيرا ما سمي ب الائتلاف الديمقراطي الذي تألف بين أربعة أحزاب معارضة, هي احزاب الوفد والتجمع والناصري والجبهة الديمقراطية في عام2008. وقد كان مصير معظم هذه التحالفات الفشل. كما شهدت الانتخابات المصرية تحالفات, تمثلت في تحالف الجماعة غير الشرعية.. الاخوان مع الوفديين1984, وتحالف الاخوان مع العمل والاحرار في1987, ولكن لم يقدر لهذه التحالفات الاستمرار بسبب اختلاف مصالح كل طرف, فقد رأي حزب الوفد في هذا التحالف تدعيما لقوته السياسية ولمكانته بعد عودته للساحة, أما الاخوان فكانوا يبحثون عن الغطاء الشرعي, الذي يتيح لهم المشاركة في مجلس الشعب. ومن ثم كانت المصالح السياسية التي دفعت لتحقيق التحالف القوي من كل الخلافات في الرأي بين الطرفين وحصل التحالف في انتخابات1984 علي نسبة13 و15% بعدد57 مقعدا من أصل448 مقعدا. ولكن التحالف انتهي بأزمة عدم ثقة بين الطرفين. ونشأ تحالف بين حزب العمل وحزب الاحرار والجماعة المحظورة في عام1987 بعد صدور قرار هيئة المفوضية بالمحكمة العليا بعدم دستورية قانون الانتخاب رقم114 لسنة1983 بسبب حرمان المستقلين من حق الترشيح وبالفعل أعلن حل المجلس وتمت الدعوة إلي انتخابات جديدة في أبريل1987. وفي أعقاب صدور هذا القرار قام فؤاد سراج الدين رئيس حزب الوفد بإعلان عدم التزامه بما سبق الاتفاق عليه بين رؤساء احزاب المعارضة بخوض الانتخابات ضمن قائمة موحدة لكل أحزاب المعارضة. وقد حصل مرشحو هذا التحالف علي17% من أصوات الناخبين, وعلي عدد60 مقعدا وانتهي التحالف بين الجماعة وحزب العمل بأزمة تركت بصماتها علي وضع الحزب حتي الآن. وفي عام1995 أعلن عن تشكيل لجنة التنسيق بين الاحزاب والقوي السياسية, عقب النتائج الهزيلة التي حققتها أحزاب المعارضة في الانتخابات, غير أن تلك اللجنة لم يكن لها تأثير يذكر في الواقع السياسي. وإنقضت عشية انتخابات2000 وفي عام1999 فشلت الاحزاب والقوي المشكلة ل لجنة التنسيق بين الاحزاب والقوي السياسية في تنفيذ اقتراح بتأسيس جبهة للإصلاح السياسي والديمقراطي تضم ممثلين للاحزاب والقوي السياسية والشخصيات الديمقراطية العامة, ومراكز حقوق الانسان والنقابات, وإنهار مشروع الجبهة الوطنية للاصلاح السياسي والديمقراطي في مهده. وخلال السنوات العشرين الماضية تشكلت العديد من اللجان الحزبية المشتركة مثل لجنة القوي الوطنية للدفاع عن الديمقراطية او اللجنة المصرية القومية لمناصرة الشعبين الفلسطيني واللبناني. ولجنة مساندة الانتفاضة الفلسطينية وعقدت في إطار هذه اللجان مؤتمرات جماهيرية وصدرت بيانات مشتركة, ولكن هذه المحاولات جميعها كانت موسمية طرفية, ارتبطت بالاحداث الجارية فكانت رد فعل لها أكثر من كونها تجسيدا لاستراتيجية لها أهداف بعيدة المدي كما أن هذه الانشطة الائتلافية لم تأت من خلال أطر تنظيمية تتيح لها الاستمرار والنضج. والسؤال الملح الآن: هل هذا ينطبق علي ما تم إعلانه مؤخرا من قبل118 معارضا اخفقوا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة فلجأوا لمجلس الدولة لمطاردة شرعية هذا المجلس وأعلنوا من أمامه عن تشكيل مجلس شعب مواز يطرحوا من خلاله افكارهم.. وسيكون هذا المجلس رد فعل اتفعالي بسبب النتائج الصادمة ولن يستمر طويلا لاشكاليات كثيرة سيواجهها. وما هو تأثير مثل هذه الكيانات الموازية في حياتنا السياسية؟ يؤكد اساتذة القانون الدستوري من بينهم الدكتور عاطف البنا أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة ان البرلمان الموازي لا يخرج عن كونه تنظيما شعبيا يضم عددا من الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني وقوي سياسية وليس أكثر من ذلك! أما حافظ ابوسعدة الامين العام لمنظمة حقوق الانسان المصرية اعتبر فكرة البرلمان الموازي فكرة سياسية أكثر منها قانونية وغير قابلة للتطبيق. أما فكرة الوفد حول تشكيل حكومة ظل. ثم استحداث وزارات جديدة مثل حقوق الانسان والآثار وسيناء والتغيرات المناخية فقد لقت السخرية من المستوي الرسمي, وعلي المستوي الشعبي تقف في الظل. وعلي صعيد ردود أفعال المعارضة أكد مصطفي بكري عضو البرلمان السابق عن دائرة حلوان أن الالتحام بقضايا الجماهير هو المطلب الرئيسي الآن, وذلك في شكل جبهة وطنية للإنقاذ يكون عنوان هذه الجبهة هو التغيير والتداول السلمي للسلطة, بجانب التركيز علي انتخابات حرة نزيهة ووضع دستور جديد يسمح بالتعددية, ونادي بتوحد المعارضة مؤيدا فكرة البرلمان الشعبي بجانب الملاحقة القانونية للبرلمان الرسمي علي حد قوله. وتوقع سامح عاشور ان تكون الفترة المقبلة ساخنة في حزبه لاتخاذ قرارات تتوافق مع إمكانيات الحزب ومن البدائل انسحاب الحزب من الشوري والمحليات, ولكن الأهم ترجمة الغضب. وأخيرا وليس آخرا هل ستصبح المعارضة في توحيد صفوفها ووضع استراتيجية متكاملة.. وتخرج من الظل غير معتمدة علي الافكار الموازية أم أنها ستختار التشتت والبقاء في الظل.. فقبيل هذه الانتخابات كانت توجد لجنة مشتركة من أحزاب الوفد والتجمع والناصري والجبهة الديمقراطية وكانت تعقد إجتماعات متواصلة من أجل إقرار مشروع مشترك للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي.. وتم إعداد مجموعة من الاوراق ولكن هي الاخري ذهبت أدراج الرياح بالاضافة إلي أن هذه اللجنة فشلت في صياغة موقف قبل الانتخابات واختار كل طرف موقفه بناء علي مصالحه الحزبية ونشب خلاف بين أسامة الغزالي حرب رئيس حزب الجبهة والسيد البدوي حول سلاح المقاطعة وفي النهاية كل طرف إختار موقفه.