الإهمال الجسيم في تأمين المتاحف ليس حديثا, ولكنه مرض مزمن أكدته أقوال المسئولين عنها شخصيا وأثبتته سرقة لوحة آنية وزهور أزهار الخشخاش, وتأكد مرة أخري بغلق سبعة متاحف انضمت إلي متاحف أخري تحولت إلي مخازن دائمة لأعمال فنية لاتقدر قيمتها بثمن بزعم غلقها لمراجعة تجهيزاتها الأمنية أو تطويرها لتناسب العرض المتحفي الحديث, ومنها متحف الجزيرة الذي لايزال مغلقا منذ نحو22 عاما! يد الإهمال امتدت إلي هذه الكنوز ولم يعد يصح أن نبرر سرقة اللوحة بأنها ليست اللوحة الوحيدة التي تتعرض للسرقة أو أن هناك لوحات أغلي منها ثمنا وأعلي قيمة فنية لم تمتد إليها يد السارقين, أو أن هناك لوحات تعرضت للسرقة أكثر من مرة في متاحف عالمية بعضها في باريس عاصمة النور والثقافة والفنون ومنها لوحات لها شهرتها العالمية كالموناليزا للفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي وبعض أعمال بيكاسو وماتيسي والنرويجي ادوارد مونسن وموديلياني. وما ننبه إليه الآن هو أن غلق المتاحف يعني عدة أمور لاتقل أي منها خطورة عن سرقة الأعمال الفنية نفسها! من هذه الأمور تحول المقتنيات الي عهدة في المخازن التي قد تفتقد الي التجهيزات والاستعدادات اللازمة للحفاظ علي هذه المقتنيات, فيصيبها التلف وتتعرض للرطوبة والأتربة وعندما تعود للعرض في المتاحف بعد إعادة افتتاحها الذي قد يستمر شهورا أو سنوات مادام لا يوجد خطة زمنية معلنة تلتزم بها الجهات المسئولة بالقطاع والوزارة تكون قد فقدت جزءا من قيمتها الفنية والتاريخية, وربما يظل بعضها نزيل المخازن للأبد! أيضا وجود هذه المقتنيات داخل المخازن لايحميها من خطر التعرض للسرقة, فتأمين المخازن ونظم حراستها لايكفي لمنع هذا الخطر عنها, والدليل هو مشاهدة أسلوب حراسة مقتنيات بعض المتاحف السبعة التي تقرر غلقها, ومنها متحف محمود مختار بالجزيرة, فهل يكفي وجود عناصر من جنود الشرطة, أو اعمال الأمن لايتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة. لحمايتها وهي موجودة في مخزن داخل بدروم المتحف الذي توجد فتحة في السور الحديدي المحيط به يمكن لأي أحد أن يدخل ويخرج منها دون أن يلاحظه أحد, كما أنه ربما لا توجد أجهزة إنذار داخل المخزن؟! الأمر الثالث أنه إذا كانت المتاحف قد تكلفت الملايين من الجنيهات لتجهيزها قبل سنوات محدودة فأين ذهبت هذه التلال من الأموال إذا لم يخصص جزء منها لإعداد مخازن لاستقبال هذه الأعمال الفنية والمقتنيات دون أن تتعرض للإهمال.. وهل قرار نقل محتويات ومقتنيات متحف محمد محمود خليل وحرمه إلي مخازن متحف الجزيرة للفنون سبقته دراسة لحالة هذه المخازن التي اكتشفت اللجان الأمنية التي توجهت لمعاينته قبل تنفيذ القرار أنه بحاجة الي تجهيزات أمنية وكاميرات مراقبة بالأشعة تحت الحمراء وغيرها من الأمور تفتقدها هذه المخازن ولاتمتلكها بالتأكيد مخازن أخري ملحقة بالمتاحف المفتوحة والمغلقة أيضا؟! قبل أن نكتشف سرقة أخري جديدة لكن ليس من داخل المتاحف وإنما من داخل المخازن بعد جرد المقتنيات عندما يحين وقت إعادتها للمتاحف المغلقة, اعتبروا أن مانقوله تحذير وضوء أحمر ولاتهملوه أيها المسئولون عن الثقافة والمتاحف ومخازنها وتذكروا أننا قلنا كلمة حق كما سبق أن نبهنا من قصور تأمين المتاحف قبل ذلك لكن لم يسمعنا أحد ولم يستجب إلينا أحد حتي حدثت الكارثة!